سيف القذافي ينفي إبرام صفقة لإطلاق سراح شقيقه هانيبال في لبنان

بعد معلومات عن دفع كفالة بـ 150 ألف دولار

صورة متداولة لهانيبال على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
صورة متداولة لهانيبال على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
TT

سيف القذافي ينفي إبرام صفقة لإطلاق سراح شقيقه هانيبال في لبنان

صورة متداولة لهانيبال على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
صورة متداولة لهانيبال على صفحات أنصار النظام الليبي السابق

عادت إلى واجهة الأحداث في ليبيا مجدداً قضية هانيبال، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، المحتجز في لبنان منذ ست أعوام، «بتهمة إخفاء معلومات عن اختفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الإمام موسى الصدر، أثناء زيارته لليبيا في أغسطس (آب) 1978 بدعوة من القذافي الأب»، وذلك بعد أن ترددت أنباء عن قرب إطلاق سراح هانيبال، بمقتضى صفقة عقدها سيف الإسلام القذافي، لكن خالد الزائدي محامي الأخير نفى ذلك جملةً وتفصيلاً. وقال في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام محلية، أمس، إن الخبر الذي أوردته مجلة «جون أفريك» الفرنسية «عارٍ تماماً عن الصحة».
وكانت المجلة قد نقلت عمن وصفتها بمستشارة سيف الإسلام القذافي العراقية - الفرنسية، سهى البدري، قولها إن إطلاق سراح هانيبال المعتقل في لبنان «وشيك وذلك بعد دفع كفالة تقدر بـ150 ألف دولار للسلطات اللبنانية، على أن يبقى هناك إلى حين محاكمته».
غير أن الزائدي قال، وفقاً لوكالة «ليبيا برس» الإخبارية، إن البدري «ليست ضمن فريق عمل الدكتور سيف الإسلام، ولا تحمل صفة مستشارة له كما نقلت المجلة»، مضيفاً أنه «ليس هناك أي تفاهم، أو صفقة لإطلاق سراح المواطن الليبي المُخطوف هانيبال القذافي».
فيما قالت «الرابطة العربية لنصرة هنيبال» في وقت سابق، إنها سلمت مذكرة إلى منظمة «هيومن رايتس ووتش» بشأن هانيبال، وجميع السجناء والمعتقلين من النظام السابق، كما أشارت إلى أن وفداً يتبعها سلم مفوضية الاتحاد الأفريقي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وبعثات حقوقية وإنسانية مذكرات تدعوهم للتدخل لدى السلطات اللبنانية للإفراج الفوري عن هانيبال «دون قيد أو شرط».
ونفت مصادر لبنانية مطلعة كل المعلومات، التي تتحدث عن قرب الإفراج عن هانيبال القذافي، وأكدت أن هذه «المعلومات المضللة وتتزامن مع ذكرى اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه للضغط على السلطات اللبنانية من أجل الإفراج عن القذافي الابن الموقوف في لبنان منذ عام 2015».
واعترفت المصادر المعنية مباشرة بملف اختفاء الصدر ورفيقيه، وبالتحقيقات التي يجريها القضاء اللبناني مع هانيبال القذافي، بأن «مفاوضات كانت انطلقت قبل أشهر بين محامي هانيبال ولجنة متابعة قضية الصدر، لكنها وصلت إلى حائط مسدود». وكشفت لـ«الشرق الأوسط»، أن الجانب اللبناني «تعهد بالإفراج عن القذافي الابن مقابل تقديم معلومات دقيقة عن مصير الصدر ورفيقيه والوصول إليهم، لكن هانيبال أصر على أن عبد السلام جلود وحده، الذي يعرف مصير الصدر، وأن والده معمر القذافي لم يقابل الإمام، وأن الأخير ورفيقيه غادروا ليبيا إلى روما واختفوا هناك».
