مسرحية «آخر سيجارة» تنقل واقع تفكير الرجال في العمق

يبدأ عرض «آخر سيجارة» في 7 سبتمبر على مسرح مونو (انستغرام)
يبدأ عرض «آخر سيجارة» في 7 سبتمبر على مسرح مونو (انستغرام)
TT

مسرحية «آخر سيجارة» تنقل واقع تفكير الرجال في العمق

يبدأ عرض «آخر سيجارة» في 7 سبتمبر على مسرح مونو (انستغرام)
يبدأ عرض «آخر سيجارة» في 7 سبتمبر على مسرح مونو (انستغرام)

المعروف أن النساء عادة ما يتحدثن عن مشاكلهن وأمورهن بين بعضهن البعض بصورة طبيعية، فلا يتوانين عن البوح بما يخالجهن من مشاعر مهما كانت طبيعتها. وهذه الفضفضة تؤمن لهن نوعاً من الراحة النفسية، فيستطعن من خلالها تجاوز حالات الإحباط وتراكم ضغوطات الحياة عليهن.
لكن في مسرحية «آخر سيجارة» التي يبدأ عرضها في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل على «مسرح مونو» في الأشرفية، قرر كاتبها وليد عرقجي، أن يمشي عكس التيار. فهو ومن خلال تجارب شخصية خاضها وتعرف إليها من أصدقائه، يسلط الضوء على المشاعر الحقيقية عند الرجل. ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «الرجل عادة، وعندما تصيبه مشكلة معينة يكبتها في أعماقه عكس المرأة التي يمكنها أن تبوح بسرعة لوالدتها أو صديقتها. وفي هذه المسرحية أسلط الضوء على الأقنعة التي يضعها الرجال بين بعضهم للتستر على أمور تزعجهم. كان على بالي الإضاءة على جانب من شخصية الرجل يجهلها كثيرون، وحتى المقربين منهم».


لينا أبيض تصف «آخر سيجارة» بالمسرحية الممتعة (الشرق الأوسط)

تدور قصة المسرحية حول 3 رجال، اثنان منهم متزوجان، وتربطهم صداقة عمرها أكثر من 30 عاماً، أي منذ أيام الطفولة. وفي إحدى جلساتهم يجري حادث معين يقلبها رأساً على عقب، فتتزعزع هذه الصداقة بعد سقوط الأقنعة عن وجوههم. فندخل في سياق عمل مسرحي ينقل ما في الأعماق من عذاب ومعاناة عندهم.
وتشير مخرجة العمل لينا أبيض، إلى أن أهمية هذا العمل، تكمن في عفويته وحقيقته. فأبطالها الثلاثة وسام صليبا ووليد عرقجي ودوري سمراني، هم أصدقاء أيضاً في حياتهم الحقيقية، وفي المسرحية سيعكسون تجربتهم الخاصة بواقعية سيلمسها مشاهد العمل من دون شك. وتتابع أبيض لـ«الشرق الأوسط»: «سنكتشف في القسم الأول من المسرحية أن هؤلاء الرجال ليسوا مرتاحين في حياتهم عكس ما يدعونه تماماً. فكل منهم عنده مشكلة أكبر من الأخرى، لتنتهي المسرحية باضطراب كبير».
لماذا اختار كاتب العمل عرقجي امرأة، كي تدير عملاً يتحدث عن الرجال؟
يرد عرقجي: «كنا نريد أن نحظى بوجهة نظر أنثوية لنتأكد من أن المرأة في استطاعتها تفهم الرجل بكل حالاته. وهذا الخيار من شأنه أن يحدث توازناً في تنفيذ العمل».
أما لينا أبيض فتوضح: «العمل يطال النساء والرجال معاً، لأنه يلقي الضوء على مشكلات الرجال مع زوجاتهم، ولذلك هو يحاكي الطرفين. كما أني لست امرأة فقط، بل مخرجة صاحبة تجارب كثيرة. وهذا التفاعل الذي يحصل بيني وبين الشبان الثلاثة شكل تجربة رائعة لي. فهم أشخاص محترفون وجديون في عملهم، وأنا أعشق هذه الأجواء في العمل المسرحي. والجميل في الموضوع أن هناك مساواة بيننا على صعيد الاحتراف والإتقان، وهو ما أسهم في رفع مستوى العمل ككل».
تقول أبيض إنها تعلمت الكثير عن حياة الشباب من خلال هذه المسرحية. فهي لم تحتك بعالمهم كونها لم ترزق بصبيان بل فقط بفتيات. كما أن علاقتها مع طلابها في الجامعة (كونها أستاذة جامعية) تتحكم بها مسافة معينة يفرضها إطار التعليم. فجاءت هذه المسرحية لتزودها بتجربة جديدة لم يسبق أن خاضتها من قبل.
وتعبر المخرجة لينا أبيض، عن سعادتها كون الناس ستجتمع من جديد في صالة مسرح بعد غياب قسري بسبب الجائحة وأزمات متلاحقة في البلاد. وتعلق: «من الجميل أن نجد أشخاصاً لا يزالون يتمسكون بالمسرح، رغم عقبات كثيرة تواجهنا كلبنانيين. فهذا الشغف والمثابرة هما عنصران أساسيان بالنسبة لي. ولو أن كلاً منا قام بعمله كما يجب وبإتقان، لكنا بألف بخير ولكان بلدنا أفضل بالتأكيد».
وتتألف المسرحية من قسمين، نطل في الأول منها على ما يحب الرجل أن يظهره من شخصيته للآخر. وفي الثاني ندخل إلى رأس ودماغ الرجل لنتعرف إليه عن كثب. ويعلق كاتب العمل وليد عرقجي: «لا أعرف إذا ما كانت طريقة تربيتنا كرجال تشكل لنا ضغوطاً كثيرة في حياتنا. يكفي أن يمنع على الصبيان التعبير عن أحزانهم بالبكاء منذ صغرهم، تحت حجة أن الرجال لا يجب أن يبكوا، فهذه الطريقة ولوحدها يمكنها أن تدمر له حياته وتجعله يعيش في كبت مقيت».
وعما ينتظر مشاهد «آخر سيجارة»، تقول المخرجة لينا أبيض لـ«الشرق الأوسط»، «ستتابعون كوميديا رائعة وموضوعات واقعية وحقيقية بعيداً عن الأسلوب الفلسفي واللغوي وغيرهما. فهي ستتحول في سياق أحداثها إلى عمل عميق مشبع بالإنسانية والحميمية، كثيرون هم الرجال والنساء الذين عاشوها».
من ناحيته، يؤكد دوري السمراني، المشارك في هذا العمل، أن موضوع المسرحية يهدف إلى جذب الانتباه لأهمية الصحة النفسية عند كل منا. «ليس بالضروري أن ننتظر الوصول إلى حالة نفسية خطيرة كي نتوجه عند الطبيب النفسي. المطلوب أن نجد دائماً شخصاً يصغي إلينا فنحدثه عن همومنا ومشكلاتنا. وعلينا القيام بهذا الأمر كعملية صيانة لأنفسنا، تماماً كما هي العادة عندما نقوم بصيانة سنوية لمبنى أو عمارة. فليس من المعيب أن نطلب المساعدة من الآخر بدل أن ندفن مشكلاتنا في أعماقنا ونتكتم عليها». دوري الذي يلعب شخصية فادي في هذا العمل يعتبر أن هذه المسرحية تلامس الناس عن قرب حتى أنه تم تعديل نصها الذي كتبه عرقجي منذ نحو 3 سنوات ليصبح شبيهاً بشخصيات أبطاله. «نحن أصدقاء حقيقيون في الواقع، وقد أضفنا إلى النص الكثير من التمثيل الارتجالي».


