عواصم عربية تعاني من «تلوُّث كبير بالضجيج»

ازدحام السير أحد أسباب التلوث والضجيج. هنا سيارات عالقة  في الزحام في محافظة القليوبية شمال القاهرة (رويترز)
ازدحام السير أحد أسباب التلوث والضجيج. هنا سيارات عالقة في الزحام في محافظة القليوبية شمال القاهرة (رويترز)
TT

عواصم عربية تعاني من «تلوُّث كبير بالضجيج»

ازدحام السير أحد أسباب التلوث والضجيج. هنا سيارات عالقة  في الزحام في محافظة القليوبية شمال القاهرة (رويترز)
ازدحام السير أحد أسباب التلوث والضجيج. هنا سيارات عالقة في الزحام في محافظة القليوبية شمال القاهرة (رويترز)

تُعتبر الأصوات ظاهرة فيزيائية معقّدة تحدث بشكل مستمر وفي كل مكان، وهي تكتسب قيمتها الإيجابية أو السلبية من منظور المستمِع. فعندما تكون الأصوات غير مرغوب فيها تتحول إلى ضوضاء، وإذا كانت مرتفعة واستمرّت لفترة طويلة تصبح تلوُّثاً بالضجيج. ويأتي التلوُّث بالضجيج من مصادر تقليدية، مثل الطرق والسكك الحديدية والمطارات والأنشطة الصناعية، كما ينتج أيضاً عن الأنشطة المنزلية والترفيهية.

مدن صاخبة

وفقاً لإرشادات منظمة الصحة العالمية لعام 1999 بشأن ضوضاء المجتمع، يبلغ الحدّ الأعلى الموصى به لمستوى الضجيج المستمر المكافئ في المناطق السكنية الخارجية 55 ديسيبل، وفي المناطق التجارية وتلك التي تشهد حركة مرورية 70 ديسيبل. علماً بأن شدّة صوت الإنسان العادي تتراوح ما بين 30 و60 ديسيبل.
ويعاني سكان عديد من المدن حول العالم؛ لا سيما في أفريقيا وجنوب آسيا، من ارتفاع مستويات الضجيج، بالمقارنة مع توصيات منظمة الصحة العالمية. ففي نيويورك، يتعرّض 9 من كل 10 أشخاص من مستخدمي النقل الجماعي لمستويات ضجيج تتجاوز 70 ديسيبل. وفي برشلونة، يتعرّض 72 في المائة من سكان المدينة لمستويات ضجيج تزيد عن 55 ديسيبل. وفي هونغ كونغ، يتعرّض 2 من كل 5 أشخاص لمستويات ضجيج تتجاوز الحدود المسموحة.
ويعيش سكان عديد من المدن العربية في ضوضاء تتجاوز الحدود الموصى بها؛ حيث يتراوح مستوى الضجيج المستمر المكافئ في القاهرة بين 77 و88 ديسيبل، ويتراوح في الجزائر العاصمة بين 79 و100 ديسيبل، وفي عمّان بين 80 و84 ديسيبل، وفي دمشق بين 63 و94 ديسيبل، وفي بيروت بين 60 و75 ديسيبل، وفي الخليل بين 77 و83 ديسيبل.
وفي السعودية، يُعتبر الضجيج مشكلة بيئية مزمنة. ويرجع ذلك أساساً إلى النمو السريع للمدن والتوسعات الحضرية، بالإضافة إلى النمو السكاني المرتفع، مما يؤدي إلى تسريع الطلب المتزايد على وسائط النقل. على سبيل المثال، تُعتبر أحجام المرور التي تزيد عن 300 ألف مركبة في اليوم شائعة على الطرق الرئيسية في مدينة جدة.
وفي إطار «رؤية المملكة لسنة 2030»، تبنّت وزارة البيئة والمياه والزراعة لائحة تنفيذية للضوضاء، بموجب نظام البيئة الصادر سنة 2020. وتسري أحكام هذه اللائحة على جميع الأشخاص في المناطق السكنية والتجارية والصناعية والحسّاسة بيئياً، وعلى جوانب الطرق، وفي مواقع البناء، ولا تشمل الضوضاء داخل المباني وفي بعض الأماكن المحدّدة. وتمنح اللائحة المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي صلاحية مراقبة التزام الأشخاص بمستويات الضوضاء المحددة، ورصد وتقييم مستويات الضوضاء في جميع أنحاء السعودية.

