فضيحة علمية... «بروتين سام» مسبب للزهايمر لم ينتبه له العلماء لسنوات

«بروتين سلف النشواني» مادة تترسب على القشرة الخارجية لخلايا المخ وتتسبب في تدهور الوظائف الذهنية (رويترز)
«بروتين سلف النشواني» مادة تترسب على القشرة الخارجية لخلايا المخ وتتسبب في تدهور الوظائف الذهنية (رويترز)
TT

فضيحة علمية... «بروتين سام» مسبب للزهايمر لم ينتبه له العلماء لسنوات

«بروتين سلف النشواني» مادة تترسب على القشرة الخارجية لخلايا المخ وتتسبب في تدهور الوظائف الذهنية (رويترز)
«بروتين سلف النشواني» مادة تترسب على القشرة الخارجية لخلايا المخ وتتسبب في تدهور الوظائف الذهنية (رويترز)

لو أنك متابع لما يحدث على الساحة العلمية مؤخراً فيما يتعلق بمرض الزهايمر، فلعلك على الأرجح تتساءل عن طبيعة هذا الخطأ الذي حدث وأثار جلبة في الأوساط العلمية بشأن سبل علاج هذا المرض الذي يؤثر على الوظائف الذهنية للمرضى.
وكانت البداية عندما تم الإعلان عن دواء جديد لعلاج الزهايمر باسم «أدوهلم» وحصوله على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية، ثم تبين لاحقا أن الفوائد التي تعود من هذا الدواء على مرضى الزهايمر محدودة لدرجة أن شركات التأمين رفضت تغطية تكلفة هذا الدواء لمعظم المرضى، حسبما ذكر الموقع الإلكتروني «سايتيك ديلي» المتخصص في الأبحاث العلمية.
وبعد ذلك، أعلنت العديد من شركات الدواء وقف خطط تطوير عدة أدوية للزهايمر التي كانت تصفها بأنها واعدة، بعد أن أخفقت هذه الأدوية في تحقيق نتائج إيجابية في التجارب الإكلينيكية.
وأخيرا تفجرت فضيحة علمية كبرى عندما ظهرت دلائل تكشف أن بعض الباحثين استخدموا صور أشعة مزيفة في بحث يتعلق بمرض الزهايمر كان قد نشر قبل 16 عاما. وكان هذا البحث بالغ الأهمية وموثوقا به لدرجة أن كثيرا من العلماء والباحثين اعتمدوا عليه في وقت لاحق كأساس لأعمالهم البحثية.
ويتبادر إلى الأذهان السؤال بشأن صلة جميع هذه التطورات ببعضها ومدى ارتباطها بمسيرة تطوير أدوية لعلاج الزهايمر.
ويتعلق الأمر برمته بمادة بروتينية في جسم الإنسان يطلق عليها اسم «بروتين سلف النشواني»، وهي المادة التي تترسب على القشرة الخارجية لخلايا المخ وتتسبب في تدهور الوظائف الذهنية للمرضى، وقد ظل هذا الجزيء البروتيني على مدار سنوات محور أبحاث علاج الزهايمر وعنصرا رئيسيا في رحلة البحث عن وسيلة لاستعادة الوظائف الذهنية للمرضى مرة أخرى.
وقد أمضى باحثون من مركز علاج الزهايمر في ولاية ميتشغان الأميركية ومعاهد بحثية أخرى سنوات طويلة في دراسة هذا البروتين النشواني من أجل الوصول إلى إجابات لمعرفة جذور الزهايمر وسبل منع الإصابة به وعلاجه.
وفي هذا الإطار، يقول الباحث هنري بولسون مدير مركز علاج الزهايمر، والذي كرس جهود المختبر الخاص في كلية طب ميتشغان لعلاج خرف الشيخوخة وغيره من الأمراض الذهنية لسنوات: «صحيح أن البروتين النشواني يلعب دورا في أمراض المخ وخرف الشيخوخة، ولكن الزهايمر معقد ويتعلق بأكثر من مجرد جزيء واحد».
وتتعلق الفضيحة العلمية بنوع من البروتينات النشوانية يطلق عليه اسم «إيه. بي 56» وتم توصيفه باعتباره بروتينا ساما يشجع على تكوين الترسبات على خلايا المخ. ويوضح بولسون أنه لم ينتبه إلى هذه المادة لسنوات طويلة، وأرجع السبب في ذلك إلى أن العلماء لم يحققوا نجاحا كبيرا في الوصول لنفس النتائج التي زعم الباحثون السابقون أنهم توصلوا إليها.
ونقل موقع «سايتيك ديلي» عن بولسون قوله: «أشعر بقلق أكبر من تأثير هذه الأنباء على نظرة الرأي العام للعلماء، فإن التأخر في اكتشاف هذا الاحتيال ليس أمرا مثاليا، ويكشف أهمية أن يتحدث العلماء بشفافية وأن ينشروا نتائج أبحاثهم حتى إذا ما فشلت تجاربهم في إثبات صحة أبحاث غيرهم من العلماء».
ويؤكد العلماء بشكل عام على وجود دلائل كثيرة تثبت أن البالغين في أواسط العمر أو كبار السن الذين يريدون الحد من مخاطر الإصابة بخرف الشيخوخة أو إبطاء تطور المرض لديهم، لا بد أن يركزوا على العادات الصحية مثل النوم وممارسة التدريبات الرياضية وتناول الأغذية الصحية والتحكم في معدلات ضغط الدم والكوليسترول في الجسم.
وينصح بولسون، وهو طبيب أعصاب، بأنه «إذا كنت في السبعين من عمرك، لا أستطيع أن أطلب منك أن تعود بالزمن للوراء، وأن تتناول طعاما صحيا وتقضي سنوات أطول في التعليم، ولكني أستطيع أن أقول لك أن تحصل على قدر كافٍ من النوم قدر المستطاع وأن تتفاعل اجتماعيا مع الآخرين».
وأكد أنه ما زال يتعين على العلماء والباحثين الاستمرار في دراسة البروتين النشواني ومدى تأثيره على مرضى الزهايمر بشكل عام.
وذكر بولسون أنه لا يشعر بالدهشة من فشل دواء أدوهلم الذي تمت الموافقة عليه العام الماضي في تحقيق النتائج المرجوة حتى على المرضى الذين تم تجربته عليهم، مؤكدا أنه يتعين من الآن فصاعدا فحص الأدوية الأخرى التي تطورها شركات الأدوية حاليا وتستهدف البروتين النشواني بشكل جيد أولا قبل إصدار أي موافقات أخرى على أدوية جديدة. وأضاف: «نعتقد أنه لا بد من الاهتمام بشكل أكبر بالعوامل والبروتينات الأخرى التي تؤثر على مختلف أنواع الخرف الذهني، والتي تتنوع ما بين عوامل بيئية وعوامل مناعية وفصائل أخرى من الجزيئات داخل الجسم مثل (جزيء تاو) الذي يعتبر من البروتينات الأخرى الرئيسية التي تؤثر على مرضى الزهايمر».
ويرى بولسون أن تطوير أدوية تستهدف البروتينات النشوانية كوسيلة لعلاج الزهايمر يشبه محاولة تثبيت السرج على ظهر الحصان بعد أن يكون قد خرج بالفعل من الحظيرة، نظرا لأن مرض الزهايمر يمر بمراحل عديدة قبل أن تبدأ الترسبات في التكون على خلايا المخ.
ولذلك، فمن المهم من وجهة نظر بولسون استغلال أدوات العلم الحديثة في محاولة دراسة حالات المرضى الذين ما زالوا في مراحل مبكرة من فقدان الذاكرة، لأن ذلك قد يكون أكثر أهمية بالنسبة لمحاولات اكتشاف أدوية لعلاج الزهايمر.
وخلص بولسون إلى أن «قصة دواء أدوهلم تؤكد أهمية مواصلة البحث عن وسائل علاجية جديدة للزهايمر وأنواع الخرف الذهني المرتبطة بهذا المرض».


