تلاسن بين بايدن وترمب يفاقم حدة الاستقطاب الأميركي

43 % من الأميركيين لا يستبعدون نشوب «حرب أهلية» خلال السنوات الـ10 المقبلة

بايدن لدى إلقائه خطاباً في فيلاديلفيا مساء الخميس (رويترز)
بايدن لدى إلقائه خطاباً في فيلاديلفيا مساء الخميس (رويترز)
TT

تلاسن بين بايدن وترمب يفاقم حدة الاستقطاب الأميركي

بايدن لدى إلقائه خطاباً في فيلاديلفيا مساء الخميس (رويترز)
بايدن لدى إلقائه خطاباً في فيلاديلفيا مساء الخميس (رويترز)

يهدد التلاسن بين الرئيسين الأميركي الحالي والسابق بمفاقمة الاستقطاب في الشارع الأميركي، بعد أشهر من أحداث اقتحام الكابيتول، وقبل أسابيع قليلة من الانتخابات التشريعية النصفية.
وعلى غير عادته، شن الرئيس جو بايدن هجوماً شرساً على سلفه، متهماً إياه بتبني «أيديولوجية متطرفة» تهدد الديمقراطية الأميركية وقيم المساواة التي تأسست عليها الولايات المتحدة. كما حمل على الجمهوريين، وأنصار ترمب، عدم احترام الدستور والقانون، وتأجيج لهيب العنف السياسي وتبني أيدلوجية الغضب والفوضى والعيش في ظل أكاذيب.
وحذر بايدن، في خطاب ألقاه مساء الخميس من قاعة الاستقلال في فيلادلفيا، من هيمنة ترمب على الحزب الجمهوري. وقال بشكل واضح، إن الديمقراطيين يعتزمون جعل انتخابات منتصف الولاية استفتاءً على ترمب في الانتخابات النصفية، معتبراً أن الحزب الجمهوري «يهيمن عليه ويديره ويخيفه» الرئيس السابق وأجندته الخاصة «ماغا». ورأى أن «ذلك تهديد لهذا البلد»، مشدداً على ضرورة الدفاع عن الديمقراطية الأميركية، التي دعا إلى «حمايتها والدفاع عنها».
ودعا بايدن، الأميركيين، من جميع الأطياف، إلى المساعدة في مواجهة ما وصفها بـ«قوى مظلمة»، عبر التوجه إلى صناديق الاقتراع، معتبراً الانتخابات النصفية «مفترق طرق» أمام الولايات المتحدة.
ولم يتأخر رد الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي قال عبر حسابه على موقع «تروث سوشال»، إن بايدن «يعاني من مرحلة متأخرة من الخرف». وتابع: «إذا نظرنا إلى كلمات ومعنى خطاب بايدن الغاضب، (نجد أنه) هدد أميركا، بما في ذلك عبر احتمال استخدام القوة العسكرية. لا بد أن يكون مجنوناً أو يعاني من الخرف في مرحلة متأخرة!»، وقال زعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفين مكارثي، إن الرئيس الديمقراطي، وليس الجمهوريين، هو الذي يحاول تقسيم الأميركيين. وأضاف أن «جو بايدن هو الذي يشن هجوماً على روح أميركا وشعبها وقوانينها. وسياساته أصابت روح أميركا بشدة».
- تعزيز الانقسامات
أثار هذا الهجوم المتبادل بين بايدن وترمب مخاوف واسعة في الدوائر السياسية الأميركية. وانتقدت صحيفة «وول ستريت جورنال» خطاب بايدن، وقالت إنه لا يوحد الأمة الأميركية، بل يزيد من حالة الانقسام والاستقطاب الحادة. ويرى محللون أن خطاب بايدن اللاذع يعد دليلاً على الجهود الصريحة التي يبذلها لتهميش ترمب وأتباعه، ويعد منعطفاً حاداً في خطابات الرئيس الذي طالما دعا إلى تحقيق الوحدة الوطنية. ورجحوا أن هذا التغيير يرجع إلى تحسن شعبية بايدن، وتحسن نسبي في أوضاع الاقتصاد، إضافة إلى اعتقاد نسبة كبيرة من الأميركيين أن ترمب ارتكب مخالفات قانونية، وفق استطلاعات للرأي.
ودافع مسؤولو البيت الأبيض عن المضمون الحاد لخطاب بايدن، معتبرين أنه يعكس قلقه المتزايد بشأن المقترحات الأيديولوجية لحلفاء ترمب، وإنكاره المستمر لنتائج انتخابات 2020 في البلاد.
- أجواء حرب أهلية؟
أشار استطلاع للرأي أجرته مجلة «إيكونوميست» إلى أن 43 في المائة من الأميركيين لا يستبعدون نشوب حرب أهلية خلال السنوات العشر المقبلة، وهو ما يسلط الضوء على الانقسامات السياسية العميقة في الولايات المتحدة. ووجد الاستطلاع أن ثلثي الأميركيين (66 في المائة) يعتقدون أن الانقسامات السياسية قد ازدادت سوءاً منذ بداية عام 2021، وتوقع معظم المستطلع آراؤهم أنهم يتوقعون المزيد من العنف خلال السنوات المقبلة.
وقد أثار السيناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا، ليندسي غراهام، الكثير من الجدل حينما رجح في مداخلة مع شبكة «فوكس نيوز»، الثلاثاء الماضي، اندلاع أعمال شغب في الشوارع إذا تمت مقاضاة الرئيس ترمب حول احتفاظه بوثائق سرية في منزله.


مقالات ذات صلة

وزير أميركي: المسيّرات في سماء الولايات المتحدة ليست تهديداً أجنبياً

صورة من فيديو متداول تُظهر مسيّرات في سماء نيوجيرسي (أ.ب)

وزير أميركي: المسيّرات في سماء الولايات المتحدة ليست تهديداً أجنبياً

قال مسؤول أمني إن المسيّرات والأجسام الطائرة، التي شُوهدت في سماء شمال شرقي الولايات المتحدة، ليست نتيجة تهديد أجنبي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ ديفين نونيز (يسار) برفقة ترمب خلال المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي بويسكونسن في 17 يوليو (أ.ف.ب)

ترمب يستكمل تعييناته قبل أسابيع من تنصيبه رئيساً

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ترشيحَين جديدَين ضمن إدارته الجديدة، قبل أسابيع من تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أجسام طائرة تظهر في سماء نيوجيرسي (أ.ب)

المسيرات المجهولة بسماء أميركا تظهر ثغرات في أمنها الجوي

قال مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية المنتخبة بقيادة دونالد ترمب إن رصد طائرات مسيرة في ولاية نيوجيرسي سلط الضوء على ثغرات في أمن المجال الجوي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتنياهو: إسرائيل ليس لديها مصلحة بالدخول في صراع مع سوريا

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إنه تحدث مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بشأن التطورات في سوريا وأحدث مساعي إطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دونالد ترمب يلتقي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في مارس 2019 (رويترز)

تقرير: نتنياهو وترمب يبحثان الوضع في سوريا و«حرب غزة» واتفاق الرهائن

بحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الليلة الماضية، الوضع في سوريا، و«حرب غزة»، واتفاق الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ماذا نعرف عن المسيّرات الغامضة التي تحلق في سماء أميركا؟

أجسام طائرة تظهر في سماء نيو جيرسي (أ.ب)
أجسام طائرة تظهر في سماء نيو جيرسي (أ.ب)
TT

ماذا نعرف عن المسيّرات الغامضة التي تحلق في سماء أميركا؟

أجسام طائرة تظهر في سماء نيو جيرسي (أ.ب)
أجسام طائرة تظهر في سماء نيو جيرسي (أ.ب)

يستمر الغموض في التصاعد في الولايات المتحدة بعد ما يقرب من شهر من رؤية مسيّرات مجهولة في سماء شرق البلاد، مما أثار مخاوف بين السكان ونقاشاً حاداً حول ماهية هذه الأجسام الطائرة، وما إذا كانت مسيّرات من الأساس.

ولم تتمكن السلطات الأميركية من تقديم إجابات محددة حول هذه القضية، مكتفية بالقول إنه لا يُعتقد أن هذه الأجسام الطائرة تشكل خطراً على الأمن العام أو الأمن القومي.

وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، للصحافيين، يوم الخميس، إن الصور المتاحة تشير إلى أن العديد من مشاهدات المسيّرات التي تم الإبلاغ عنها كانت في الواقع لطائرات مأهولة.

لكن بعض المشرعين انتقدوا طريقة تعامل الحكومة مع الأزمة ونقص المعلومات المتاحة للجمهور، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). فماذا تعرف عن هذه المسيّرات؟

أين تم رصدها؟

تم الإبلاغ عن العشرات من المسيّرات فوق ولاية نيو جيرسي منذ 18 نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للسلطات المحلية.

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أنه تم رصدها في البداية بالقرب من نهر راريتان، وهو ممر مائي يغذي خزان راوند فالي، وهو الأكبر في نيو جيرسي. وسرعان ما امتدت المشاهدات إلى أجزاء أخرى من الولاية، بما في ذلك ساحل نيو جيرسي.

وتم رصد بعض المسيّرات بالقرب من منشأة أبحاث عسكرية حساسة، وكذلك بالقرب من ملعب الغولف الخاص بالرئيس المنتخب دونالد ترمب في بلدة بيدمينستر بولاية نيو جيرسي.

أجسام طائرة تظهر في سماء نيو جيرسي (أ.ب)

وفي مدينة نيويورك القريبة، تم الإبلاغ عن تحليق عدة مسيّرات فوق برونكس في 12 ديسمبر (كانون الأول)، حسبما قال مسؤول في الشرطة لشبكة «سي بي إس نيوز».

وشاهد الضباط الذين استجابوا للحادث مسيّرات تحلق في سماء المنطقة، لكنها اختفت بعد ذلك بوقت قصير. كما تم الإبلاغ عن مسيّرات في أجزاء أخرى من الولاية، وفقاً لشرطة ولاية نيويورك.

وأكدت الشرطة في ولاية كونيتيكت أيضاً حدوث «نشاط مشبوه بمسيّرات» في أجزاء مختلفة من الولاية. وتم نشر نظام كشف الطائرات من دون طيار حول بلدتي غروتون ونيو لندن.

وفي ولاية ماريلاند، ادعى الحاكم الجمهوري السابق لاري هوجان أنه رأى ما يبدو أنه «عشرات» من المسيّرات فوق مقر إقامته، على بعد نحو 40 كلم من واشنطن العاصمة.

وفي أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، أكدت القوات الجوية الأميركية أيضاً أنه تم رصد مسيّرات مجهولة الهوية فوق ثلاث قواعد جوية أميركية في المملكة المتحدة. وقالت مصادر دفاعية بريطانية لـ«بي بي سي» إن الشكوك تحوم حول مسؤولية «جهة حكومية» عن هذا «التوغل».

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن مسيّرات غامضة شوهدت لمدة 17 يوماً بالقرب من منشآت عسكرية أميركية في ولاية فرجينيا.

ماذا قال المحققون عنها؟

في اتصال مع عدد من الصحافيين، حاول مسؤولون من عدة وكالات أمن أميركية طمأنة الناس إلى أن المسيّرات ليست «عمل جهة أجنبية»، ولا تمثّل تهديداً للأمن القومي. وقال مسؤول من مكتب التحقيقات الفيدرالي: «أعتقد أنه كان هناك رد فعل مبالغ فيه قليلاً».

ورغم التقليل من أهمية القلق العام، حرصت السلطات على التأكيد مرة أخرى على أن التحقيقات في مشاهدات المسيّرات لا تزال جارية.

