تكثيف أعمال «الفروض الطائفية» على سكان شمال اليمن

عناصر حوثية مسلحة (رويترز)
عناصر حوثية مسلحة (رويترز)
TT

تكثيف أعمال «الفروض الطائفية» على سكان شمال اليمن

عناصر حوثية مسلحة (رويترز)
عناصر حوثية مسلحة (رويترز)

«إنهم يؤس سون لكيان طائفي في الشمال»، هكذا يرى أحد المعلمين في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية الأوامر التي أصدرتها الميليشيات بتخصيص حصص دراسية يومية لتعبئة الطالبات في كل المراحل الدراسية بالأفكار المتطرفة عبر عناصر نسائية تتبع جهاز التعبئة الحوثية. ووفق ما يقوله المعلم محمد صالح، فإن توجيهات وزارة تربية الميليشيات الحوثية التي يقف على رأسها يحيى الحوثي شقيق زعيمها، قضت بأن تخضع جميع الصفوف الدراسية للفتيات من الصف الأول الابتدائي حتى الثانوية العامة لدروس أسبوعية، بواقع حصة لكل فصل تحت مسمى «الريادة».
وستتولى، حسب المعلم، عناصر متطرفة تتبع جهاز التعبئة السلالية مهمة النزول إلى تلك الصفوف لفرض الأفكار الطائفية على الطالبات في مجتمع 80 في المائة من سكانه من أتباع المذهب السني، حيث ينظر إلى هذه الخطوة على أنها «استهداف مباشر لمعتقدات المجتمع وعمل قسري لتغيير هذا المعتقد، وبما يتفق والرؤية السلالية لميليشيات الحوثي».
ويؤكد المعلم أن المسألة ليست لأن السنة هم الأكثر، لكن إرغام الناس على عكس معتقداتهم يمثل ضغطاً وانتهاكاً لحريتهم في ممارسة معتقداتهم.
يشير معلم آخر إلى أن البرنامج الذي أمرت الميليشيات بفرضه ابتداء من هذا العام الدراسي يكرس المناسبات الطائفية بصورة لم تعهدها البلاد حتى الآن منذ انتهاء نظام حكم الإمامة لشمال البلاد، الذي أطيح به في مطلع الستينيات من القرن الماضي، كما أنه يتجاهل اليوم الوطني 22 مايو (أيار) يوم قيام الجمهورية اليمنية، وذكرى ثورة 26 سبتمبر (أيلول) التي أطاحت بنظام حكم الإمامة، في إجراء يستهدف ضرب الوحدة الوطنية، ويكرس النموذج الطائفي السلالي الذي تتطلع الميليشيات لفرضه على اليمنيين، كما هو الحال مع الموظفين العموميين عبر ما تسمى المحاضرات الأسبوعية أو الدورات الثقافية الطائفية.
ومع أن الميليشيات الحوثية عملت على تنظيم انتخابات صورية في عدد من الدوائر البرلمانية التي توفي نوابها، حيث دفعت بأكثر من عشرين شخصاً إلى ما يسمى مجلس النواب الخاضع لها، بعد أن غادر غالبية النواب تلك المناطق، إلا أنها تستخدم هؤلاء النواب غير الشرعيين ومن تبقى من النواب القدامى لإضفاء صبغة قانونية على ممارساتها الطائفية مثل تغيير لائحة عمل مجلس النواب، واعتماد التقويم الهجري، وفرض مناهج دراسية طائفية، وقبلها شرعنة منع تداول الطبعة الجديدة من العملة، وفصل البنوك الحكومية والتجارية، وصولاً إلى ترسيم حدود في مناطق التماس مع مناطق سيطرة الحكومة من خلال منافذ جمركية مستحدثة.
ويرى سياسيون أن إقدام الميليشيات الحوثية على إلغاء استقلالية الوحدات الاقتصادية مثل البنوك والاتصالات وقطاع النفط، هدفه إيجاد مصادر تمويل إضافية لهذا الكيان الطائفي، وتعميق الانقسام المجتمعي وتكريس فكرة الحق الإلهي في حكم اليمن من قبل الحوثي وسلالته. في هذا السياق، يقدم الكاتب اليمني أحمد محمود، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، رؤية أكثر تفصيلاً، ويقول إن الممارسات الانعزالية بدأت منذ أربعة أعوام بقرار الميليشيات منع تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية وما تبع ذلك من إيجاد نظامين للبنوك، واستحداث نقاط جمركية في مناطق التماس، وتغيير المناهج الدراسية، بغرض إيجاد كيان طائفي يسعى لاستنساخ التجربة الإيرانية.
ويقول محمود، إن البنوك التجارية تفرض الآن على عملائها امتلاك حسابين؛ أحدهما في مناطق سيطرة الميليشيات، والآخر في مناطق سيطرة الحكومة، بفعل منع الحوثيين تداول الطبعة الجديدة من العملة، وكذلك الأمر في شركات الهواتف المحمولة، حيث أصبحت التعرفة في مناطق الحكومة غير تلك التي في مناطق الميليشيات، لأن المراكز الأساسية لتلك الشركات موجودة في صنعاء منذ ما قبل الانقلاب.
من جهته، يوضح المحلل اليمني ياسر صالح لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات الحوثية سعت منذ دخولها صنعاء إلى ملشنة مؤسسات الدولة، ضمن مشروع أكبر تسعى من خلاله إلى فرض سيطرتها على كافة جغرافية الجمهورية اليمنية ضمن مشروع تابع لنظام الملالي في إيران يهدف للسيطرة على المنطقة.
ويقول صالح، «الميليشيات لا تمتلك قرار وضعها السياسي أو خريطتها السياسية لأنها أداة رخيصة بيد النظام الإيراني، وبالتالي فإن ما يخدم هذا النظام ستقوم بفعله، وفي حال فشلت في تحقيق سيطرتها على كافة جغرافيا اليمن، فإن إيران لا تمانع في النهاية في أن يكون جزءٌ من هذه المنطقة في قبضتها، لأن ذلك سيحقق هدفها بتهديد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب من خلال الوجود في أجزاء من اليمن». ويعتقد المحلل اليمني أن «عدم تعامل المجتمع الدولي بقوة مع التهديد الحوثي للأمن الإقليمي والدولي سيمكن طهران من الاحتفاظ بسيطرتها على جزء من هذه المنطقة الجغرافية، ولهذا تعمل الميليشيات الحوثية على فصل مؤسسات الدولة، وبما يلائم وضعها، مع تكثيف سعيها لإيجاد كيان طائفي في المشهد السياسي اليمني مهما كانت تداعياته».


