هل أصبحت منظمة التجارة العالمية «عاجزة وظيفياً»؟

رئيستها متشائمة بشأن المستقبل

وصفت مجلة «ذا ديبلومات» المتخصصة منظمة التجارة العالمية بأنها «عاجزة وظيفياً» (رويترز)
وصفت مجلة «ذا ديبلومات» المتخصصة منظمة التجارة العالمية بأنها «عاجزة وظيفياً» (رويترز)
TT

هل أصبحت منظمة التجارة العالمية «عاجزة وظيفياً»؟

وصفت مجلة «ذا ديبلومات» المتخصصة منظمة التجارة العالمية بأنها «عاجزة وظيفياً» (رويترز)
وصفت مجلة «ذا ديبلومات» المتخصصة منظمة التجارة العالمية بأنها «عاجزة وظيفياً» (رويترز)

فيما أعربت نغوزي أوكونجو إيويالا، رئيسة منظمة التجارة العالمية عن تشاؤمها، بشأن مستقبل التجارة العالمية، وأوضحت أن المخاطر السلبية على الاقتصاد العالمي لا تزال قائمة... وصفت مجلة «ذا ديبلومات»، المتخصصة في الشؤون الآسيوية، منظمة التجارة العالمية بأنها «عاجزة وظيفيا»؛ نظرا لأن المنظمة التي جرى إنشاؤها بهدف تعزيز التجارة الحرة أصبحت اليوم أكبر عقبة أمام تحقيق هدفها.
وقالت إيويالا في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ يوم الثلاثاء، على هامش قمة التكيف الأفريقية في روتردام، إن مزيجا من الاضطرابات التجارية سيستمر يلقي بظلاله على الانتعاش الاقتصادي العالمي، وفي المقدمة الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا والتي لا تزال تؤجج أزمة متصاعدة في أسواق الطاقة والغذاء العالمية.
وأشارت إيويالا إلى أن الاختناقات لا تزال تصيب طرق الشحن، وأن صفوف سفن الحاويات التي تنتظر خارج موانئ بحر الشمال في ألمانيا زادت خلال الأسابيع الأخيرة.
وأوضحت المسؤولة أنه في الوقت نفسه، يتواصل إغلاق بعض أكبر المدن والموانئ ومراكز التصنيع في العالم، بسبب نهج «صفر كوفيد» الذي تتبناه الصين لمكافحة جائحة «كورونا». وقالت إيويالا إن «التوقعات ليست واعدة»، حيث كشفت الظواهر الجوية السيئة هذا الصيف، التأثير المدمر الذي يمكن أن يحدثه تغير المناخ على سلاسل التوريد في العديد من أكبر الاقتصادات في العالم. وأضافت «نحن في بيئة محفوفة بالمخاطر. وما زلنا نواجه أزمات متعددة وصدمات خارجية».
وبالتزامن مع هذه الرؤية، رأت مجلة «ذا ديبلومات»، في تقرير خاص حول المنظمة، أن منظمة التجارة العالمية تزيد من التوتر بدلا من الثقة في نظام التجارة الدولي، مرجعة ذلك إلى أنظمتها المتصدعة لتسوية المنازعات، وآليات التفاوض غير الفعالة، والسياسات المبهمة التي تؤدي إلى استغلال عام للمصالح الذاتية. وأضافت أن الحروب التجارية الحالية تدفع الدول إلى التحايل على منظمة التجارة العالمية مما يؤدي إلى تآكل شرعية المنظمة الآخذة في التضاؤل.
وأشارت المجلة إلى أن منظمة التجارة العالمية تسير في الاتجاه الخاطئ في محاولاتها لتشجيع التجارة الحرة، وفي الوقت نفسه فإنه مع استمرار المشاكل التجارية تستمر الدول القوية في استغلال قوتها التنافسية في العلاقات التجارية، مما يزيد بدوره من الضغط على النظام الاقتصادي العالمي ويرفع من حدة التوترات الأمنية، لافتة إلى أنه رغم استفادة نظام التجارة العالمي من منظمة التجارة العالمية ظاهريا، فإن المنظمة، تستمر في تسهيل الانقسامات مع هشاشة وضع الشؤون العالمية.
وعن تاريخ المنظمة، ذكرت المجلة أن منظمة التجارة العالمية استبدلت عند تأسيسها الاتفاقية العالمية بشأن التعريفات الجمركية والتجارة (غات) عام 1995، ومنذ ذلك الحين كانت مهمة المنظمة هي تعزيز التجارة العالمية الحرة بين أعضائها، ووضع الأسس والقواعد بناء على مبدأ المعاملة بالمثل، واتخاذ قرارات بالإجماع لتطوير سياساتها وتحسينها وتنفيذها، وتطبق المنظمة هذه المبادئ من خلال تشجيع الممارسات غير التمييزية والشفافية في صنع القرار والمعاملة الخاصة لأعضائها بالنسبة لاحتياجات كل منهم.
ومن الناحية النظرية، بحسب «ذا ديبلومات»، تبدو هذه المبادئ مفيدة عالميا، إلا أنها عمليا، تعد تفاؤلا مرتبطا بالتمني المتجذر في المثالية الخيالية؛ لأن العالم لا يعمل بهذه الطريقة خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية، فالتجارة الحرة تعني باختصار التدفق الحر للسلع بين البلدان، وبذلك فهي تحفز المنتجين المحليين على تحسين وضعهم التنافسي مقارنة بالمنتجين الأجانب، وبالتالي تحسين الكفاءة وتقليل الاعتماد على الإعانات الحكومية، مما يؤدي في النهاية إلى تجارة أكثر قوة ونمو اقتصادي عالمي بسبب الاتفاقات المتبادلة المفيدة للطرفين، وهو ما لا يحدث على أرض الواقع.
ورغم الفوائد المحتملة لاتفاقيات التجارة الحرة، فإن آثارها السلبية أيضا قد تكون كبيرة، حيث أوضحت المجلة أن فتح المنافسة للأسواق الأجنبية يمكن أن يؤثر سلبيا على الشركات والأعمال غير المستعدة للمنافسة مع المنتجين الأجانب، مما يؤدي إلى فقدان الوظائف، والبديل هو فرض آليات لحماية الصناعات المحلية للحيلولة دون تآكلها، لكن حماية الصناعة تأتي بتداعيات للحكومات في شكل طلب إعانات، ولذلك تحتاج الحكومات إلى تحديد التوازن الصحيح بين السعي وراء التجارة الحرة، وتوسع السوق مقابل العواقب المتوقعة لذلك، وهو ما يبدو جيدا من الناحية النظرية؛ لكن ما يفرضه الواقع عبارة عن قواعد للتجارة تعقد النظام وتخلف التوترات.
وأشارت المجلة إلى أنه رغم عمل منظمة التجارة العالمية في شكل مؤسسة شرعية متعددة الأطراف، فإنها أقل إثارة للإعجاب في وظيفتها الفعلية اليوم، مرجعة ذلك إلى عدم كفاءة نظام تسوية المنازعات، لا سيما مع استمرار واشنطن في رفض هيئة الاستئناف الجديدة، ونظرا لأنه «لا يوجد شيء ملزم في نظام منظمة التجارة العالمية»، فإن التحكيم وحل النزاعات يظل بعيد المنال في نظام عالمي مدفوع بشكل متزايد بانتهازية المصلحة الذاتية وليس بالامتثال للقوانين والأعراف الدولية.
وأضافت أنه رغم مخالفة منظمة التجارة العالمية لبند اتفاقية «غات» القديمة حول قدرة أي من أعضائها اتخاذ «أي إجراء يعتبرونه ضروريا لحماية مصالحهم الأمنية الأساسية»، فإنها لم تتمكن من اتخاذ أي إجراء أثناء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين التي تضمنت العديد من القرارات المماثلة.
ونوهت «ذا ديبلومات» إلى أن القوانين والسياسات المحلية أيضا من بين أهم العقبات التي يتعين على منظمة التجارة العالمية التغلب عليها؛ وعلى سبيل المثال تسمح المادة 301 من قانون التجارة الأميركي بفرض تعريفات جمركية على الشركاء التجاريين الذين يتم اعتبارهم متورطين في قيود غير عادلة ضد التجارة الأميركية، وهو قانون محلي في الولايات المتحدة له تداعيات دولية على التجارة الحرة، لكن منظمة التجارة العالمية لا يمكنها اتخاذ أي إجراء حيال ذلك.
وأشارت المجلة إلى أن التوتر المستمر في منظمة التجارة العالمية يدفع المزيد من الدول إلى تجنب الإجراءات المتصدعة الحالية لمنظمة التجارة العالمية، وتفضيل الاتفاقيات التجارية الثنائية التي تتخطى قيود منظمة التجارة العالمية.


