قام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بزيارة لم تعلن مسبقاً إلى كييف الخميس، كاشفاً أن إدارة الرئيس جو بايدن قررت تقديم مساعدات عسكرية جديدة تزيد قيمتها على ملياري دولار لأوكرانيا ودول أوروبية أخرى تهددها روسيا، التي نفت اتهامات غربية لها بتنفيذ عمليات «تصفية» لمئات الآلاف من الأوكرانيين وترحيلهم قسراً إلى الأراضي الروسية.
وعقد كبير الدبلوماسيين الأميركيين اجتماعات مع المسؤولين الأوكرانيين الكبار. وقال خلال اجتماعات مع كبار المسؤولين الأوكرانيين إن إدارة بايدن أبلغت الكونغرس نيتها تقديم ملياري دولار في شكل تمويل عسكري أجنبي طويل الأجل لأوكرانيا و18 من جيرانها، بما في ذلك أعضاء الناتو وشركاء الأمن الإقليميين، وهم «الأكثر عرضة لخطر العدوان الروسي في المستقبل».
في انتظار الموافقة المتوقعة من الكونغرس، سيذهب نحو مليار دولار من هذا المبلغ إلى أوكرانيا، على أن يقسم الباقي بين ألبانيا والبوسنة وبلغاريا وكرواتيا وجمهورية التشيك وإستونيا وجورجيا واليونان وكوسوفو ولاتفيا وليتوانيا ومولدافيا ومونتينيغرو ومقدونيا الشمالية وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا.
وأفادت وزارة الخارجية الأميركية أن هذه الدفعة هدفها مساعدة تلك الدول على «الردع والدفاع ضد التهديدات الناشئة لسيادتها وسلامة أراضيها» من خلال تعزيز تكاملها العسكري مع الناتو ومواجهة «النفوذ والعدوان الروسي». وأضافت أن «هذه المساعدة تظهر مرة أخرى التزامنا الراسخ مستقبل أوكرانيا كدولة ديمقراطية وذات سيادة ومستقلة، فضلاً عن أمن الحلفاء والشركاء في جميع أنحاء المنطقة».
وقبل لقائه وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، زار بلينكن السفارة الأميركية ثم مستشفى الأطفال الوطني التخصصي، حيث رأى فتياناً وفتيات أصيبوا بالقصف الروسي، وبينهم طفلة من مدينة خيرسون اسمها مارينا، تبلغ من العمر ست سنوات. وهي فقدت ساقها بعدما أصاب منزلها صاروخ. وكذلك في ردهة المستشفى الكلب «باترون» الذي ساعد الجيش الأوكراني في العثور على أكثر من 200 لغم زرعتها القوات الروسية.
وهذه الزيارة هي الثانية من بلينكن لأوكرانيا منذ بدأت روسيا غزوها في نهاية فبراير (شباط) الماضي. ولم تعلن وزارة الخارجية الأميركية سفر بلينكن مقدماً لأسباب أمنية.
* اجتماعات رامشتاين
ولكن هذه الزيارة تزامنت أيضاً مع الاجتماعات التي يعقدها وزير الدفاع لويد أوستن مع نظرائه في دول حلف شمال الأطلسي، الناتو ضمن اجتماع شهري لمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية، والذي يهدف إلى تنسيق تدفق المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا.
ويضاف إلى المساعدات التي أعلنها بلينكن، دفعة جديدة من الأسلحة الثقيلة والذخيرة والعربات المدرعة بقيمة 675 مليون دولار لأوكرانيا وحدها، في مساعدة أعلنها أوستن في وقت سابق الخميس خلال اجتماعات المجموعة في قاعدة رامشتاين الجوية الأميركية بألمانيا. وتشمل الحزمة الجديدة أيضاً صواريخ من طراز «هارم» التي تطلق من الجو لتدمير رادارات الدفاع الجوي الروسي، وأنظمة الصواريخ الموجهة متعددة الإطلاق والمعروفة باسم «جي إم إل آر إس»، فضلاً عن مدافع ميدان، هاوتزر وذخائر مدفعية وعربات من طراز «هامفي» وسيارات إسعاف مدرعة وأنظمة مضادة للدبابات وغير ذلك من الأعتدة الحربية، علماً أن وصول المعدات العسكرية الغربية، وخاصةً أنظمة الصواريخ البعيدة المدى من طراز «هايمارس» مكن القوات الأوكرانية من مهاجمة البنية التحتية العسكرية الروسية خلف الخطوط الأمامية ودعم هجوماً مضاداً تنفذه القوات الأوكرانية حالياً في الجنوب. ويجادل بعض الخبراء العسكريين أن المساعدات حتى الآن غير كافية لتحويل الحرب بشكل حاسم لمصلحة أوكرانيا.
