لبنان: المساعي السياسية تخفق في نزع فتيل التعيينات المعطّل للحكومة

مسؤول حكومي: عون يعطّل البلد وسلام سيستخدم صلاحياته الدستورية

أقيم في بيروت أمس مهرجان القناديل تحت شعار «نحن نتذكر» الذي يحتفي بالمكان اللبناني (رويترز)
أقيم في بيروت أمس مهرجان القناديل تحت شعار «نحن نتذكر» الذي يحتفي بالمكان اللبناني (رويترز)
TT

لبنان: المساعي السياسية تخفق في نزع فتيل التعيينات المعطّل للحكومة

أقيم في بيروت أمس مهرجان القناديل تحت شعار «نحن نتذكر» الذي يحتفي بالمكان اللبناني (رويترز)
أقيم في بيروت أمس مهرجان القناديل تحت شعار «نحن نتذكر» الذي يحتفي بالمكان اللبناني (رويترز)

لم تنجح قنوات الاتصال المفتوحة منذ أكثر من عشرة أيام بين القوى السياسية في لبنان، في إحداث أي خرق في الجدار السميك الذي رفعه رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون أمام حكومة تمام سلام وجدول أعمالها، ما لم يكن البند الأول على سلّم هذا الجدول تعيين صهره قائد فوج المجوقل العميد شامل روكز قائدًا للجيش اللبناني، بدلاً من العماد جان قهوجي، وقبل انتهاء ولاية الأخير التي تستمرّ حتى آخر شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. ويبدو أن كل المساعي التوافقية التي يتولاها الرئيس تمام سلام بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، أبقت أبواب الرابية موصدة أمامها، وأمام أي حلّ أو اقتراح لا يلحظ تعيين قائد للجيش، وهو ما يرفضه فريق «14 آذار» ومعه بري وجنبلاط، ما يستدعي البحث عن حلول أخرى تعيد إطلاق عجلة الحكومة وتجنّبها التصدّع، وتحافظ على الحدّ الأدنى من الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.
وإزاء الضبابية التي تلفّ الوضع الحكومي والخيارات التي قد تلجأ الأطراف داخل الحكومة وخارجها، جزم مصدر مقرّب من رئيس الحكومة تمام سلام، بأنه لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، لأن «ظروف عقد جلسة منتجة لم تنضج بعد». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرئيس سلام أعطى الفرقاء أسبوعين من الوقت لاستكمال الاتصالات وإفساحًا في المجال أمام الاتفاق على تسيير شؤون البلاد بعيدًا عن الدخول في اشتباك التعيينات، لكن هذا الفترة لن تطول كثيرًا». وعن الخيار الآخر الذي قد يلجأ إليه رئيس الحكومة، أوضح المصدر أن «هناك خيارا واحدا وهو دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد والنظر في جدول الأعمال الذي تعدّه رئاسة الحكومة وإقرار بنوده». ورأى أنه «لا مانع من طرح أي موضوع للنقاش، لكن من دون أن يكون خلفية هذا البند تعطيل الحكومة».
هذه المقاربة أيدها وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، الذي أوضح أن «الوقت الآن مكرّس للمشاورات وإيجاد الحل الذي يقنع الجميع بعدم تعطيل الحكومة، لكن في حال سدّت كل السبل ولم يتم التوصل إلى اتفاق فإن رئيس الحكومة سيدعو إلى جلسة وستبحث في جدول أعمال لا يخصّ فريقًا معينًا إنما يتعلّق بتسيير شؤون الدولة وحياة المواطن اليومية ومنها تأمين رواتب الجيش اللبناني وموظفي الدولة وغيرها من الأمور الحياتية الملحّة». وأكد دو فريج لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا أحد يعطل البلد إلا (رئيس تكتل التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون لأسباب خاصة، وهذا أمر مرفوض». وقال: «حتى حزب الله الذي يجاري عون في طروحاته، لن يقبل أن تعطّل الحكومة لأجل طويل لأن له مصلحة استراتيجية في أن تعمل بالحد الأدنى». وأشار إلى أن «هناك فريقًا واحدًا في البلد هو العماد عون الذي يمنع انتخاب رئيس الجمهورية، ويسعى لمنع مجلس الوزراء من اتخاذ القرارات». وردًا على سؤال عن إمكان حضور وزراء عون وحزب الله جلسة مجلس الوزراء ورفضهم التوقيع على أي قرار يتخذه المجلس قبل تعيين قائد للجيش ما يؤدي إلى تعطيل هذه القرارات، أشار دو فريج إلى أن «رئيس الحكومة لدية صلاحيات منحه إياها الدستور لم يستعملها حتى الآن، كي لا تظهر على أنها تحدِّ، إلا أنه سيصل إلى وقت يستعمل فيه صلاحياته لأن مصلحة البلاد فوق كل الحسابات الشخصية».
أما وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي، فحذّر من أن «الوطن أصبح في دائرة الخطر أرضا وشعبا ومؤسسات، نتيجة الانقسام الحاد وغير المسبوق بين الفرقاء في الداخل». ودعا إلى «مغادرة الأنانيات والشخصانية والترفع عن الغايات والمصالح والذهاب بإرادة صادقة إلى إنتاج حياتنا السياسية، عبر إتمام الاستحقاقات الدستورية، وفي مقدمتها انتخاب رئيس للجمهورية، باعتباره الممر الإجباري لحل كل العقد والإشكالات القائمة راهنا لا أن نمعن في استسهال خلق الأزمات، لأن المطلوب انتخاب رئيس للبلاد»، معتبرًا أن «تعطيل الحكومة مرفوض ومنبوذ وجريمة بحق الوطن والمواطن، وأيا كانت الذرائع فلا أمر يتقدم على المصلحة الوطنية العليا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.