تسبب هجوم الميليشيات الحوثية الأعنف على غربي مدينة تعز اليمنية، في تعليق النقاشات الدائرة في عمّان برعاية أممية، بين ممثلي الفريق العسكري الحكومي والميليشيات الحوثية، وسط حالة من الغضب الشعبي والحزبي والنداءات الحكومية للمجتمع الدولي، من أجل الضغط على الميليشيات لوقف التصعيد الذي يهدد بنسف الهدنة الهشة.
جاء ذلك في وقت أفادت فيه مصادر يمنية وشهود بأن الميليشيات الحوثية استقدمت مزيداً من التعزيزات العسكرية والآليات الثقيلة من مناطق سيطرتها في الشمال باتجاه مدينة تعز، وذلك غداة أعنف هجوم تشنه الميليشيات في غرب المدينة، منذ سريان الهدنة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الحكومة اليمنية نداءاتها للمجتمع الدولي وللأمم المتحدة، من أجل اتخاذ مواقف أكثر حزماً مع الميليشيات الحوثية التي ترفض حتى الآن إنهاء حصار تعز وفتح الطرقات بموجب الهدنة، دعت الأحزاب اليمنية في بيان إلى التوقف عن المفاوضات والعودة إلى خيار «التحرير المسلح»، على اعتبار أن ذلك هو الطريقة الوحيدة التي يمكن أن ترغم الميليشيات الحوثية على السلام.
وعلى أثر الهجوم الحوثي الواسع الذي تم إفشاله، وكان يهدف للسيطرة على المنفذ الوحيد إلى مدينة تعز من جهة الغرب، مع تسببه في مقتل وجرح العشرات، علقت اللجنة العسكرية الحكومية المشاركة في المحادثات الجارية في العاصمة الأردنية عمان مشاركتها حتى إشعار آخر.
وأوضحت اللجنة في بيان لها أن هذا التعليق يأتي نتيجة لقيام الميليشيات الحوثية بشن هجوم عسكري واسع في محافظة تعز، نتج عنه عشرات القتلى والجرحى، وقالت إن هذا الهجوم يستهدف إغلاق آخر شريان رئيسي يغذي مدينة تعز المحاصرة منذ 7 سنوات.
واتهم البيان الميليشيات الحوثية بأنها مستمرة في ارتكاب الخروق اليومية للهدنة، باستخدام الطيران المُسيَّر والصواريخ الباليستية والتحشيد، وغيرها من الأعمال العسكرية التي ذهب ضحيتها مئات القتلى والجرحى خلال فترة الهدنة.
وطالبت اللجنة العسكرية الحكومية الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها الخاص لليمن هانس غروندبرغ، بـ«الاضطلاع بواجباتها تجاه هذه الممارسات والجرائم التي تقوم بها ميليشيا الحوثي، وأن يوضح للعالم حقيقة التعنت الحوثي، والأساليب الملتوية التي يمارسها في التملص من التزاماته بالهدنة الإنسانية».
وفي مسار آخر، كثفت الحكومة اليمنية اتصالاتها مع الأطراف الدولية، أملاً في أن يؤدي ذلك إلى الضغط على الحوثيين لوقف التصعيد المهدد للهدنة التي تم تمديدها للمرة الثانية حتى الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وذكرت المصادر الرسمية أن وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك، بحث في اتصال هاتفي مع المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ، استمرار خروق ميليشيا الحوثي الانقلابية للهدنة الأممية، على ضوء الاعتداءات الأخيرة التي قامت بها الميليشيات في منطقة الضباب في تعز.
ونقلت وكالة «سبأ» عن الوزير بن مبارك قوله: «في الوقت الذي كان ينتظر فيه المواطنون في تعز خصوصاً، وكافة أنحاء اليمن، أخباراً برفع الميليشيات الحوثية حصارها الوحشي عن محافظة تعز المستمر منذ أكثر من 7 سنوات، فإنه على العكس من ذلك، وفي تحدٍّ للمجتمع الدولي واستخفاف كامل بالجهود الدولية، قام الحوثيون بشن هجوم عنيف على منطقة الضباب غرب مدينة تعز، في محاولة للسيطرة على المنطقة وقطع الشريان الوحيد الذي يربط مدينة تعز بمحافظة عدن».
وحذر بن مبارك «من أن هذا العدوان العنيف لا يمثل تحدياً صارخاً للمبادرات والمساعي الرامية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام فقط؛ بل إنه يهدد بشكل واضح استمرار الهدنة ويقوض الجهود المبذولة لتمديدها».
