مواجهات بالأسلحة الثقيلة في تعز.. ومقتل عشرات الحوثيين في مأرب

نساء يطالبن بكسر حاجز الصمت إزاء تصرفات الميليشيات وقوات صالح في صنعاء

مسلح حوثي يقف بجوار الدمار الذي لحق بمنزل العميد فؤاد العماد القائد العسكري المؤيد للحوثيين في صنعاء الذي استهدفته غارة جوية للتحالف أمس (رويترز)
مسلح حوثي يقف بجوار الدمار الذي لحق بمنزل العميد فؤاد العماد القائد العسكري المؤيد للحوثيين في صنعاء الذي استهدفته غارة جوية للتحالف أمس (رويترز)
TT

مواجهات بالأسلحة الثقيلة في تعز.. ومقتل عشرات الحوثيين في مأرب

مسلح حوثي يقف بجوار الدمار الذي لحق بمنزل العميد فؤاد العماد القائد العسكري المؤيد للحوثيين في صنعاء الذي استهدفته غارة جوية للتحالف أمس (رويترز)
مسلح حوثي يقف بجوار الدمار الذي لحق بمنزل العميد فؤاد العماد القائد العسكري المؤيد للحوثيين في صنعاء الذي استهدفته غارة جوية للتحالف أمس (رويترز)

