التجاهل وفرض العزلة أشهر أشكال التنمر

دراسة جديدة حول «العدوان الصامت» على الأطفال

التجاهل وفرض العزلة أشهر أشكال التنمر
TT

التجاهل وفرض العزلة أشهر أشكال التنمر

التجاهل وفرض العزلة أشهر أشكال التنمر

كشفت أحدث دراسة تناولت التنمر (bullying) وأثره النفسي على المراهقين والأطفال، عن مفاجأة كبيرة فيما يتعلق بالشكل الأكثر انتشاراً للتنمر. وأوضحت أنه ليس الأذى الجسدي كما يتصور معظم الناس، أو حتى السخرية والتطاول اللفظي، ولكن التجاهل التام وفرض العزلة الاجتماعية على الطفل الضحية. وهو شكل أكثر خطورة لعدم ملاحظته بشكل كافٍ مثل بقية الأشكال المتعارف عليها للتنمر، إضافة إلى أن الأطفال الذين يمارسون هذا النوع من التنمر لا يشعرون بالقدر نفسه من الذنب.

«عدوان صامت»

ذكرت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة، ونشرت في نهاية شهر أغسطس (آب) من العام الجاري، في دورية «منع الفشل الدراسي: إيجاد بدائل للمراهقين والشباب» (Preventing School Failure: Alternative Education for Children and Youth)، أن سلوك الاستبعاد يمكن وصفه بالعدوان الصامت أو العنف عن طريق العلاقات الاجتماعية، من خلال تجنيب الضحية المشارَكة في العلاقات الطبيعية في البيئة المحيطة؛ سواء كانت بيئة حقيقية مثل المدرسة أو النادي، أو حتى بيئة افتراضية مثل صفحات التواصل الاجتماعي أو برامج المحادثات الجماعية على الأجهزة المحمولة.
وأشار الباحثون إلى خطورة هذا النوع على الحالة النفسية للطفل أو المراهق لعدم تمكنه من الشكوى؛ حيث لا وجود للأذى. وعلى سبيل المثال، في حالة إرسال رسالة في مجموعة فإنه لا يتم الرد بالسلب أو بالإيجاب، ومن ثم لا يمكن للطفل أن يبلغ عن تعرضه لسخرية أو سباب أو محاولة الحط من قدره بأي شكل، بجانب إحساس الخجل لديه من طلب الاهتمام، مما يفاقم المشكلة. وقال الباحثون إن أثر الاستبعاد الاجتماعي يماثل الأثر المادي للركل أو الضرب أو السباب.
حلل الباحثون البيانات الخاصة بأكثر من 14 ألف طالب من 26 مدرسة لمراحل التعليم المختلفة في الولايات المتحدة الأميركية، واهتموا بشكل خاص بالمراحل التعليمية المتوسطة والثانوية. وتم طرح أسئلة على الطلاب حول رأيهم في عبارات معينة، ولأي مدى يوافقون أو لا يوافقون على هذه العبارات، والتي في مجملها تعكس المواقف المؤيدة للتنمر؛ سواء بالشكل المباشر من خلال الأذى الفعلي أو النفسي أو الاستبعاد الاجتماعي.

الاستبعاد والعزل

شملت هذه العبارات جُملاً لمعرفة رد فعل الأطفال، ما دام الفعل غير ضار بدنياً، وعلى سبيل المثال: «القليل من المضايقة أو الدعابة الثقيلة لا يؤذي أحداً»، وأيضاً: «لا يهمني معنى الأشياء التي يقولها الأطفال الآخرون لطفل معين ما دام لا يتعلق بي». وشملت عبارات توضح التصور عن الذات والقيادة، مثل: «في مجموعتي من الأصدقاء، عادة ما أكون الشخص الوحيد الذي يتخذ القرارات»، وأيضاً عبارات بشكل واضح عن الاستبعاد، مثل: «عندما أكون غاضباً من شخص ما، لا أعود إليه ولا أسمح له بالبقاء في مجموعتي»، بجانب: «لا أريد الرد على شخص لا أحبه».
أظهرت النتائج أن المجموعة الأولى من الأطفال الذين يعتبرون أنفسهم مهمين اجتماعياً، أو يتمتعون بشهرة بين الأصدقاء، في الأغلب يؤيدون المواقف المؤيدة للتنمر. ومع ذلك فهم لا يرون أنفسهم ممارسين عدواناً اجتماعياً على شخص ما، أو يقومون بأي نوع من الأذى على أي مستوى (ومن هنا خطورة الأمر).
كما أظهرت النتائج أيضاً أن أفراد مجموعة ثانية من الطلاب لم يعتبروا أنفسهم مهمين اجتماعياً أو مشهورين، كان لهم الموقف نفسه المؤيد للتنمر الاجتماعي المستتر والعدوان بالاستبعاد. وهو ما يشير إلى شيوع هذا الموقف بين الطلاب. وكانت هناك مجموعة ثالثة اعتبروا أن التنمر سلوك سيئ، حتى لو كان غير مباشر، وأيضاً لم يكونوا مؤيدين للاستبعاد الاجتماعي.
أوضح الباحثون أن المجموعة الأولى من الأطفال اعتقدوا أن الاستبعاد أمر جيد للتخلي عن العناصر الأقل في المستوى؛ سواء الاجتماعي أو الدراسي، ولذلك يعتبرون التنمر نوعاً من الضرورة المجتمعية، بينما كانت المجموعة الثانية مؤيدة للتنمر رغبة في مسايرة الجماعة المتنمرة، حتى لا يتعرضوا للاستبعاد الذي يتعرض له الطفل الضحية. وفي المقابل اعتقد أطفال المجموعة الثالثة أن التنمر سلوك سيئ في حد ذاته، حتى لو حقق لهم مكاسب اجتماعية.
حذر الباحثون من خطورة الحياد في التنمر الاجتماعي، بمعنى أن الذين يمكن اعتبارهم مجرد متفرجين غالباً هم من يشجعون على التنمر؛ لأنهم يقدمون الدعم المجتمعي للمتنمر. وعلى سبيل المثال في حالة رؤية طفلين في شجار جسدي يكون هناك شعور بالالتزام بإنهاء هذا الشجار؛ لكن عندما نرى الأطفال يتم استبعادهم من قبل أقرانهم، فلا يبدو أن البالغين دائماً ينظرون إلى الأمر على أنه ضار بالقدر نفسه، وهو أمر بالغ الخطورة.
نصحت الدراسة بضرورة أن تتضمن المناهج الدراسية مهارات التواصل الاجتماعي، لمساعدة الأطفال الذين يعانون من الخجل أو العزلة، بجانب وضع مشروعات اجتماعية يشارك فيها الطلاب جميعاً تحت إشراف المدرسين، أي على سبيل المثال: حلقات نقاش حول الموضوعات المختلفة، دراسية أو حياتية، مع الحرص على أن يتم إشراك جميع الطلاب في الحديث؛ خصوصاً الذين يمكن أن يكونوا عرضة للتنمر، مثل من يعانون من التلعثم أو من البدانة أو النحافة الزائدة.
كما يجب أن يقوم الآباء بملاحظة الحالة النفسية لأطفالهم، وحتى في عدم شكوى الطفل من الأذى المباشر يجب أن يقوموا بسؤال أطفالهم عن حياتهم الاجتماعية في المدرسة، وإذا كان لديهم أصدقاء من عدمه لمواجهة التنمر الصامت.
* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

لماذا يعاود حب الشباب الظهور بعد العلاج؟

يوميات الشرق تتعرض النساء لضغوط مجتمعية أكبر بسبب مشكلات تتعلق ببشرتهن (رويترز)

لماذا يعاود حب الشباب الظهور بعد العلاج؟

توصلت دراسة جديدة أجراها باحثون في مستشفى ماساتشوستس العام ببريغهام في الولايات المتحدة إلى استراتيجيات لتقليل تكرار ظهور حب الشباب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك تفشي سلالة جديدة من «نوروفيروس» في الولايات المتحدة

تفشي سلالة جديدة من «نوروفيروس» في الولايات المتحدة

ما تحتاج إلى معرفته حول أحدث الأرقام وما يمكنك القيام به لحماية نفسك من الفيروس.

مايكل غروثوس (واشنطن)
صحتك إجبار الآباء لأطفالهم على إنهاء وجباتهم قد يؤدي إلى تأجيج أزمة السمنة (رويترز)

خبراء يحذرون من إجبار الأطفال على إنهاء وجباتهم

حذر خبراء التغذية من أن إجبار الآباء لأطفالهم على إنهاء وجباتهم قد يؤدي إلى تأجيج أزمة السمنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل يعاني من زيادة في الوزن (رويترز)

تقرير عالمي يدعو للتوصل إلى تعريف جديد للسمنة

أكد تقرير جديد صادر عن خبراء عالميين الحاجة إلى التوصل لتعريف جديد «أكثر دقة» للسمنة، ولـ«إصلاح جذري» لكيفية تشخيص هذه المشكلة الصحية في جميع أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

نصحت الدكتورة في مركز جامعة بوسطن لدراسات الاضطرابات والقلق، إلين هندريكسن، بضرورة التمييز بين السعي إلى الكمال والشعور الدائم بعدم الرضا عن النفس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تفشي سلالة جديدة من «نوروفيروس» في الولايات المتحدة

تفشي سلالة جديدة من «نوروفيروس» في الولايات المتحدة
TT

تفشي سلالة جديدة من «نوروفيروس» في الولايات المتحدة

تفشي سلالة جديدة من «نوروفيروس» في الولايات المتحدة

وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية (CDC)، فإن نسب الاختبارات الإيجابية (المؤكدة) لحالات فيروس نوروفيروس في الولايات المتحدة هي ضعف ما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي. ويمكن أن تؤدي الزيادة في حالات العدوى إلى زيادة في أيام المرض من العمل والمدرسة.

فيروس معوي

إليك ما تحتاج إلى معرفته حول أحدث الأرقام وما يمكنك القيام به لحماية نفسك من الفيروس.

* ما هو فيروس نوروفيروس norovirus؟ هو نوع من الفيروسات التي تسبب التهاب المعدة والأمعاء الحاد، وفقاً للمراكز. ويؤدي هذا الالتهاب إلى عدد من الأعراض، بما في ذلك الإسهال والقيء، وغالباً ما يتسبب في غياب الناس عن العمل والأنشطة الأخرى.

غالباً ما يشار إلى فيروس نوروفيروس بشكل عام باسم «إنفلونزا المعدة»، ومع ذلك، تشير المراكز إلى أن الفيروس لا يرتبط بفيروس الإنفلونزا وهو كيان منفصل. وهناك عدة أنواع من فيروس نوروفيروس، لذا فإن الإصابة السابقة بأحدها لا تعني أنك ستكون مقاوماً لسلالة أخرى من فيروس نوروفيروس في المستقبل.

انتشار مضاعف هذا العام

* ما مدى انتشار فيروس نوروفيروس في الولايات المتحدة؟ من الصعب تحديد مدى انتشار فيروس نوروفيروس في جميع أنحاء البلاد الآن لأن معظم حالات فيروس نوروفيروس لا يتم الإبلاغ عنها. وذلك لأن العديد من الأشخاص يصابون بالفيروس، ويعانون من الأعراض، ثم يتعافون تماماً في غضون أيام. ونظراً لقصر عمر الأعراض، لا يطلب العديد من الأشخاص مشورة طبيبهم، ولا يتم الإبلاغ عن العديد من حالات المرض.