وطالب وزير الخارجية اليمني المبعوث الأميركي بإدانة ما وصفه بـ«الأعمال الإجرامية التصعيدية، وممارسة أقصى درجات الضغط والتحرك مع المجتمع الدولي، لضمان إلزام الميليشيات الحوثية بوقف إطلاق النار، ومنع خروقاتها العسكرية المستمرة للهدنة».
ونسبت المصادر اليمنية للمبعوث الأميركي أنه «أكد إدانته كافة الاختراقات وأي تصعيدات عسكرية تتعارض مع الهدنة الأممية»، وأنه «شدد على أهمية الالتزام من الجميع بالهدنة وبضبط النفس، والعمل على تجنب أي انتهاكات سيكون المتضرر منها في الدرجة الرئيسية كل المدنيين في اليمن».
إلى ذلك، قالت المصادر اليمنية الرسمية، إن الوزير بن مبارك بحث خلال اتصال هاتفي مع سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، غابريل مونويرا فينالس التطورات والجهود المبذولة لتحقيق السلام، وخروق ميليشيا الحوثي للهدنة الحالية.
وبحسب ما أفادت به وكالة «سبأ»، جدد وزير الخارجية اليمني التأكيد على انفتاح الحكومة على كافة الجهود الرامية لإنهاء الانقلاب، وإطلاق العملية السياسية، وفقاً للمرجعيات الثلاث لتحقيق السلام الدائم واستعادة الأمن والاستقرار».
وقال بن مبارك: «في حين تُبذل الجهود لتثبيت الهدنة وفتح الطرقات إلى مدينة تعز، أكدت ميليشيا الحوثي مرة أخرى ومن خلال عدوانها على المدينة أنها غير معنية بالسلام، ولا تحترم تعهداتها والتزاماتها». وشدد «على ضرورة اتخاذ مواقف واضحة إزاء الخروق والانتهاكات الحوثية، وممارسة أقصى الضغوط عليها لإلزامها بتعديل سلوكها الإجرامي».
وإلى جانب الهجوم الحوثي غير المسبوق على مدينة تعز منذ بدء الهدن، اتهم الجيش اليمني الميليشيات بأنها ارتكبت 365 خرقاً للهدنة الأممية بين 25 و28 أغسطس (آب) في جبهات الحديدة وتعز والضالع وحجة وصعدة والجوف ومأرب.
وبلغت خروق الحوثيين ذروتها -وفق بيان الجيش اليمني- في العملية الهجومية الواسعة على مواقع الجيش بمحور تعز، في ظل التزام قوات الجيش والمقاومة الشعبية بتوجيهات القيادة السياسية والعسكرية والتي تقضي بالوقف الشامل لإطلاق النار تنفيذاً لبنود الهدنة الأممية.
من جهتها، طالبت الأحزاب اليمنية في مدينة تعز في بيان مشترك، «مجلس القيادة الرئاسي بقيادة رشاد العليمي، باتخاذ مواقف أكثر حزماً»، مشيرة إلى ما وصفته بـ«المواقف المتماهية للمبعوث الأممي مع الحوثي»، داعية إلى «تحريك كافة الجبهات»، وإلى «وضع حد للغطاء الدولي الداعم للميليشيات».
ومع خشية الشارع اليمني من أن تنتهي نقاشات الجولة الثالثة في عمان دون التوصل إلى اتفاق بشأن المعابر وحصار تعز، لجهة تعنت الحوثيين المستمر، يسود اعتقاد لدى عديد من المراقبين بأن الحوثيين سيواصلون المراوغة للحصول على مكاسب اقتصادية، مع استغلال الهدنة لإعادة ترتيب قواتهم لشن جولة أخرى من الحرب.
وكانت الميليشيات قد رفضت أكثر من مقترح للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، في شأن تخفيف الحصار على تعز، وفتح بعض الطرق بين المحافظات، خلال جولتين سابقتين في العاصمة الأردنية عمان.
ويأمل المبعوث الأممي من خلال جهوده أن يمرر اتفاقاً يتيح توسيع الهدنة الأممية، مع تضمينها بنوداً جديدة تتعلق بآلية لصرف الرواتب، وإضافة وجهات جديدة من مطار صنعاء، مع السماح بتدفق كميات أكثر من الوقود إلى ميناء الحديدة، إلا أن ذلك لا يزال تحقيقه رهناً بموافقة الميليشيات الحوثية على تخفيف حصار تعز، وهو الحد الأدنى الذي تطلبه الحكومة اليمنية للشروع في نقاش الملفات الأخرى.
هجوم الحوثيين غرب تعز يعلّق نقاشات عمّان وسط غضب يمني شعبي وحزبي
اتهامات للميليشيات بالتحشيد... ومخاوف حكومية من نسف الهدنة
هجوم الحوثيين غرب تعز يعلّق نقاشات عمّان وسط غضب يمني شعبي وحزبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة