انتخابات تشريعية في السويد يطبعها صعود اليمين المتطرف

رئيسة الوزراء ماغدالينا أندرسون ما زالت تحظى بشعبية واسعة

المرشح المحافظ أولف كريسترسون يصل إلى مكتب اقتراع في سترانغناس أمس (أ.ف.ب)
المرشح المحافظ أولف كريسترسون يصل إلى مكتب اقتراع في سترانغناس أمس (أ.ف.ب)
TT

انتخابات تشريعية في السويد يطبعها صعود اليمين المتطرف

المرشح المحافظ أولف كريسترسون يصل إلى مكتب اقتراع في سترانغناس أمس (أ.ف.ب)
المرشح المحافظ أولف كريسترسون يصل إلى مكتب اقتراع في سترانغناس أمس (أ.ف.ب)

بعد حملة انتخابية هيمن عليها موضوعا الجريمة والتضخم، بدأ السويديون أمس الإدلاء بأصواتهم لاختيار برلمان جديد وسط سيناريو غير مسبوق، قد يشهد قيام حكومة مدعومة من اليمين المتطرف أو فوز اليسار بولاية ثالثة.
ولم يسبق أن ورد إمكان تولي اليمين التقليدي الحكم بدعم من حزب «ديمقراطيي السويد»، كما ذكرت وكالة «الصحافة الفرنسية». وهيمنت على الحملة الانتخابية مواضيع تدعم حظوظ المعارضة اليمينية، كنسب الإجرام، وتسوية الحسابات الدامية بين العصابات، ومشكلات اندماج المهاجرين، والزيادة الحادة في فواتير الوقود والكهرباء وغيرها. ولا شك في أن شعبية رئيسة الوزراء الاشتراكية الديمقراطية المنتهية ولايتها ماغدالينا أندرسون التي تتفوق على خصمها المحافظ أولف كريسترسون من حيث نسبة الثقة، وتخوّف الناخبين الوسطيين من اليمين المتطرف، عاملان يصبان في مصلحة اليسار.
وتتوقع آخر استطلاعات الرأي فوز التكتل اليساري بقيادة «الاشتراكيين الديمقراطيين»، الحزب الأول في السويد منذ الثلاثينات، بدعم متوقع من «الخضر»، وحزب «اليسار»، وحزب «الوسط»، بنسبة أصوات تراوح بين 49.6 في المائة و51.6 في المائة. أما تكتل اليمين الذي يضمّ «ديمقراطيي السويد»، وحزب «المعتدلين» (محافظ) والحزب «المسيحي الديمقراطي»، والحزب «الليبرالي»، فيراوح التأييد له بين 47.6 في المائة و49.4 في المائة. وتمنح مواقع المراهنة عبر الإنترنت فرصة أفضل بقليل لفوز ماغدالينا أندرسون على أولف كريسترسون.
وصرّحت أندرسون أثناء مغادرتها مركز اقتراع صباح أمس، بأنّ السباق يشهد «منافسة حامية، حامية جداً».
وقالت أندرسون، السبت، في اليوم الأخير من الحملة الانتخابية: «بالطبع، أخشى قيام حكومة تعتمد بشكل تام على (ديمقراطيي السويد) بصفتهم الحزب الأول في الحكومة أو الداعم الأول لها... ستكون لدينا سويد مختلفة لأربع سنوات».
وفي الأسبوعين الأخيرين من الحملة، تخطى حزب «ديمقراطيي السويد» بقيادة زعيمه جيمي أكيسون لخامس انتخابات على التوالي، «المعتدلين» في استطلاعات الرأي، بإحرازه -بحسب استطلاعات الرأي- 16 إلى 19 في المائة من التأييد، ما يتخطى النسبة القياسية التي حققها عام 2018، وبلغت 17.5 في المائة.
