انقلابيو اليمن يصعدون انتهاكاتهم الطائفية في قطاع التعليم

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يصعدون انتهاكاتهم الطائفية في قطاع التعليم

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)
طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ألزمت الميليشيات الحوثية جميع المدارس في مناطق سيطرتها بترديد شعار «الصرخة الخمينية» في الطابور الصباحي كل يوم ومعاقبة كل من يرفض ذلك، في خطوة لم يعرفها اليمن طوال تاريخه، بالتزامن مع تغيير جديد في المناهج الدراسية كرس لتقديس زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي وتبجيل سلالته والتحريض على الطائفية وتسفيه بقية المذاهب المعروفة.
ووفق ما ذكره ثلاثة من أولياء أمور الطالبات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» فإنه منذ مطلع الأسبوع الحالي توجهت عناصر التعبئة الطائفية النسائية في ما يسمى المكتب التربوي التابع للميليشيات إلى مدراس الطالبات تحديدا وأشرفن على الإذاعات المدرسية وطابور الصباح حيث أصبح شعار الثورة الإيرانية المسمى «الصرخة الخمينية» إلزاميا في كل المدارس مع معاقبة أي طالبة ترفض ترديدها.
وقال أولياء الأمور إن إدارة مدارس أروى ورابعة العدوية وسالم الصباح ومدارس أهلية أخرى ألزمت جميع الطالبات بترديد «الصرخة» قبل تحية العلم تنفيذا لتعميم حوثي صدر بهذا الشأن، في حين تم تهديد الطالبات بالعقاب في حال رفضن الترديد.
في هذا السياق علق الكاتب والمحلل السياسي علوي السقاف على ما يقوم به الحوثيون من تغيير في المناهج الدراسية وقال إنهم «يملأون رؤوس التلاميذ بأساطيرهم المذهبية، ويقدمون قراءتهم الطائفية باعتبارها القراءة الوحيدة والصحيحة للدين، وباعتبارهم سلالة مقدسة، وحلقة الوصل الوحيدة بين النبي والمسلمين، وما على اليمنيين إلا الإذعان لهم في شؤون الدنيا والدين».
‏المركز الأمريكي للعدالة وهو منظمة حقوقية يمنية، اعتبر أن إجبار الطلاب على ترديد «الصرخة الخمينية» في طابور الصباح يأتي في سياق نهج الجماعة لتحويل المدارس إلى منصات لنشر الطائفية والمذهبية، وغسل أدمغة الطلاب والناشئة بمفاهيم وتعاليم مذهبية متطرفة. ورأى في هذه التوجيهات «تحريفا لمهام التربية والتعليم، وانحرافا خطيرا بالعملية التعليمية واستخدامها لنشر ثقافة الكراهية والعداء للآخر، ونسفا لثقافة التعايش والسلام، والسعي لاستقطاب الطلاب وصغار السن في مضاعفة الانقسام المجتمعي».
وكان قطاع التربية والتعليم الذي يديره يحيى الحوثي شقيق زعيم الميليشيات عمم على جميع المدارس ما سماه الدليل الإذاعي والذي يحوي أحاديث وأشعارا وحكما وأناشيد وكلمات منتقاة لإلقائها في الإذاعات المدرسية تروج لأفكار الحوثي والثقافة المذهبية وتحرض على العنف والقتال والعنصرية والكراهية والتمييز السلالي.
وقصر الدليل الحوثي المناسبات الوطنية على ما يسميه «عيد الولاية» وفي معركة كربلاء، ومقتل زيد بن علي، وقدوم الجد الأول للحوثي إلى اليمن ومولد فاطمة الزهراء، وأول جمعة من شهر رجب، ومعركة بدر، والمولد النبوي، وذكرى الصرخة الخمينية، وذكرى مقتل مؤسس الجماعة حسين الحوثي، والذكرى السنوية لقتلى الميليشيات، وذكرى الانقلاب على الدولة في 21 سبتمبر (أيلول).
وفي الوقت الذي تلزم فيه الميليشيات المعلمين على العمل من دون رواتب وتهددهم بالفصل مع قيامها بتخصيص عائدات صندوق دعمهم لعناصرها الذين أحلتهم بدل الآلاف الذين ذهبوا للعمل في مهن أخرى، أقدم أقارب أحد الطلاب في مدينة إب (190 كلم جنوب صنعاء) على تكتيف معلم وسط مدرسته وجعل قريبا له يقوم بضربه أمام زملائه المدرسين والتلاميذ.
وقال المعلم صالح المجيدي الذي يعمل في مدرسة الشعب أكبر مدرسة في وسط مدينة إب إن عناصر مدججين بالأسلحة اقتحموا المدرسة منتصف نهار الأربعاء وقاموا بضربه بأعقاب بنادقهم ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بالإمساك به وجعل الطالب يضربه بالوجه أمام الطلاب وداخل المدرسة قبل أن يغادروا دون أن يعترضهم أحد.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.