أميركا تطلق غداً «أقوى صاروخ فضائي» ضمن برنامج عودتها إلى القمر

إقبال كثيف من السياح على فلوريدا لحضور الإطلاق التاريخي

الصاروخ «إس إل إس» في موقع الإطلاق «39B» بمركز كينيدي للفضاء (رويترز)
الصاروخ «إس إل إس» في موقع الإطلاق «39B» بمركز كينيدي للفضاء (رويترز)
TT

أميركا تطلق غداً «أقوى صاروخ فضائي» ضمن برنامج عودتها إلى القمر

الصاروخ «إس إل إس» في موقع الإطلاق «39B» بمركز كينيدي للفضاء (رويترز)
الصاروخ «إس إل إس» في موقع الإطلاق «39B» بمركز كينيدي للفضاء (رويترز)

يتهيأ الصاروخ الفضائي الأقوى في العالم للبدء بمهمته الأولى، غداً (الاثنين)، انطلاقاً من فلوريدا، مستهلاً البرنامج الأميركي للعودة إلى القمر «أرتيميس»، بعد 50 عاماً على آخر رحلة ضمن برنامج «أبولو».
ومع أن رحلة الصاروخ الجديد لا تعدو كونها تجريبية، ولن تكون مأهولة، لكنها تكتسي أهمية رمزية كبيرة بالنسبة إلى وكالة «ناسا» التي تستعد لهذا الإقلاع منذ أكثر من عقد، إذ تأمل وكالة الفضاء الأميركية أن يجسّد مستقبلها، وأن يثبت أنها لا تزال قادرة على المنافسة في ظل طموحات جهات عدة من أبرزها الصين وشركة «سبايس إكس».
وبات الصاروخ البرتقالي والأبيض العملاق البالغ ارتفاعه 98 متراً موجوداً منذ أسبوع في موقع الإطلاق الشهير «39B» بمركز كينيدي للفضاء. وقالت مديرة المركز جانيت بيترو، في مؤتمر صحافي: «يمكنكم أن تشعروا بوجود حماسة، ودرجة الطاقة زادت، وهذا ملموس».
ويتمثل الهدف من هذه المهمة التي أُطلقت عليها تسمية «أرتيميس 1» في اختبار الصاروخ «إس إل إس» (سبايس لانش سيستم) أو «نظام الإطلاق الفضائي» في ظل الظروف الفعلية للفضاء، وكذلك الكبسولة «أوريون» المثبتة على رأسه والتي ستؤوي الطواقم البشرية مستقبلاً.
أما هذه المرة، فلن يكون فيها سوى دمى زُوّدَت أجهزة استشعار لتسجيل الاهتزازات ومستويات الإشعاع.

وتتيح كاميرات موجودة في المركبة متابعة وقائع هذه الرحلة التي تستغرق في المجمل 42 يوماً. ولحظ البرنامج التقاط صورة «سيلفي» ذاتية مع الأرض والقمر في الخلفية.
وما إن تصبح الكبسولة «أوريون» في مدار القمر الذي يبعد 380 ألف كيلومتر عن الأرض حتى تنفذ دورة ونصف دورة حوله وتصل إلى مسافة 64 ألف كيلومتر وراءه، أي إلى نقطة أبعد من أي مركبة فضائية مأهولة قبلها.
وساهم آلاف الأشخاص في الإعداد لهذه المهمة في الولايات الأميركية الخمسين وفي عدد من الدول الأوروبية.
وتتجه أنظار هواة الفضاء إلى الأحوال الجوية التي قد تشهد تقلبات في هذا الوقت من السنة. فالإقلاع لا يمكن أن يحصل مثلاً إذا كان الطقس ماطراً. وخُصصت نافذة زمنية تمتد أكثر من ساعتين لعملية الإقلاع (الاثنين)، يمكن أن ينطلق الصاروخ في أي وقت منها، وحُدد تاريخان احتياطيان بديلان في حال لم يتسنَّ له ذلك هما الثاني من سبتمبر (أيلول) والخامس منه.
وسيكون فشل المهمة «كارثياً» نظراً إلى الموازنة الضخمة التي خصصت لهذا الصاروخ (4.1 مليارات دولار لكل عملية إطلاق، وفقاً لتدقيق محاسبي عام)، وإلى تأخر المشروع (إذ طلبه الكونغرس الأميركي عام 2010. وكان من المفترض أساساً أن يُطلق عام 2017).
ولن يكون القمر هذه المرة سوى منطلقاً نحو المريخ. فعلى عكس مهمات «أبولو» التي كان لكل منها أهداف محددة لمرة واحدة، يهدف برنامج «أرتيميس» إلى إقامة وجود بشري دائم على القمر، من خلال بناء محطة فضائية ستحمل اسم «غايتواي» في المدار المحيط به، وإنشاء قاعدة على سطحه.
وسيكون القمر موقعاً لاختبار كل التقنيات اللازمة لإرسال بعثات بشرية إلى الكوكب الأحمر. وستكون «غايتواي» بمثابة محطة توقف ونقطة للتزود بالوقود قبل الرحلة الطويلة إلى المريخ والتي تستغرق أشهراً عدة على الأقل.

