بين «الماغنا كارتا» و«اللويا جيرغا»

بين «الماغنا كارتا» و«اللويا جيرغا»
TT

بين «الماغنا كارتا» و«اللويا جيرغا»

بين «الماغنا كارتا» و«اللويا جيرغا»

ما الذي يجمع أو يفرق بين وثيقة «الماغنا كارتا» التي احتفلت بريطانيا قبل يومين بمرور 800 عام على توقيعها، وبين مجلس قبلي نشأ في أفقر بلدان الشرق وأكثرها أميّة اسمه «اللويا جيرغا»..؟.
ما يجمع بينهما أن «الميثاق الأعظم» أو «الماغنا كارتا» كان في حقيقته يعطي دورًا سلطويًا أكبر للنخبة الأرستقراطية البريطانية والنبلاء وليس للشعب، وظهرت هذه الوثيقة للوجود في فترة تحول سياسي كبير بإنجلترا في ظل خلاف بين الملك جون (1166 - 1216)، وطبقة النبلاء والكنيسة الإنجليكانية. و«اللويا جيرغا» هو الآخر يعطي شيوخ العشائر والقبائل دورًا سلطويًا في رسم السياسات المختلف فيها.
لكن الميثاق البريطاني الأعظم، اعتبر أولى خطوات إرساء دعائم الديمقراطية وسيادة القانون والمساواة في المملكة المتحدة، ومنذ صادق الملك جون على الوثيقة في رونيميدي غرب لندن بتاريخ 15 يونيو (حزيران) 1215، أطلقت مسيرة إصلاحات متعثرة لكنها أدت أخيرا إلى النظام السياسي الليبرالي الغربي القائم حاليا.
أصبحت هذه الوثيقة أساسًا للتجربة الديمقراطية الأوروبية والبريطانية تحديدًا، فهي قيدت السلطة المطلقة، لكنها في المقابل فتحت الباب واسعًا لقيام المؤسسات الرقابية، وبناء دولة القانون، وبالتالي أصبحت الوثيقة رمزًا للديمقراطية الغربية.
وهي ألهمت التجارب الديمقراطية الكبرى في العالم، بدءًا من توماس جيفرسون أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة والكاتب الرئيسي لإعلان الاستقلال في عام 1776، كما ألهمت المهاتما غاندي الزعيم الروحي للهند في نضاله السلمي من أجل الديمقراطية.
أهم ما رسخته الوثيقة البريطانية، أنها أوجدت أساسًا قانونيًا يستوعب تطلعات الطبقة الوسطى ويحمي النظام من الترهل. وظلت هذه الوثيقة حتى اليوم تنادي بحرية الفرد والمساواة كقيم عليا وسامية للنظام الليبرالي الغربي، ولذلك فهي تستوعب تطلعات الأفراد مثلما تستوعب خيارات الجماعات المختلفة.
يبدو أن الشرق منجذب أكثر للتجربة الأفغانية «اللويا جيرغا» في تأسيس مجالس قبلية أو عشائرية أو طائفية تتولى الفصل في النزاعات، مادام يمكنها أن تُسمع صوتها أو تمارس تأثيرها أو بسط نفوذها، لكنها لا تؤسس ديمقراطية بالمعنى المتعارف، ولا تفتح أبوابًا لتطلعات الناس، وهي لا توفر حماية للنظام العام، ولا تقيم تجربة إصلاحية يمكن البناء عليها.
ظلت القبيلة أو الطائفة أو زعماء العشائر في البلدان العربية يحتكرون تمثيل الأمة، وبدل أن يكون هناك الملك جورج البريطاني أصبح القادة العشائريون والطائفيون يمارسون استبدادًا جديدًا ومزريًا. والغريب أن هذه التكوينات القديمة تسعى للاستحواذ على الدولة والافتئات على دورها، فهي ليس فقط لم تسهم في تطوير مفهوم الدولة بل أسهمت أكثر في تخلفها.
ما يميز البريطانيين أنهم عرفوا طريقهم قبل 800 عام لقيام سلطة القانون التي تعامل الجميع بمسطرة واحدة متساوية. في حين ما زالت التجربة العربية تراوح مكانها لأنها لم تعترف بالفرد إلا باعتباره تابعًا لمرجعياته القبلية والعشائرية والدينية.



إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.