احتفل فولوديمير بإنجاز رئيسي يوم أمس (الأربعاء)؛ إنه يومه الأخير في تلقي علاج جديد تم الترحيب به باعتباره نقطة تحول في مكافحة السل المقاوم للأدوية.
وقال طبيبه البالغ من العمر 25 عامًا في العاصمة الأوكرانية كييف، إنه أصيب بآثار جانبية عصبية سيئة عندما كان يتناول نظامًا دوائيًا سابقًا، والذي يستغرق ما يصل إلى عامين، ويتضمن عددًا كبيرًا من الأقراص، وفعالية أقل من 60 في المائة. لكن الدورة العلاجية الجديدة استغرقت ستة أشهر فقط، وأعطته آثارًا جانبية قليلة جدًا، وذلك وفق ما صرح لوكالة الصحافة الفرنسية وما نشر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص. واصفا الأمر بأنه «كان سهلا جدا».
وأظهر فحص يوم الأربعاء أنه خالٍ من مرض السل، وأنه يخطط لبدء العمل الأسبوع المقبل بعد ثمانية أشهر من المرض.
وأضاف فولوديمير الذي لم يذكر اسمه الأخير «الآن يمكنني أن أبدأ الحياة من جديد».
وكان السل، الذي يُطلق عليه اسم «الاستهلاك» أكبر قاتل من العدوى في العالم قبل وصول كوفيد - 19، حيث يموت 1.5 مليون شخص بسبب المرض كل عام.
وحوالى خمسة في المائة من الحالات الجديدة مقاومة للمضادات الحيوية الموصوفة بشكل شائع، ما يجعل علاجها صعبًا.
ومع ذلك، يُنظر إلى نظام دوائي جديد يُدعى BPaL لأنه يجمع بين المضادات الحيوية بيداكويلين وبريتومانيد ولينزوليد، على أنه «اختراق» منذ أن تمت الموافقة عليه لأول مرة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية عام 2019.
من 23 إلى خمس حبات في اليوم
أظهرت الأبحاث في عام 2020 أن نظام BPaL عالج أكثر من 90 في المائة من المرضى المقاومين للأدوية. لكن كان هناك معدل مرتفع من الآثار الجانبية المرتبطة بـ linezolid ، بما في ذلك آلام الأعصاب وقمع نخاع العظام. غير ان دراسة نُشرت بمجلة New England Journal of Medicine يوم الأربعاء أشارت إلى أن جرعة لينزوليد يمكن أن تنخفض إلى النصف.
وأجريت تجربة شملت 181 مشاركًا يعانون من مرض السل المقاوم للأدوية في روسيا وجنوب أفريقيا وجورجيا ومولدوفا (جميع البلدان التي ترتفع فيها معدلات الإصابة بالسل). ووجدت أنه في حين أن 1200 ملليغرام من لينزوليد على مدى ستة أشهر كان معدل الشفاء فيها 93 في المائة، فإن هذا الرقم انخفض فقط إلى 91 في المائة إذا تم تخفيض الجرعة إلى النصف لـ 600 مليغرام.
وانخفض عدد المشاركين الذين يعانون من الاعتلال العصبي المحيطي (الذي يسبب آلام الأعصاب) من 38 إلى 24 في المائة عند الجرعة الأقل، في حين انخفض معدل كبت نقي العظم من 22 إلى 2 في المائة.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، قالت فرانشيسكا كونرادي مؤلفة الدراسة الرئيسية من جامعة ويتواترسراند بجنوب أفريقيا «إنها غارقة في مدى نجاح هذا النظام».
وأكدت كونرادي للوكالة «هذه بداية نهاية السل المقاوم للعقاقير». وأضافت «كلما عالجت مرض السل بشكل أسرع قلت العدوى؛ إنه يشبه كوفيد من نواحٍ عديدة». وتابعت «من الأسهل بكثير على المرضى تناول BPaL ، لأن الدورات السابقة يمكن أن تشمل 23 حبة في اليوم وما يصل إلى 14000 حبة إجمالاً خلال فترة السنتين بحد أقصى. فيما يتضمن BPaL خمسة أقراص يوميًا وأقل من 750 قرصًا على مدار ستة أشهر».
هل يمكن أن يتفوق مرض السل على كوفيد؟
تقول ناتاليا ليتفينينكو، التي أشرفت على علاجات BPaL في أوكرانيا، إن كمية الحبوب التي يمكن التحكم فيها تعني أنه من الأسهل على المرضى مواصلة العلاج بعد نزوحهم بسبب الحرب في بلدها.
وأشارت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق من هذا العام إلى أنها ستحدّث قريبًا إرشاداتها لتوصي معظم مرضى السل المقاوم للأدوية باستخدام BPaL مع 600 ملليغرام من linezolid.
من جانبهما، قال خبيران لم يشاركا في الدراسة يوم الأربعاء إن البحث وإرشادات منظمة الصحة العالمية «تقدم كبير».
من جهته، كتب جاي ثويتس من جامعة أكسفورد البريطانية ونغوين فيت نهونج من البرنامج الوطني لمكافحة السل في فيتنام في افتتاحية مجلة «نيو إنغلاند» الطبية «ان علاج BPaL هو أحد الإنجازات المحددة لمجتمع أبحاث السل في هذا القرن».
ويأتي التقدم وسط تحذيرات من أن الوباء أوقف التقدم ضد مرض السل.
بدوره، قال ميل سبيغلمان رئيس تحالف TB غير الربحي الذي مول البحث «إنني قلق للغاية من أن السل (سواء كان هذا العام أو العام القادم) سيصبح مرة أخرى أكبر قاتل منفرد لأي مرض معد في العالم».
في غضون ذلك، قال فولوديمير إنه يأمل أن يستمر التقدم حتى يصبح الجدول الزمني للعلاج أقصر. وأوضح وهو مبتسم «ربما سيكون شهرين أو حتى شهرا واحدا».