مقالات ذات صلة

​جبايات حوثية لصالح «حزب الله» وسط تفاقم التدهور المعيشي

العالم العربي الحوثيون يجبرون التجار والباعة والطلاب على التبرع لدعم «حزب الله» اللبناني (إعلام حوثي)

​جبايات حوثية لصالح «حزب الله» وسط تفاقم التدهور المعيشي

تواصل الجماعة الحوثية فرض الجبايات والتبرعات الإجبارية لصالح «حزب الله» اللبناني وسط توقعات أممية بارتفاع أعداد المحتاجين لمساعدات غذائية إلى 12 مليوناً

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مجسم طائرة بدون طيار خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل نظمتها الجماعة الحوثية في صنعاء منذ شهرين (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

عاودت الجماعة الحوثية هجماتها الصاروخية ضد إسرائيل بصاروخ فرط صوتي بالتزامن مع استهدافها سفينة تجارية جديدة ووعيد باستمرار هذه الهجمات.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تفجير مجموعة من الألغام التي تم نزعها خلال الأيام الماضية في تعز (مسام)

«مسام» ينتزع 840 لغماً في اليمن

يواصل مشروع «مسام» تطهير الأراضي اليمنية من الألغام، وفي موازاة ذلك يقدم مركز الملك سلمان للإغاثة أنواعاً مختلفة من الدعم الإنساني في البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي القيادات الحوثية القادمة من محافظة صعدة متهمة بمفاقمة الانفلات الأمني في إب ونهب أراضيها (إعلام حوثي)

تمييز حوثي مناطقي يحكم التعاطي مع أهالي إب اليمنية

يشتكي سكان إب اليمنية من تمييز حوثي مناطقي ضدهم، ويظهر ذلك من خلال تمييع قضايا القتل التي يرتكبها مسلحون حوثيون ضد أبناء المحافظة.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا تتهم تركيا بقيادة الهجوم على البلاد وتعلن التعبئة العامة

الإدارة الذاتية الكردية تُدين في بيان الهجوم الذي تشنه الدولة التركية ومرتزقتها على الأراضي السورية (أ.ف.ب)
الإدارة الذاتية الكردية تُدين في بيان الهجوم الذي تشنه الدولة التركية ومرتزقتها على الأراضي السورية (أ.ف.ب)
TT

الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا تتهم تركيا بقيادة الهجوم على البلاد وتعلن التعبئة العامة

الإدارة الذاتية الكردية تُدين في بيان الهجوم الذي تشنه الدولة التركية ومرتزقتها على الأراضي السورية (أ.ف.ب)
الإدارة الذاتية الكردية تُدين في بيان الهجوم الذي تشنه الدولة التركية ومرتزقتها على الأراضي السورية (أ.ف.ب)

اتهمت الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا، اليوم (الأحد)، تركيا بقيادة الهجوم الذي تشنه فصائل مسلحة في سوريا، وأعلنت التعبئة العامة.

وأدانت الإدارة الذاتية الكردية في بيان «الهجوم الذي تشنه الدولة التركية ومرتزقتها على الأراضي السورية»، معتبرةً أن «الهجوم يمثل استكمالاً للمخطط الذي فشلت في تحقيقه تركيا من خلال تنظيم داعش».

وقالت الإدارة إن «هذا العدوان يستهدف احتلال وتقسيم سوريا، وتحويلها إلى بؤرة للإرهاب الدولي»، مؤكدةً أن «الهجوم الذي بدأ في حلب وحماة لا يقتصر على منطقة معينة فحسب، بل يهدد كل سوريا».

وأعلنت الإدارة «التعبئة العامة»، داعيةً «شعبنا إلى أن يكون في حالة تأهب دائم»، وقالت: «يتوجب على جميع مؤسساتنا أن تكون على رأس عملها، في حالة استنفار كامل، وأن تعمل كل مؤسسة كخلية أزمة لمواجهة التحديات المترتبة على هذا العدوان».

ودعت الإدارة المجتمع الدولي إلى «وقف هذا العدوان الذي سيتسبب في كوارث إنسانية كبرى، حيث يمثل تهديداً ليس فقط لسوريا، بل هو شكل جديد من الإرهاب الداعشي الذي ستكون له تداعيات إقليمية وعالمية خطيرة».