جدل بشأن جريمة وعقاب المراهقين في البرازيل

مشروع قانون يقضي بتحديد مدة احتجاز المراهقين بـ10 سنوات على أقصى تقدير

الجدل احتدم في البرازيل حول ما إذا كانت إعادة تأهيل المراهقين الذين يرتكبون جرائم عنف أمرا ممكنا أم ينبغي محاكمتهم وسجنهم كبالغين (واشنطن بوست)
الجدل احتدم في البرازيل حول ما إذا كانت إعادة تأهيل المراهقين الذين يرتكبون جرائم عنف أمرا ممكنا أم ينبغي محاكمتهم وسجنهم كبالغين (واشنطن بوست)
TT

جدل بشأن جريمة وعقاب المراهقين في البرازيل

الجدل احتدم في البرازيل حول ما إذا كانت إعادة تأهيل المراهقين الذين يرتكبون جرائم عنف أمرا ممكنا أم ينبغي محاكمتهم وسجنهم كبالغين (واشنطن بوست)
الجدل احتدم في البرازيل حول ما إذا كانت إعادة تأهيل المراهقين الذين يرتكبون جرائم عنف أمرا ممكنا أم ينبغي محاكمتهم وسجنهم كبالغين (واشنطن بوست)

طعنت باتريشيا، خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، إحدى قريباتها، التي كانت رفيقتها آنذاك، في مشاجرة كان سببها على حد قولها التعليقات السامة المهينة المستمرة. وقالت: «لم أعد بمقدوري تحمل ذلك. لقد قضيت على حياة إنسان». وكانت في السابعة عشرة من العمر حينها. واحتدم الجدل في البرازيل حول ما إذا كان إعادة تأهيل المراهقين، الذين يرتكبون جرائم عنف، أمرا ممكنا، أم ينبغي محاكمتهم وسجنهم كبالغين.
وأثارت جرائم عنف كبيرة شارك بها مراهقون هذه المسألة، وأحدثت حالة من الاستقطاب بشأن مشروع قانون مثير للجدل في البرلمان يستهدف خفض سن المسؤولية الجنائية من 18 إلى 16. ومن المقرر التصويت على مشروع القانون خلال الشهر الحالي. وقالت إليسا رودريغوس، مديرة مركز حبس الشباب في فورتاليزا حيث تحتجز باتريشيا حاليا، مع العلم أنه لم يتم الكشف عن اسمها الحقيقي لأسباب قانونية، إن باتريشيا تفهم حجم الأذى الذي تسببت فيه، وتعاني ألم الفراق عن ابنها نيكولاس البالغ من العمر عامين. وأضافت قائلة: «الشخص الذي قتلته كان منغمسا في عالم المخدرات». ورغم أن النمو الاقتصادي في سيارا، وهي إحدى الولايات الواقعة شمال شرقي البرازيل، يعبر عن النمو الاقتصادي للبلاد ككل، تضاعف معدل الجرائم في فورتاليزا على مدى 10 أعوام تنتهي في 2012، حيث وصل إلى 78.8 في المائة لكل مائة ألف شخص بحسب «خريطة العنف» التي تصدرها كلية أميركا اللاتينية للعلوم الاجتماعية. وشغلت مدينة فورتاليزا المركز الثامن على قائمة المدن الأكثر عنفا في العالم لعام 2014 طبقا لتقرير صادر عن منظمة «الأمن والعدالة والسلام»، وهي منظمة مكسيكية غير حكومية. وبموجب القانون البرازيلي الحالي، يتم احتجاز مرتكبي الجرائم من المراهقين مثل باتريشيا لمدة أقصاها ثلاث سنوات في «مراكز تعليمية» مثل المركز المذكور آنفا من أجل إعادة تأهيل المراهق اجتماعيا. وقالت باتريشيا، البالغة من العمر 18 عاما والملتحقة بمدرسة، وتشارك في صفوف عن الجمال والرقص: «لا يستطيع أحد تغيير ما حدث أمس، لكنني أستطيع تغيير الغد. أستطيع أن أصبح شخصا أفضل».
في استطلاع رأي أجراه معهد «داتافولها» لاستطلاعات الرأي خلال شهر أبريل (نيسان)، تبين أن 87 في المائة ممن أجابوا على الاستطلاع يؤيدون مشروع القانون الذي يقضي بخفض سن المسؤولية الجنائية. وتم استخدام رذاذ الفلفل الحار في التعامل مع المتظاهرين الذين تجمعوا احتجاجًا على مشروع القانون مؤخرًا. وكتب رينالدو أزيفيدو، وهو كاتب عمود يميني، في صحيفة «فولها دي ساو باولو»: «يعتقد اليساريون البدائيون أن القتل يمهد للخلاص».