وقال أوستن في الاجتماع الذي شارك فيه أيضاً الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ ووزير الدفاع الأوكراني ألكسي ريزنيكوف ومسؤولون دفاعيون من الحلفاء: «بدأت القوات الأوكرانية هجومها المضاد في جنوب البلاد، وهم يقومون بدمج القدرات التي قدمناها جميعاً لمساعدتهم على القتال واستعادة أراضيهم السيادية»، مضيفاً أن «مجموعة الاتصال هذه بحاجة إلى اتخاذ موقف لدعم المدافعين الشجعان عن أوكرانيا على المدى الطويل». وأوضح أن «هذا يعني التدفق المستمر والحاسم للقدرة (العسكرية) الآن»، مشدداً على أن «الحرب في لحظة رئيسية أخرى (…) الآن نشهد نجاحاً واضحاً لجهودنا المشتركة في ميدان المعركة». ورأى أن «وجه الحرب يتغير وكذلك مهمة مجموعة الاتصال هذه».
وبهذه الالتزامات، تصل مساهمات المساعدات الأميركية لأوكرانيا إلى نحو 15.2 مليار دولار منذ تولي الرئيس بايدن منصبه. وأعلن المسؤولون الأميركيون أن الالتزامات الجديدة هدفها التأكيد أن الدعم الأميركي لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي «لا يتزعزع».
وجاءت هذه التصريحات مع احتدام القتال بين أوكرانيا وروسيا خلال الأيام الأخيرة، إذ شنت القوات الأوكرانية هجوماً مضاداً لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها روسيا في جنوب البلاد وشرقها. وفيما استمر القصف قرب محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، وهي الأكبر في أوروبا، تبادل الطرفان المتحاربان الاتهامات مرة أخرى وسط تحذيرات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومطالبتها بإنشاء منطقة آمنة لمنع وقوع كارثة نووية.
* عمليات الفرز والتصفية
في غضون ذلك، اتهمت الولايات المتحدة روسيا باستجواب واحتجاز وترحيل ما يصل إلى 1.6 مليون أوكراني إلى روسيا أو الأراضي التي تسيطر عليها روسيا وإخضاعهم لعملية «تصفية» تشمل الفحص الأمني والاستجواب والانفصال الأسري والاحتجاز. وقالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في اجتماع لمجلس الأمن في نيويورك مساء الأربعاء، إن آلاف الأطفال، بينهم 1800 طفل في يوليو (تموز) الماضي أخضعوا لعملية التصفية، وجرى فصل بعضهم عن آبائهم ووضعهم الروس للتبني.
وعقدت هذه الجلسة بطلب من كل من الولايات المتحدة وألبانيا لمناقشة التهجير القسري للأوكرانيين. وقالت غرينفيلد إن موسكو تدفع إلى ترحيل الأوكرانيين بهدف «التحضير لمحاولة الضم» و«توفير مظهر خادع للشرعية للاحتلال الروسي والضم المزعوم في نهاية المطاف لمزيد من الأراضي الأوكرانية». واعتبرت أن تصرفات روسيا ترقى إلى جريمة حرب وهي انتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص على حماية المدنيين في مناطق النزاع، داعية روسيا إلى السماح بدخول مراقبين دوليين للتحقيق في المعسكرات ومراكز الاحتجاز التي يحتجز فيها مدنيون أوكرانيون.
وسارع المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إلى نفي الاتهامات الأميركية، واصفاً إياها بأنها معلومات مضللة «أطلقتها أوكرانيا وداعموها الغربيون».
وصاغت وزارة الدفاع الروسية ترحيل الأوكرانيين كجزء من جهود الإغاثة الإنسانية. وقال نيبينزيا إنه لا يوجد تعريف قانوني لـ«التصفية»، معتبراً أن الفحص الأمني للأوكرانيين هو «إجراء عسكري عادي» على غرار ما يخضع له المهاجرون على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة. وذكر بأن إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب فصلت قسراً الأطفال المهاجرين عن أهلهم، وأن الولايات المتحدة احتجزت سجناء من دون محاكمة لسنوات في خليج غوانتانامو.
وأبلغت مساعدة الأمين العام لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إيلز براندز كيريس أعضاء المجلس أن مكتبها تحقق بالفعل من حالات عملية التصفية التي أدت إلى «انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحرية والأمن الشخصي والخصوصية».
بلينكن يزور كييف بلا إعلان مسبق حاملاً المزيد من الدعم
مساعدات عسكرية جديدة بأكثر من ملياري دولار لأوكرانيا وجيرانها
بلينكن يزور كييف بلا إعلان مسبق حاملاً المزيد من الدعم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة