الاتحاد الأوروبي يمنع دخول الروس إلى أراضيه

جوزيف بوريل منسق شؤون السياسة الخارجية بالاتحاد في ختام اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في براغ (إ.ب.أ)
جوزيف بوريل منسق شؤون السياسة الخارجية بالاتحاد في ختام اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في براغ (إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي يمنع دخول الروس إلى أراضيه

جوزيف بوريل منسق شؤون السياسة الخارجية بالاتحاد في ختام اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في براغ (إ.ب.أ)
جوزيف بوريل منسق شؤون السياسة الخارجية بالاتحاد في ختام اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في براغ (إ.ب.أ)

وافق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي على تعليق اتفاقية تسهيل حصول الروس على تأشيرات الدخول لدول التكتل، التي تم التوصل إليها عام 2007، وذلك بسبب الحرب في أوكرانيا. وقال جوزيف بوريل منسق شؤون السياسة الخارجية بالاتحاد في ختام اجتماع للوزراء استمر يومين في براغ إن الخطوة تهدف لمنع «السعي للحصول على تأشيرة دخول بطريقة أسهل» من جانب الروس الذين يسعون لدخول دول التكتل عبر دول تطبق قواعد أقل صرامة. ويأتي هذا التعليق بعد أسابيع من الضغط من جانب دول أوروبية على الحدود مع روسيا لمنع الروس من السفر بتأشيرات شنجن أصدرتها بعض دول الاتحاد الأوروبي. ومن شأن هذه الخطوة أن تجعل عملية إصدار تأشيرات دخول الاتحاد الأوروبي أكثر تعقيدا وتكلفة وبيروقراطية، بالإضافة إلى زيادة فترات الانتظار للحصول على الموافقة، وفقا لقواعد المفوضية الأوروبية.
وقال دبلوماسيون إن وزراء الاتحاد الأوروبي لم يتمكنوا من الاتفاق بعد على فرض حظر شامل لتأشيرات السفر الممنوحة للمواطنين الروس لأن هناك انقساما بين الدول الأعضاء بشأن هذه المسألة. وقال بوريل إن الفترة الأخيرة، وتحديدا منذ منتصف يوليو (تموز)، شهدت زيادة كبيرة في أعداد المسافرين الذين يعبرون الحدود من روسيا إلى الدول المجاورة. وأضاف: «هذا بات يشكل خطرا أمنيا على الدول المتاخمة لروسيا. بالإضافة إلى ذلك، رأينا العديد من الروس يسافرون للترفيه والتسوق كما لو أن ليست هناك حرب مستعرة في أوكرانيا».
 ورفضت ألمانيا وفرنسا مقترح الحظر الشامل في وثيقة مشتركة تم توزيعها على دول الاتحاد الأوروبي، حيث تخشيان من «تزايد الدعم غير المتعمد» في روسيا. وكررت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك معارضتها أمس حيث قالت إنها تخشى أن مثل هذا الحظر سوف يؤثر على المعارضين والصحافيين الذين يفرون من نظام الكرملين. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي في حاجة «لأصوات شجاعة تجرؤ على الوقوف ضد النظام حتى بعد ستة أشهر من الحرب. نحن نحتاج أن يستمروا».
وقال وزير الخارجية الهولندي فوبكه هويكسترا في بداية المباحثات إن استقبال «روس أثرياء بصورة أساسية جاءوا لأوروبا للتسوق» ليس وضعا جيدا في ظل غزو أوكرانيا. وقد ظهرت فكرة حظر دخول السائحين الروس لدول الاتحاد الأوروبي مؤخرا، عقب أن شهدت الدول تدفقا للروس لقضاء عطلات الصيف عبر دول أوروبية مجاورة. وتسعى جمهورية التشيك وفنلندا وإستونيا، بعد فرض قيود على منح تأشيرات الدول لديهم، لاستصدار قرار على نطاق الاتحاد الأوروبي، كما دعت هذه الدول لحظر شامل على دخول الروس لدول  الكتلة الأوروبية.
وأشار وزير خارجية الدنمارك جيب كوفود إلى التباين الذي يواجه الروس والأوكرانيين في ظل الحرب. وقال إنه على الرغم من أن الأوكرانيين ليس مسموحا لهم بمغادرة البلاد و«عليهم محاربة الغزاة»، فإن الرجال الروس «يقضون عطلاتهم في جنوب أوروبا». وقالت بيربوك إن تعليق اتفاق تسهيل تأشيرات دخول الاتحاد الأوروبي الذي تم التوصل إليه عام 2007 مع روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا يوفر مرونة لفرض متطلبات أكثر صرامة على التأشيرات. ونظرا لأن اجتماع وزراء الخارجية يعقد في براغ بصورة غير رسمية، فمن غير الممكن صدور قرار قانوني.
كما دعت ألمانيا الاتحاد الأوروبي إلى اعتماد حزمة ثامنة من العقوبات ضد روسيا. وأعلنت بيربوك على أنه تم طرح اقتراحات بشأن ذلك. ولم تذكر بيربوك أي تفاصيل عن حزمة العقوبات المقترحة. وأكدت أنه من المهم بالنسبة لألمانيا الإبقاء على العقوبات على الدوام، موضحة أن هذا ينطبق على وجه الخصوص على قضية الطاقة. وتلمح الوزيرة بذلك إلى مطالبات دول أخرى في الاتحاد الأوروبي منذ شهور بحظر جميع معاملات الطاقة مع روسيا من أجل حرمان الدولة من مصدر دخل مهم.
يُذكر أن ألمانيا ودول أوروبية أخرى رفضت تطبيق هذا الحظر الشامل بسبب الاعتماد الكبير الذي لا يزال مستمرا على إمدادات الغاز الروسي، حيث من شأن مثل هذا الإجراء أن يُلحق أضرارا اقتصادية في الاتحاد الأوروبي تفوق بكثير الأضرار التي ستلحق بروسيا.
وأطلق الاتحاد الأوروبي حتى الآن سبع حزم من الإجراءات العقابية ضد روسيا. وشمل أحدثها حظر استيراد الذهب الروسي وتشديد ضوابط التصدير على التكنولوجيا المتطورة والسلع المدنية التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية. وسبق ذلك عقوبات مالية صارمة، بالإضافة إلى حظر واسع النطاق على استيراد النفط والفحم الروسي.


