فتحت خسارة فريق النصر أمام نظيره التعاون في الجولة الثانية من دوري «روشن» السعودي، الجدل حول قدرة الفريق على الفوز بدوري المحترفين هذا الموسم، في مباراة فشل خلالها النادي العاصمي في تسديد أي كرة على المرمى، وسط حالة من العقم الهجومي التي أصابت أحد المرشحين الكبار للحصول على اللقب.
وأكدت لغة الإحصاءات والأرقام خلال مباراة النصر والتعاون أن الفريق فشل تماماً في خلق الفرص في الثلث الهجومي الأخير، مع قيام لاعبيه بتسديد 8 كرات فقط على مرمى منافسهم طوال التسعين دقيقة، لكن دون تسديد أي كرة على المرمى مباشرة، في ظاهرة جديدة على الفريق الأصفر الذي يقوده المدرب الفرنسي الشهير رودي غارسيا.
من ناحيته، قال علي كميخ، المدرب السعودي ولاعب النصر السابق، إن خسارة الفريق أمام التعاون ليست نهاية المطاف، وتجاوزها يجب أن يمر عبر 3 مراحل أساسية؛ هي: التركيز على المباراة المقبلة أمام ضمك، وتصحيح الأخطاء، بالإضافة إلى التحفيز والتجهيز بشكل كامل ومنفصل.
وطالب كميخ، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إدارة نادي النصر بالتكاتف والتعاون، مع جميع أبناء النصر ليكون صوتهم واحداً حتى يعود الفريق بقوة، ولتجاوز مرارة الخسارة ضد التعاون، مؤكداً احتمال تكرار مشهد الحصول على الدوري والكأس في موسم واحد كما حدث من قبل خلال عام 1981 حينما كان رجال النصر جميعاً على قلب رجل واحد.
من ناحيته، أيضاً أكد المدرب السعودي علي البارقي، لـ«الشرق الأوسط»، أن فريق النصر نجح في استقطاب مدرب كبير كما عالج بعض المراكز المتواضعة أداءً خلال الميركاتو الصيفي، لكن بدايته هذا الموسم لم تكن جيدة بعد الفوز الصعب على الوحدة والخسارة أمام التعاون.
وأضاف البارقي أن مشكلة النصر تكمن في عدم وجود الاستشارة الفنية للاستقطابات التي تدعم عناصر الفريق وتجعله يسير بخطى ثابتة في الدوري، كذلك عدم وجود بديل في بعض المراكز مثل المهاجم والظهير الأيمن.
وأضاف البارقي، لـ«الشرق الأوسط»: النصر يحتاج حالياً إلى الاستقرار على التشكيلة وأسلوب اللعب وتخفيف الضغوط داخل وخارج الملعب، بالإضافة إلى أن الموسم الأول للمدرب غارسيا سيمر خلاله بعقبات كبيرة، خاصة مع وجود منافسين أقوياء مثل الهلال والاتحاد والشباب.
على جانب متصل، أكد المدرب السعودي بندر الجعيثن لـ«الشرق الأوسط» أن خسارة النصر لن تكون مؤثرة بالشكل الكبير، خاصة أنها جاءت في بداية الموسم، ويمكن تصحيح المسار بشكل أفضل مع عودة المصابين والغائبين، خاصة أن الفريق افتقد خدمات الثنائي أندرسون تاليسكا وسلطان الغنام في مباراة التعاون، ما جعل الأمور أصعب على الجهاز الفني.
وأبدى المدرب الوطني بندر الجعيثن ثقته بقدرة إدارة النصر على إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح، بالإضافة إلى الجهاز الفني وعودة بقية اللاعبين للمشاركة من جديد، خاصة أن الدوري لا يزال في بدايته والموسم يعد طويلاً لجميع الفرق، لذلك فإن هذه الخسارة يمكن تداركها في قادم المباريات والجولات.
وبالعودة إلى بداية النصر في دوري روشن السعودي هذا الموسم، اتضح سريعاً تأثير غياب البرازيلي أندرسون تاليسكا عن فريق النصر؛ حيث يعد اللاعب أحد أهم الأسلحة الهجومية لفريقه مؤخراً، بعد تسجيله 22 هدفاً وصناعته 4 في 33 مباراة بجميع المسابقات، إلا أن النصر بدا باهتاً في الشق الهجومي بعد مرور جولتين من بداية الدوري من دون لاعبه اللاتيني، ليحصد 3 نقاط فقط من أصل 6، ويسجل هدفاً واحداً رغم وجود عدد كبير من اللاعبين المحترفين والمحليين الدوليين في صفوفه.
