صنع الله إبراهيم: أعجز عن كتابة الحاضر في رواياتي

احتفل مع المستعرب ريشار جاكمون بالترجمة الفرنسية لـ«الجليد»

صنع الله إبراهيم (يسار) والمترجم الفرنسي ريشار جاكمون
صنع الله إبراهيم (يسار) والمترجم الفرنسي ريشار جاكمون
TT

صنع الله إبراهيم: أعجز عن كتابة الحاضر في رواياتي

صنع الله إبراهيم (يسار) والمترجم الفرنسي ريشار جاكمون
صنع الله إبراهيم (يسار) والمترجم الفرنسي ريشار جاكمون

في أمسية بعنوان «أنوار الشرق الأوروبي»، شهد المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة احتفال الأديب المصري صنع الله إبراهيم والمستعرب الفرنسي ريشار جاكمون، بصدور الترجمة الفرنسية لروايته الصادرة أخيرا «الجليد» Le Gel وعن دار نشر «أكت سود» Actes Sud الفرنسية العريقة، وكذلك بأحدث رواياته «برلين 69» والصادرة عن دار الثقافة الجديدة 2014.
استهلت الأمسية بعزف منفرد على العود للفنان السوري محمد قدري دلال، وقراءة عربية وفرنسية لمقتطفات من الروايتين. وكانت الأمسية أشبه بجلسة حوارية ما بين الكاتب ومترجمه، حوار بين ثقافتين مختلفتين في حالة تجاذب وتنافر: الثقافة الفرنسية ممثلة بالمستعرب المخضرم جاكمون الذي ترجم لصنع الله 8 روايات، والثقافة المصرية ممثلة في الروائي صنع الله.
في البداية، تحدث صنع الله إبراهيم عن علاقته بالمترجم ضاحكا: «علاقتنا أشبه بعلاقة الزواج، فقد تعرفت إلى جاكمون منذ 28 سنة وطوال الوقت تدور بيننا حوارات كثيرة رغم تعصبه لفرنسيته وتعصبي لمصريتي، فإنه كانت هناك مساحة كبيرة جدا من التفاهم، فكلانا يتقبل الانتقاد، نختلف أحيانا.. وقد يذهب لترجمة أعمال آخرين لكن العلاقة كعلاقة الزواج، فهو يعود لي مرة أخرى. ومن حسن حظي اهتمامه بترجمة أعمالي لأنه يفهم المشهد المصري جيدا بحكم إقامته في مصر نحو 20 سنة».
أما جاكمون فقال: «يتميز صنع الله بأسلوب خاص في الحقل الأدبي المصري المعاصر، فهو يأخذ القارئ إلى عواصم العالم ويجعله يعايش إيقاع الحياة فيها. فهو كتب 6 روايات من 13 رواية تدور أحداثها خارج مصر، ما بين لبنان، وأميركا، وفرنسا، وسلطنة عمان، وروسيا، وألمانيا». وكان جاكمون قد ترجم أيضا أعمالا لكتاب مصريين آخرين، من بينهم: لطيفة الزيات، ونجيب محفوظ، ومي التلمساني، وأحمد خالد توفيق، ومجيد طوبيا، وغيرهم. تطرق جاكمون في الأمسية لأساليب السرد عند صنع الله، مشيرا إلى تنوع أساليبه ما بين الأسلوب الموضوعي للسارد الذي يعيش الأحداث والذي اتضح جليا في أول رواية له «تلك الرائحة» التي تجسد مرحلة حرجة في تاريخ الدولة المصرية، لكن قام صنع الله بتطوير أسلوب آخر يقوم على السخرية في رواية «الجليد».
لكن السؤال الذي ظل محيرا له أثناء قراءته لأدب صنع الله هو: لماذا اختار عددا من عواصم العالم مسرحا لأعماله؟ ولماذا التباعد بين فترة المعايشة والكتابة الروائية؟ فقد كتب صنع الله «الجليد» بعد 40 عاما من سفره إلى روسيا لدراسة السينما، وكذلك الحال مع «برلين 69» التي ذهب إليها في ستينات القرن الماضي وصدرت أواخر 2014.
وهنا أجاب صنع الله مفسرا السر وراء هذا الفارق الزمني الكبير: «لست ماكينة لكتابة الروايات، هناك ظروف لتناول موضوع معين ترتبط بالمزاج النفسي والظروف الشخصية والسياسية والأحوال العالمية. وأنا لست من الكتاب الذين يزورون مكانا معينا للكتابة عنه، لكنني أكتب من وقع حياتي العادية، وساعدتني طبيعتي الشخصية حيث، كنت دؤوبا في توثيق أحداث الحياة اليومية، سواء في مصر أو في أي بلد زرته. أسجل أفكاري ومشاعري والأسئلة التي تطرأ على ذهني وأحاول البحث عن إجابة لها، وقد أحتفظ بقصاصات من الصحف والمجلات بلغة البلد التي زرتها، فضلا عن الجرائد المصرية، وأودعها صندوقا. صندوق رحلة موسكو» مثلا، وقد أجد بعد عدة أشهر رغبة في الكتابة عن تلك الفترة أو بعد عدة سنوات».