مخاطر الضجيج على الإنسان

يمثّل الضجيج أحد أكبر المخاطر البيئية على الصحة العامة لجميع الفئات العمرية والاجتماعية؛ حيث يؤدي التعرّض المطوّل لمستويات عالية من الضوضاء إلى إضعاف الإنسان وتراجع رفاهيته. وتشير التقديرات إلى أن 22 مليون شخص في أوروبا يعانون إزعاجاً مزمناً ناتجاً عن الضوضاء، ويتعرّض 6.5 مليون شخص منهم لاضطرابات في النوم.
ونظراً لأن النوم ضروري لتنظيم الهرمونات وعمل القلب والأوعية الدموية، فإن الضجيج قد يؤدي إلى استجابات عضوية ونفسية سلبية. ويشير تقدير متحفّظ إلى أن الضوضاء المحيطية تساهم في 48 ألف حالة جديدة من أمراض نقص تروية القلب، وتسبب 12 ألف حالة وفاة مبكرة في أوروبا سنوياً. كما وجدت دراستان لتأثير الضجيج المروري على سكان تورونتو الكندية زيادة في مخاطر قصور القلب واحتشاء عضلة القلب الحادة، وارتفاع الإصابة بداء السكري بنسبة 8 في المائة، وارتفاع الإصابة بضغط الدم بنسبة 2 في المائة. ويؤدي القرب من الأصوات الصاخبة للغاية إلى تمزيق غشاء طبلة الأذن، مما يتسبب في فقدان السمع الفوري. وقد يتسبب الاستماع إلى الموسيقى بأعلى مستوى صوت لمدة 15 دقيقة يومياً في فقدان جزئي للسمع. وينتج عن التعرض الطويل لمستويات الضوضاء المنخفضة نسبياً والشائعة في المناطق الحضرية تراجع في الصحة الجسدية والعقلية.
ولا تؤثر أصوات حركة المرور والضوضاء الحضرية الأخرى على رفاهية الإنسان فحسب؛ بل تطول الأنواع الحية المهمة للبيئة الحضرية، وتعرّضها للخطر. ويمكن للضجيج أن يربك التواصل الصوتي بين الحيوانات، ويغيّر سلوكياتها في الدفاع عن نطاقها الحيوي، وتحديد مكان الرفيق واجتذابه، ورعاية الصغار.
وتتكيّف بعض الحيوانات مع الظروف الصاخبة عن طريق تغيير توقيتها أو أسلوب تواصلها الصوتي، بهدف تمييز إشاراتها. ففي المدن الأوروبية، أخذت طيور أبي الحنّاء تغرّد ليلاً أكثر مما تفعل في النهار، لتجنُّب التداخل الصوتي المرتفع. وفي حدائق بوغوتا الكولومبية، تبدأ العصافير بالزقزقة في الصباح الباكر لتجنُّب ضجيج حركة المرور خلال النهار. وتفتعل بعض الضفادع فجوات صوتية خلال نقيقها لكسر الضوضاء، كما تقوم بعض أنواع الطيور بزيادة ترددات أصواتها في مناطق الضوضاء الحضرية.
وتساعد أساليب التكيُّف التي تقوم بها الحيوانات في زيادة فرص أن يصل صوتها لأقرانها في البيئات الصاخبة. ولكن أنماط النداء المتغيّرة تُعتبر في بعض الأحيان أقلّ جاذبية للأزواج المحتملين، وتؤثر بالتالي على نجاح الإنجاب. وفي حال لم تكن الأنواع الحيّة مرنة سلوكياً في إصدار وتلقي الإشارات الصوتية، فإن غياب القدرة على التواصل قد يقلل من أعدادها في مواطنها، ويتسبب في حدوث مضاعفات إيكولوجية ملموسة.

