«طب المرجان» لعلاج مرض «ابيضاض الشعاب» البحرية

اختراع لباحث من «كاوست» يفوز بمسابقة دولية

باحث من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست) يقدم المعزات الحيوية (البروبيوتيك) للمرجان بطريقة يدوية (نقلاً عن «كاوست»)
باحث من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست) يقدم المعزات الحيوية (البروبيوتيك) للمرجان بطريقة يدوية (نقلاً عن «كاوست»)
TT

«طب المرجان» لعلاج مرض «ابيضاض الشعاب» البحرية

باحث من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست) يقدم المعزات الحيوية (البروبيوتيك) للمرجان بطريقة يدوية (نقلاً عن «كاوست»)
باحث من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست) يقدم المعزات الحيوية (البروبيوتيك) للمرجان بطريقة يدوية (نقلاً عن «كاوست»)

يدرج حالياً قيام باحثي علوم البحار من حين لآخر برحلات استكشافية مكلفة لكشف مناطق الشعاب المهدّدة بمرض «ابيضاض الشعاب المرجانية» وتقديم العلاج لها، لمواجهة إحدى أخطر المشكلات التي تهدّد بيئة البحر الأحمر، غير أنّ باحثاً من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست)، نجح في «أتمتة» تلك العملية، أي تشغيلها آلياً، عبر اختراع جديد فاز بمسابقة دولية أخيراً.
ووفق تقرير نشره الموقع الرسمي للجامعة في 10 أغسطس (آب) الجاري، فإنّ هذا الاختراع المسمّى «طب المرجان»، أهّل صاحبه خوسيه فيلهو، طالب الدكتوراه بقسم علوم وهندسة الحاسبات والكهرباء والرياضيات بالجامعة، للفوز في مسابقة التصميم الدولية (InnovateFPGA) لعام 2022 التي تنظّمها شركتا «إنتل» و«تيراسك»، وبرعاية شركات تقنية رائدة أخرى مثل «مايكروسوفت»، و«أنالوغ ديفايسز»، و«أرو إلكترونكس»، و«ماكنيكا»، و«ماوزر إلكترونكس»، و«ديجي - كي إلكترونكس».
وتقوم فكرة هذه المسابقة التي نجح خلالها فيلهو في التفوّق على 260 متنافساً من جميع أنحاء العالم، على اختراع تطبيق يتعلّق بمشاريع عن الاستدامة، لتقليل التأثير البيئي والطلب على موارد كوكبنا، وذلك باستخدام مصفوفات حاسوبية قابلة للبرمجة الميدانية طوّرتها شركة «إنتل».
ويقول فيلهو لـ«الشرق الأوسط»: «جهازنا (طب المرجان) هو أفضل تطبيق لهذا الهدف الذي تسعى إليه المسابقة، حيث يمكن للجهاز اكتشاف الشعاب المرجانية، في أثناء عملية الموت، والتي تسمى ابيضاض الشعاب المرجانية وتقديم المعزّزات الحيوية المرجانية (البروبيوتيك) لها».
وتحدث مشكلة «ابيضاض الشعاب المرجانية» بسبب ارتفاع درجات حرارة مياه البحار والمحيطات، حيث يطرد المرجان الطحالب التكافلية التي تعيش في أنسجته وتعد ضرورية لبقائه على قيد الحياة، مما يؤدّي لحدوث الابيضاض، وتُظهر الدراسات أنّ بعض الكائنات الحية الدقيقة المفيدة للشعاب المرجانية (البروبيوتيك) يمكنها وقف عملية الابيضاض ومساعدة المرجان على التعافي.
ويؤدّي تأخّر الباحثين في اكتشاف المشكلة إلى تجاوز الوقت المتاح للتدخّل، مما يؤدّي إلى فقدان لا رجعة فيه للشعاب المرجانية المريضة، وهي المشكلة التي يعالجها جهاز «طب المرجان».
ويستخدم فيلهو وحدة المصفوفات الحاسوبية (FPGAs) من «إنتل» لجمع البيانات من الكاميرات وأجهزة استشعار درجة الحرارة والبيانات البحرية المختلفة، ثم يستخدم تقنية الذكاء الصناعي (AI) لتحديد درجة ابيضاض المرجان بدقّة، واتخاذ قرار سريع لنشر المعزّزات الحيوية المرجانية، ويتمّ تشغيل هذه التجربة بالطاقة الشمسية قرب الشاطئ، ويمكن إرسال البيانات بتقنية الـ«الفور جي» إلى معالجات مايكروسوفت (Microsoft Azure) لتحليل عملية إعادة التأهيل وإدارتها، وستسمح التقنيات السحابية بالتحكم في نشر المعزّزات الحيوية المرجانية (البروبيوتيك) في الوقت المناسب.
ويقول فيلهو: «في الوقت الحالي، نقوم ببناء عدد قليل جداً من هذه الأجهزة للاختبار، وهي مكلفة جداً، ويحتاج التنفيذ على نطاق واسع، إلى شراكات مع القطاعات الحكومية من أجل الحصول على إذن النشر في مناطق شاسعة، وتنفيذ التقنيات التي ستجعل تصنيع أجهزتنا أرخص، كما أنّ زيادة الإنتاج، في حال تعميم الفكرة، ستجعل تكلفة إنتاج الجهاز تنخفض بشكل كبير».
ويوضح أنّ تعميم هذا الجهاز كان في ذهنه منذ البداية، وقد تمّ تنفيذه بطريقة يمكن استخدامها في أي مكان في العالم، ونحن في الوقت الحالي، نفكّر في طريقة لجعله سهل الاستخدام وقابلاً للتشغيل، من أجل السماح بسهولة التنفيذ.
ويتوقع فيلهو أن يكون له فرص تسويقية جيّدة لأنّه يتعامل مع مشكلة مهمّة، حيث إن «الشعاب المرجانية هي مهمّة للغاية للبيئة البحرية، وتعتمد عليها في الغذاء نحو 25 في المائة من الأسماك، لذلك فإنّ ابيضاض المرجان يُحدث خللاً كبيراً بالبيئة».


مقالات ذات صلة

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

يوميات الشرق أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست» ببريطانيا، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزيرة البيئة الأوكرانية تلقي كلمة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 29) في أذربيجان 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

أوكرانيا تُقدّر الضرر البيئي نتيجة الحرب بـ71 مليار دولار

قالت وزيرة البيئة الأوكرانية إن الضرر البيئي بسبب العمليات العسكرية جراء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير 2022 يقدّر بـ71 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
خاص قام أفراد المجتمع بزراعة أكثر من مليون شجيرة في متنزه ثادق السعودي لإصلاح الأراضي المتدهورة ومعالجة التصحر (برنامج الأمم المتحدة للبيئة)

خاص ثياو قبل «كوب 16»: العالم يحتاج 355 مليار دولار سنوياً لمكافحة التصحر

مع اقتراب انعقاد «كوب 16» يترقّب العالم خطوات حاسمة في معالجة أكبر التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض.

آيات نور (الرياض)
بيئة ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية يُهدد خطط المناخ

أظهرت أوراق بحثية أن الأراضي الرطبة الاستوائية حول العالم بات نبعث منها كميات من غاز الميثان أكبر من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (باكو)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».