تفشي ظاهرة الانتحار في العراق.. وذي قار في المرتبة الأولى

أغلب الضحايا من النساء وسجلات الشرطة تخفي الأعداد الحقيقية

عراقيتان تحضران مهرجانا لحماية التراث في أربيل الخميس الماضي (أ.ف.ب)
عراقيتان تحضران مهرجانا لحماية التراث في أربيل الخميس الماضي (أ.ف.ب)
TT

تفشي ظاهرة الانتحار في العراق.. وذي قار في المرتبة الأولى

عراقيتان تحضران مهرجانا لحماية التراث في أربيل الخميس الماضي (أ.ف.ب)
عراقيتان تحضران مهرجانا لحماية التراث في أربيل الخميس الماضي (أ.ف.ب)

تتفشى في المجتمع العراقي وخاصة في المحافظات الشمالية والجنوبية ظاهرة الانتحار حيث كشفت دراسة أكاديمية صدرت مؤخرا لباحث من جامعة ذي قار، التي مركزها الناصرية، عن تصدر هذه المحافظة لبقية المحافظات العراقية في عدد عمليات الانتحار لخمس سنوات متتالية، مؤكدة أنه في عام 2013 وحده سجلت المحافظة ثلث عدد حالات الانتحار في عموم البلاد.
وقال واضع الدراسة أستاذ علم النفس في جامعة ذي قار، الدكتور عبد الباري الحمداني، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن: «الإحصائيات الخاصة بالعراق للعام 2013 وبحسب مفوضية حقوق الإنسان العراقية تشير إلى أن عدد الأشخاص الذين أقدموا على الانتحار في العراق عام 2013 بلغ 371 شخصا، بينهم 119 شخصا من محافظة ذي قار، وبنسبة تقدر بنحو 32 في المائة وهي نسبة مرتفعة جدا». وأضاف أن «أعمار هؤلاء تتراوح ما بين (13 - 35 عاما) وبواقع 65 في المائة من الإناث و35 في المائة من الذكور».
وتابع الحمداني أن «المشكلة في إحصاء أعداد المقدمين على الانتحار في العراق كبيرة وذلك بسبب أن الباحث يستقي معلوماته من أهل المنتحر أو أصدقائه وهؤلاء يخفون حقائق كثيرة لأسباب ومحاذير اجتماعية غالبا». وأشار إلى أن «أغلب دوافع انتحار الفتيات كانت وضع حد لمعاناتهن بسبب الإهمال أو وأد فضيحة تودي بحياتها وسمعة عائلتها أو الاكتئاب».
إلى ذلك، قال عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق هيمن باجلان إن: «الانتحار في العراق تحول من حالة إلى ظاهرة وموجودة في كل المحافظات العراقية، لكن هناك تعتيما على الموضوع وخاصة في أوراق التحقيق وأوراق الشرطة ولعدة أسباب ومنها ضغوط العائلة وخاصة لدى تسجيل حالات انتحار الإناث». وأضاف أن «وسائل الانتحار لدى النساء عدة ومنها الحرق لذا نجد أنه في الأوراق الثبوتية من السهل تسجيله على أنه سوء استخدام الغاز السائل أو مواد الحرق الأخرى بسبب الضغوطات».
وتابع أن «المفوضية تأخذ الإحصائيات بحالات الانتحار من الجهات المعنية بوزارة الداخلية والطب العدلي حيث لم تسجل الأوراق الرسمية في عام 2013 إلا حالة واحدة في وسط وجنوب العراق والمفوضية اعتبرته إحصاء هزيلا جدا».
وعن الحلول التي وضعتها المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق لمعالجة ظاهرة الانتحار، بين باجلان أن «المفوضية لديها ملف خاص لمعالجة هذه الظاهرة وتعمل عليه وهو من خلال نشر الوعي في المجتمع من خلال برنامج كامل إلا أنه متوقف حاليا لأن المفوضية مؤسسة وطنية وبسبب حالة التقشف المالي التي يمر بها العراق لم ينفذ».
إلى ذلك، يبدو أن «الغش الصناعي» أنقذ فتاة أقدمت على الانتحار في محافظة ذي قار. وقالت الشرطة إن شابة في مقتبل العمر من مدينة الناصرية نجت من الموت بأعجوبة بعد أن تبين أن السم الذي حاولت الانتحار به كان مغشوشا وغير مطابق للمواصفات. وقال مصدر في الشرطة لـ«الشرق الأوسط» إن: «فتاة تبلغ من العمر 21 عاما حاولت الانتحار بالتهام كمية من سم الفئران، الأمر الذي أدى إلى فقدانها الوعي ونقلها إلى المستشفى على وجه السرعة». وأوضح أن «الجهات الطبية أكدت نجاة الفتاة من الموت لأن السم المستخدم كان مغشوشا ولم يؤثر على الأجهزة العضوية لجسم الفتاة إلا بقدر قليل جدا دون أن يتسبب بوفاتها».



