الحكومة المصرية توجه رسائل طمأنة... وتحذر من شائعات «زعزعة الاستقرار»

قالت إن توفير الاحتياجات الأساسية «أولوية رئاسية»

جانب من لقاء وزراء الحكومة المصرية بالشباب وطلاب الجامعات في الفيوم (رئاسة مجلس الوزراء)
جانب من لقاء وزراء الحكومة المصرية بالشباب وطلاب الجامعات في الفيوم (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية توجه رسائل طمأنة... وتحذر من شائعات «زعزعة الاستقرار»

جانب من لقاء وزراء الحكومة المصرية بالشباب وطلاب الجامعات في الفيوم (رئاسة مجلس الوزراء)
جانب من لقاء وزراء الحكومة المصرية بالشباب وطلاب الجامعات في الفيوم (رئاسة مجلس الوزراء)

في الوقت الذي تتواصل فيه أصداء الحرب الروسية - الأوكرانية، وتأثيراتها الاقتصادية على شعوب العالم، وجهت الحكومة المصرية مجموعة من رسائل «الطمأنة» للشباب، مؤكدة أن توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين «أولوية رئاسية»، محذرة من الاستجابة للشائعات التي تهدف إلى «زعزعة الاستقرار» في البلاد.
وفي حوار مفتوح مع عدد من الشباب، وطلاب الجامعات، وممثلي المجتمع المدني بمحافظة الفيوم (دلتا مصر)، السبت، قال وزير المالية المصري، محمد معيط، إن «توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين يعد أولوية رئاسية، رغم كل هذه التحديات العالمية القاسية، التي تضغط على الموازنة العامة»، مشيراً إلى «نجاح الدولة المصرية في تجاوز تداعيات جائحة (كوفيد - 19)، من نقص في السلع»، متعهداً بـ«تخطي التداعيات السلبية للحرب الروسية - الأوكرانية». وأضاف أن «الدولة بقيادتها السياسية الحكيمة، تمضي في مسيرتها التنموية؛ رغم كل التحديات التي تُعانيها كبرى الاقتصادات في العالم، منذ اندلاع الحرب في أوروبا، من ارتفاع معدلات التضخم، واضطراب سلاسل الإمداد والتموين».
وأكد وزير المالية المصري أن «الرئيس عبد الفتاح السيسي يتابع بنفسه جهود التعامل مع تداعيات الأزمات العالمية، لتخفيف الأعباء عن المواطنين»، داعياً «جميع فئات المجتمع للتكاتف مع الدولة، وتعظيم القدرات الإنتاجية؛ حتى لا نستورد التضخم من الخارج».
ودافع الوزير المصري عن المشروعات القومية، والتنموية التي تنفذها الحكومة، والتي تواجه بعض الانتقادات مؤخراً حول «أولويات الإنفاق» في ظل الأزمة الاقتصادية. وقال معيط إن «المشروعات التنموية غير قابلة للتأجيل، لتحسين معيشة المواطنين، ولتوفير فرص العمل»، مؤكداً «حرص الحكومة على تبني حوارات مجتمعية حول الموازنة؛ لتحديد أولويات الإنفاق العام». وهو ما انعكس في «مبادرة الموازنة التشاركية»، التي راعت اقتراحات المواطنين عند إعداد مشروع الموازنة على المستوى المحلي.
وشدد وزير المالية على «أهمية تعميق التواصل المجتمعي» في ظل «حرب الشائعات» التي «تستهدف عرقلة مسيرة الاقتصاد القومي، وزعزعة ثقة المواطنين فيما تراه أعينهم من إنجازات ملموسة على أرض الواقع»، مستعرضاً أداء الحكومة المالي ومعدلات النمو التي تحققت خلال الفترة الأخيرة.
ولمواجهة «الشائعات» أعلن وزير الشباب والرياضة المصري، أشرف صبحي، عن «تبني الوزارة لمبادرة تحت عنوان (تصدوا معنا) لتوعية النشء والشباب بحقائق الأمور والتحديات التي تواجه الدولة المصرية»، مستعرضاً إنجازات الوزارة في تطوير المنشآت الشبابية والرياضية، بمشاركة مؤسسات القطاع الخاص «للتخفيف عن الموازنة العامة للدولة».
جاءت التصريحات خلال احتفال الحكومة بمبادرة الموازنة التشاركية، والتي أشادت بها وزيرة التضامن الاجتماعي، نيفين القباج، مؤكدة أنها «تتفق مع مرحلة تعزيز قواعد حوكمة الأداء التي تشهدها البلاد». بدورها قالت مدير الوكالة الأميركية للتنمية في مصر، ليزلي ريد، إن «الوكالة تتعاون مع الحكومة المصرية منذ 4 عقود، لتطوير السياسات وتعزيز الحوكمة وزيادة مستوى الشفافية والتواصل المجتمعي»، مشيدة بتجربة «الموازنة التشاركية».
وبدأت فكرة «الموازنة التشاركية» في محافظة الإسكندرية بهدف إشراك شرائح المجتمع المختلفة في وضع موازناتهم المحلية. وأخيراً أعلنت الحكومة الاقتصادية عن إجراءات وصفت بـ«الاستثنائية» لدعم المواطنين، في مواجهة الأزمة الاقتصادية، وارتفاع الأسعار، وتوفير السلع الأساسية. والرد على الشائعات التي تتحدث عن «نقص» بعض المستلزمات، حيث نفى المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، في بيان صحافي، مساء الجمعة، الأنباء المتداولة بشأن «نقص السلع الاستراتيجية في الأسواق والمنافذ التموينية على مستوى ربوع البلاد»، مؤكداً «توافر مخزون استراتيجي من السلع الأساسية والاستراتيجية يتجاوز 6 أشهر».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».