أبطال «آخر سيجارة» وسام ووليد ودوري (الشرق الأوسط)

لدوري تجربتان سابقتان مع المسرح وهذه هي الثالثة. فقد سبق وشارك في مسرحيتين «الوحش» مع كارول عبود والمخرج جاك مارون، وكذلك في الحركة المسرحية «همسات». هذه الأخيرة تهدف إلى جمع التبرعات للمسرح اللبناني بعد النكسة التي أصابته إثر انفجار بيروت. يختم لـ«الشرق الأوسط»: «ستتابعون عملاً مميزاً فيه الكثير من الضحك والرسائل الاجتماعية المزروعة في كل تفاصيله. وبحضوركم ستشجعون الأعمال المسرحية اللبنانية في الوقت نفسه».
يذكر أن مسرحية «آخر سيجارة» تعرض ابتداء من 7 سبتمبر المقبل ولغاية 2 أكتوبر (تشرين الأول) على «مسرح مونو» في الأشرفية.



مائدة مستديرة في الرياض تشدد على ضرورة «بناء أنظمة طاقة نظيفة ومرنة»

المائدة المستديرة في الرياض (تصوير: مشعل القدير)
المائدة المستديرة في الرياض (تصوير: مشعل القدير)
TT

مائدة مستديرة في الرياض تشدد على ضرورة «بناء أنظمة طاقة نظيفة ومرنة»

المائدة المستديرة في الرياض (تصوير: مشعل القدير)
المائدة المستديرة في الرياض (تصوير: مشعل القدير)

شدد مختصون بالطاقة النظيفة على ضرورة تنويع مصادر الإمداد وتعزيز قدرات التصنيع المحلية لضمان أمن الطاقة على المدى الطويل وتقليل نقاط الضعف، داعين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تقليل الاعتماد على الموردين الفرديين من خلال الحصول على المواد والمكونات من عدة مناطق.

جاء ذلك في جلسة حوارية، استضافتها «اقتصاد الشرق مع بلومبرغ» بالتعاون مع «SRMG Think للأبحاث والاستشارات» في الرياض، لبحث موضوع «بناء أنظمة طاقة نظيفة مرنة» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأكد المجتمعون خلال اللقاء تطوير التصنيع المحلي والإقليمي، من خلال الاستثمار في تطوير الصناعات المحلية لتقنيات الطاقة النظيفة مثل الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، والبطاريات، مع أهمية إنشاء مناطق للتجارة الحرة ومراكز لإعادة التصدير، مع إنشاء مراكز لوجيستية لتسهيل التجارة وإعادة تصدير المواد الحيوية ومكونات الطاقة النظيفة.