ومع ذلك، تُظهر بيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأخيرة أن الحالات المبلغ عنها من فيروس نوروفيروس تبدو في ارتفاع. وفقاً لنظام مراقبة الفيروسات التنفسية والمعوية الوطني التابع للمراكز (NREVSS) - الذي يُظهر الاتجاهات الموسمية للفيروسات المحددة - بلغت النتائج الإيجابية للاختبارات التي تبحث عن فيروس نوروفيروس للأسبوع المنتهي في 4 يناير (كانون الثاني) الجاري 27.91 في المائة. وكما ذكرت شبكة «سي بي إس نيوز»، فإن هذا أكثر من ضعف نسبة 13.52 في المائة من الاختبارات التي كانت إيجابية قبل عام.

وهذا يشير إلى أن الفيروس قد يكون أكثر انتشاراً هذا العام مقارنة بالعام الماضي.

سبب التفشي سلالة جديد

* لماذا أصبح فيروس نوروفيروس أكثر انتشاراً هذا العام؟ هناك بعض الأسباب، كما تلاحظ شبكة «سي بي إس». أولاً: هناك سلالة جديدة من فيروس نوروفيروس تسمى GII.17[P17].

تعني السلالة الجديدة أن عدداً أقل من الأشخاص كان لديهم الوقت لتطوير مناعة ضدها، ما يزيد من احتمالية تأثرهم بالفيروس.

ثانياً: ربما تكون فترة الذروة لإصابات فيروس نوروفيروس قد تحولت وزحفت. إذ قبل جائحة كوفيد - 19 كانت ذروة إصابات فيروس نوروفيروس تحدث عادةً في ديسمبر (كانون الأول) ويناير. ومع ذلك، تسبب الوباء في تحول في أنماط الجراثيم الموسمية. في السنوات التي أعقبت تفشي كوفيد - 19 مباشرة، وصلت عدوى نوروفيروس إلى ذروتها عادةً في مارس (آذار) أو أبريل (نيسان).

وهذا يعني أن هذه الزيادة في الإصابات الآن قد تمثل ببساطة تحولاً إلى الفترة التاريخية لذروة عدوى نوروفيروس.

الأعراض

* ما هي أعراض نوروفيروس؟ تقول المراكز إن الأعراض الأساسية لنوروفيروس هي:

- الإسهال.

- القيء.

- الغثيان.

- آلام المعدة.

وقد تشمل الأعراض الأخرى:

- الحمى.

- الصداع.

- آلام الجسم.

تتطور الأعراض عادةً بعد 12 إلى 48 ساعة من الإصابة.

والأشخاص المصابون بنوروفيروس معرضون أيضاً لخطر الجفاف بسبب القيء والإسهال. فإذا كنت مصاباً بنوروفيروس، فيجب عليك شرب الكثير من السوائل للبقاء رطباً.

الوقاية

*كيف يمكنني منع الإصابة بعدوى نوروفيروس؟ تشير المراكز إلى أن نوروفيروس شديد العدوى. ومع ذلك، يمكنك اتخاذ خطوات لتقليل خطر الإصابة بالعدوى. تتضمن هذه الخطوات:

- غسل اليدين بشكل متكرر وشامل.

- غسل الملابس في الماء الساخن.

- تجنب تناول المحار النيئ أو غير المطبوخ جيداً.

- غسل الفواكه والخضراوات.

- تطهير وتنظيف الأسطح الملوثة.

- إذا كنت مريضاً، فابق في المنزل لمدة يومين بعد توقف الأعراض.

من المهم ملاحظة أن نوروفيروس هو فيروس، لذا فإن المضادات الحيوية لن تساعد في علاج الأعراض أو التخلص من الفيروس. والخبر السار هو أن معظم حالات فيروس نوروفيروس ستتحسن في غضون يوم إلى ثلاثة أيام.

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»