الكرة تواجه البنادق... الكونغو تلجأ للرياضة لإبعاد الشباب عن العنف

مقتل 13 شخصاً وسط اتهامات لـ«داعش»

جانب من فعاليات المشاركين في مشروع الكونغو لكرة القدم (أ.ف.ب)
جانب من فعاليات المشاركين في مشروع الكونغو لكرة القدم (أ.ف.ب)
TT

الكرة تواجه البنادق... الكونغو تلجأ للرياضة لإبعاد الشباب عن العنف

جانب من فعاليات المشاركين في مشروع الكونغو لكرة القدم (أ.ف.ب)
جانب من فعاليات المشاركين في مشروع الكونغو لكرة القدم (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تستمر فيه أعمال العنف، والأحداث الدامية بجمهورية الكونغو الديمقراطية التي تشهد توتراً منذ 3 عقود، بدأت الدولة الأفريقية في اتخاذ خطوات للحد من قدرة الجماعات المسلحة على «تجنيد» الشباب، الذي ينشأ وسط حالة من الفوضى والعنف «تُفقده الأمل»، وتجعله «فريسة سهلة» لهذه الجماعات، لكن حكومة الكونغو تعلق آمالها على كرة القدم كوسيلة لإثناء شبابها عن حمل السلاح.
وفي هذا السياق «تم اختيار نحو 50 شاباً تتراوح أعمارهم بين 10 و16 عاماً للانضمام إلى مدرسة كرة القدم التي افتتحت حديثاً في حديقة (فيرونغا) الوطنية، التي تشتهر بالغوريلا الجبلية والبراكين، والجماعات المسلحة أيضاً»، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.
وجاء المشروع في إطار خطة لتدريب شباب «فيرونغا» على مهارات كرم القدم، بهدف «الحد من فرص تجنيدهم من قبل الجماعات المسلحة، فالشباب المولود في الفوضى والعنف فريسة سهلة الاستقطاب».
ويتحدث منسق مشروع تدريب شباب «فيرونغا» على مهارات كرة القدم، بويونغ، عن السبب في إقامة المشروع وسط حديقة فيرونغا، بقوله إن «الحديقة هي المكان الذي يتم فيه تجنيد الشباب، والتلاعب بهم من قبل الجماعات المسلحة الموجودة فيها»، مضيفاً لـ«الوكالة الفرنسية»، أن «التسلية الإيجابية قد تكون وسيلة لمنع الشباب من السقوط ضحية للتلاعب والاستغلال... كرة القدم وسيلة لنشر السلام».
ويقع المعلب الذي يتدرب فيه الشباب، بقرية «رومانغابو»، الواقعة شمال «كيفو»، التي تضم إلى جانب الحديقة، قاعدة عسكرية، وهي قريبة من منطقة تمركز لحركة متمردي «23 مارس (آذار)»، وهي حركة قديمة، تقول حكومة الكونغو إنها «مدعومة من دولة رواندا المجاورة».
ويداعب طموح الاحتراف الشباب المشارك في مدرسة كرم القدم، كبديل عن الميليشيات المسلحة التي تمارس أعمال عنف في البلاد منذ عقود، وقال أحد الشباب المشاركين في المدرسة، ويدعى جلوار جاشاجي، إنه «بوجودي هنا لا يمكن أن أفكر في الانضمام لجماعات مسلحة. أريد أن ألتزم بالقانون. أرغب في احتراف كرة القدم لأكون مشهوراً مثل كريستيانو (لاعب كرة القدم البرتغالي)».
وفي سياق متصل، قُتل 13 شخصاً بينهم جنديان في هجمات مجموعات مسلحة وأحداث دامية، منذ يوم الجمعة الماضي، في شرق وشمال شرقي الكونغو، وفق تأكيدات مصادر عسكرية ومحلية، وقال قائد عسكري فضل عدم ذكر اسمه، إن «قوات الكونغو خسرت يوم الأحد جندياً شجاعاً، قُتل في هجوم على موقع عسكري عند المدخل الشمالي لمدينة بوتيمبو على يد عناصر من الميليشيات. في حين تم قتل اثنين من المهاجمين».
وأكد رئيس المجتمع المدني في منطقة لودجو بإيتوري، برينس ماليتا، الأحد، «قتل 6 عمال مناجم ذهب بعد قطع متمردين من ميليشيا (تعاونية تنمية الكونغو - كوديكو) رؤوسهم، في منطقة إيتوري المجاورة (شمال شرقي) البلاد»، حسب الوكالة.
وتدعي «كوديكو» أنها تدافع عن قبيلة «ليندو» في مواجهة قبيلة «هيما» وقوات الأمن. وهي متهمة بأعمال العنف في إيتوري منذ 2017.
وامتدت أعمال العنف إلى شمال كيفو، وهي المنطقة التي تقع فيها مدرسة كرة القدم، حيث «قُتل ثلاثة مدنيين مساء السبت، في هجوم شنته جماعة القوات الديمقراطية المتحالفة»، بحسب فلافيان كاكولي، رئيس منطقة تابعة لزعماء القبائل في «باشو» (شمال كيفو).
وفي كيفو، قال رئيس بلدية روتشورو، برس جيسون نتاويها، إن «شخصاً في صفوف المتظاهرين الذين حملوا سكاكين ورشقوا الحجارة على قاعدة لقوات حفظ السلام قُتل في كيوانغا، خلال تظاهرات ضد الأمم المتحدة الجمعة والسبت».
وتحمل حكومة الكونغو، القوات الديمقراطية المتحالفة، فرع تنظيم «داعش» في وسط أفريقيا، المسؤولية عن قتل آلاف المدنيين. وتواجه قوات الكونغو، وعناصر قوات حفظ السلام، في هذه المنطقة متمردي «حركة 23 مارس»، التي هُزمت في عام 2013، لكنها حملت السلاح مجدداً في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».