هل يمكن للعواصف الشمسية أن تسبب أمواج تسونامي؟

هل يمكن للعواصف الشمسية أن تسبب أمواج تسونامي؟
TT

هل يمكن للعواصف الشمسية أن تسبب أمواج تسونامي؟

هل يمكن للعواصف الشمسية أن تسبب أمواج تسونامي؟

للشمس حالة مزاجية وغالبًا ما تطلقها في شكل عواصف شمسية، والتي تنفث كتلًا من البلازما مليئة بالجسيمات المشحونة التي يمكن أن تتسبب في حدوث مشاكل خطيرة مع الأقمار الصناعية والإنترنت ونظام تحديد المواقع على الأرض. ومع كل الدمار الذي يمكن أن تحدثه نوبات الغضب النارية هذه، هل يمكن أن تؤدي بالفعل إلى حدوث تسونامي على الأرض؟
الإجابة المختصرة ليست مباشرة. فلكي يتم إطلاق العنان لتسونامي على الأرض، يجب أن يكون هناك زلزال هدير تحت قاع المحيط يزيح المياه ويولد موجة هائلة فائقة السرعة عبر عمود الماء بأكمله، وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA). هذه الزلازل ناتجة عن نفس النوع من حركة الصفائح التكتونية التي تجعل البراكين تنفجر فتهز المدن. ولكن مهما كان الأمر مخيفًا، فقد يبدو أن الأرض تتعرض لانتقادات شديدة بسبب الرياح البلازمية من التوهج الشمسي (انفجار كثيف من الإشعاع الكهرومغناطيسي من الشمس) أو القذف الكتلي الإكليلي (سحابة عملاقة من الجسيمات المشحونة كهربائيًا من الشمس تتحرك بسرعات عالية)، لا يمكن لهذه القوى أن تتسبب بشكل مباشر في ارتفاع تسونامي فعلي من قاع المحيط، وذلك حسبما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.
ومع ذلك، يجادل بعض الباحثين بأن العواصف الشمسية قد تؤدي بشكل غير مباشر إلى حدوث تسونامي على الأرض.
وفي هذا الاطار، يتفق العلماء على أن العواصف الشمسية يمكن أن تولد موجات صادمة من نوع تسونامي أو «تسونامي شمسي» تعيث فسادا في الشمس وليس الأرض، كما ذكرت وكالة «ناسا» الفضائية، عندما تم اكتشاف هذه الظاهرة من قبل مرصد العلاقات الأرضية الشمسية (STEREO) عام 2006، هذه الموجة الصدمية، المعروفة أيضًا باسم موجة «موريتون» كانت قوية بما يكفي لضغط وتسخين الهيدروجين والغازات الأخرى في الشمس حتى يحترق النجم بأكمله فيصبح أكثر سطوعًا. وقد حدث هذا في دقائق فقط.
ووجد فريق من الباحثين في دراسة أجريت عام 2022 بمجلة Nature أن بعض الانفجارات الشمسية شديدة لدرجة أنها يمكن أن تترك بصماتها على الأرض؛ عندما اكتشفوا دليلًا على تداعيات انفجار ضرب غرينلاند منذ أكثر من 9000 عام؛ إذ ان الجسيمات التي اجتاحتها الرياح الشمسية حُبست في لب الجليد الذي تم فحصه لاحقًا في المختبر. ولم يتسبب هذا الحدث الكبير بالذات في حدوث تسونامي، لكن دراسة عام 2020 في التقارير العلمية وصفت ارتباطًا محتملاً بين العواصف الشمسية والزلازل الهائلة على الأرض؛ ومن المعروف أن الزلازل تسبب أمواج تسونامي.
وكتب باحثون بقيادة فيتو مارشيتلي خبير تحليل الأقمار الصناعية بجامعة باسيليكاتا في بوتينزو بإيطاليا «وجدنا دليلًا على وجود ارتباط كبير بين الزلازل العالمية الكبيرة وكثافة البروتون بالقرب من الغلاف المغناطيسي، بسبب الرياح الشمسية». مضيفا «في الدراسة. هذه النتيجة مهمة للغاية لبحوث الزلازل وللتأثيرات المستقبلية المحتملة على توقعات الزلازل».