مقالات ذات صلة

هل يسبب تناول الفاكهة بكثرة مشكلات صحية؟

صحتك لا تسبب زيادة تناول الفاكهة أي خطر على الصحة (إ.ب.أ)

هل يسبب تناول الفاكهة بكثرة مشكلات صحية؟

عادةً يُنصح بالاعتماد على الفاكهة مصدراً طبيعياً للسعرات الحرارية، والألياف، ومجموعة كبيرة من العناصر الغذائية، ولكن هل هناك ما يسمى «الإفراط في تناول الفاكهة»؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك اختبار قياس مستوى السكر بالدم (إ.ب.أ)

كم مرة يجب إجراء فحص مستويات السكر في الدم؟

سؤال شائع خاصة بين الأشخاص الذين تم تشخيصهم حديثاً بالسكري، ويعد اختبار نسبة السكر في الدم مفيداً لمعرفة مدى تأثير الوجبات والأنشطة البدنية على مستويات السكر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك كشفت دراسات بما في ذلك دراسة في المجلة البريطانية للتغذية أن الألياف من الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات تقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء (رويترز)

عنصر غذائي مُهمَل يُحارب السرطان وأمراض القلب والسكري

يعد تناول الأطعمة الغنية بالألياف خطوة سهلة وفعّالة لتحسين الصحة والوقاية من الأمراض، مما يوفر حماية ضد بعض الأمراض الأكثر فتكاً في العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تقاعس الحكومات عن معالجة أزمة البدانة المتزايدة خلال السنوات الثلاثين الفائتة أدى إلى ارتفاع مثير للقلق في أعداد المتضررين (رويترز)

دراسة جديدة تحذر من مرض السمنة وانتشاره عالمياً

توصَّلت دراسة إلى أنَّ تفشياً عالمياً غير مسبوق لزيادة الوزن والبدانة، سيطول 6 من كل 10 بالغين، وطفلاً أو مراهقاً واحداً من كل 3، بحلول عام 2050.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأشخاص الذين يتناولون عقاقير مثل «أوزامبيك» وجدوا أن عملية فقدان الوزن لديهم تصبح أبطأ ​​مع مرور الوقت (رويترز)

لفقدان الوزن أسرع... علماء يتوصلون إلى طريقة لتسريع عملية التمثيل الغذائي

يصبح فقدان الوزن أكثر صعوبة بعد نقطة معينة خلال اتباعك للأنظمة الغذائية الصحية لأن تقليل السعرات الحرارية بشكل مفرط يمكن أن يدفع جسمك إلى «وضع المجاعة».