ويفسر صنع الله سبب الكتابة عن حقبة الستينات في روايتي «الجليد»، و«برلين 69» في هذا التوقيت بالذات: «ربما هو إحساس بالعجز عن الكتابة عن الحاضر، ولا أعلم حقيقة لماذا لم أكتب عن سنوات الثورة المصرية حتى الآن، ربما لأنها مبهمة! أو لأن المأساة كانت أكبر مما أحتمله! ربما لم أنفعل بالقدر الكافي مع أحداث الثورة؟!».
واستطرد: «شعرت بضرورة الكتابة عن تجربتين للنظام الشيوعي لتحقيق أفكار خاصة بتغيير وضع البشرية، ورغم أن هذا النظام لم ينجح في تحقيق المساواة، فإنني شعرت بأهمية الكشف عن الدروس المستفادة من التجربتين الروسية والألمانية، وهي دروس تهمنا هنا في مصر.
الوضع في مصر يتلخص بالنسبة لي في كلمتين موجزتين (الثورة مستمرة)، لا أعلم كيف أكتب عن شيء مستمر؟ فالرغبة في التغيير الاجتماعي والتمرد على الواقع لن تتوقف إلى الأبد، وربما هذا كان دافعي في تأمل التجربتين الروسية والألمانية في السنوات الخمس الأخيرة!».
ولفت إلى أنه رغم أن روايتي «الجليد» و«برلين 69» متشابهتان في الأجواء والزمن الروائي فإن الفارق كبير جدا في البناء الروائي لكل منهما، فالأولى كتبت بشكل ساخر، أما الثانية فكتبت بشكل تقريري.
ولفت صاحب «ذات» إلى مفارقة روائية أخرى وفارق زمني آخر حدث مع رواية «التلصص» التي شرعت في كتابتها منذ أكثر من 40 عاما في سجن الواحات، لكنه احتفظ بقصاصات الورق حتى جاءت لحظة وجد نفسه يعود لتلك الوريقات وبدأ في استكمالها.. «إنها اللحظة التي عايشت فيها إحساس شخصية الأب في الرواية حينما بلغت نفس مرحلته العمرية».
وبأسلوب النقد الذاتي، أشار صاحب «يوميات الواحات» إلى أنه حينما بدأ الكتابة الروائية كان يكتب بأسلوب الراوي العليم بكل شيء، لكنه وجد أنه لا يود الكتابة بتلك التقنية، وتحول للكتابة بالفعل المضارع، رغم صعوبتها، لاجئا إلى الجمل القصيرة أحيانا والجمل الطويلة أحيانا أخرى.
وذهب صاحب «أمريكانلي» إلى أنه لا يتعمد دس عناوين الجرائد والوثائق في رواياته. وعلى الرغم من أنه لا يرى ضيرا في وصف أسلوبه بـ«الوثائقي»، فإنه يرى أن التوصيف الأدق هو «التضميني»، مشيرا إلى أن تقنية «التضمين» متعارف عليها في الأدب الغربي منذ قرون، كما استعان بها غالب هلسا الكاتب الأردني حينما وثق لمقولات من إذاعة القاهرة تعكس معايشته لمصر حينما استقر بها لفترة.
وحول ما إذا كان سيستمر في اللجوء إلى تقنية «التضمين» في رواياته المقبلة «التي ستعد مفاجأة لقرائه» قال: «لم تعد هذه الطريقة مغرية، ربما لأن الجرائد لم تعد مصدر الخبر! أو لأنني أصبحت أفضل الابتعاد عن عناوين الجرائد التي أصبحت باهتة لا تثري أي مخيلة، كما أنني لا أحب أن أكرر أسلوبي».
تجدر الإشارة إلى أن رواية «الجليد» التي صدرت عام 2010 عن دار الثقافة الجديدة، كانت قد صدرت في شكل سلسلة في إحدى الجرائد المصرية، قبيل ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، وهي تدور حول تجربة أكاديمي مصري في العاصمة الروسية موسكو، يقيم في بيت الطلبة ويحتك بهم وبأفكارهم التي تعكس التيار اليساري. يكشف صنع الله من خلال تجربته الشخصية عن مفاسد النظام الشيوعي وأسباب انهيار الاتحاد السوفياتي السابق.

