انطلاق «الأسد المتأهب» في الأردن بمشاركة 27 دولة

مدير الإعلام العسكري: نحن في وضع مستقر ولا حاجة لدخول تحالفات عسكرية

مؤتمر صحافي أردني أميركي لإطلاق «الأسد المتأهب» (القوات المسلحة الأردنية)
مؤتمر صحافي أردني أميركي لإطلاق «الأسد المتأهب» (القوات المسلحة الأردنية)
TT

انطلاق «الأسد المتأهب» في الأردن بمشاركة 27 دولة

مؤتمر صحافي أردني أميركي لإطلاق «الأسد المتأهب» (القوات المسلحة الأردنية)
مؤتمر صحافي أردني أميركي لإطلاق «الأسد المتأهب» (القوات المسلحة الأردنية)

أعلنت مديرية الإعلام العسكري الأردني، صباح الأحد، عن انطلاق تمرين الأسد المتأهب لسنة 2022. بعد توقف لمدة عام بسبب جائحة «كورونا»، بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية وبمشاركة 27 دولة عربية وأجنبية و4800 عسكري، وسط تأكيدات الأردن بعدم الحاجة إلى الدخول في تحالفات عسكرية جديدة رغم مرور أكثر من 10 سنوات على التمرين.
وقال العقيد الركن مصطفى الحياري، مدير الإعلام العسكري في القوات المسلحة الأردنية، إن التمرين سيمتد لعشرة أيام ويركز هذا العام على تعزيز القدرات القتالية للدول المشاركة، وفق سيناريوهات تحاكي تهديدات الإرهاب وأمن الحدود والطائرات المسيرة ومواجهة أسلحة الدمار الشامل، وتحاكي المتغيرات الحربية نتيجة سرعة التطور التكنولوجي.
وأوضح الحياري خلال مؤتمر صحافي، أن التمرين يشمل كل ميادين التدريب بمشاركة 8 دول عربية و17 دولة صديقة إضافة إلى 4800 عسكري و1000 مدني في التمرين، لافتاً إلى أن التمرين يحقق عدة أهداف من بينها رفع جاهزية القوات المشاركة وإكسابها المزيد من الخبرات الميدانية.
وقال الحياري في المؤتمر الذي شاركه فيه الكولونيل جوشو سميث ممثلاً عن القوات الأميركية المشاركة في التمرين، إن «من أهداف التمرين المواءمة بين جيوش الدول المشاركة لتمكينها من العمل ضمن أحلاف تعمل على تحقيق الأمن الجماعي لدولها، وكذلك الإسهام في تحقيق الأمن والسلم الدوليين، إضافة إلى التعامل مع تهديدات الإرهاب سواء في مرحلة ما قبل الهجوم من خلال جهد استخباراتي منسق وخلال الهجوم من خلال جهد عسكري وأمني، وما بعد الهجوم من خلال كل مؤسسات الدولة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني».
وفي سياق رد الحياري على استفسارات صحافية بشأن وجود أي توجه بعد مرور أكثر من 10 سنوات على انطلاق هذا التمرين على الأراضي الأردنية، بتشكيل تحالفات عسكرية جديدة لمواجهة الإرهاب، قال: «لا حاجة لبناء تحالفات، فالسياسة الخارجية للمملكة التي يقودها الملك، تحافظ على علاقات استراتيجية مع معظم دول العالم، ونحن في وضع مستقر لسنا بحاجة للدخول في أي تحالفات، ما نحتاجه هو فقط رفع الجاهزية القتالية واكتساب مزيد من المعرفة».
ولم يربط المسؤول العسكري، بين التمرين وأزمة روسيا وأوكرانيا على ضوء مشاركة دول أوروبية فيه، وأوضح قائلاً: «لا علاقة لأي أزمة بالتمرين ونحن بصدد تطويره وتطوير المشاركة فيه، والأردن واحة مستقرة في محيط أزمات»، فيما أكد أن التمرين لن يتضمن استخدام أسلحة جديدة.
أما الكولونيل سميث، الناطق باسم القوات الأميركية المشاركة في التمرين، فقال إن «الولايات المتحدة تتشرف بمواصلة الشراكة طويلة الأمد في تمرين الأسد المتأهب بضيافة الأردن». وأضاف خلال المؤتمر الصحافي: «إن التمرين يعد من التدريبات المركزية الأميركية باستخدام تقنيات تقليدية وغير تقليدية لتنشيط العمل المشترك للتصدي للتهديدات التي تحاكيها التمارين»، مشيراً إلى أن «التمرين صمم لتبادل الخبرات العسكرية المشتركة بين الدول، ويعزز من دور الأردن في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة».
وبيّن سميث أن عدد المشاركين من الجانب الأميركي يبلغ 1700 مشارك، مقابل 2200 من عناصر القوات المسلحة الأردنية، إضافة إلى 400 مشارك ممثلين عن التحالف من الشركاء الآخرين.
يذكر أن التمرين يستمر إلى 15 سبتمبر (أيلول) الحالي، وتشارك فيه إضافة إلى الولايات المتحدة، كل من السويد وكندا واليونان وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والنرويج، وكازاخستان والنمسا وقبرص وكينيا وبولندا وبلجيكا وباكستان وأستراليا، والسعودية والعراق والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان والمغرب ولبنان.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.