مقالات ذات صلة

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

العالم إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

أعلنت السلطات المعينة من روسيا في القرم إسقاط طائرة مسيرة قرب قاعدة جوية في شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا، في حادثة جديدة من الحوادث المماثلة في الأيام القليلة الماضية. وقال حاكم سيفاستوبول ميخائيل رازفوجاييف على منصة «تلغرام»: «هجوم آخر على سيفاستوبول. قرابة الساعة 7,00 مساء (16,00 ت غ) دمرت دفاعاتنا الجوية طائرة من دون طيار في منطقة قاعدة بيلبيك».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل روسيا، اليوم الخميس، من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين الذي اتهمت موسكو كييف بشنّه، لتكثيف هجماتها في أوكرانيا. وقال بوريل خلال اجتماع لوزراء من دول الاتحاد مكلفين شؤون التنمي«ندعو روسيا الى عدم استخدام هذا الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد» في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022. وأشار الى أن «هذا الأمر يثير قلقنا... لأنه يمكن استخدامه لتبرير تعبئة مزيد من الجنود و(شنّ) مزيد من الهجمات ضد أوكرانيا». وأضاف «رأيت صورا واستمعت الى الرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، صباح اليوم (الخميس)، نقلاً عن خدمات الطوارئ المحلية، أن حريقاً شب في جزء من مصفاة نفط في جنوب روسيا بعد هجوم بطائرة مسيرة. وقالت «تاس»، إن الحادث وقع في مصفاة «إلسكاي» قرب ميناء نوفوروسيسك المطل على البحر الأسود. وأعلنت موسكو، الأربعاء، عن إحباط هجوم تفجيري استهدف الكرملين بطائرات مسيرة، وتوعدت برد حازم ومباشر متجاهلة إعلان القيادة الأوكرانية عدم صلتها بالهجوم. وحمل بيان أصدره الكرملين، اتهامات مباشرة للقيادة الأوكرانية بالوقوف وراء الهجوم، وأفاد بأن «النظام الأوكراني حاول استهداف الكرملين بطائرتين مسيرتين».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

تثير الهجمات وأعمال «التخريب» التي تكثّفت في روسيا في الأيام الأخيرة، مخاوف من إفساد الاحتفالات العسكرية في 9 مايو (أيار) التي تعتبر ضرورية للكرملين في خضم حربه في أوكرانيا. في الأيام الأخيرة، ذكّرت سلسلة من الحوادث روسيا بأنها معرّضة لضربات العدو، حتى على بعد مئات الكيلومترات من الجبهة الأوكرانية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. تسببت «عبوات ناسفة»، الاثنين والثلاثاء، في إخراج قطارَي شحن عن مساريهما في منطقة محاذية لأوكرانيا، وهي حوادث لم يكن يبلغ عن وقوعها في روسيا قبل بدء الهجوم على كييف في 24 فبراير (شباط) 2022. وعلى مسافة بعيدة من الحدود مع أوكرانيا، تضرر خط لإمداد الكهرباء قرب بلدة في جنو

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

أكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشر وحدات عسكرية إضافية في أوروبا الشرقية، وقام بتدريبات وتحديثات للبنية التحتية العسكرية قرب حدود روسيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، اليوم الأربعاء. وأكد باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «إزفستيا» الروسية، أن الغرب يشدد باستمرار الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي على بلاده، وأن الناتو نشر حوالى 60 ألف جندي أميركي في المنطقة، وزاد حجم التدريب العملياتي والقتالي للقوات وكثافته.


2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