وجزمت المصادر بأن هانيبال الموقوف بمذكرة صادرة عن المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة، «ليس متهماً بإخفاء معلومات فحسب، بل متهم أيضاً بالمسؤولية عن مصير الصدر ورفيقيه». وأعطى دليلاً على ذلك بأن هانيبال قال للمحقق العدلي: «إذا أطلقت سراحي سأقدم لك فور صعودي سلم الطائرة كل المعلومات المهمة لدي، وأساعدك في الوصول إلى الحقيقة كاملة، وهذا دليل قاطع على علمه بتفاصيل اختفاء الصدر ومكان اعتقاله».
ولم تخف المصادر ذاتها بأن عائلة القذافي «تسعى إلى إبرام صفقة أو تسوية، تقضي بدفع تعويضات مالية على طريقة صفقة طائرة لوكربي، التي أبرمها معمر القذافي مع الأميركيين، لكن عائلة الصدر واللبنانيين رفضوا مثل هذه الصفقة سابقاً في عهد القذافي الأب، ولن يقبلوا بها اليوم بأي حال من الأحوال».
وجزمت المصادر بأن هانيبال «قدم معلومات وإفادة موثقة أمام المحقق العدلي، يعترف فيها صراحة بأن الإمام الصدر كان في إقامة جبرية في العاصمة طرابلس، وأنه نقل بعد سنوات إلى أحد السجون السياسية في جنزور، وقد ضبطت في حاسوبه المحمول قائمة بأسماء السجون التي كانت تخضع لسلطته، وعمليات التعذيب التي يتعرض لها هؤلاء السجناء».
وبخصوص الأسباب التي تحول دون استكمال التحقيق القضائي، وإحالة الملف على المجلس العدلي، أكد المصدر القضائي أن المحقق العدلي «ينتظر استكمال هويات بعض المشتبه بهم والمدعى عليهم الليبيين، وتحديد مكان اختباء عبد السلام جلود، الذي يعد كنز المعلومات في هذه القضية».
من جهته، أكد رئيس لجنة المتابعة لملف الصدر ورفيقيه، القاضي حسن الشامي، أن هانيبال القذافي «موقوف كمشتبه به، ومتورط في الملف وليس معتقلاً سياسياً كما يزعم البعض». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «كمية المعلومات التي يمتلكها، التي قالها في رسالته إلى إحدى المحطات التلفزيونية قد تكفي لإدانته وليس فقط اتهامه». وسأل الشامي: «هل يعقل أن شخصاً كان عمره أقل من عامين عند حصول الجريمة يمتلك كل هذه المعلومات لو لم يكن مسؤولاً مباشراً عن الملف؟». ورأى أن «مهاجمته للسلطات اللبنانية بهذه الطريقة دليل على أنه ليس معتقلاً سياسياً، كما أن دفاعه المستميت عن نظام والده، وحديثه مجدداً عن مسرحية السفر إلى روما، يثبت الاتهامات المساقة ضده».
في المقابل، يؤكد فريق الدفاع عن هانبيال، وموالون للنظام السابق، دائماً أنه «لم يثبت عليه أي جرم يُعاقب بسببه... باعتبار أن عمره كان أقل من عامين عندما أُعلن عن اختفاء الصدر»، لافتين إلى أن نبأ اختفاء الصدر أعلن «وقت أن كان هانيبال في إجازة بالمغرب صحبة والدته».
وقال أحد المقربين من أسرة القذافي لـ«الشرق الأوسط»، إن «مدناً وقبائل ليبية تنتظر إطلاق سراح هانيبال، ونيل حريته من غير إبرام أي صفقات»، مشيراً إلى أن «خاطفيه يمعنون التنكيل به... بعدما باتوا متأكدين بالدلائل أنه ليست له علاقة بقضية الصدر، ولم يشهدها لكونه كان طفلاً صغيراً آنذاك».
وأمام ما يتردد عن قرب الإفراج عن هانيبال، قال الزائدي إن «الأول لا يزال رهن الاعتقال التعسفي، ولا وجود لأي مؤشرات لمحاكمته أو قرب إطلاق سراحه».
وكان هانيبال قد صرح بأن خاطفيه أجبروه على الدخول إلى لبنان بشكل غير شرعي عبر الحدود السورية، بعد تقييده بالسلاسل وتعذيبه عدم أيام، على أمل استنطاقه بمعلومات حول الإمام الصدر. وأضاف في رسالة بثتها قناة «العربية الحدث»، نهاية الأسبوع الماضي، أن «خاطفيه طالبوه بدفع أموال مقابل إطلاق سراحه»، مطالباً بلجنة تحقيق في مجلس النواب اللبناني لإعداد تقرير شامل عن حالته يقدم للجهات الدولية، ومحاكمته بشكل علني، بحضور ممثلين عن المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».