عودة الزخم إلى «هدنة غزة» بعد «انحسار» حرب إسرائيل وإيران

فتية وأطفال عند خيام نُصبت وسط البنية التحتية المدمرة بمدينة غزة يوم الاثنين (أ.ب)
فتية وأطفال عند خيام نُصبت وسط البنية التحتية المدمرة بمدينة غزة يوم الاثنين (أ.ب)
TT

عودة الزخم إلى «هدنة غزة» بعد «انحسار» حرب إسرائيل وإيران

فتية وأطفال عند خيام نُصبت وسط البنية التحتية المدمرة بمدينة غزة يوم الاثنين (أ.ب)
فتية وأطفال عند خيام نُصبت وسط البنية التحتية المدمرة بمدينة غزة يوم الاثنين (أ.ب)

عادت الأنظار تتجه إلى مساعي وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع اتصالات ودعوات مكثفة من وسطاء ودول ومن ذوي الرهائن، تلت إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، اتفاقاً لإنهاء التصعيد بين إسرائيل وإيران.

تلك العودة إلى مفاوضات غزة بعد 12 يوماً من تصعيد إسرائيلي وإيراني، ستشهد بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» زخماً متواصلاً لتحقيق استقرار بالمنطقة، متوقعين العودة لمسار المحادثات قريباً والتوصل لإبرام هدنة مؤقتة أو صفقة شاملة حسب الموقف الأميركي وضغوطه على إسرائيل.

وبعد ساعات من إعلان ترمب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، كانت التهدئة بغزة حاضرة خلال اتصال هاتفي، الثلاثاء، بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، بحثا خلاله «التنسيق المصري - القطري المكثف للتوصل إلى تهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة»، بحسب بيان للرئاسة المصرية.

حزن ووجوم بعد مقتل فلسطينيين بالقرب من معبر زيكيم الحدودي الذي تسيطر عليه إسرائيل (أ.ف.ب)

وفي مؤتمر صحافي، الثلاثاء، مع نظيره اللبناني نواف سلام، قال رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن بلاده، وهي وسيط رئيسي في محادثات الهدنة في غزة، تعمل على استئناف المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال رئيس وزراء قطر إن بلاده تحاول «البحث عن فرصة خلال اليومين المقبلين لتكون هناك مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين للوصول إلى اتفاق»، مضيفاً: «نتمنى ألّا يستغل الجانب الإسرائيلي وقف إطلاق النار مع إيران لتفريغ ما يريد تفريغه في غزة، ويستمر (في) قصفه».

وأفادت قناة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية، بأن مصر طالبت بإرسال وفد إسرائيلي إلى محادثات في القاهرة، بهدف دفع صفقة الرهائن بين الطرفين، وأكدت لإسرائيل أنه لم يعدّ هناك أي مبرر لعدم إرسال وفد بعد انتهاء الحرب مع إيران، مشيرة إلى أن وفداً من «حماس» يوجد في القاهرة أيضاً، ويشارك في محادثات حول هذه القضية، وهو ما لم تنفهِ أو تؤكده الحركة الفلسطينية أو القاهرة.