التكيُّف مع الضجيج

يمكن للمدن تحقيق الراحة الصوتية لساكنيها، من خلال إنشاء مساحات هادئة تقدّم مشهداً صوتياً (ساوند سكايب) حضرياً ممتعاً. ويشكّل «المشهد الصوتي» الطريقة التي يدرك بها الناس ويختبرون ويستجيبون لأصوات مكان معيّن في وقت محدد. ويأخذ تصميم المشهد الصوتي في الاعتبار الخصائص السياقية للمكان، بما في ذلك المعالم الصوتية المتخيّلة، والسمات المادية، والعوامل الطبيعية، والغرض، والاستخدام، ومجتمع المستخدمين.
كما يمكن التخفيف من الضوضاء الحضرية باتباع عدّة مبادرات، من بينها زراعة أحزمة الأشجار الكثيفة على جوانب الطرقات، وزراعة غطاء نباتي على أسطح المباني لعزلها صوتياً عن المحيط، وتشجيع انتشار النقل الكهربائي، واستخدام الإسفلت المسامي الذي يخفف شدّة الضجيج عندما تتجاوز سرعة السيارة 50 كيلومتراً في الساعة.
ويمكن أيضاً التخفيف من حدّة الضوضاء في المدن، من خلال الأساليب غير المباشرة. ففي الخطة القومية لمكافحة الضوضاء والحدّ من مصادرها، أدخلت الحكومة المصرية تدابير ذات منافع بيئية مشتركة، تشمل تشجيع استخدام الدراجات، واعتماد معايير الطاقة في المباني للحدّ من ضجيج أنظمة تكييف الهواء، وتعديل الحركة المرورية، مع تحويل بعض الطرقات إلى شوارع ذات اتجاه واحد.
ولا يمكن الحُكم على جودة الصوت من خلال خصائصه الفيزيائية فقط؛ لأن الضوضاء كصوت غير مرغوب فيه تمثّل مفهوماً نفسياً أيضاً. ومع ذلك، يتّفق معظم الناس على أن العالم الصامت غير مرغوب فيه أيضاً؛ لأن الأصوات تُثري الحياة، وتُغني المشاعر، وتعزز الصحة والرفاهية، وتزيد من قيمة التجارب اليومية، وتساعد في تحديد خصائص الأماكن والثقافات، وتشكّل نوعية الحياة.
وقد تكون بعض الأصوات الحضرية فريدة من نوعها في المجتمع، وتضيف إلى هويته الثقافية، إلى درجة تصبح بمثابة معالم صوتية تاريخية تثير الذكريات، كدقات ساعة «بيغ بن» في لندن، وعنين النواعير في حماة، وصخب الناس في أسواق القاهرة. وفي المفهوم الأوسع، لا ينبغي النظر إلى الراحة الصوتية على أنها مجرد غياب للضوضاء، ولكنها حالة توفّر فيها الأصوات المحيطية فرصة أكبر للنمو وتحقيق الرفاهية الجسدية والعقلية.



دبة قطبية بكندا تتبنى شبلاً في واقعة نادرة

دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
TT

دبة قطبية بكندا تتبنى شبلاً في واقعة نادرة

دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
دب قطبي (أرشيفية- رويترز)

رصد باحثون في كندا مؤخراً حالة نادرة جداً لدبة قطبية تبنَّت شبلاً لم تلده في شمال البلاد.

وقال الباحث في هيئة البيئة الكندية إيفان ريتشاردسون الذي يجري دراسات بشأن هذا المفترس الأكبر في القطب الشمالي منذ 25 عاماً، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم تُسجَّل سوى 13 حالة (من هذا النوع) خلال 45 عاماً».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، تمكن ريتشاردسون وفريقه من الإمساك بدبة مع شبلين لها، يبلغ سن أحدهما 10 أشهر، والآخر 11 شهراً، بالقرب من تشرشل التي تُلقَّب بـ«عاصمة الدببة القطبية في العالم»، والواقعة في شمال مانيتوبا بوسط كندا.

وأضاف: «عندما اقتربنا، لاحظنا أن أحد الشبلين يحمل علامة تعريف، بينما الآخر لا يحملها»؛ مشيراً إلى أن الأم نفسها شوهدت قبل بضعة أشهر مع شبل واحد فقط.

دب قطبي (أرشيفية - أ.ف.ب)

وفي هذه المنطقة الشمالية، يضع الباحثون علامات تعريف على الدببة القطبية ليتسنى لهم تتبعها ودراستها طوال حياتها.