مقالات ذات صلة

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد لافتة إلكترونية وملصق يعرضان الدين القومي الأميركي الحالي للفرد بالدولار في واشنطن (رويترز)

غوتيريش يعيّن مجموعة من الخبراء لوضع حلول لأزمة الديون

عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة من الخبراء البارزين لإيجاد حلول لأزمة الديون المتفاقمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
TT

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الخميس، اكتمال الاستحواذ على حصة تُقارب 15 في المائة في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين في «توبكو».

وبالتزامن، استحوذت شركة «أرديان» الاستثمارية الخاصة على قرابة 22.6 في المائة من «إف جي بي توبكو» من المساهمين ذاتهم عبر عملية استثمارية منفصلة.

من جانبه، عدّ تركي النويصر، نائب المحافظ ومدير الإدارة العامة للاستثمارات الدولية في الصندوق، مطار هيثرو «أحد الأصول المهمة في المملكة المتحدة ومطاراً عالمي المستوى»، مؤكداً ثقتهم بأهمية قطاع البنية التحتية، ودوره في تمكين التحول نحو الحياد الصفري.

وأكد النويصر تطلعهم إلى دعم إدارة «هيثرو»، الذي يُعدّ بوابة عالمية متميزة، في جهودها لتعزيز النمو المستدام للمطار، والحفاظ على مكانته الرائدة بين مراكز النقل الجوي الدولية.

ويتماشى استثمار «السيادي» السعودي في المطار مع استراتيجيته لتمكين القطاعات والشركات المهمة عبر الشراكة الطويلة المدى، ضمن محفظة الصندوق من الاستثمارات الدولية.