* رواية عن الانهيار السوفياتي وأخرى عن عرب ألمانيا
* رواية «الجليد»، صدرت عام 2011 عن دار الثقافة الجديدة، و«الجليد» في الرواية كناية ترمز للحياة السوفياتية في مطلع عقد السبعينات، قبل أن تنشق وتذوب وتنهار في أضخم سقوط آيديولوجي شهده التاريخ المعاصر، يرصدها صنع الله إبراهيم من منظور مرهف ومحكم لطالب دكتوراه مصري، يقيم في بيت الطلاب في موسكو، ويكتب ما يشبه يوميات، بذكاء ملحوظ.
أما روايته الأحدث «برلين 69»، تقع في 260 صفحة من القطع الصغير، فصدرت عام 2014 عن دار الثقافة الجديدة بالقاهرة، وهي الرواية الخامسة عشرة في مسيرة الكاتب الروائية، وتعالج أحداثها أحوال العرب في ألمانيا الشرقية في نهاية الستينات، وأحوال الألمان الشرقيين أنفسهم في الفترة نفسها.
* صنع الله إبراهيم
روائي مصري كبير، من أهم الأصوات الروائية التي تنتمي إلى ما عرف بجيل الستينات الأشهر، يتميز بالجسارة والقدرة على اختراق عوالم السياسة بجهاز آيديولوجي مركب وحس فني رفيع، كرس أسلوبا توثيقيا في الكتابة السردية منذ عقود، وأخذ يضيف تنويعات إبداعية عليه في كل تجربة جديدة، لديه مزج بديع بين العام والخاص مع الاحتفاء بالتفاصيل. من أشهر أعماله الروائية:
«تلك الرائحة»، «اللجنة»، «نجمة أغسطس»، «بيروت بيروت»، «ذات»، «وردة»، «شرف»، «القانون الفرنسي».
* ريشار جاكمون: سيرة
* أستاذ الأدب العربي بجامعة إكس أنبروفانس الفرنسية، وكان مسؤولا عن قطاع الترجمة بالمركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة. ترجم الكثير من الأعمال العربية إلى الفرنسية. صدرت أولى ترجماته إلى الفرنسية لرواية «دوائر عدم الإمكان» لمجيد طوبيا عام 1985 ونال الدكتوراه عن أطروحته «الحقل الأدبي المصري» عام 1999 التي يدرس فيها المجال الأدبي لمصر من الناحية السوسيولوجية، وترجمها إلى العربية بشير السباعي تحت عنوان «بين كتبة وكتاب»، ومن خلالها عرف القراء العرب الباحث والمترجم الفرنسي ريشار جاكمون، وعن طريقه عرف الفرنسيون الكثير من الأدباء العرب والمصريين الذين قام بترجمتهم للفرنسية، مثل صنع الله إبراهيم، محمد برادة، محمود الورداني، لطيفة الزيات وغيرهم.



المشهد الثقافي المصري... نفض أحزان الفقد ومواصلة الأنشطة المعتادة

جانب من مؤتمر الخط العربي
جانب من مؤتمر الخط العربي
TT

المشهد الثقافي المصري... نفض أحزان الفقد ومواصلة الأنشطة المعتادة

جانب من مؤتمر الخط العربي
جانب من مؤتمر الخط العربي

عام مثقل بالفقد والأحزان عاشته الثقافة المصرية خلال 2025، فقد غيَّب الموت كوكبة من المبدعين والشعراء والنقاد، جميعهم لعبوا أدواراً متنوعة في شد هموم الثقافة والمثقفين نحو آفاق أرقى حافلة بالمغامرة والتجريب. من بينهم الروائيان، صنع الله إبراهيم، صاحب رواية «تلك الرائحة»، ورءوف مسعد، صاخب رواية: «بيضة النعامة»، والشاعر أحمد عنتر مصطفى صاحب ديوان «مأساة الوجه الثالث»، والناقد دكتور محمد السيد إسماعيل صاحب كتاب «الرواية والسلطة»، والناقد دكتور محمد عبد المطلب، والذي يعد من أبرز النقاد المؤسسين في النقد الأدب العربي، بانفتاحه على تيارات الحداثة في الشعر وقدم كتاباً مهماً عن قصيدة النثر بعنوان «النص المشكل».