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)

مصر تراهن سياحياً على «المتحف الكبير» في «بورصة برلين»

بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار المصرية)
بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تراهن سياحياً على «المتحف الكبير» في «بورصة برلين»

بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار المصرية)
بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تراهن مصر على المتحف الكبير المقرر افتتاحه رسمياً في شهر يوليو (تموز) المقبل، في بورصة برلين السياحية الدولية بألمانيا لاجتذاب أكبر عدد ممكن من السائحين المهتمين بالحضارة المصرية القديمة.

وتصدرت صور المقومات والوجهات والمنتجات السياحية المختلفة والمتنوعة في مصر وشعار الحملات الدعائية للمقصد السياحي المصري «مصر... تنوع سياحي لا مثيل له» الواجهات الرئيسية لمبنى أرض المعارض (Messe Berlin) والمخصص لإقامة بورصة برلين السياحية الدولية في ألمانيا (4 - 6 مارس/ آذار الحالي).

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار المصرية، جرى «اختيار الأماكن المتميزة لوضع الصور واللافتات الدعائية الإعلانية للمقاصد السياحية المصرية المختلفة بالشوارع المحيطة بمقر البورصة التي تتزين حالياً بصور عن المتحف المصري الكبير، الذي سيتم افتتاحه كاملاً رسمياً يوم 3 يوليو المقبل، والشواطئ المشمسة ذات المياه الصافية، والمواقع الأثرية الفريدة في مصر، هذا بالإضافة إلى علم مصر الذي يرفرف عالياً وسط أعلام دول العالم التي زينت الشوارع المؤدية إلى مقر البورصة.

وتشارك مصر بجناح في بورصة برلين للسياحة تبلغ مساحته 1500 متر مربع، ويضم 118 عارضاً من بينهم 47 شركة سياحة و67 فندقاً، بالإضافة إلى 3 شركات طيران، علاوة على مشاركة جمعية الحفاظ على السياحة الثقافية، بالإضافة إلى تخصيص أماكن في الجناح لغرفة المنشآت الفندقية وغرفة شركات ووكالات السفر والسياحة.

وقد جاء تصميم الجناح المصري على شكل معبد فرعوني، ويضم شاشات عرض كبيرة لعرض الأفلام الترويجية عن المقاصد السياحية المصرية المختلفة وما تتمتع به من ثراء في المقومات والمنتجات والأنماط السياحية المتنوعة، التي لا تضاهى في العالم.

الجناح المصري في بورصة برلين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وخصص جزءٌ من الجناح للمأكولات والمشروبات المصرية التقليدية والتراثية التي يتميز بها المطبخ المصري، بالإضافة إلى الأنشطة الفلكلورية المصاحبة التي تقدم للجمهور.

وتعد بورصة برلين السياحية الدولية أحد أهم وأكبر المعارض السياحية التي تُقام على مستوى العالم وملتقى دولياً للمتخصصين بصناعة السياحة، حيث تحظى بحضور عدد كبير من المتخصصين ومتخذي القرار في صناعة السياحة من مختلف دول العالم.

أعلام الدول المشاركة في بورصة برلين للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتسعى مصر لاستقبال 17 مليون سائح العام الحالي، وذلك بعد استقبالها 15 مليون العام الماضي، معولةً على افتتاح المتحف الكبير بشكل رسمي وزيادة عدد الغرف الفندقية بالبلاد.

وبدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير في تسعينات القرن الماضي، وفي عام 2002 تم وضع حجر الأساس لمشروع المتحف ليُشيَّد في موقع متميز يطل على أهرامات الجيزة.

مصر تعول على المتحف الكبير في اجتذاب المزيد من السائحين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعد المتحف أحد أهم وأعظم إنجازات مصر الحديثة؛ فقد أُنشئ ليكون صرحاً حضارياً وثقافياً وترفيهياً عالمياً متكاملاً، وليكون الوِجهة الأولى لكل من يهتم بالتراث المصري القديم، كأكبر متحف في العالم يروي قصة تاريخ الحضارة المصرية القديمة، حيث يحتوي على عدد كبير من القطع الأثرية المميزة والفريدة من بينها كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون، التي تُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر (تشرين الثاني) 1922، بالإضافة إلى مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو مُشيد الهرم الأكبر في الجيزة، وكذلك متحف مراكب الملك خوفو، فضلاً عن المقتنيات الأثرية المختلفة منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني، حسب موقع وزارة السياحة والآثار المصرية.