بين نفي وتأكيد... الكوليرا تهدد شمال وشرق سوريا

دمشق تعترف بعد تردد بوجود إصابات في حلب

صورة من الجو تظهر أطفالا سوريين يلهون في مسبح ببلدة كفر يحمول بريف إدلب الشمالي (إ.ف.ب)
صورة من الجو تظهر أطفالا سوريين يلهون في مسبح ببلدة كفر يحمول بريف إدلب الشمالي (إ.ف.ب)
TT

بين نفي وتأكيد... الكوليرا تهدد شمال وشرق سوريا

صورة من الجو تظهر أطفالا سوريين يلهون في مسبح ببلدة كفر يحمول بريف إدلب الشمالي (إ.ف.ب)
صورة من الجو تظهر أطفالا سوريين يلهون في مسبح ببلدة كفر يحمول بريف إدلب الشمالي (إ.ف.ب)

بعد نفي مصادر طبية في النظام وجود إصابات بوباء الكوليرا في دمشق ودير الزور والحسكة وحلب، اعترفت وزارة الصحة في دمشق بوجود 15 إصابة بالوباء في حلب، وسط أنباء عن ارتفاع حصيلة الإصابات.
وقالت الوزارة في بيان، يوم الأحد، إنه تم استقبال حالة «اشتباه كوليرا» لطفل عمره 9 سنوات، في أحد مشافي محافظة حلب، وأن الأعراض كانت إسهالاً حاداً مترافقاً بقيء متكرر. وأظهرت نتيجة التحليل أن الطفل مصاب بالكوليرا، موضحة أنه تم إخراج الطفل بعد 6 أيام بحالة صحية عامة طبيعية ومستقرة، بعد إعطاء العلاج اللازم.
وأكدت وزارة الصحة تكثيف الترصد الوبائي لأي حالة في المشافي، وتقصي المخالطين، وتخصيص غرف عزل خاصة بالحالات المشتبهة، وتطهير المرافق الخاصة بالمريض بالتعاون مع الجهات المعنية، وأيضاً قطف عينات من الصرف الصحي، وشبكة المياه، ولا سيما من منطقة سكن المصاب، وتشديد الرقابة على سلامة المياه وكلورتها، وإعطاء العلاج الوقائي للمخالطين.
كما كشفت الوزارة أنه في الفترة ذاتها سجلت قبولات بعض المشافي في محافظة حلب، زيادة في أعداد المراجعين بشكاية اضطرابات هضمية، وبعد إجراء التحليل لعدد من الحالات المشتبهة، جاءت بعض النتائج إيجابية، فتم على الفور اتخاذ الإجراءات المناسبة العلاجية والوقائية. وقالت إن حصيلة العينات والتحاليل التي ثبتت إيجابيتها بلغت 15 حالة إيجابية لمرضى قيد العلاج في المشفى، إحداها حصلت بسبب «صرف صحي»، وأخرى نتيجة مكعبات ثلج ملوثة، جرى إغلاق المعمل الذي أنتجها.
وخلال اليومين الماضيين انتشرت أنباء عن وجود إصابات بالكوليرا في مناطق متفرقة من سوريا، وأن مشفى الرازي في حلب تحول لمشفى عزل مصابي الكوليرا الذين يتجاوز عددهم 60 مريضاً يومياً.
وكانت الإدارة الذاتية في مناطق شمال شرقي البلاد، قد ناشدت المنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية لتقديم الدعم للحد من انتشار وباء الكوليرا في مناطق سيطرتها، بعد وقوع 3 وفيات جراء الإصابة بالكوليرا خلال اليومين الماضيين. وقالت هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية، إنها رصدت إصابات بمرض الكوليرا في الرقة (شمال) والريف الغربي لدير الزور (شرق) بكثرة.
وأعادت مصادر طبية في المناطق الشرقية سبب انتشار الوباء إلى المياه الملوثة، وقالت إن هناك أكثر من 50 حالة اشتباه إصابة، منها 25 حالة مؤكدة بسبب تناول المياه الملوثة، لعدم استخدام مواد التعقيم والتصفية في محطات ضخّ المياه. بينما أفادت مصادر محلية في دير الزور، بأن غالبية حالات الإصابة بالكوليرا تتركز في قرى الريف الغربي، منها: الهرموشية وحوائج بومصعة والكسرة والزغير، بدأت في السادس من سبتمبر (أيلول) الجاري، جراء تلوث المياه.
إلا أن مدير صحة دير الزور في مناطق سيطرة النظام، الدكتور بشار شعيبي، نفى في وقت سابق، وجود إصابات بالكوليرا في دير الزور ضمن مناطق سيطرة النظام، ولا حتى حالات اشتباه. وقال للإعلام المحلي إن «الحالات التي تراجع مشافي دير الزور هي حالات إسهال موسمي، ضمن المعدل الطبيعي، وتجري معالجتها». ونفى ورود معلومات إليهم عن وجود حالات كوليرا في مناطق ريف دير الزور الواقع تحت سيطرة الإدارة الذاتية، مؤكداً أن فرق التقصي تتابع عملها للإبلاغ عن أي حالة وفق برامج وزارة الصحة.
وكذلك نفت مديرية صحة الحسكة في مناطق سيطرة النظام، وجود حالات إصابة بالكوليرا، مشيرة إلى ارتفاع عدد حالات الإسهال المسجلة في المنطقة، والتي يكون ارتفاعها في فصل الصيف متوقعاً نتيجة أسباب عدة، منها استخدام المياه الملوثة وغير موثوقة المصدر. كما أوضحت أنه أُجري اختبار الكوليرا لحالتين اشتبه بهما نتيجة تداخل الأعراض.
في دمشق، نفى مدير مشفى المواساة الجامعي، الدكتور عصام زكريا الأمين، في تصريحات للإعلام المحلي، وجود إصابات بالكوليرا راجعت مشفى المواساة. وكذلك نفى مدير مشفى المجتهد، الدكتور أحمد عباس، وجود أي إصابة في المشفى، لافتاً إلى أن الحالات التي تراجع العيادات والإسعاف هي حالات إصابة بالإسهال ضمن الحدود الطبيعية في فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة، إذ وصل متوسط عدد المرضى يومياً إلى 6- 10 حالات، وهو معدل طبيعي ضمن هذه الفترة من السنة.
والكوليرا هي إنتان جرثومي يصيب جسم الإنسان جراء الطعام والماء الملوث، ينتقل بالعدوى في حال عدم توفر شروط النظافة والاتصال المباشر بالمصاب واستخدام أدواته. وهو مرض قابل للعلاج، ومن أعراضه الإسهال المائي الشديد، والحرارة، والتجفاف السريع خلال فترة قصيرة، ويحتاج دخول مشفى لتلقي الرعاية الصحية الفورية.


مقالات ذات صلة

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.