غضب في رام الله بعد دهس سيارة عسكرية إسرائيلية فلسطينيًا

السلطة تدين وتطلب حماية دولية.. ومستشار لعباس: واثقون من محاسبة إسرائيل

فلسطينية ترفع عصا في وجوه الجنود الإسرائيليين وتصرخ بعد الاشتباكات التي اندلعت في قرية كفر مالك بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
فلسطينية ترفع عصا في وجوه الجنود الإسرائيليين وتصرخ بعد الاشتباكات التي اندلعت في قرية كفر مالك بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

غضب في رام الله بعد دهس سيارة عسكرية إسرائيلية فلسطينيًا

فلسطينية ترفع عصا في وجوه الجنود الإسرائيليين وتصرخ بعد الاشتباكات التي اندلعت في قرية كفر مالك بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
فلسطينية ترفع عصا في وجوه الجنود الإسرائيليين وتصرخ بعد الاشتباكات التي اندلعت في قرية كفر مالك بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

شيع آلاف الفلسطينيين الغاضبين أمس، جثمان الشاب عبد الله غنيمات (22 عاما)، في قرية كفر مالك شمالي شرق رام الله، بعد ساعات فقط من قتله بطريقة بشعة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي طاردته، ثم إصابته برصاصة قاتلة، قبل أن تدهسه سيارة عسكرية وتنقلب فوقه، ما تسبب في تهشيم بعض عظامه.
ووصف رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عيسى قراقع، قتل غنيمات، بأنه تم بطريقة بشعة.
وكانت السيارة العسكرية الإسرائيلية انقلبت على غنيمات، وبقيت فوقه لفترة من الزمن، قدرها أهالي القرية بأكثر من ساعة قبل أن ينتشل جثمانه.
وأدان نمر حماد المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني: «العمل الإجرامي الإسرائيلي»، قائلا لإذاعة محلية «إننا ندين هذا العمل الإجرامي الإسرائيلي في كفر مالك، وهو جزء من النهج الإسرائيلي ضد حياة المواطن الفلسطيني، بقتله بدم بارد سواء بالرصاص أو الدهس أو الحرق».
وأضاف: «إن إسرائيل لن تستطيع أن تدافع عن ممارساتها ضد أبناء شعبنا أمام المحاكم الدولية، والجنائية الدولية».
وتابع: «إننا واثقون من معاقبة حكومة الاحتلال على جرائمها».
واتهمت محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام، الجيش الإسرائيلي بقتل غنيمات «بدم بارد».
وقالت، لقد «أطلقوا عليه النار ومن ثم دهسوه».
ودعت غنّام المجتمع الدولي لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني من الاحتلال «الذي يفتك بالأرض والأطفال والشباب والشيوخ».
وجاء حديث غنام ردا على رواية الجيش الإسرائيلي الذي اتهم غنيمات بمهاجمة سيارة عسكرية بقنبلة محلية (زجاجة حارقة) قبل أن تنحرف وتدهسه.
وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي إن السيارة العسكرية التي كانت متواجدة في قرية كفر مالك، ضمن عملية لاعتقال من يشتبه أنهم نشطاء، صدمت بطريق الخطأ الفلسطيني عندما رشقها بقنبلة حارقة.
وتابعت: «فوجئ السائق وانحرف (عن مساره) ليصدم الرجل»، مضيفة أن الجيش بدأ تحقيقا في الواقعة.
ولكن سكان المنطقة نفوا رواية الجيش الإسرائيلي. وقال نبيل عبد الفتاح «إن غنيمات في طريقه إلى عمله بمزرعة دواجن عندما صدمته السيارة في الشارع الرئيسي.. دورية الجيش صدمته مسك فيها سحبته لعند السور وقلبت عليه».
وأضاف: «تحدثنا إلى الجيش كي نرفع الجيب عن الشاب لكنهم رفضوا وبقي لفترة طويلة».
وأظهرت صور ملتقطة من مكان الحادث أن السيارة العسكرية أطبقت على جزء من جسد غنيمات على حافة سور على طرف الشارع.
وأدت الحادثة إلى مواجهات عنيفة بين أهالي قرية كفر مالك والجيش الإسرائيلي الذي سحب سيارته المعطوبة وانسحب من المنطقة بعد عدة ساعات.
وأكد أطباء في مجمع فلسطين الطبي أن غنيمات وصلهم مصابا برصاصة في عموده الفقري سبقت تهشم أجزاء من رأسه وظهره بسبب انقلاب الجيب عليه.
وبعد تشخيص الجثمان، انطلق موكب التشييع من أمام مجمع فلسطين الطبي في رام الله، وصولا إلى مسقط رأسه في كفر مالك، حيث ألقت عائلته نظرة الوداع الأخيرة على جثمانه، قبل أو يوارى الثرى في مقبرة القرية.
وجابت المسيرة شوارع القرية، وهتف المشيعون ضد إسرائيل وطالبوا بالانتقام.
واتضح أن غنيمات كان أسيرا لمدة عامين عند إسرائيل، وأطلق سراحه قبل 9 أشهر فقط.
ونعت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير، المحرر غنيمات. كما نعت حركة حماس غنيمات، وقالت في بيان «تؤكد حماس على استمرار المقاومة وتصاعدها واستمدادها العزم من دم الشهداء الأبطال».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم