مخرجة تصوّر الحرب السورية في بيت بلا سقف

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي (5)

مشهد من فيلم «نزوح» للمخرجة السورية سودد كعدان
مشهد من فيلم «نزوح» للمخرجة السورية سودد كعدان
TT

مخرجة تصوّر الحرب السورية في بيت بلا سقف

مشهد من فيلم «نزوح» للمخرجة السورية سودد كعدان
مشهد من فيلم «نزوح» للمخرجة السورية سودد كعدان

فاجأت المخرحة السورية سودد كعدان، جمهور مهرجان فينيسيا بفيلمها «نزوح» من ناحيتين متواجهتين. الفيلم الذي عرضه قسم «آفاق إكسترا» في هذه الدورة الممتدة حتى العاشر من الشهر الحالي، يتناول قصّة عائلة من ثلاثة أفراد؛ أب (إبراهيم بو صالح)، وأم (دارينا الجندي)، وابنتهما غير البالغة بعد، زينة (هالا زين). تعيش العائلة في ضاحية من المدينة نزح معظم من فيها. (لا اسم للضاحية ولا اسم للمدينة، ولو أن اسم دمشق يرد ذكره مرّة لكن الدمار لم يُصَب، في الواقع العاصمة السورية على هذا النحو).
النزوح هو مطلب الزوجة، لكن الزوج (إبراهيم بو صالح) يرفض أن يتحوّل إلى نازح ويلتصق بمنزله مهما كانت الظروف. حتى من بعد أن تعرض المنزل للقصف، وأحدث فجوة في سقف غرفة النوم تنفذ منها الفتاة إلى السطح لتلتقي بصبي في مثل عمرها اسمه عامر (نزار علاني)، ولتحلم بسماء من النجوم وبعالم لا حرب فيه.
ما هو مفاجئ، وعلى نحو إيجابي، هو أن الموضوع جيد، وفكرته كذلك، كونهما يبتعدان عن التأطير والتنطير السياسيين، وينتهجان عرض واقع كل يوم يخوض حروباً مع فرقاء عدّة. ليس هناك ذكر لقوّة مسلحة واحدة إلا عابراً (سيدخل الجيش بعد ساعات)، ما يضع الفيلم في موقع محايد غالباً باستثناء أن قصف البيت غير المقصود تم بطائرة (نسمعها ولا نراها)، قد تكون روسية أو سورية. عناية المخرجة هي في توفير وضع إنساني المنطلق والعرض وتنجح في ذلك.
ما لا تنجح فيه، هو التركيبة السردية التي اختارتها. فالفيلم ينقسم إلى قسمين: داخل جدران البيت، ويحتوي على تبادل المواقف بين الزوجين. هو المتعنّت وهي التي تحاول إقناعه، وعلى الصداقة التي تجمع بين زينة وعامر الذي نزح أهله، لكنه قرر أن يبقى لأجلها. والقسم الآخر يلي ما سبق، عندما تقرر الزوجة أنها لن تبقى في البيت بعد الآن، وتأخذ ابنتها وتنطلق في دروب البلدة المهدّمة. لكن البلدة تغيرت تحت الهدم ما يعرضهما للتوهان قبل أن تلتقيا بعامر من جديد، الذي يسهّل لهما الهروب إلى الجانب الآخر من خلال نفق لم تهدمه الغارات.
عند هذه النقطة تحدث مفاجأة، فالزوج يظهر فجأة في عمق الصورة وهو يصيح بزوجته أن تأخذه معها. تتمنّع، ومن ثَم توافق وينتهي الفيلم. المشهد بذاته مشغول بسرعة وعواطفه تلقائية.
يحتاج السيناريو لمزيد من العمل. فيلم كل قسم فيه، كان يكفي ليشكل فيلماً منفصلاً لو اختارت المخرجة ذلك. يتبين الضعف أكثر عندما تترك الأم وابنتها المنزل، حيث كل شيء بعد ذلك صدفي وغير محبوك على نحو مقبول. ويزداد الهوان بظهور الأب. لو أنها قطعت إليه وحيداً في البيت قبل أن نراه يركض وراءهما لكان أفضل. كذلك فإن وصوله إليهما بسهولة وقد استقلا شاحنة تمضي سريعاً، يحتاج إلى تفسير.
هناك مشاهد محددة تخرج كعدان من خلالها عن الواقع الذي تعرضه إلى نحو من السينما الشعرية الواقعية. هذا جيد. لكن الواقع هو الذي كان يحتاج أولاً إلى حوار أفضل وأثرى، واللقاءات فوق السطح تأتي ساذجة.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.