سنوات السينما

محمد بسطاوي في «أيادٍ خشنة»
محمد بسطاوي في «أيادٍ خشنة»
TT

سنوات السينما

محمد بسطاوي في «أيادٍ خشنة»
محمد بسطاوي في «أيادٍ خشنة»

{أيادٍ خشنة}: عن المدينة
(المغرب - 2011)
ممتاز ★★★★
يلتقي فيلم «أيادٍ خشنة» مع فيلم المخرج محمد عسلي الأول «الملائكة لا تطير فوق الدار البيضاء» في أكثر من نطاق. في الأساس كلاهما عن المدينة كحالة اجتماعية ضاغطة. والأكثر هناك مشاهد في فيلمه الأول يحس المرء فيها بالخطر التي تمثّله. مشاهد من نوع قيام النادل في أحد المقاهي بالانتقال بين أرصفة الشارع المزدحم متلافياً السيارات المتسارعة. المشاهد يتوقّع أن تصدمه واحدة منها. في هذا الفيلم الخطر الجسدي متمثل بأشخاص يركبون الدراجات النارية ويمرون لجانب وأمام السيارات في سرعة. ينحرفون بينها ما يثير التوقّع باصطدام يقع في أي لحظة. إنه تفسير عاكس لعدم إعجاب المخرج بالحياة في المدينة. وصورة أخرى لتلك التي تتراءى منذ المشهد الأول. لا شيء جميل فيها. وهذا هو مفتاحه للربط بينها وبين الشخصيات التي تعيش فيها فإذا بهم يعيشون، لا فيها فقط، بل تحت وطأتها أيضاً.
لكن لجانب تلك المشاهد ذات الكاميرا المسحوبة في بانوراميات جميلة، هناك تلك اللقطات المتكاثرة والقطع المونتاجي الكثيف الذي يحاول عكس لهاث الحياة. لكن النتيجة هي خلق تناقض أسلوبي لا يساعد الفيلم كثيراً.
مصطفى (محمد بسطاوي) لم يعد رجلاً شاباً، بل أصبح في الأربعين من عمره. والدته عمياء لكنها تُدير شؤون البيت كالمبصرة. وهو لا يزال بلا زواج. عمله مريب، فهو عبارة عن تسلم طلبات من مختلف أصحاب الحاجات والباحثين عن وساطات وقبض مبالغ لقاء إيصالها إلى زوجة ذلك الوزير التي تقدم على تحقيق تلك الطلبات عبر اتصالاتها الخاصّة أو حتى بتزوير تلك الوثائق أو الشهادات المطلوبة. مصطفى يقبض من أصحاب الطلبات ويدفع للزوجة المتأففة لقاء حصّة بسيطة لكنها كافية لكي تدر عليه مبلغاً لا بأس به. مساعده (مفتاح الخير) رجل صامت في معظم الأحيان، يدمن القمار ويتجسس أيضاً على مصطفى مبلغاً عنه شخصية مريبة تعمل لصالح جهاز بلا اسم.
مصطفى أيضاً حلاّق. ويحب قص الشعر على موسيقى آلة القانون فيصحب معه عازفاً عجوزاً ماهراً إلى معظم من يقص لهم شعرهم، وكذلك مساعده الذي ينكب على الأظافر بينما يتراقص المقص بين يدي مصطفى وهو يؤمن هذه الخدمة في المنازل والمكاتب. إلى ذلك، واقع في حب معلّمة أطفال في مدرسة في الحي اسمها زاكيا (هدى ريحاني) تمنّي النفس باللحاق بمن تحب في إسبانيا تخلّصاً من وضع معيشي صعب. لكي تفعل ذلك، عليها أن تتقدّم إلى وكالة تفحص يديها لتتأكد من أن يديها خشنتان، مما يعني أنهما مارستا العمل في المزارع أو المصانع حتى تتأهل لمنحها إذن عمل. هذا من بعد أن جلبت الأوراق التي تحتاجها بمساعدة مصطفى. الآن مصطفى في الحب، والمشهد الذي يدفع فيه الوزير السابق فوق كرسيه في الشارع هو أوّل كاشف حقيقي لما يعايشه مصطفى من حالة عاطفية. هو دائماً يتحدّث عن صديق له في الحب غير كاشف أنه هو، وسؤاله للوزير «عروس صديقي تحب أن تتجوّل وصديقي في سيارة مكشوفة يوم الزفاف، هل يحقق هذه الأمنية لها؟» وفي ربع الساعة الأخيرة، حين يدرك مصطفى أنه ليس بمقدوره استئجار سيارة، يسرق واحدة ليتزوّج بها.
الحكاية ذات الشخصيات المتعددة تبدو في نصف ساعتها الأولى، أو أكثر قليلاً، كما لو كانت تبحث عن حبكة إذ يقضي المخرج الوقت في المتابعة من دون البلورة. ومع أن الرصد يبقى سائداً، إلا أن الفيلم يخلص بعد ذلك إلى بلورة رسالته واهتمامه وتكوين القصّة التي تتدرّج من شمولية الشخصيات وأدوارها إلى قصّة الحب، وقد قرّبت الفيلم إلى وجه عاطفي جديد. على تناقض مفردات العمل التعبيرية المشار إليها، وتأخر تكوين الحبكة التي تمنح المشاهد معرفة ما الذي يتابعه تحديداً ولماذا، فإن العمل ممتاز في مختلف خاناته: إخراجاً وتمثيلاً وتصويراً.

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».