قائد الأسطول الخامس لـ«الشرق الأوسط»: لا تراجع عن التزاماتنا بأمن المنطقة

براد كوبر أكد الرهان على التقنية والابتكار وأن قيادة السعودية للقوة المشتركة 150 تعزز الأمن البحري

لقطة من المناورات البحرية الأكبر في الشرق الأوسط في فبراير الماضي (البحرية الأميركية)
لقطة من المناورات البحرية الأكبر في الشرق الأوسط في فبراير الماضي (البحرية الأميركية)
TT

قائد الأسطول الخامس لـ«الشرق الأوسط»: لا تراجع عن التزاماتنا بأمن المنطقة

لقطة من المناورات البحرية الأكبر في الشرق الأوسط في فبراير الماضي (البحرية الأميركية)
لقطة من المناورات البحرية الأكبر في الشرق الأوسط في فبراير الماضي (البحرية الأميركية)

(حوار سياسي)
كشف نائب الأدميرال براد كوبر، قائد القوات البحرية في القيادة المركزية الأميركية والأسطول الخامس، عن إحراز تقدّم كبير لتأسيس أول قوة مسيّرات بحرية في العالم، مؤكداً عقد محادثات متفاوتة المستوى مع جميع الحلفاء في المنطقة.
وفي حوار مع «الشرق الأوسط»، قال كوبر إنه يراهن على الشراكة والتقنية والابتكار لتعزيز الأمن البحري في المنطقة. وأوضح أن أسطول المسيّرات البحرية الجديد، الذي سيشمل 100 منصة بحلول صيف 2023 يعتمد على تقنية تم طرحها قبل سنة واحدة فقط، وسيسهم في تعزيز أمن مياه الخليج بشكل غير مسبوق، عبر زيادة مدى ودقّة رصد التهديدات فوق سطح البحر وتحته.
وأكد كوبر التزام الولايات المتحدة الأميركية بأمن الشرق الأوسط، لافتاً إلى تنظيم 50 مناورة عسكرية مشتركة حتى شهر أغسطس (آب) من هذا العام، في ارتفاع ملحوظ عن العام الماضي. كما أشاد بقيادة السعودية لقوة الواجب المشتركة 150. معتبراً هذه الخطوة تكريساً «لعلاقاتنا الثنائية والتزامنا المشترك بعمل الردع والأمن البحري».

 صورة نشرتها البحرية الملكية البريطانية لشحنة أسلحة مصادرة

وفي تتويج للجهود المشتركة لمكافحة التهريب، أكّد قائد الأسطول الخامس ضبط مخدرات تعادل قيمتها 700 مليون دولار أميركي خلال الأشهر الـ18 الماضية، فضلاً عن شحنات سلاح تشمل صواريخ «أرض – جو» ومكونات صواريخ «كروز» تم تهريبها مطلع هذا العام. كما نوّه بالاستجابة لبرنامج المكافآت الذي أطلقه الأسطول بهدف مكافحة التهريب، كاشفاً عن تلقّي 250 معلومة منذ إطلاق المبادرة الشهر الماضي.
- أسطول مسيّرات بحرية
«الشراكة» و«الابتكار»، كلمتان ردّدهما نائب الأدميرال دون كلل طيلة حديث ناهز الثلاثين دقيقة. لم يكن التكرار محض صدفة، بل رسالة مدروسة عمَدَ كوبر إلى توجيهها.
وقال متحدّثاً من غرفة اجتماعات الأسطول الخامس في القاعدة العسكرية بالبحرين: «تعتمد مهمّتنا على ركيزتين أساسيتين؛ هما تعزيز الشراكات الإقليمية، وتسريع الابتكار والتكنولوجيا».
ليست هذه مجرّد وعود وفق كوبر، بل «حقائق مدعومة بأفعال». ففيما يتعلّق بالابتكار، قال المسؤول الأميركي إن أسطول المسيّرات البحرية (Unmanned Surface Vehicles)، سيكون الأول من نوعه في العالم. وأوضح: «تُستخدم الطائرات دون طيار منذ 20 عاماً، والمسيّرات تحت سطح الماء منذ 10 سنوات، أما المركبات المسيّرة فوق سطح الماء فلم يبدأ العمل بها إلا قبل نحو سنة واحدة».

