مشروع اتفاق لتهدئة طويلة في غزة.. مقابل ميناء عائم

أبو مرزوق إلى الدوحة لحسم الموقف من المقترح القطري ـ التركي ـ الأوروبي

صبي فلسطيني يقود دراجته أمام بناية في قرية خزاعة (شرق خان يونس) دمرت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يقود دراجته أمام بناية في قرية خزاعة (شرق خان يونس) دمرت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مشروع اتفاق لتهدئة طويلة في غزة.. مقابل ميناء عائم

صبي فلسطيني يقود دراجته أمام بناية في قرية خزاعة (شرق خان يونس) دمرت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يقود دراجته أمام بناية في قرية خزاعة (شرق خان يونس) دمرت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة (أ.ف.ب)

كشفت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«لشرق الأوسط» إن حركة حماس تتجه إلى الموافقة على مقترح تهدئة طويلة مع إسرائيل في قطاع غزة مقابل ميناء بحري عائم.
وأكدت المصادر أن المقترح الذي طرحته قطر، وتدعمه تركيا بالتعاون مع الأمم المتحدة ودول أوروبية، وجرى نقاشه مع حماس وإسرائيل في الأسبوعين الأخيرين، يقوم على تهدئة طويلة تستمر 5 سنوات قابلة للتجديد، مقابل تخفيف الحصار، وتسريع عملية الإعمار، وإقامة ميناء بحري عائم مراقب من جهات دولية.
وأكدت المصادر أن المقترح الذي ناقشه آخر مرة نيكولاي ملادينوف، منسق عملية السلام في الشرق الأوسط، مع مسؤول ملف التهدئة في حركة حماس موسى أبو مرزوق في قطاع غزة، والذي كان ناقش بدوره الأمر مع مبعوثين آخرين إلى غزة وإسرائيل، بينهم القنصل السويسري بول جرينا، والمبعوث القطري محمد العمادي، يلقى قبولا عند غالبية مسؤولي الحركة.
وكان أبو مرزوق غادر السبت، بحسب مصادر فلسطينية وإسرائيلية ومصرية، من غزة إلى قطر، للقاء مسؤول المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، وقادة الحركة، من أجل بلورة موقف واضح ونهائي وحاسم من اتفاق تهدئة مع إسرائيل.
وبحسب المصادر، فقد حصلت حماس على موافقة إسرائيل على إقامة ميناء عائم في غزة بعد فترة قصيرة من إبرام الاتفاق، على أن يكون تحت رقابة دولية.
ويعتقد أن الميناء الذي سيخصص لرسو سفن الشحن، سيخضع لرقابة من قبل حلف شمال الأطلسي الذي يضم عضوية تركيا.
ووافقت إسرائيل على الميناء، فيما رفضت بشكل قاطع فكرة إعادة بناء المطار.
وقالت مصادر إسرائيلية، بأن حماس هي التي أبدت رغبة في البداية للتوصل إلى تهدئة.
وأضافت المصادر، أن حوارات بين حماس ودبلوماسيين غربيين أفضت إلى تفاهمات تتعلق بصيغة التهدئة. وقال مسؤول إسرائيلي، إن حماس عرضت مقترحات تهدف إلى تحسين حياة الناس في غزة.
وطلبت إسرائيل في المقابل التزاما صارما بالتهدئة، وحصول حماس على موافقة جميع الفصائل عليها.
وتعهدت إسرائيل بتحسين حياة الناس في القطاع وتسهيل عملية إعادة الإعمار. ومن الأمور التي شجعت حماس على الموافقة على المقترح، أنه يحظى بدعم أوروبي ومن الأمم المتحدة اللذين يربطان بين اتفاق حقيقي لوقف القتال وإعادة الإعمار.
ويأتي الاتفاق المتوقع، مع ظهور بوادر تقارب بين حماس ومصر، بعد اتفاق أمني يقضي بضبط حماس للحدود والتعاون في أي مسائل أمنية تخص الأمن المصري. وتجلى ذلك في فتح معبر رفح في الاتجاهين مع بداية هذا الأسبوع. وأمر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس بتمديد عمل المعبر بالاتجاهين حتى نهاية الأسبوع.
لكن الاتفاق إذا ما حدث، سيكون انقلابا على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين وفد تقوده السلطة الفلسطينية ويضم حماس من جهة، وإسرائيل من جهة ثانية، برعاية مصرية في 26 أغسطس (آب)، ووضع حدا آنذاك، للحرب الدموية على قطاع غزة التي استمرت 50 يوما وخلفت أكثر من 2200 قتيل في الجانب الفلسطيني، من بينهم 500 طفل، و250 امرأة، و11 ألف جريح. كما تم تدمير نحو 18 ألف منزل. أما في الجانب الإسرائيلي، فقد قتل 66 جنديا وستة مدنيين، فيما أصيب 450 جنديا.
وكان يفترض أن يتوج هذا الاتفاق بمباحثات أخرى تهدف إلى التوصل إلى اتفاق تهدئة حقيقي، لكن خلافات بين السلطة وحماس حول المصالحة، وخلافات أخرى بين مصر وحماس والوضع الأمني في مصر، جمد هذه المباحثات.
وقالت المصادر بأن الأوروبيين طرحوا على حماس تمكين حكومة الوفاق من العمل بعد اتفاق التهدئة من أجل إطلاق عملية الإعمار، وحل ملف الموظفين التابعين للحركة.
وترفض السلطة أي مفاوضات أو اتفاقات محتملة بين حماس وإسرائيل، على اعتبار أن منظمة التحرير هي المخول الوحيد بذلك.
وهاجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الشهر الماضي، حركة حماس، واتهمها بإجراء مباحثات سرية، قائلا لصحافيين في عمان، بأنه يحمل في سيارته ملفا يحوي محضرا متكاملا عن الاتصالات السرية بين الإسرائيليين وحركة حماس، مضيفا: «إنها اتصالات تحصل في العتمة وبعيدا عن الأضواء، مع أن حماس تستمر في المزاودة على السلطة».
وقال عباس آنذاك، إن «مدخل الاتصالات السرية بين حماس وإسرائيل هو رفات جندي إسرائيلي من أصل إثيوبي موجود في غزة، هي اتصالات تتطور وتناقش إطارا سياسيا». ويوجد لدى حماس رفات جنود إسرائيليين، واتفق على أن يكون ذلك ضمن مفاوضات لاحقة لأي تهدئة.
وردت حماس آنذاك، على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم، بتكذيب عباس، إذ قال برهوم «إن زعم الرئيس محمود عباس امتلاكه وثائق تكشف عن اتصالات سرية بين حماس والإسرائيليين، هي محض أكاذيب وافتراءات تهدف إلى خلط الأوراق»، مضيفا أن «اتهامات عباس نابعة من إفلاسه على كل المستويات، مبينًا أنها تأتي في سياق استهدافه المستمر لحركة حماس وسعيه لتشويه سمعة الحركة وتاريخها المقاوم».
وقالت مصادر في السلطة الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن لدى السلطة علما كاملا بمفاوضات حماس وإسرائيل، إذ أبلغت أطراف أوروبية السلطة بطبيعة هذه المباحثات، رغم النفي المتكرر لحماس.
وأضافت: «حماس ناقشت اتفاق تهدئة سياسيا مع كثير من الأطراف والسلطة مطلعة على التفاصيل».
ورأت المصادر أن حدوث أي اتفاق أحادي في غزة، سيعزز فصل القطاع عن الضفة وإقامة كيان منفصل هناك.



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.