وأكدت عمليات التتبع عبر أطواق مزودة بنظام تحديد المواقع العالمية (جي بي إس) والملاحظات التي أجرتها منظمة «بولار بيرز إنترناشيونال»، وهي مجموعة بحثية معنية بالدببة القطبية، أن الأنثى المعنية احتفظت بالشبلين معها لأسابيع.

وقال إيفان ريتشاردسون: «إنها قصة رائعة. هذه الدببة القطبية تتمتع بحسِّ أمومة مذهل؛ إذ إنها مهيَّئة بطبيعتها لرعاية صغارها».

وقد انخفض عدد الدببة القطبية في غرب خليج هدسون بنسبة 30 في المائة خلال بضعة عقود فقط، من نحو 1200 دب في ثمانينات القرن الماضي إلى 800 دب اليوم. ويعود ذلك جزئياً إلى تسارع ذوبان الجليد الذي يشكل عنصراً ضرورياً لبقائها.

مع ذلك، لا يوجد دليل يربط بين هذا التبني وتغير المناخ، وفق ريتشاردسون.

ويجري حالياً فحص جيني لتحديد الأم البيولوجية للشبل المتبنَّى. وقال العالِم إنَّ ثمة «احتمالاً كبيراً أن نكتشف هويتها».

على مدى 45 عاماً، رُصد أكثر من 4600 دب قطبي في هذه المنطقة من كندا، ما يجعلها، حسب ريتشاردسون: «أفضل مجموعة دببة قطبية دُرست في العالم».


العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
TT

العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)

اكتشف علماء حفريات إيطاليون الآلاف من آثار أقدام الديناصورات على صخرة شبه عمودية على ارتفاع أكثر من ألفي متر فوق مستوى سطح البحر في متنزه ستلفيو الوطني، وهو اكتشاف يقولون إنه بين أغنى مواقع العصر الترياسي في العالم، وفقاً لـ«رويترز».

وتمتد المسارات، التي يصل عرض بعضها إلى 40 سنتيمتراً وتظهر عليها علامات مخالب، لمسافة خمسة كيلومترات تقريباً في منطقة فالي دي فرايلي الجليدية المرتفعة قرب بورميو، وهو أحد أماكن استضافة الأولمبياد الشتوي لعام 2026 في إقليم لومبارديا الشمالي.

وقال كريستيانو دال ساسو عالم الحفريات في متحف التاريخ الطبيعي بميلانو في مؤتمر صحافي، اليوم الثلاثاء، في مقر رئاسة إقليم لومبارديا: «هذا أحد أكبر مواقع آثار الأقدام في إيطاليا وأقدمها، ومن أروع المواقع التي رأيتها منذ 35 عاماً».

ويعتقد الخبراء أن هذه الآثار خلّفتها قطعان من الديناصورات آكلات الأعشاب طويلة العنق، على الأرجح من فصيلة بلاتيوسورس، منذ أكثر من 200 مليون سنة عندما كانت المنطقة بحيرة دافئة، وهي مثالية لتجول الديناصورات على الشواطئ تاركة آثاراً في الطين قرب المياه.

ومع تحرك الصفيحة الأفريقية تدريجياً نحو الشمال مؤدية إلى إغلاق المحيط تيثيس وتجفيفه، طويت الصخور الرسوبية التي شكلت قاع البحر، مما أدى إلى تكون جبال الألب.

وقال خبراء إن آثار أقدام الديناصورات المتحجرة تحولت من الوضع الأفقي إلى الوضع الرأسي على منحدر جبلي رصده مصور للحياة البرية في سبتمبر (أيلول) في أثناء مطاردته غزلاناً ونسوراً.


القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
TT

القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)

سجّل العام المنصرم أكثر السنوات حرارة على الإطلاق في المنطقة القطبية الشمالية، وفق تقرير صادر عن وكالة أميركية مرجعية يرسم صورة قاتمة لمستقبل القطب الشمالي المعرَّض بشكل خاص لتبِعات تغيّر المناخ.

ووفق هذا التقرير السنوي، الذي نشرته الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، الثلاثاء، فقد تجاوزت درجات الحرارة في المنطقة القطبية الشمالية بين أكتوبر (تشرين الأول) 2024 وسبتمبر (أيلول) 2025، المعدل المسجل بين عاميْ 1991 و2020 بمقدار 1.60 درجة مئوية، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».