العواصف الشمسية التي تؤثر على الأرض هي نتيجة التوهجات الشمسية أو القذف الكتلي الإكليلي، والذي يحدث عادة عندما تتشابك أو تنكسر الحقول المغناطيسية في الشمس. فكلاهما ينفجر بكميات هائلة من الطاقة ويرسلان رياحًا شمسية شديدة إلى الفضاء. وعندما تصل الجسيمات المشحونة في الرياح الشمسية إلى الأرض وتتفاعل مع طبقة الأيونوسفير (الجزء الخارجي من غلافنا الجوي على حافة الفضاء) يمكن أن تتسبب في حدوث خلل بإشارات الأقمار الصناعية ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وفقًا لوكالة «ناسا»، لكن التفاعل مع الغلاف المغناطيسي قد يفعل أكثر من ذلك. فالغلاف المغناطيسي للأرض أبعد من الغلاف الجوي المتأين. وهذه هي المنطقة في الفضاء المحيطة بالكوكب حيث يكون للمجالات المغناطيسية تأثيرات قوية بشكل خاص، وتتشكل بواسطة الرياح الشمسية التي تدخل في تلك المجالات المغناطيسية.
من أجل ذلك، اقترح مارشيتلي وزملاؤه أن الجزيئات في الرياح الشمسية التي تضرب الغلاف المغناطيسي يمكن أن تؤثر على شدة الزلازل. إذ يعتقد الباحثون أن هذه الجسيمات من المحتمل أن تكون مرتبطة بحركة الصفائح التكتونية لأن الكهرباء الخاصة بها يمكن أن تؤدي إلى تفاقم اضطراب قائم، مثل الاندساس، حيث يتم دفع إحدى الصفائح التكتونية تحت الأخرى. فلقد استنتجوا أنه كلما زاد عدد البروتونات في الرياح الشمسية التي هزت الغلاف المغناطيسي، زاد احتمال تسببها في تفاقم الزلازل، والتي قد يتسبب بعضها في حدوث موجات تسونامي.
ومع ذلك، فإن دراسة مارشيتلي لم تفحص عدد موجات تسونامي في فترات الرياح الشمسية العالية والمنخفضة، لذا فإن هذه الفكرة لا تزال مجرد فكرة.
وهناك المزيد من الدعم لهذا التفكير. فقد لاحظت دراسة نشرت عام 2011 بمجلة Scientific Research أن الزلازل زادت خلال الحد الأقصى للشمس (وهي الفترة الزمنية خلال دورة الشمس البالغة 11 عامًا عندما تكون أكثر نشاطًا) والأرجح أن تطلق انفجارات من الرياح الشمسية التي تشوه شكل المجال المغناطيسي للأرض. هذا يمكن أن يضع ضغطًا إضافيًا على القشرة عن طريق دفع المجال المغناطيسي للأرض ضد الصفائح التكتونية التي تقع تحتها، مما يؤثر على الزلازل التي تسبب تسونامي.
وفي الوقت الحالي، لا تزال هذه النتائج مثيرة للجدل؛ ففي دحض عام 2012 نُشر بحث علمي جادل فيه علماء الجيوفيزياء بأن العلاقة بين الزلازل والعواصف الشمسية لا يمكن إثباتها بعد. وكتبوا في البحث «أن تأثير النشاط الشمسي على الزلازل يثبت أنه ظاهرة مراوغة». لذا، فإن العواصف الشمسية، التي تكون أكثر رعبا بالقرب من الأرض، لا تسبب موجات تسونامي مباشرة على الأرض. ويستمر النشاط التكتوني المنتظم بغض النظر عن نشاط الرياح الشمسية.
ومع ذلك، يظل لغز ما إذا كانت الجسيمات التي تطلقها الرياح الشمسية قادرة حقًا على ممارسة أي قوة على الصفائح التكتونية.


مقالات ذات صلة

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)
يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.