ولم يتوقف العقم الهجومي للنصر عند مباراة التعاون فقط، بل سدد لاعبو الفريق كرتين فقط على المرمى والقائمين خلال مباراة الوحدة في الجولة الأولى، ليظهر الفريق بلا مخالب هجومية واضحة في ظل غياب تاليسكا، الذي يمتاز بالتسديدات بعيدة المدى والقدرة على تسجيل الأهداف، ليكون عامل الخطورة الأول في تشكيلة النصر بالموسم الماضي.
ويعاني النصر أيضاً من غيابات أخرى واضحة مثل عدم جاهزية الأرجنتيني بيتي مارتينيز، الذي يعاني هو الآخر من مرض التهاب غشاء التامور، وهو الغشاء المحيط بعضلة القلب، بناء على ما كتبه اللاعب عبر قصة حسابه الرسمي بموقع «إنستغرام» في وقت سابق، عندما أكد أنه سيعود إلى الملاعب قريباً، لكن ينبغي أولاً علاجه من التهاب غشاء التامور، الذي أبعده عن أول مباراتين لفريقه ضد الوحدة والتعاون في الدوري.
ولم يتحدد موعد عودة بيتي إلى الملاعب من جديد، لكن مثل هذه الإصابة تسبب ألماً حاداً في منطقة الصدر بناء على تقارير الأطباء الصادرة عن مرض التهاب التامور، لذلك فإن اللاعب سيتعافى بشكل كامل خلال أيام أو أسابيع أو حتى شهور، وفق تطور الحالة ومدى قابليته للعلاج والتعافي خلال الفترة المقبلة.
ورغم وجود 8 محترفين في صفوف النصر هذا الموسم، فإن الفريق يفتقد 3 لاعبين منهم، وهم تاليسكا، وبيتي مارتينيز، والأوزبكي ماشاريبوف الذي غاب عن المشاركة بسبب عدم جاهزيته ومعاناته من الإصابة، ليعتمد رودي غارسيا على لاعبي فريقه المحليين بالهجوم خلال أول مباراتين، في ظل وجود خالد الغنام وسامي النجعي خلف الكاميروني فينسنت أبو بكر، مع قيام عبد الرحمن غريب بدور البديل خلال الشوط الثاني.
وواصلت لعنة الإصابات مطاردتها لفريق النصر هذا الموسم، إذ أثبتت الفحوصات الطبية تعرض المدافع علي لاجامي لتمزق في العضلة الأمامية، ما يعني تأكد غيابه عن مباراتي ضمك والباطن في الجولتين الثالثة والرابعة من الدوري، مع إمكانية عودة الظهير الأيمن سلطان الغنام إلى التشكيلة بعد تعافيه من إصابته الأخيرة.
وعلى المستوى التكتيكي، يراهن الفرنسي رودي غارسيا على خطة 4-2-3-1 مؤخراً، بوجود الثنائي علي الحسن ولويس غوستافو في خانة المحور، أمام رباعي الخلف العمري، وألفارو، ومادو، وغيسلان كونان، مع اللعب هجومياً بالثلاثي خالد الغنام، والصليهم، وسامي النجعي، خلف أبو بكر، لكن أثبتت هذه الخطة عدم نجاعتها هجومياً، ليفشل الفريق في تسجيل أي هدف أمام التعاون، مع فشله أيضاً في تسديد أي كرة على المرمى لا خارجه.
وأصبح في حكم المؤكد عودة تاليسكا إلى التشكيلة الأساسية أمام ضمك في الجولة المقبلة، بعد نهاية إيقافه بشكل رسمي بعد مباراة التعاون الأخيرة، لذلك قد يقرر غارسيا مجموعة من التعديلات الفنية في خطته، بإشراك تاليسكا أساسياً رفقة الوافد الجديد عبد الرحمن غريب في مركزي الجناحين بالقرب من أبو بكر، وفي الوسط يلعب الصليهم مع الحسن وغوستافو، أو يضع سامي النجعي خلف المهاجم مباشرة أمام ثنائي الارتكاز، مع استخدام الصليهم كورقة رابحة على الخط.
ويحتاج النصر إلى ما هو أكثر من الفوز والنقاط أمام ضمك في الجولة الثالثة من بطولة الدوري؛ حيث يسعى غارسيا إلى إثبات قوة فريقه الهجومية، من خلال زيادة التسديدات وصناعة الفرص وتسجيل الأهداف، مع استعادة تاليسكا وإمكانية مشاركة غريب أساسياً، حتى يتمكن النادي العاصمي من مضاعفة النجاعة التهديفية التي عانت بوضوح في أول جولتين حتى الآن.