وقالت أولريكا التي انتخبت «ديمقراطيي السويد» وتعمل في المجال المالي، لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «بلدي تغيّر تماماً، بينما كان ربما الأكثر أماناً في العالم». وأضافت المرأة الخمسينية: «اليوم لا يمكن لأيٍّ كان الخروج من دون خوف»، ملقية مسؤولية الوضع على «الثقافات الأخرى التي تصل إلى البلاد».
في المقابل، قال سامويل سكانبرغ الذي أدلى بصوته مبكراً، في رينكبي، إحدى ضواحي استوكهولم الفقيرة: «من المهم أن نصوت لحكومة ذات طابع إنساني، وليس لحكومة يحكمها سياسيون عنصريون ويمينيون».
وتراجعت نيات التصويت لـ«المعتدلين» الذين خاضوا ثاني انتخابات بقيادة زعيمهم أولف كريسترسون، حتى 16 إلى 18 في المائة وفقاً لآخر استطلاعات للرأي، ما يثير مخاوف داخل الحزب. ويعود منصب رئاسة الحكومة تقليدياً في السويد إلى الحزب الأول في التحالف المنتصر؛ لكن أحزاب اليمين التقليدي تعارض تعيين وزراء من «ديمقراطيي السويد»، وستعارض بشدة أكبر توليهم رئاسة الوزراء.
أما من جانب اليسار، فيخيم الغموض أيضاً على تشكيلة الحكومة الجديدة التي قد تنبثق منه، وسط خلافات بين حزب «اليسار» وحزب «الوسط». غير أن خبراء السياسة يستبعدون قيام أزمة سياسية شبيهة بالأزمة التي تلت انتخابات 2018، حين جرت مفاوضات شاقة استمرت 4 أشهر لتشكيل الحكومة، إذ إن المعسكرين واضحان هذه المرة.
وسيفتح فوز اليمين بدعم من اليمين المتطرف مرحلة سياسية جديدة في السويد، في وقت تستعد فيه البلاد لتولي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، في الأول من يناير (كانون الثاني)، ولإنجاز آلية ترشيحها التاريخي للانضمام إلى الحلف الأطلسي.
وفي حال حقق اليسار فوزاً جديداً، فسيُسقط ذلك استراتيجية التقارب بين اليمين و«ديمقراطيي السويد»، ويقطع الطريق أمام وصولهما إلى السلطة. وتهدف الانتخابات التي تعتمد النسبية إلى منح 349 مقعداً بالإجمال، ووحدها الأحزاب التي تحقق أكثر من 4 في المائة من الأصوات تحصل على مقاعد. ويتطلب تعيين رئيس للوزراء حصوله على أغلبية مطلقة من الأصوات المؤيّدة، شرط ألا يصل عدد المعارضين له إلى 145 صوتاً.
ودُعي حوالي 7.8 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم، غير أن عملية الاقتراع بدأت؛ إذ تسمح السويد بالتصويت مسبقاً. وغالباً ما تكون المشاركة مرتفعة جداً في البلد البالغ عدد سكانه 10.3 مليون نسمة، وتخطت 87 في المائة عام 2018، مسجلة أعلى مستوياتها منذ ثلاثين عاماً.