ويرى المعارضون أن الزج بالمراهقين في سجون البرازيل المزدحمة سيئة السمعة، والتي تتسم بيئتها بالقسوة وتحكمها العصابات الإجرامية، حيث أعمال الشغب وقطع الرؤوس من الأمور غير المستغربة، ليس هو الحل، حتى إذا قضى المراهقون المدانون المدة في سجون أو منشآت منفصلة. وكتبت الرئيسة ديلما روسيف، على صفحتها على موقع «فيسبوك» خلال شهر أبريل: «لن يحل خفض سن المسؤولية الجنائية، التي توجب عقوبة السجن، مشكلة جنوح الأحداث». وقد تدعم حكومتها مشروع قانون مضاد يقضي بتحديد مدة احتجاز المراهقين بعشر سنوات على أقصى تقدير. وتجوب فرق الشرطة، التي ترتدي زي رسمي أسود، شوارع فورتاليزا في دوريات. وفي أحد الأيام ألقوا القبض على صبيين مراهقين يركبان دراجة نارية بعد اقتحامهما لمحل لبيع الدراجات النارية. وقالت الضابطة راتشيل موريرا في مركز شرطة الطفل والمراهق في المدينة: «أكثر الجرائم التي تحدث يوميا هي جرائم السرقة باستخدام السلاح». وأوضحت أن خفض سن العقوبة وحده لن يؤثر على معدل الجريمة، مشيرة إلى ضرورة عمل تغييرات أوسع نطاقا في القانون. على الجانب الآخر، قال نائبها الضابط إميرسون دي سوسا، الذي يدعم خفض سن العقوبة: «يدرك هؤلاء الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما معنى الجريمة». وفي سيارا، يرتكب المراهقون نحو 31 في المائة من جرائم العنف بحسب الإحصاءات الصادرة عن حكومة الولاية والتي نشرت في صحيفة «فولها دي ساو باولو». وقال مانويل كليستينيس، كبير القضاة في محكمة الطفولة والأحداث: «الدافع هو المخدرات». ويعد مخدر الماريغوانا من المخدرات رخيصة الثمن وتنتشر في البرازيل، وكذلك ينتشر الكوكايين المخفف في الأحياء الأكثر فقرا. وعادة ما يكون مرتكبو الجرائم من الطبقات الاجتماعية المتدنية. وقال كليستينيس: «هناك دائما شكل من أشكال التخلي عن المراهق في الأمر. ونادرًا ما يكون مرتكب الجريمة بلا أم أو أب أو ينتمي للطبقة المتوسطة». ومثل أكثر الولايات البرازيلية، لا يوجد في ولاية سيارا حبس لمتعاطي المخدرات الذين يتلقون علاجا. و«كازا دو مينور» هي منظمة غير حكومية تضم مراهقين يعانون من مشكلات في تعاطي المخدرات. وبابلو، البالغ من العمر 12 عاما، والذي تم تغيير اسمه لأسباب قانونية، كان النزيل الوحيد ذلك اليوم. وقال إن والدته، التي كانت تتعاطى مخدرات هي الأخرى، قد توفيت بسبب المخدرات وكانت حاملا. وأضاف قائلا: «أغلب أفراد أسرتي ينتمون إلى تلك الدائرة. لذا كان من السهل علي السير في هذا الطريق. يمكنك الذهاب وشراء المخدرات بسهولة، لكن الخروج أمر آخر، فهو أمر صعب جدا». وكان بابلو يعيش في الشارع، ويتاجر في المخدرات، واستخدم سكينا، وسلاحا ناريا، في هجمات على أحد شواطئ فورتاليزا. وقال إنه «أراد التوقف عن تعاطي المخدرات». وأوضح قائلا: «لقد كنت أبكي حين أتيت إلى هنا. واستقبلني الجميع بترحاب».
وأسس ريناتو كيرا، وهو قس إيطالي، كازا دو مينور في نوفا إيغواكو، بالقرب من ريو دي جانيرو عام 1986 من أجل إيواء الأطفال المشردين في المنطقة، وحمايتهم من خطر المجرمين. ويحتاج مراهقون مثل بابلو إلى علاج نفسي وروحاني لا إلى السجن بحسب ما أوضح كيرا. وقال: «أصبحت تجارة المخدرات هي الملجأ بالنسبة إلى هؤلاء الصبية». مع ذلك تعد إعادة تأهيل متعاطي المخدرات من المراهقين عملية طويلة وصعبة، فقد هرب خلال شهر أبريل، خمسة مراهقين من نزلاء المركز من أجل شراء الكوكايين والماريغوانا، وهجموا على حافلة باستخدام سلاح ناري صنعوه من المعدن والأسلاك. بعد ذلك هرع الصبية إلى أحد العاملين في المركز وهم مذعورين من عاقبة ما فعلوه. وفي حين عاد أربعة منهم إلى أسرهم، تم قتل الخامس على أيدي أحد تجار المخدرات.
وأخيرا قالت ماريا لورا، مديرة منظمة هيومان رايتس ووتش في البرازيل: «ليس الحل هو الزجّ بهم في سجون البالغين، فهذا سوف يكون بمثابة شهادة تخرج لهم في عالم الجريمة».
*خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ{الشرق الأوسط}



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.