انحسار ربما يعيد الزخم

عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يعتقد أن انحسار الحرب في إيران سيعيد الزخم لمحادثات التوصل لاتفاق بشأن غزة، خاصة في ظل وجود وفد من «حماس» بالقاهرة، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في ظل انحسار كل جبهات الحرب «يخشى من حساب داخلي عسير ومستقبل سياسي، وقد يناور ضد أي تهدئة بالقطاع للحفاظ على مكاسبه السياسية».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور سهيل دياب، أن «وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بتدخل أميركي وبوساطة قطرية سيؤثر إيجاباً في إمكانية التقدم نحو أي تصور لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، ويمكن أن يؤدي إلى اتفاق»، مشيراً إلى أن نتنياهو «لم يعد لديه أي مخرج بعد أن هرب للأمام من الأزمات الداخلية نحو حرب لبنان، ثم إيران، ولم يعد لديه ملاذ إضافي الآن».

دمار واسع جراء غارات إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأثار التحرك نحو وقف إطلاق نار نهائي في إيران، بعد إعلان ترمب، دعوات إسرائيلية متواصلة بإنهاء حرب غزة. وخاطب «منتدى أسر الرهائن والمفقودين» بإسرائيل حكومة نتنياهو، في بيان، الثلاثاء، قائلاً: «من أنهى الحرب مع إيران خلال 12 يوماً، يمكنه أن يُنهي أيضاً حرب غزة».

وأضاف المنتدى: «نطالب بمفاوضات عاجلة لإعادة جميع الرهائن وإنهاء النزاع المستمر».

وكتب زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، على منصة «إكس»: «حان الوقت لإنهاء الحرب في غزة. أعيدوا الرهائن. أنهوا الحرب».

وطالبت الرئاسة الفلسطينية، الثلاثاء، بإنهاء الحرب بغزة على نحو ما تم مع طهران، وقالت في بيان: «التوصل إلى وقف إطلاق النار (بين إسرائيل وإيران) هو خطوة هامة على طريق تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. نطالب باستكمال هذه الخطوة عبر تحقيق وقف لإطلاق النار يشمل قطاع غزة».

كما قال المستشار الألماني، فريدرك ميرتس، في خطاب أمام البرلمان الألماني، إن الوقت قد حان لإنهاء الحرب الدائرة في غزة، مشدداً على ضرورة عدم السماح للصراع الإقليمي مع إيران بأن يغرق المنطقة بأسرها في أتون حرب واسعة.

«المايسترو الأميركي»

ورغم تلك المواقف، لم يصدر عن الوسيط الأميركي أي موقف بشأن غزة، ولم تتطرق أحاديث ترمب ونتنياهو الأخيرة لتطورات غزة. وأكّد موقع «أكسيوس» الأميركي، الثلاثاء، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي أن ترمب اتصل بنتنياهو وطلب منه عدم مهاجمة إيران.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الثلاثاء، أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية «الكابينت» ناقش صفقة شاملة مع قطاع غزة تشمل إعادة الرهائن، وهي أوسع من مخطط مبعوث الرئيس الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

وشهد الاجتماع، بحسب الصحيفة، «طرح إمكانية أن تقود واشنطن صفقة شاملة تنهي الحرب غزة، أو وقف إطلاق نار طويل الأمد وفقاً لخطة ويتكوف، وسط ميل من نتنياهو لقبول مخطط ويتكوف لصفقة تبادل الأسرى» إذا وافقت «حماس».

وقال رخا: «رغم كل الدعوات المتواصلة من إسرائيل وفلسطين والغرب، فإن الموقف في يد واشنطن حالياً. إن أرادت أن توقف قتل الفلسطينيين وجرائم الحرب التي ترتكب ضدهم فعليها أن تتخلى عن انحيازاتها وتكون وسيط سلام، وإلا ستدخل محادثات المفاوضات في حلقات مفرغة دون جدوى».

وأضاف: «الهدنة ووقف الحرب بغزة كلاهما جاهز للتنفيذ لو أرادت واشنطن، كما فعلت مع نتنياهو وأمرته بوقف حربه ضد إيران».

ويرى دياب أن «ردود الفعل تقول إننا إزاء نقاش حول اتفاق غزة سيتصاعد، وإننا كما رأينا ترمب مايسترو، يقود فصول بداية ونهاية الحرب بإيران، فقد نرى ذلك المشهد أيضاً في غزة؛ لكن حال كانت هناك إرادة أميركية جادة، خاصةً أنه لا قضايا وأزمات كبرى كغزة حالياً، ويجب وقف الحرب لاستقرار المنطقة».