علاج محتمل داخل الأنف يمنع انتقال «كورونا»

عن طريق وقف عملية «التساقط الفيروسي»

سونالي شاتورفيدي (يسار) وزميلتها في مختبر وينبرجر (معاهد جلادستون)
سونالي شاتورفيدي (يسار) وزميلتها في مختبر وينبرجر (معاهد جلادستون)
TT

علاج محتمل داخل الأنف يمنع انتقال «كورونا»

سونالي شاتورفيدي (يسار) وزميلتها في مختبر وينبرجر (معاهد جلادستون)
سونالي شاتورفيدي (يسار) وزميلتها في مختبر وينبرجر (معاهد جلادستون)

بحلول الوقت الذي تكون فيه نتيجة اختبار «كوفيد - 19» إيجابية، يكون فيروس كورونا المستجد، استقر بالفعل في جهازك التنفسي، ومع كل نفس، تقوم بطرد الجزيئات الفيروسية غير المرئية في الهواء، وهي عملية تعرف باسم «التساقط الفيروسي».
والأدوية الحالية التي تهدف إلى علاج «كوفيد - 19»، حتى عندما تعالج أعراض الفيروس، لا تفعل شيئا يذكر لقمع تساقط الفيروس، وهي المشكلة التي حلها باحثون في معاهد جلادستون بكاليفورنيا الأميركية، حيث طوروا نهجا جديدا لعلاج الأمراض المعدية، يمنع انتقال الفيروس، باستخدام جرعة واحدة من العلاج داخل الأنف.
في دراسة جديدة نشرت 9 سبتمبر (أيلول) بدورية «بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس»، أظهر الباحثون أن هذا العلاج الجديد، المسمى بالجسيمات العلاجية المتداخلة (TIP)، والذي تمت تجربته على حيوانات التجارب، قلل من كمية الفيروس المنبعثة من الحيوانات المصابة وحد من انتقال الفيروس.
يقول ليور وينبرجر، كبير الباحثين بمعاهد جلادستون في تقرير نشره موقعه الإلكتروني «من الناحية التاريخية، كان من الصعب بشكل استثنائي للأدوية المضادة للفيروسات واللقاحات الحد من انتقال فيروسات الجهاز التنفسي، بما في ذلك كورونا المستجد، وتظهر الدراسة أن جرعة واحدة من العلاج الجديد (TIPs) داخل الأنف، تقلل من كمية الفيروس المنقولة، وتحمي الحيوانات التي لامست ذلك الحيوان المعالج».
وتتطور الفيروسات مثل كورونا المستجد، وكذلك الإنفلونزا وفيروس نقص المناعة البشرية، بمرور الوقت، وتصبح مقاومة للأدوية وتجعل من الصعب تطوير علاجات طويلة الأمد.
ومنذ أكثر من عقدين من الزمن، اقترح وينبرجر لأول مرة فكرة الجسيمات العلاجية المتداخلة (TIPs) لعلاج الفيروسات، بدلاً من استهداف جزء من الفيروس بشكل مباشر، وتتنافس تلك الجسيمات على الموارد في الخلية المصابة، عن طريق استنزاف آلية النسخ داخل الخلية، يما يمكنها منع الفيروس من إنتاج المزيد من النسخ من نفسه.
ومع ذلك، فإن فائدة تلك الجسيمات تتجاوز قدرتها على خنق الفيروس داخل الخلايا المصابة، ونظراً لوجودها داخل نفس الخلايا التي يستهدفها الفيروس، فإنها تتطور في نفس الوقت، وتبقى نشطة حتى مع ظهور سلالات فيروسية جديدة.
تقول سونالي شاتورفيدي، الباحثة المشاركة بالدراسة «على مدى السنوات القليلة الماضية، ارتبط العديد من تحديات الوباء بظهور متغيرات جديدة، ويمكن أن تكون تلك الجزيئات علاجا مثاليا لأنهم يستمرون في التعلم مع تطور الفيروس، حتى يتمكنوا من السيطرة على مشكلة مقاومة الأدوية».
وقبل جائحة «كوفيد - 19»، كانت مجموعة وينبرجر تعمل بالفعل على تطوير جزيئات (TIPs) لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية.
وفي عام 2020، تحولوا سريعاً إلى فيروس كورونا المستجد، حيث طوروا جرعة واحدة من الجزيئات ضد الفيروس يمكن توصيلها عن طريق الأنف.
وفي العام الماضي، أفادوا أنه في القوارض، يمكن أن تمنع تلك الجزيئات بنجاح العديد من المتغيرات المختلفة، مما يقلل من الحمل الفيروسي في الرئتين بمقدار 100 مرة ويقلل العديد من أعراض «كوفيد - 19».
وفي الورقة الجديدة، درس وينبرجر وشاتورفيدي، ما إذا كانت الجزيئات يمكن أن تقلل أيضاً من تساقط الفيروس، وهو سؤال منفصل عن تقليل الأعراض والحمل الفيروسي.
وعالج الباحثون الهامستر المصاب بالفيروس بمضادات الفيروسات، ثم قاسوا، يوميا، كمية الفيروس في أنوف الحيوانات.
ومقارنة بالهامستر الذي لم يتلق الجزيئات العلاجية الجديدة (يسمى الحيوانات الضابطة)، كان لدى الحيوانات المعالجة عدد أقل من الفيروسات في الممرات الأنفية في كل نقطة زمنية، وبحلول اليوم الخامس، كانت جميع الحيوانات الضابطة لا تزال تفرز مستويات عالية من الفيروس، بينما كان الفيروس غير قابل للاكتشاف في أربعة من كل خمسة حيوانات عولجت بالعلاج الجديد.
ويسعى فريق وينبرجر الآن للحصول على موافقة إدارة الأغذية والعقاقير، لإجراء تجربة سريرية لاختبار تلك الجزيئات على البشر.


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».