نائب الأدميرال براد كوبر قائد القوات البحرية في القيادة المركزية الأميركية (البحرية الأميركية)

وعن طريقة عملها، يقول كوبر إن هذه المركبات مزوّدة برادارات، وذكاء صناعي يمكّنها من رصد أي حركة غير اعتيادية أو نشاط مشكوك، وكاميرات 360 درجة قادرة على التقاط صورة في كل ثانية. وترسل هذه المركبات البيانات عبر الأقمار الصناعية لمراكز قيادة الدول لتنبيهها، والسماح لها باتّخاذ القرار المناسب.
واستعرض كوبر نوعين من المسيّرات البحرية. «يتميّز الأول بالقدرة على البقاء فوق سطح البحر لمدة 200 يوم على التوالي، والثاني باستجابة عالية السرعة تناهز 100 عقدة».
وعن مدى إقبال دول المنطقة على هذه التقنية الجديدة، أوضح كوبر: «نعقد محادثات متفاوتة المستوى مع جميع شركائنا في المنطقة»، ملمّحاً إلى أن «الجميع مهتم بها». كما أكّد مشاركة هذه المنصات المسيّرة في مناورات ثنائية وجماعية في المنطقة. وقال: «أحرزنا تقدماً كبيراً عبر العمل عن كثب مع شركائنا».
وتحلّ هذه المركبات، حسب كوبر، التحدي الذي تطرحه مساحات البحار الشاسعة في المنطقة وحركة الشحن الكثيفة. ويقول: «عادةً، يمكن لأي دولة أن تستطلع بشكل فعال على بُعد 30 كيلومتراً من سواحلها، باستخدام أجهزة الاستشعار المتاحة. أما اليوم، وبفضل المركبات البحرية المسيّرة، امتدّ مدى الرؤية إلى 60 أو 90 كيلومتراً». ولفت كوبر إلى أهمّية التعاون بين دول المنطقة في هذا المجال، وقال إنه يمكن تعزيز مسافة الاستطلاع عدة أضعاف، إذا ما نسّقت عدة دول تنشر هذه المسيّرات جهودها.
- تعزيز الشراكات الإقليمية
إلى جانب الابتكار والتقنية، يراهن كوبر على الشراكات الإقليمية والدولية لتعزيز أمن المنطقة، لافتاً إلى تنظيم 50 مناورة عسكرية مشتركة حتى شهر أغسطس من هذا العام، في ارتفاع ملحوظ عن العام الماضي الذي شهد تنظيم 33 تمريناً مشتركاً.
وكانت أبرز هذه المناورات التمرين البحري الدولي المشترك الأضخم في الشرق الأوسط، والذي شاركت فيه 60 دولة في فبراير (شباط) من هذا العام، وشهد استخدام 80 مركبة مسيّرة.
وفي الوقت الذي توجّه فيه الولايات المتحدة تركيزها نحو التهديدات التي تطرحها كل من الصين وروسيا على النظام العالمي الذي ساهمت في تأسيسه، يرى كثيرون أن التزامها بمنطقة الشرق الأوسط بدأ في التراجع.
يرفض كوبر هذا الطرح، مستحضراً تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن، التزام بلاده بأمن المنطقة واستقرارها خلال قمة جدة للأمن والتنمية في يوليو (تموز) الماضي.

مركبة بحرية مُسيَّرة نُشرت في إطار تدريبات بحرية في البحر الأحمر 21 أبريل 2022 (البحرية الأميركية)