وقالت وزارة الأمن الداخلي: «نحن بالتأكيد نتفهم سبب قلق الناس. وهذا أحد الأسباب التي تجعلنا نخصص موارد كبيرة للقضية». بدورها، أضافت وزارة الأمن الوطني: «في الوقت نفسه، من المهم أن نفهم أنه ليس لدينا أي دليل حالي على وجود تهديد للسلامة العامة».

ما هذه الأجسام الطائرة؟

أشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إلى أن العديد من مشاهدات «المسيّرات» كانت في الواقع لطائرات مأهولة. وقالت السلطات الفيدرالية وسلطات الولايات إنها لا تعتقد أن المسيّرات خطيرة أو تشكل تهديداً للأمن القومي.

وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي أيضاً إن غالبية المشاهدات كانت على ما يبدو «رحلات جوية قانونية مأهولة»، وإنه لم يتم الإبلاغ عن أي شيء محظور في المجال الجوي.

وأصدرت إدارة الطيران الفيدرالية بياناً يوم الجمعة قالت فيه إن المزيد من الأشخاص أصبحوا يستخدمون الطائرات من دون طيار، مما يعني أن المزيد من الناس سوف يلاحظونها في السماء.

من أين أتت؟

إذا تم التأكد من أن الأجسام هي مسيّرات - وهو أمر غير مؤكد في هذه المرحلة - فمن غير الواضح من الذي قد يقوم بتشغيلها، وفق «بي بي سي».

وقال النائب الجمهوري عن ولاية نيو جيرسي جيف فان درو، نقلاً عن «مصادر رفيعة» مجهولة، إنها قادمة من «سفينة أم» إيرانية في المحيط الأطلسي.

وسارع البنتاغون إلى رفض هذا التعليق قائلاً: «ليس هناك حقيقة تثبت ذلك». وقالت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع سابرينا سينغ للصحافيين: «لا توجد سفينة إيرانية قبالة سواحل الولايات المتحدة، ولا يوجد ما يسمى بالسفينة الأم التي تطلق مسيّرات باتجاه الولايات المتحدة».

وقال النائب الديمقراطي عن ولاية إلينوي راجا كريشنامورثي - وهو عضو في لجنة بالكونغرس تراقب الحزب الشيوعي الصيني - لوسائل إعلام إن هناك فرصة «غير تافهة» لمشاركة الصين في هذا الأمر. وأضاف: «إنه بالتأكيد احتمال، واحتمال أن يتمكنوا بعد ذلك من الوصول إلى البيانات التي تجمعها هذه المسيّرات مرتفع للغاية».

ويصر البيت الأبيض والبنتاغون على أنه لا يوجد «مصدر أجنبي» وراء هذه الأجسام الطائرة.

هل يمكن إيقافها؟

اقترح العديد من المشرّعين أنه ينبغي إسقاط المسيّرات وتحليلها لتحديد مصدرها ونواياها. ومن بينهم الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي كتب على منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به «تروث سوشيال»: «مشاهدات غامضة لمسيّرات في كل أنحاء البلاد. هل يمكن أن يحدث هذا حقاً من دون علم حكومتنا؟ لا أعتقد ذلك! على الجمهور أن يعرف وعلى الفور. وإلا فلتُسقِطوها!!!».

وفرضت إدارة الطيران الفيدرالية قيوداً مؤقتة على الطيران تحظر رحلات المسيّرات فوق بعض المناطق. وحذّرت، في بيان، من أن مشغلي المسيّرات الذين يقومون بعمليات «غير آمنة أو خطيرة» قد يواجهون غرامات تصل إلى 75 ألف دولار وإلغاء شهادات «طياري الطائرات من دون طيار» الخاصة بهم.

وأشار سكان إلى أنهم قد يتخذون إجراءات ضد المسيّرات بأنفسهم، وهو أمر حذرت السلطات بشدة من القيام به لأنه غير قانوني. وعلّق رجل على مقطع فيديو لمسيّرة على وسائل التواصل الاجتماعي: «بندقية جيدة ستحل هذه المشكلة».