اختبار جديد ناجح لرصد «سارس كوفيد ـ 2»

علماء «كاوست» طوروا تقنية تكشف أيضاً عن فيروس الكبد الوبائي «سي»

البروفيسور مجدي محفوظ
البروفيسور مجدي محفوظ
TT

اختبار جديد ناجح لرصد «سارس كوفيد ـ 2»

البروفيسور مجدي محفوظ
البروفيسور مجدي محفوظ

في أوائل عام 2020 تم التعرف على فيروس «سارس كوفيد - 2» بشكل مستقل وحددت متوالياته الجينية، حيث شكل ذلك العام نقطة تحول في التاريخ وفي مجال الصحة العالمية. وقد كشفت جائحة «كوفيد - 19» عن مكامن الضعف الجوهرية التي تعاني منها مجتمعاتنا حول العالم في مواجهة عامل واحد مسبب للمرض. ورغم المأساة التي نجمت عن تلك الجائحة، إلا أنها أظهرت لنا أهمية العلم والتقنيات الحديثة في الاستجابة لمثل هذه التحديات الكبرى، كتطوير وسائل تعيننا على كشف العوامل المسببة للأمراض التي قد تهدد صحتنا العامة، والبحث عن علاجات لها. ويشار إلى أن العوامل المعدية تحتوي على الحمض النووي (DNA)، أو الحمض النووي الريبوزي «الريبي» (RNA)، أو كليهما. وعبر نوعي الحمض النووي هذين، يمكن رصد الممرضات، والتعرف عليها.

                                                              طالب الدكتوراه في «كاوست» أحمد محاس
اختبار لرصد الفيروس
وفي ظل جهود العلماء لمكافحة الفيروسات التاجية وغيرها من أشكال العدوى، توصلت الأبحاث أخيراً إلى بروتين في بكتيريا محبة للحرارة، يسمح برصد «سارس كوفيد 2» بطريقة محددة، يعتمد على تقنية «حلقة النسخ العكسي» RT - LAMP، إذ يمكن لمثل هذا الاختبار المساعدة في سرعة تشخيص وكشف فيروس «كوفيد - 19»، وغيره من الفيروسات المعدية.
ما هو اختبار «حلقة النسخ العكسي RT - LAMP»؟ هو طريقة تضخيم متساو الحرارة لمضاعفة متواليات معينة من الحمض النووي الريبوزي «الريبي» (RNA)، والتي يتم استخدامها لتشخيص الأمراض المعدية التي تسببها فيروسات. (RNA)
وتتشابه اختبارات «RT - LAMP» مع اختبارات «تفاعل البوليميراز المتسلسل للنسخ العكسي» (PCR). فالاختباران يكشفان عن كميات ضئيلة من المادة الوراثية الفيروسية في العينة، عن طريق تضخيمها إلى كميات قابلة للاكتشاف، لكن إحدى ميزات تفوق اختبار «RT - LAMP» على اختبار «PCR»، هو أنه يتم إجراؤه عند درجة حرارة واحدة (55 - 65 درجة مئوية)، بدلاً من تكرار التدوير عبر درجات حرارة مختلفة، ما يجعل الاختبار أسرع وأسهل في الاستخدام. لكن ثمة نقطة ضعف هنا، تتمثل في أن هذا الاختبار ليس دقيقاً مثل «PCR»، لأنه قد يعطي نتائج إيجابية خاطئة في بعض الأحيان.
للتغلب على هذا التحدي، يقول طالب الدكتوراة في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، أحمد محاس: «إذا استطعنا إقران عامل خصوصية إضافي أثناء اختبار«RT - LAMP»؛ للتمييز بين التضخيم الحقيقي والخطأ، سيساعد ذلك، على تطوير تقنيات تشخيص قوية».
نقل هذا التحدي إلى مختبر العلوم الحيوية (مختبر هندسة الجينوم والبيولوجيا التركيبية) بـ«كاوست»، حيث يعمل محاس وفريق من الباحثين، رفقة البروفسور مجدي محفوظ، أستاذ الهندسة الحيوية في الجامعة، من أجل التوصل إلى نظام لاكتشاف المواد الجينية المستهدفة على وجه التحديد، في اختبار أحادي النوع، من دون الحاجة إلى كواشف جديدة. وكان هذا النظام هو «كاسبر - كاس CRISPR - Cas» شريطة أن يتوافق ويتم استخدامه مع اختبار «RT - LAMP».
نظام «كاسبر - كاس»
حينما يذكر اسم «كاسبر» يتبادر للذهن تقنية تعديل الحمض النووي بغية إصلاح العيوب الجينية، أو تحسين بعض الصفات. إلا أن الأصل في تلك الآلية أنها قد تطورت في البكتريا، بوصفها وسيلةً لمكافحة الفيروسات المعروفة بالفيروسات البكتيرية. بمعنى آخر، هي عبارة عن آلية طبيعية للدفاع عن النفس، حيث ينتج النظام إشارة كيميائية تطلق إنزيما يعمل على تدمير الحمض النووي للفيروس المهاجم.
وبحسب منصة American Scientific، فإن نظام «كاسبر» يشير إلى سلسلة من تسلسلات الحمض النووي الريبوزي (الريبي) المتكررة في الجينومات البكتيرية التي تخلفت عن إصابات سابقة بعدوى بكتيرية. فعندما تصادف البكتيريا هذه العوامل المُمرضة مرةً أخرى، تتعرف إنزيمات معروفة بالبروتينات المقترنة بـ«كاسبر»، ويطلق عليها اسم (كاس)، على تلك التسلسلات في الفيروس، فتقترن بها وتدمرها. وهناك عدة أنواع من تلك الإنزيمات مثل (كاس 9) و(كاس 13).
بالنسبة لإنزيم (كاس 13) TccCas13a، المستخدم هنا، يمكن برمجته لشق فيروسات الحمض النووي الريبوزي (الريبي) أحادية السلسة.
بروتين واعد
لذا، يمكن القول أن مجمل بروتينات (كاس) تعتبر خط دفاع البكتيريا ضد مسببات الأمراض، وقد تم استخدامها لاكتشاف الحمض النووي الريبوزي (الريبي) المتضخم. ورغم ذلك، تعمل معظم بروتينات (كاس 13) التي تستهدف الحمض النووي الريبي عند حوالي 37 درجة مئوية، وهو ما لا يتوافق مع اختبارات «RT». ومن هنا جاءت رغبة الفريق البحثي في العثور على نوع من إنزيم (كاس 13)، يكون مستقراً عند درجات الحرارة المستخدمة في اختبار RT «».
من خلال البحث في قواعد بيانات بروتين (كاس)، وجد الباحثون بروتيناً واعداً ينتمي إلى بكتيريا محبة للحرارة تسمى Herbinix hemicellulosilytica (هيربينيكس هيميسيلولوسيليتيكا)، كما حدد بحث آخر، أحد أنواع بروتين (كاس)، له تسلسل جيني مشابه، في ملف حراري يسمى Thermoclostridium caenicola (ثيرموكلوستريديوم كينيكولا).
كشفت الاختبارات أن كلا من البروتينين، كانا مستقرين عند درجات حرارة عالية نسبياً، لكن بروتين (كاس 13) الذي ينتمي إلى الملف الحراري T. caenicola ظل مستقراً ضمن نطاق أعلى (37 - 70 درجة مئوية). وبعد مزيد من الاختبارات والتحسينات، تمكن الفريق من استخدام (كاس 13) لتطوير اختبار أحادي النوع، حساس وقوي وسريع يسمى OPTIMA - dx. وعادة ما يستخدم اختبار «RT - LAMP» لتضخيم عدد الحمض النووي الريبوزي (الريبي) للفيروس المستهدف في العينة. ثم يتعرف (كاس 13) عليه ويقطعه، وينشطه ليقطع أيضاً الحمض النووي الريبي ذي العلامات الفلورية الخاصة التي تضاف إلى المزيج. ينتج عن هذه العملية إشارة فلورية (إشارة الفلورسنت)، التي يمكن قراءتها بواسطة تطبيق جوال تم تطويره أيضاً بواسطة الفريق.
براءة اختراع
استطاع اختبار OPTIMA - dx أن يكشف بنجاح وسرعة عن «سارس كوفيد 2»، في عينات المرضى، كما تم تعديله أيضاً لاكتشاف الفيروسات الأخرى، مثل التهاب الكبد الوبائي «سي»، فضلاً عن اكتشاف فيروسات متعددة في نفس الوقت. يشار إلى أن هذه التقنية سجلت كبراءة اختراع جديدة، وتم إنتاج نموذج أولي منها، كما تم التحقق من جدواها الطبية، ويعمل الفريق الآن على نقل المنتج إلى مرحلة بدء التشغيل، بهدف الإنتاج الكثيف، ومن ثم التسويق.
من جهته اعتبر محفوظ أن اكتشاف إنزيم (كاس 13) القابل للحرارة، هو مجرد البداية». قائلاً: «نحن نعكف الآن على دراسة أنظمة أخرى؛ لتطوير تقنيات تجديدية مستوحاة بيولوجياً للرعاية الصحية والعلاجات والتشخيص».



تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟
TT

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

لسنوات عديدة، كانت أجهزة التجميل في المنزل تقتصر على مجفف للشعر أو ربما فرشاة أسنان كهربائية.

ترويج أجهزة التجميل المنزلية

أما اليوم، فإنها أضحت موجودة في كل مكان أو أكثر تقدماً من أي وقت مضى، مع تسويق منتجات يتم ترويجها بكثافة تتراوح من أقنعة مصابيح «ليد» LED التي تكلف 500 دولار التي تعد بتخفيف الخطوط الدقيقة في الوجه و تقليل التبقّع والاحمرار... إلى عصي الليزر التي تزيل الشعر غير المرغوب فيه من الجسم بشكل دائم (أو هكذا يزعمون).

تجميل منزلي أرخص

تكمن جاذبية هذه الأدوات، جزئياً، في فكرة القدرة على إحضار الرعاية الذاتية الطبية إلى المنزل دون الحاجة إلى الذهاب إلى عيادة طبيب الأمراض الجلدية (أو جراح التجميل). ففي سلسلة مراكز المنتجعات الطبية Ever/Body، على سبيل المثال، تبلغ تكلفة إزالة الشعر بالليزر ما يصل إلى 300 دولار لكل جلسة؛ وتنصح الشركة بستة إلى عشرة علاجات بالإضافة إلى ضرورة «الصيانة» السنوية.

زيادة حادة في أدوات العناية المنزلية

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قدر تقرير صادر عن Beauty Tech Group وPricewaterhouse Coopers أن أجهزة التجميل المنزلية تنمو بمعدل أربعة أضعاف في فئة العناية بالبشرة، وتوقع أن تصل المبيعات إلى 92.55 مليار دولار بحلول عام 2028.

وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي، تقدم أجهزة «اصنعها بنفسك» نوعاً آخر من «العملات المرئية» أيضاً: فهي تميل إلى أن تكون براقة ومكلفة وفي صور السيلفي تجعلك تبدو رائعاً أو مخيفاً، مثل بطل خارق صغير أو شخصية من أفلام الخيال العلمي.

قبعات ضوئية وعصي ليزرية

وتنبع جاذبية هذه الأدوات جزئياً من الصفقات الأرخص نسبياً التي يبدو أنها تقدمها، عندما يتعلق الأمر بأحدث الابتكارات التكنولوجية في الرعاية الشخصية.

* قبعة الضوء الأحمر من Higher DOSE تكلف 449 دولاراً. وتتعهد القبعة كما يذكر موقع الشركة على الإنترنت: «بتنشيط فروة رأسك ودعم نمو الشعر الصحي بقوة الضوء الأحمر (بطول موجي) 650 نانومترا»

* مجموعة أولية لأدوات الليزر من LYMA تكلف 2695 دولاراً: «تعالج العصا LYMA وهي على شكل مصباح يدوي كل شيء من ندبات الجسم وطبقات السيلوليت والأوردة العنكبوتية إلى حب الشباب وترهل الجلد ووردية الوجه rosacea».

تحول ثقافي للاستخدام المنزلي

وتقول ليلي تويلفتري من Barefaced، وهي شركة تحليل تجميل أسترالية لها حساب شهير على «تيك توك» أن ظهور جراحة الوجه التجميلية والاستخدام الواسع النطاق للمرشحات وأدوات التجميل مثل «فايستيون» Facetune أدى إلى إعادة تعريف معايير الجمال.

وأضافت: «لقد أدى هذا التحول الثقافي إلى رفع توقعات المستهلكين، حيث أصبح الناس على استعداد لدفع أسعار باهظة مقابل منتجات التجميل التي تقدم نتائج مرتفعة. ومن المتوقع الآن أن تكرر منتجات التجميل نتائج الإبرة أو السكين (التي يستخدمها الجراحون). والمستهلكون على استعداد لدفع أعلى سعر للحصول على هذه النتائج في المنزل».

منتجات بأسس علمية

لم يعد إخفاء البثور بالمكياج كافياً؛ تتابع تويلفتري: «إذ يريد المستهلكون الآن القدرة على إزالتها بالليزر بالكامل». ومقابل 19.50 دولار، تدعي رقعة علاج حب الشباب بالضوء من «l.a.b». أنها تفعل ذلك تماماً.