مقالات ذات صلة

برلين: اعتقالات جديدة في قضية «محاولة الانقلاب»

العالم برلين: اعتقالات جديدة في قضية «محاولة الانقلاب»

برلين: اعتقالات جديدة في قضية «محاولة الانقلاب»

حدد ممثلو ادعاء ألمان هويات خمسة مشتبه بهم آخرين، لهم صلة بحركة «مواطني الرايخ» اليمينية المتطرفة، في أعقاب مداهمات وقعت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ووفق وكالة الأنباء الألمانية، قالت متحدثة باسم مكتب المدعي العام الاتحادي، في كارلسروه، إن مداهمات جرت اليوم الأربعاء واستهدفت خمسة مشتبه بهم من بافاريا وساكسونيا السفلى وساكسونيا وسويسرا، حيث يشتبه أنهم يدعمون منظمة إرهابية. بالإضافة إلى ذلك، تم تفتيش منازل 14 آخرين، لا ينظر إليهم على أنهم مشتبه بهم. وأجريت عمليات تفتيش للمنازل أيضا في سويسرا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم مظاهرة ضد السياسي السويدي الذي أحرق القرآن خارج سفارة السويد في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

استنكار واسع لإحراق نسخة من المصحف في استوكهولم

تسبب قيام سياسي دنماركي سويدي متطرف بإحراق نسخة من القرآن الكريم خلال احتجاج أمام مبنى السفارة التركية في ستوكهولم، بمزيد من العقبات في طريق حصول السويد على موافقة تركيا على طلب انضمامها إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)؛ إذ ردّت أنقرة بإلغاء زيارة كانت مقررة لوزير الدفاع السويدي في 27 يناير (كانون الثاني) الحالي إليها، لبحث موقف تركيا من مسألة الانضمام، وذلك بعد أن ألغت تركيا زيارة رئيس البرلمان السويدي، بسبب فعالية لأنصار حزب «العمال الكردستاني» أهانوا فيها الرئيس رجب طيب إردوغان. وأعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لسماح السلطات السويدية بإحراق نسخة من المصحف ال

العالم مظاهرة ضد السياسي السويدي الذي أحرق القرآن خارج سفارة السويد في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

تنديد بإحراق القرآن الكريم أمام سفارة تركيا في استوكهولم

أضاف قيام سياسي دنماركي سويدي متطرف بإحراق نسخة من القرآن الكريم أمام مبنى السفارة التركية في استوكهولم، مزيداً من العقبات في طريق حصول السويد على موافقة تركيا على طلب انضمامها إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)؛ إذ ردت أنقرة بإلغاء زيارة كانت مقررة لوزير الدفاع السويدي في 27 يناير (كانون الثاني) الحالي إليها، لبحث موقف تركيا من مسألة الانضمام، وذلك بعد أن ألغت تركيا زيارة رئيس البرلمان السويدي، بسبب فعالية لأنصار حزب «العمال الكردستاني» أهانوا فيها الرئيس رجب طيب إردوغان. ونددت وزارة الخارجية التركية، بشدة، بسماح السلطات السويدية لرئيس حزب «الخط المتشدد» الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالو

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم السعودية تدين سماح السويد لمتطرف بحرق المصحف

السعودية تدين سماح السويد لمتطرف بحرق المصحف

أعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لسماح السلطات السويدية لأحد المتطرفين بإحراق نسخة من المصحف الشريف أمام سفارة تركيا في استوكهولم. وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان أمس موقف بلادها الثابت الداعي إلى أهمية نشر قيم الحوار والتسامح والتعايش، ونبذ الكراهية والتطرف. كما أدانت منظمة التعاون الإسلامي بأشد العبارات العمل الدنيء الذي أقدم عليه نشطاء من اليمين المتطرف بحرق نسخة من القرآن الكريم في استوكهولم، وبترخيص من السلطات السويدية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال حديثه اليوم مع الصحافيين في برازيليا (د.ب.أ)

لولا يؤكد أن أبواب القصر الرئاسي شُرّعت أمام المتظاهرين من الداخل

أكد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا اليوم (الخميس) اقتناعه بأن المتظاهرين الذين اقتحموا القصر الرئاسي في برازيليا الأحد، تلقوا مساعدة من الداخل، معلناً عملية «تدقيق عميقة» بالموظفين. ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، قال الزعيم اليساري خلال مأدبة الفطور الأولى مع الصحافيين منذ تنصيبه في الأول من يناير (كانون الثاني): «أنا مقتنع بأن أبواب قصر بلانالتو فتحت ليتمكن الناس من الدخول لأنه لم يتم خلع أي باب». وأوضح: «هذا يعني أن أحدهم سهل دخولهم إلى هنا».

«الشرق الأوسط» (برازيليا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».