وشهدت الفنادق القريبة من قاعدة «كاب كانافيرال» نسبة إشغال كاملة، إذ يُتوقع أن يحتشد ما بين 100 ألف و200 ألف شخص لحضور عملية الإقلاع في الساعة الثامنة والدقيقة الثالثة والثلاثين من صباح (الاثنين) بالتوقيت المحلي.
وترى جوان بوستاندجي (45 عاماً) أن حضور عملية إقلاع صاروخ فضائي إلى القمر «تجربة فريدة يعيشها الإنسان». وتقول المرأة التي جاءت مع زوجها وولديها من شمال إنجلترا لتمضية عطلة في فلوريدا محورها الفضاء، إن برنامجها في اليوم المحدد للإقلاع يبدأ بالانطلاق باكراً إلى شاطئ «كوكو بيتش» غير البعيد من مركز كينيدي للفضاء «لإيجاد مكان جيد».
وتضيف لوكالة الصحافة الفرنسية: «أعرف أن (الإقلاع) سيحصل في موقع بعيد، ولكني أعتقد أن مشاهدته ستكون مع ذلك أمراً مذهلاً».
وترى ميغان هابل، من مكتب السياحة على ساحل فلوريدا المطل على مركز كينيدي للفضاء، أن «الطبيعة التاريخية» للرحلة أثارت بالتأكيد اهتمام الجمهور.
ومن المرتقب أن تشهد الطريق اختناقات مرورية اعتباراً من الرابعة فجراً. أما في حال أدى سبب أو آخر كحال الطقس مثلاً، إلى إرجاء الإقلاع، فيُحتمل أن يتدفق المزيد من الناس إلى الموعد التالي في عطلة نهاية الأسبوع.
وتشهد الفنادق الواقعة على الساحل نسبة إشغال كاملة منذ أسابيع، إضافةً إلى أن أماكن وقوف السيارات بالقرب من النقاط التي توفر أفضل رؤية للإقلاع محدودة.

وحالف الحظ سابرينا مورلي، إذ تمكنت من استئجار شقة غير بعيدة من الشاطئ، وستكون مع ولديها وعشرات الأشخاص الآخرين على متن مركب توفره لهذه المناسبة شركة «ستار فليت تورز».
وتشرح مورلي التي اشترت التذكرة لقاء 95 دولاراً أن المركب «سيتوقف في المحيط عند أقرب نقطة ممكنة من موقع الإقلاع»، وستتاح لركابه مشاهدة الحدث منه.
وتشكّل عودة عمليات الإطلاق هدية من السماء للمنطقة القريبة من مركز كينيدي للفضاء، إذ إن معدّل إنفاق أسرة من ثلاثة أفراد في أربعة أو خمسة أيام هو 1300 دولار، وفقاً لمكتب السياحة.
وعلى الطريق الرئيسية لشبه جزيرة ميريت آيلند التي يقع المركز فيها، يعجّ متجر «بريندا مالبيري» المخصص لبيع منتجات تتعلق بموضوع الفضاء بالسياح. بمجرد دخولهم، تطالعهم قمصان يطبع عليها المتجر شعار برنامج «أرتيميس»، وقد باع منها ألفاً يوم (السبت) وحده.
ويحنّ الجميع إلى برنامج «أبولو» الذي أُرسِلت آخر كبسولة مأهولة في إطاره إلى القمر عام 1972. وتقول جوان بوستاندجي التي لم تكن قد وُلدت بعد: «كانت عائلتي تشاهد (مهمات أبولو) في منزل الجيران (...) إذ لم يكن لدى والدي جهاز تلفزيون».
وهذا بالذات ما يعطي إقلاع الصاروخ (الاثنين) معنى خاصاً جداً بالنسبة إلى جوان التي تقول: «هنا، مع قليل من الحظ، سنراه على أرض الواقع».


مقالات ذات صلة

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

يوميات الشرق ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لـ«ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكويكبات الجديدة رُصدت بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً

تمكن فريق من علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة من رصد 138 كويكباً صغيراً جديداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ باميلا ميلروي نائبة مدير «ناسا» وبيل نيلسون مدير «ناسا» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

«ناسا» تعلن تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» للعودة إلى القمر

أعلن مدير إدارة الطيران والفضاء (ناسا)، بيل نيلسون، تأجيلات جديدة في برنامج «أرتميس» الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر لأول مرة منذ 1972.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رائدا الفضاء سونيتا ويليامز وباري ويلمور (أ.ب)

مرور 6 أشهر على رائدَي فضاء «ناسا» العالقين في الفضاء

مرّ ستة أشهر على رائدَي فضاء تابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) عالقين في الفضاء، مع تبقي شهرين فقط قبل العودة إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق رحلة ولادة الكسوف الاصطناعي (أ.ب)

«عرض تكنولوجي» فضائي يمهِّد لولادة أول كسوف شمسي اصطناعي

انطلق زوج من الأقمار الاصطناعية الأوروبية إلى الفضاء، الخميس، في أول مهمّة لإنشاء كسوف شمسي اصطناعي من خلال تشكيل طيران فضائي مُتقن.

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال فلوريدا )

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)
الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)
TT

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)
الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)

قال الفنان السعودي عبد المحسن النمر، إن السبب الرئيسي وراء نجاح مسلسله الجديد «خريف القلب» يعود إلى مناقشته قضايا إنسانية تهم الأسر العربية.

وأعرب النمر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن سعادته بفوز زميلته الفنانة إلهام علي بجائزة أفضل فنانة في آسيا لعام 2024.

وأرجع النمر نجاح مسلسل «خريف القلب»، الذي يعرض حالياً، إلى فريق العمل القوي، بالإضافة إلى القصص الإنسانية التي يتعرَّض لها خلال سياق الأحداث. وأضاف قائلاً: «أستطيع القول إن اللغة الدرامية التي كُتب بها المسلسل، اجتذبت جميع الجماهير العربية باختلاف لهجاتهم وثقافاتهم ومواقعهم؛ بسبب مناقشته قضايا تهم الشارع العربي بطريقة مقنعة، لم نتطرَّق إليها بهذا الشكل من قبل في الدراما العربية». وفق تعبيره.

وتمنَّى الفنان السعودي أن تكون شخصيته الحقيقية مثل شخصية «راشد» التي يجسِّدها في العمل، مضيفاً: «راشد شخصية مثالية، رجل أعمال ناجح، وطيب ومحترم، والجميع يحبه، لكن مشكلته في السياق الدرامي تنبع بسبب اختلافاته مع والده (راجح) وزوجته، وهي أمور دائماً ما نراها في مجتمعاتنا العربية».

ووصف النمر زميلته الفنانة إلهام علي بطلة المسلسل بـ«الأيقونة». وأضاف: «إلهام علي فنانة نفتخر بها في السعودية، ونتشرف بوجودها في الفن السعودي والخليجي، وأنا كنت من سعداء الحظ الذين شاهدوها في بدايتها، حيث كانت انطلاقتها معي في مسلسل (ريحانة) الذي قدمته دولة الكويت، وأنا لا أستغرب تألق وإبداع إلهام نظراً لكونها من أبناء المسرح، ولذلك تبدع بسهولة على التلفزيون، وتعدّ بالنسبة لي أيقونةً فنيةً، ومن الطبيعي أن تحصل على لقب (أفضل فنانة) عن قارة آسيا، ودون شك تستحق جوائز عالمية».

النمر يستعد للمشاركة في فيلم «ساري وأميرة» الذي ينتمي للفانتازيا التاريخية (البحر الأحمر السينمائي)

وعدّ بطل «خريف القلب»، الدورة الماضية من مهرجان البحر الأحمر من «أحب الدورات إلى قلبه»، بعدما أعادته مجدداً إلى زيارة الأماكن العتيقة في جدة القديمة، مشيراً إلى أن «الدورة نجحت على المستوى الفني، وسعدتُ بمشاهدة عدد من الأفلام السينمائية السعودية المهمة على غرار (هوبال) لصديقي الفنان الكبير إبراهيم الحساوي، وأعتقد بأن الفيلم يعدّ أحد أهم الأفلام السعودية التي قُدِّمت في العام الحالي، وكنت سعيد الحظ بحضوري العرض الخاص للفيلم، ومقابلة أبطال العمل على السجادة الحمراء».

وعن مشاركته في السباق الدرامي الرمضاني لعام 2025: قال النمر: «أعمل حالياً على التحضير لمسلسل عربي خليجي مشترك في البحرين بعنوان (عابر سبيل) بمشاركة نخبة كبيرة من نجوم الفن الخليجي».

وذكر أنه يستعدُّ للمشاركة في فيلم «ساري وأميرة» الذي ينتمي للفانتازيا التاريخية، ويتعاون فيه مع الفنانة البحرينية حلا الترك: وأردف: «سيكون هذا الفيلم نقلةً في تاريخ السينما العربية، وسيظهر فيه الفنان العراقي ألكسندر علوم، وعدد من الفنانين القطريين، وهو من إنتاج (كتارا استوديوز)».