إن أنواع العلاجات التي يتم تسويقها عبر هذه الأجهزة لها جذور حقيقية في العلوم. إذ تم اكتشاف العلاج بالضوء الأحمر، أو التعديل الضوئي الحيوي photobiomodulation (PBM)، من قبل الطبيب المجري إندري ميستر في عام 1967 في جامعة سيميلويس الطبية في بودابست، عندما لاحظ أن ضوء الليزر يساعد في تعزيز نمو الشعر وشفاء الجروح لدى الفئران. ومنذ ذلك الحين، أصبح علاجاً لمشكلات الجلد بما في ذلك الالتهاب والندبات والتجاعيد.

تقييم متأخر للفاعلية

ومع ذلك، فإن تقييم فعالية هذه العلاجات في المنزل لم يبدأ إلا الآن. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2024، في دراسة نُشرت في JAMA Dermatology، وجد باحثون من كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا أن المرضى يمكنهم تحسين حالات الصدفية لديهم بنفس القدر في المنزل باستخدام أجهزة العلاج الضوئي المصممة لسهولة الإدارة الذاتية.

ولكن كان ذلك على وجه التحديد للصدفية، مع مجموعة محدودة من 783 مريضاً. وقال الدكتور جويل جيلفاند، أستاذ الأمراض الجلدية وعلم الأوبئة في كلية بيرلمان، والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن أجهزة العناية بالبشرة الشائعة في المنزل تميل إلى أن تكون خاضعة للتمحيص بشكل أقل من اللازم. وأضاف: «إذا لم تتم دراستها في تجربة تحكم عشوائية، فهذا يجعلني متشككاً».

وتابع جيلفاند: «هل أجريت دراسة من قبل الشركة المصنعة من منطلق الاستفادة مالياً، أم كانت الدراسة كبيرة مع مئات المرضى؟ نظراً لأنه مجال غامض للغاية، فمن الأفضل لمعظم الناس التحدث إلى طبيب أمراض جلدية ومعرفة ما إذا كانت الطريقة الخفيفة سيكون لها بعض التأثير على بشرتهم».

منتجات بين «المسموح» و«المُجاز»

وقال الدكتور إيفان ريدر، وهو طبيب معتمد في الأمراض الجلدية والطب النفسي يمارس في مدينة نيويورك، إن العديد من الأجهزة التي يتم تسويقها للاستخدام المنزلي «مسموحة الاستعمال» cleared من قبل إدارة الغذاء والدواء، وهو ما يختلف عن كونها «مجازة أو مصادق عليها» Approved أي معتمدة من إدارة الغذاء والدواء. وأضاف: «إن كلمة المجاز تعني (مصادق عليه) أي أن الجهاز أو الدواء قد خضع لتجارب سريرية صارمة مقارنة بالدواء الوهمي، وأن النتائج ليست مجرد صدفة وقد تم تكرارها في دراسات أخرى أيضاً».

الترويج لنتائج مضللة

إن «موافقة» إدارة الغذاء والدواء، المسماة 510 (كيه) FDA 510 (k) Clearance هي غالباً ما تراه في المنزل، ما يشير فقط إلى أن الجهاز تم تقييمه من قبل إدارة الغذاء والدواء وليس خطيراً للاستخدام غير المهني.

ورفض رايدر تسمية أجهزة معينة، لكنه قال إن العديد منها تحتوي على صور على مواقعها الإلكترونية لنتائج قبل وبعد «مضللة بشكل صارخ»، مع إضاءة وظلال غير متسقة تجعل النتائج أكثر صعوبة في رؤيتها. وأضاف أن النتيجة التي يمكن للمرء أن يتوقعها خفيفة في أفضل الأحوال، لأولئك الذين لديهم «بشرة جيدة أو مخاوف بسيطة (من تدهور حالتها)».

العيادة أولاً ثم التجميل المنزلي

وتابع أنه قد يكون من الحكمة التعامل مع الرعاية المنزلية كأداة لدعم أو استكمال العلاجات في العيادة.

ومقابل تكلفة جهاز الليزر المنزلي، يمكن للمريض مثلاً - اعتماداً على المكان الذي يعيش فيه والطبيب الذي يزوره - الحصول على اثنين أو ثلاثة علاجات مجزأة بالليزر.

* خدمة «نيويورك تايمز».

حقائق

92.55

مليار دولار: توقعات مبيعات أدوات العناية المنزلية بالبشرة بحلول عام 2028