وشددوا على ضرورة تعزيز اتفاقيات التجارة وإقامة شراكات تجارية استراتيجية لضمان الوصول إلى المواد الحيوية وتنويع المصادر، مع ضرورة الاستثمار في الابتكار وتشجيع الابتكار في تقنيات الطاقة النظيفة لتعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف، مؤكدين أهمية العمل على «بناء أنظمة طاقة نظيفة ومرنة».

واستعرضت الجلسة الحوارية أبرز الرؤى التي طرحها تقرير «SRMG Think» الأخير بعنوان «تعزيز سلاسل الإمداد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل انتقالات الطاقة النظيفة».

وناقشت الجلسة الحوارية، التي قدمتها الإعلامية مايا حجيج، في «اقتصاد الشرق مع بلومبرغ»، التوجّهات الناشئة في مجال الطاقة النظيفة واستراتيجيات التوطين لتعزيز المرونة الإقليمية وآليات جذب الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة.

وشددت على أهمية السياسات الاستباقية والاستثمارات الاستراتيجية والتعاون بين القطاعين العام والخاص، لتمكين المنطقة من بناء مستقبل مرن للطاقة النظيفة يسهم في جهود الاستدامة العالمية ويعزز أمن الطاقة الإقليمية في مواجهة الصدمات الخارجية، حيث تحدثت نداء المبارك، المديرة التنفيذية لـ«SRMG Think» وجسيكا عبيد، رئيسة قسم تحول الطاقة في «SRMG Think».

جانب من المائدة المستديرة (تصوير: مشعل القدير)

وكشف المشاركون بالجلسة الحوارية عن أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتمتع بالقدرة على لعب دور حاسم في الانتقال إلى الطاقة النظيفة، مشددين على أن المنطقة تحتوي على احتياطيات ضخمة من المعادن الحيوية الممكنة للطاقة النظيفة.

ولفت المشاركون إلى أن المنطقة غنية بمعادن النحاس، والليثيوم، والنيكل، والكوبالت، والعناصر الأرضية النادرة (REEs)، التي تعد أساسية لتقنيات الطاقة النظيفة، حيث تقدم الموارد المنتشرة في السعودية والأردن والإمارات وعُمان ومصر، فرصاً كبيرة لتوطين الإنتاج وتعزيز سلاسل الإمداد، ودفع النموّ الاقتصادي المستدام.

وعلى صعيد خلايا وبطاريات الليثيوم، تُظهر السعودية والإمارات العربية المتحدة تنوعاً أكبر في الموردين، مع كون الولايات المتحدة الأميركية والصين المورَّدَين الرئيسيَّين.

وأكد رياض حمادة، رئيس الأخبار الاقتصادية في «الشرق للأخبار»، الدور المحوري الذي تلعبه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة»، مضيفاً أن نتائج الجلسة تؤكد قدرة المنطقة على قيادة الابتكار وتعزيز سلاسل الإمداد وفتح الطريق نحو مستقبل طاقة مستدام.

واستعرضت المبارك تقريراً حديثاً حول «سلاسل الإمداد للطاقة النظيفة»، من حيث الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوصفها لاعباً رئيسياً في تحول الطاقة النظيفة.

وقالت: «تتمتع منطقتنا بوفرة الموارد، مما يجعلها قادرة على لعب دور محوري في أنظمة الطاقة النظيفة، عبر تكامل سلاسل القيمة والاستثمار في الصناعات المحلية لإنتاج وتصدير أو إعادة تصدير المواد والمكونات الحيوية، وبالتالي ترسيخ دورها على المستوى العالمي في هذا القطاع».

ونوه المجتمعون بمخاطر سلاسل الإمداد والاعتماد العالمي، مؤكدين أن سلسلة الإمداد العالمية للطاقة النظيفة تتمتع بتركيز عالٍ، خصوصاً في الصين التي تهيمن على تكرير المعادن الحيوية وتصنيع مكونات الطاقة النظيفة، مشددةً على أن الاعتماد على مورد واحد يشكل مخاطر لأمن الطاقة، خصوصاً مع ازدياد الطلب العالمي على تقنيات الطاقة النظيفة.

ولفتت الجلسة إلى فرص التوطين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث توفر الموارد المعدنية الغنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فرصة كبيرة لتوطين الإنتاج وتنويع سلاسل الإمداد العالمية.

وشددت على قدرة دول المنطقة على تعزيز المرونة وتقليل الاعتماد على الموردين الخارجيين، ودفع النمو المستدام، من خلال الاستثمار في الصناعات المحلية وتعزيز تكامل سلاسل القيمة.

وعلى غرار الاتجاهات العالمية، وفق الجلسة الحوارية، تعتمد دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل كبير على الواردات لمكونات الطاقة النظيفة الرئيسية، إذ يتم استيراد الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، والمركبات الكهربائية وخلايا الليثيوم، والإلكتروليزرات بشكل رئيسي من الصين.