بالتزامن مع المشاورات التي بدأت في جنيف، أمس، بين الأطراف اليمنية برعاية الأمم المتحدة، شهدت الساحة اليمنية تصعيدا في العمليات العسكرية، في مأرب وتعز والضالع وغيرها من المناطق.
وشهدت جبهة المواجهات بين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، أعنف المواجهات، وأكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» مقتل ما لا يقل عن 40 مسلحًا حوثيًا في المواجهات وفي القصف الجوي الذي استهدف بعض المواقع الحوثية. وقالت المصادر إن أبرز المواجهات شهدتها جبهة الجفينة التي صدت فيها المقاومة هجوما واسعا لميليشيات الحوثي وقوات صالح، في حين نفذ طيران التحالف سلسلة من عمليات القصف التي استهدفت المواقع التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، وعززت تلك الغارات من أداء المقاومة الشعبية، وتحدثت بعض المصادر عن قصف قوات التحالف لمعسكري نخلا والسحيل في مأرب، وهما من المواقع التي زعمت جماعة الحوثي السيطرة عليها، أول من أمس.
وشهدت مدينة تعز مواجهات عنيفة بين الجانبين، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، وبحسب شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، فقد قصف الحوثيون وقوات صالح مدينة تعز بالدبابات والمدفعية، وتدور المواجهات في عدد من أحياء المدينة التي تقوم القوات المهاجمة بمحاصرتها من أكثر من اتجاه، ويعمد الحوثيون إلى قصف الأحياء السكنية للضغط على المقاومة للاستسلام، غير أن المقاومة تسيطر على أجزاء واسعة من تعز وتكبد قوات صالح والحوثيين خسائر كبيرة، وقد فشلت هذه القوات في السيطرة على محافظة تعز منذ أكثر من شهرين، وقد دعم طيران التحالف المقاومة في تعز، أمس، عبر ضربات جوية استهدفت عددا من مواقعهم، ومن أبرز المواقع التي جرى قصفها، معسكر الدفاع الجوي في منطقة الحوبان، المدخل الغربي لمدينة تعز، وقد تحدث السكان عن تطاير الصواريخ التي كانت مخزنة في المعسكر إلى مناطق متعددة، إضافة إلى قصف مبنى المباحث الجنائية الذي تسيطر عليه الميليشيات، في الوقت الذي دارت مواجهات عنيفة بين المقاومة الشعبية والحوثيين وقوات صالح في شارع الستين وبعض المناطق، وقد حقق المقاومة تقدما في منطقة «مفرق (تقاطع) شرعب»، إضافة إلى تقدم في منطقة «وادي الضباب».
فقد حاولت الميليشيات الحوثية استعادة السيطرة على مناطق في محافظة الضالع، وحسب مصادر محلية في الضالع لـ«الشرق الأوسط»، فقد قتل قرابة 10 أشخاص في مواجهات بين الجانبين، من جهة أخرى، وأشارت المصادر إلى أن اشتباكات دارت بين الجانبين قرب مديرية قعطبة، إلى الشمال من الضالع، وهي المنطقة التي انتقلت إليها قوات الحوثيين وصالح بعد أن تمكنت المقاومة الشعبية في الضالع من دحرها، الشهر الماضي.
وفي سياق عمليات قوات التحالف في اليمن، نفذت أسراب الطائرات سلسلة من الغارات التي استهدفت مواقع الميليشيات الحوثية المتحالفة مع القوات العسكرية المتمردة على الشرعية والموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»: «إن الغارات استهدفت قصر (دار الرئاسة) ومعسكر (فج عطان) بجنوب صنعاء، إضافة إلى مواقع في عدد من مديريات محافظة عمران، شمال صنعاء، كما شمل القصف معسكر كهلان ومناطق متعددة من محافظة صعدة، بينها منطقتا يسنم وفلة، حسب بعض المصادر».
أقوى الغارات الجوية استهدفت المواقع التي سيطر عليها المسلحون الحوثيون في مدينة حزم الجوف، عاصمة محافظة الجوف في شرق البلاد، قرب الحدود اليمنية - السعودية، وقد واصلت الميليشيات الحوثية، لليوم الثاني على التوالي، عمليات الدهم للمنازل في المدينة بحثا عن مطلوبين، وفي حين أثار سقوط عاصمة الجوف ردود فعل متباينة في الساحة اليمنية، ففي الوقت الذي اعتبر انسحاب المقاومة من المدينة «عملا تكتيكيا»، عده البعض الآخر، تخاذلا، وفي سياق ردود الفعل، علق الشيخ علوي الباشا بن زبع أحد قادة المقاومة الشعبية في مأرب، المجاورة للجوف، المشرف على جبهة الجدعان، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» على سقوط مديرية الحزم مركز محافظة الجوف، واعتبر الأمر «مثيرا للدهشة»، وقال إن الوضع في مأرب مطمئن في كل جبهات المقاومة، وأكد أن «الوضع في جبهات الجدعان مثير للاعتزاز، وحيا صمود المقاومة الشعبية في كل مكان رغم ما يواجهونه من نقص في الإمداد اللوجيستي والبشري وغياب المؤسسة الرسمية والعسكرية عنهم»، ودعا الباشا تجمع الإصلاح قيادة وقواعد خاصة في مأرب إلى «الاستمرار في صمودهم المعهود وأن لا يستسلموا للظروف والانفعالات السياسية مهما كان الأمر»، واستدرك أن «أي فشل في مأرب سيحملهم التاريخ أغلب نتائجه لأنهم الطرف الأكثر فاعلية في المقاومة والأقدر على الاستمرار بشريا وعسكريا»، وأضاف الباشا: «نحن كمقاومة قبلية في الجدعان صامدون حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق ولن تحكمنا ميليشيات.. لن تحكمنا إلا دولة بوفاق وطني حتى لو سقط كل شبر في اليمن وحتى لو تخلى عنا الداخل والخارج، مع أن المؤشرات تقول بأن الأمر يبدو كذلك، ولكن الله معنا والاستمرار نيتنا فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدو والله المستعان»، حسب تعبيره.
في موضوع آخر، شارك عشرات النساء، أمس، في وقفة احتجاجية بمديرية السبعين يوما بجنوب صنعاء، وذلك للتنديد بانعدام الخدمات الأساسية في العاصمة منذ سيطرة الحوثيين عليها في سبتمبر (أيلول) العام الماضي، وحسب المركز الإعلامي للثورة اليمنية، فقد «أطلق عدد من النساء حركة باسم (إرادة) تخاطب فيها سكان ومواطني العاصمة، بكسر حاجز الصمت وعدم الرضوخ لعنجهية الميليشيات، والتسارع بالمطالبة بالحقوق والواجبات، وتوفير الخدمات الأساسية، وعدم السكوت عن العبث والفوضى التي تنتهجها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح»، ورفعت المحتجات شعارات تطالب «الميليشيات بالكف عن العبث، وعدم ادخار مقدرات الشعب وثرواته في مخازنهم لاستخدامها في حروبهم العبثية الظالمة، ومعاقبة الشعب اليمني ومنعه من العيش بأبسط الخدمات»، ومنذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء، منع الحوثيون كل أنواع التظاهر والاحتجاج ضد سياسياتهم، ونفذ الميليشيات المئات من عمليات الاعتقالات في صفوف النشطاء السياسيين ونشطاء الحركة الطلابية ومنظمات المجتمع المدني، ويقبع في سجون الأجهزة الأمنية والمعتقلات غير الرسمية، المئات من الناشطين السياسيين.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.