واستعرض كوبر أوجه الشراكة البحرية بين الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط. فقال: «لدينا شراكتان رئيسيتان، الأولى هي القوات البحرية المشتركة CMF التي تأسست قبل 20 عاماً، وهي أكبر شراكة بحرية في العالم وتندرج تحتها قوات الواجب المشتركة الأربعة: 150 CTF التي تسيّر دوريات أمنية في خليج عمان وشمال بحر العرب للمساعدة في ضمان التدفق الحر للتجارة، و151CTF التي تقوم بمكافحة القرصنة على المستوى الإقليمي مع تركيز خاص على خليج عدن وحوض الصومال، و152 CTF التي تركز جهودها على الأمن البحري في الخليج العربي، و153CTF التي تأسست في 17 أبريل (نيسان) الماضي وتركز على الأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن».
أما التحالف الدولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية، فتأسس في عام 2019 استجابةً للتهديدات المتزايدة على حرية الملاحة البحرية للسفن التجارية المبحرة في المياه الدولية في منطقة الشرق الأوسط. ويركز هذا التنظيم بشكل أساسي على الردع والتطمين.
وقال كوبر إن عدد الدول المنخرطة في كلا التنظيمين يتزايد، موضحاً: «في الأسبوعين الماضيين فقط، رأينا دولاً مختلفة تتولى أدواراً قيادية في هذه الشراكات البحرية».
على الصعيد الإقليمي، قال كوبر إن «المئات من شركائنا من نحو 29 دولة يزوروننا في القاعدة كل يوم ويمكّنون عملياتنا المشتركة». كما أشاد المسؤول الأميركي بـ«الدور المحوري» الذي تلعبه البحرين في تمكين هذه الشراكات الكبيرة ومتعددة الأطراف.
- مكافحة التهريب
كشف قائد الأسطول الخامس عن استجابة واسعة لبرنامج المكافآت الذي أطلقه الشهر الماضي لمكافحة التهريب في مياه الخليج. وقال: «قبل إطلاق هذه المبادرة، كنا نتلقى معلومة واحدة أو اثنتين شهرياً. أما اليوم، فقد تلقينا نحو 250 معلومة، في زيادة ملحوظة».
وفيما تحفّظ المسؤول الأميركي عن طبيعة هذه المعلومات، لحساسيتها الاستخباراتية، إلا أنه أكد التحقيق في عدد منها، معرباً عن تفاؤله بزيادة عدد عمليات ضبط الشحنات المهربة في المستقبل بفضل معلومات أكثر دقة». وقال: «كما التزمنا عند إعلان البرنامج، إذا أدت هذه المعلومات إلى عمليات ضبط، سيتلقى أصحابها مكافآت قد تصل إلى مائة ألف دولار».
إلى ذلك، أكّد كوبر أن جهود مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة جاءت بنتائج إيجابية للغاية. «ففي الأشهر الثمانية عشر الماضية، تمكّنّا من ضبط مخدرات تعادل قيمتها السوقية 700 مليون دولار»، لافتاً إلى أنه يتم اعتراض شحنات المخدرات عادةً في شمال بحر العرب وخليج عمان، حيث يتم تركيز جهود قوة الواجب المشتركة 150.
أما فيما يتعلق بالأسلحة، فقد صادرت الولايات المتحدة وحلفاؤها نحو 9 آلاف قطعة سلاح في عام 2021، ما يعادل ثلاثة أضعاف ما تم ضبطه في 2020.
وقال القائد العسكري إن غالبية الأسلحة التي تتم مصادرتها يتم ضبطها على ممرات مستخدمة للتهريب من إيران وفق ما تمّ توثيقه، لافتاً إلى أن الشحنات التي تم ضبطها هذا العام تضمّنت صواريخ «أرض – جو» وأجزاء من صواريخ «كروز».
وكانت البحرية الملكية البريطانية قد أعلنت في يوليو الماضي ضبط مكونات أسلحة متطورة في أثناء اعتراضها في خليج عمان، بدعم أميركي.
وأوضحت البحرية البريطانية أن سفينة HMS Montrose اعترضت أسلحة إيرانية من زوارق سريعة يشغّلها مهربون في المياه الدولية جنوب إيران، شملت صواريخ أرض - جو ومحركات لصواريخ «كروز»، بما يخالف قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 (2015).
كما ذكرت أن مكونات الصواريخ المضبوطة تستخدم في صاروخ 351 «كروز» الذي يبلغ مداه 1000 كلم، ويستخدمه الحوثيون لضرب أهداف في السعودية، لافتةً إلى أن سلاحاً من هذا النوع استُخدم لشن هجوم على أبوظبي في 17 يناير (كانون الثاني) 2022 أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين.
- القيادة السعودية لـ150 CTF
تولت القوات البحرية الملكية السعودية قيادة قوة الواجب المشتركة 150 (CTF150) للمرة الثالثة في يوليو الماضي. وتسلم العميد البحري الركن عبد الله المطيري، قيادة القوة بشكل رسمي من العميد البحري الباكستاني فاقار محمد، في حفل خاص بالقاعدة البحرية الأميركية بالبحرين.
وعدّ كوبر هذه الخطوة انعكاساً طبيعياً لقوة الشراكة بين واشنطن والرياض. وقال: «لدينا علاقة عمل وثيقة للغاية مع القوات البحرية الملكية السعودية. وأنا متفائل تماماً بأن العميد البحري الركن المطيري سيساعدنا في تعزيز جهودنا في مجال الأمن البحري والاعتراض (لمحاولات التهريب)».
وأضاف كوبر أن قيادة السعودية لقوة CTF 150 تسهم في تعزيز جهود الردع وأمن دول المنطقة في وجه التهديدات. وقال إنها «انعكاس ملموس لكل من علاقتنا الثنائية والتزامنا المشترك بعمل الردع والأمن البحري بشكل عام».
إلى ذلك، لفت كوبر إلى أن التعاون البحري بين البلدين يشمل عدة جوانب، أبرزها المناورات المشتركة، وتبادل العناصر على مستوى العملياتي والاستخباراتي، وتنسيق الدوريات البحرية.
- محادثات إيران النووية
تطرح أنشطة إيران والميليشيات الموالية لها أبرز تهديد لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط. وفي الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إلى استئناف العمل باتفاق نووي «محسّن» مع إيران، يحذّر كثيرون في المنطقة من تبعات اتفاق ضعيف.
يقول كوبر: «لن أتحدث مباشرةً عن تفاصيل المحادثات (النووية) التي يتم التعامل معها عبر القنوات الدبلوماسية. لكن بشكل عام، نحن قلقون بشأن أي نشاط مزعزع للاستقرار». وأضاف المسؤول الأميركي أن قواته تولي اهتماماً خاصاً بردع محاولات تهريب «الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والطائرات المسيّرة، وتطورها ومداها» من إيران إلى وكلائها في المنطقة.
- دور إسرائيل
نقلت وزارة الدفاع الأميركية إسرائيل، العام الماضي، من منطقة عمليات قيادتها الأوروبية إلى منطقة عمليات القيادة المركزية. وجاءت هذه الخطوة بعد أشهر من تطبيع تل أبيب علاقاتها مع عدد من دول المنطقة، نتيجة اتفاقات إبراهيم التي دفعت بها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وقال كوبر إن هذه الخطوة «سمحت لنا بالعمل عن كثب مع إسرائيل. فالقوة البحرية الإسرائيلية متطوّرة وذات قدرات عالية. وبالتعاون معها، تصبح قدراتنا الجماعية أفضل، وتصبح المنطقة أكثر أماناً».
وأشار كوبر إلى أن نتائج هذه الشراكة بدأت في الظهور، موضحاً: «في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أجرينا مناورة متعددة الأطراف شملت الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والبحرين. ومنذ ذلك الحين، قمنا بسلسلة كاملة من التدريبات الثنائية، شملت مناورات Intrinsic Defender. كما اختتمنا أخيراً مناورة أخرى في البحر الأحمر تحت اسم Noble Rose».


مقالات ذات صلة

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الأمير سلمان بن حمد مع أطقم الصقور السعودية المشاركة (الموقع الرسمي للمعرض)

ارتفاع نسبة المشاركة بأكثر من 30 % في معرض البحرين الدولي للطيران

افتتح ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد، معرض البحرين الدولي للطيران 2024 بقاعدة الصخير الجوية، وسط حضور إقليمي ودولي واسع لشركات الطيران، وصناع القرار.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد مستثمر ينظر إلى شاشة تعرض معلومات الأسهم في سوق أبوظبي للأوراق المالية (رويترز)

الأخضر يسيطر على الأسواق الخليجية بعد فوز ترمب 

أغلقت معظم أسواق الأسهم الخليجية تعاملاتها على ارتفاع في جلسة الأربعاء، وذلك بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية رسمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمران يتحدثان أمام شاشة تعرض معلومات الأسهم في السوق السعودية (رويترز)

افتتاحات خضراء للأسواق الخليجية بعد فوز ترمب

ارتفعت أسواق الأسهم الخليجية في بداية جلسة تداولات الأربعاء، بعد إعلان المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب فوزه على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».