كما غيَّب الموت دكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق الذي تولى حقيبة الثقافة في ثلاث حكومات متتالية عقب ثورة يناير (كانون الثاني)، وحافظ على استقلاليتها في فترة اتسمت بالاضطراب السياسي، وله مؤلفات قيمة في التاريخ الأدبي، وفوجئت الحياة الثقافية برحيل اثنين من أهم الناشرين، الناشر حسني سليمان، مؤسس دار «شرقيات» ومحمد هاشم، مؤسس دار «ميريت» وكلاهما لعب دوراً مهماً في دفع أجيال جديدة من الكتاب في شتى مناحي الإبداع، وفي غمرة الأحزان رحلت الفنانة سميحة أيوب، الملقبة بـ«سيدة المسرح العربي» بعد مسيرة حافلة بالفن، قدمت خلالها أكثر من 170 عملاً مسرحياً، منها «السلطان الحائر» و«سكة السلامة»، ولحقت بها الفنانة سمية الألفي عن عمر يناهز 72 عاماً، بعد صراع مع المرض، ورحلة عطاء متميزة بخاصة في المسلسلات التليفزيونية.

كما غيّب الموت المخرج داوود عبد السيد، أحد ابرز مخرجي موجة الواقعية الجديدة في السينما المصرية.

برغم هذا الجو واصلت الحياة الثقافية أنشطتها وفعالياتها المعتادة، وتصدر نجيب محفوظ المشهد، حيث يحتفل معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته المقبلة بمرور عشرين عاماً على رحيله. وبهذه المناسبة أطلقت وزارة الثقافة جائزة «نجيب محفوظ للرواية العربية» بقيمة 500 ألف جنيه مصري (نحو 10 آلاف دولار أميركي)، وأعلنت الوزارة أن الجائزة سيمنحها معرض القاهرة الدولي للكتاب سنوياً بداية من هذا العام، الذى يحتفل فيه المعرض بذكرى مرور عشرين سنة على وفاة «أديب نوبل» نجيب محفوظ.

ومن جانبه، قال الدكتور أحمد مجاهد المدير التنفيذي للمعرض: «إن أديباً بقامة نجيب محفوظ يليق به أن تمنح وزارة الثقافة المصرية جائزة كبرى باسمه، بوصفه الأديب العربي الوحيد الفائز بجائزة نوبل، حيث تبلغ قيمة الجائزة 500 ألف جنيه، وميدالية ذهبية أسوة بجائزة النيل، وهي ممولة بالكامل من البنك الأهلي المصري». وبدأ تقدم الروائيين المصرين والعرب للجائزة صباح الخميس 4 ديسمبر (كانون الثاني) 2025، ويستمر حتى الأحد 4 يناير 2026، ويكون التقديم بإرسال ثلاث نسخ من الرواية المتقدمة للمسابقة، بشرط أن تكون منشورة بتاريخ عام 2025.

أثارت الجائزة حالة من الجدل في الأوساط الثقافية، فبرغم الاحتفاء بها فإن البعض رأي أنها تشكل انعكاساً لتخبط سياسات وزارة الثقافة، فمن غير المعقول أن يكون لدينا ثلاث جوائز باسم نجيب محفوظ، منها جائزة يمنحها المجلس الأعلى للثقافة وهو تابع لوزارة الثقافة. كما رأى البعض أن أطلاق هذه الجائزة يمثل تحدياً ضمنياً لجائزة نجيب محفوظ الراسخة التي دشنتها الجامعة الأميركية بالقاهرة وتم إنشاؤها بواسطة قسم النشر بها، وانطلقت في عام 1996، ووصلت قيمتها المادية إلى خمسة آلاف دولار أميركي، ويتم ترجمة الرواية الفائزة إلى اللغة الإنجليزية 1996، وتمنح في حفل يقام كل عام في 11 ديسمبر الموافق لمولد نجيب محفوظ. ومن الأنشطة المهمة التي شهدها الواقع الثقافي خلال هذا العام، ملتقى ذاكرة القصة المصرية في دورته الرابعة والتي حملت اسم «دورة الكاتب محسن يونس». نظم الملتقى موقع صدى برئاسة الكاتب والناقد سيد الوكيل، واستضافه بيت السناري الأثري بالقاهرة التابع لمكتبة الإسكندرية، جاءت فعاليات الملتقى تحت عنوان: «تجليات المكان في القصة القصيرة»، في محاولة لإحياء الذاكرة السردية المصرية، وتسليط الضوء على تطور فن القصة القصيرة، ودور المكان في تشكيل البنية السردية، بالإضافة إلى خلق مساحة للحوار وتبادل الخبرات بين الكتّاب والباحثين المهتمين بهذا الفن.

ناقش الملتقى في جلسته الأولى، السمات الفنية المميزة لفن القصة القصيرة لدى الكاتب محسن يونس، وهو يعيش في مدينة دمياط الساحلية، وذلك تحت عنوان «محسن يونس... رحلة إبداع»، أما الجلسة الثانية فناقشت «المكان في القصة القصير... رؤية منهجية»، بينما تناولت الجلستان الثالثة والرابعة محاور متعددة حول فن القصة القصيرة، من خلال قراءات ونقاشات نقدية شارك فيها عددٌ من الكتّاب والمهتمين بالأدب.

وخلال الفترة من 26 إلى 29 ديسمبر الحالي سوف تشهد مدينة العريش بشمال سيناء انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته السابعة والثلاثين، دورة الأديب الراحل محمد جبريل.

وكان وزير الثقافة قد أعلن اختيار محافظة شمال سيناء عاصمة للثقافة المصرية لعام 2026 وذلك عقب موافقة محافظ شمال سيناء على مقترح استضافة العريش للدورة الحالية من المؤتمر، تقديراً للمكانة الرمزية والثقافية للمحافظة.

ينظم المؤتمر الهيئة العامة لقصور الثقافة تحت عنوان: «الأدب والدراما... الخصوصية الثقافية والمستقبل»، ويعقد برئاسة السيناريست مدحت العدل. ويشارك في فعالياته نخبة من الأدباء والباحثين والأكاديميين من مختلف المحافظات، بهدف رصد وتوثيق المشهد الأدبي في ربوع الوطن، وتقديم رؤى نقدية وفكرية تسهم في مناقشة قضايا الثقافة المصرية المعاصرة، ودورها في تعزيز الوعي والإبداع، وذلك من خلال ستة محاور رئيسية تشمل جلسات بحثية وحلقات نقاشية متنوعة؛ منها «النص الشعري ومفردات الخصوصية الثقافية»، من خلال قراءة تطور الشعر المصري فصيحاً وعامياً عبر مراحله المختلفة، و«الرواية وصراع الهويات في المجتمع المصري»، عبر تحليل كيفية تناول الرواية المصرية لقضايا المجتمع وتنوعاته والقيم الوافدة إليه.

وعلى مستوى الفن أطلق «صندوق التنمية الثقافية» بوزارة الثقافة الدورة العاشرة من ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي، بمشاركة نخبة من كبار الخطاطين والفنانين والباحثين من مصر وعدد من الدول العربية والأجنبية، وتخللتها ورش عمل لفهم جماليات الخط العربي، واختير شيخ الخطاطين المصريين خضير البور سعيدي قوميسيراً عاماً للدورة.

تحمل الدورة اسم الخطاط الراحل الحاج سيد عبد القادر «الحاج زايد» وذلك في إطار حرص وزارة الثقافة على تكريم رموز هذا الفن. وتستمر فعالياتها بقصر الفنون بدار الأوبرا من 18 إلى 28 ديسمبر الحالي، وأبدى المشاركون في الملتقى حرصهم على تعزيز مكانة الحرف العربي كأحد ركائز الهوية الثقافية في كل المجالات العلمية والفنية والزخرفية ومناقشة قضاياه المتنوعة، بخاصة ما بين الأصالة والتجديد. كما شهد الملتقى تكريم نخبة من كبار الخطاطين تقديراً لإسهاماتهم البارزة في خدمة فن الخط العربي، حيث يتم منح شهادات تقدير للمكرمين والفائزين من مصر وخارجها وضيوف الشرف، كما كرم الملتقى الفنان محمد بغدادي، تقديراً لدوره البارز في دعم الملتقى وفن الخط العربي.

الكاتبة سلوى بكر

ومن الأخبار المفرحة في هذا العام حصول الكاتبة الروائية سلوى بكر على جائزة «بريكس» الأدبية في دورتها الأولى، لتكون بذلك أول فائزة في تاريخ الجائزة.

تدعم الجائزة المؤلفين المعاصرين الذين تعكس أعمالهم القيم الثقافية والروحية لشعوب دول بريكس. وأعلنت نتائج التصويت من قبل لجنة تحكيم دولية خلال مهرجان الفنون لدول بريكس، الذي أُقيم في مدينة خاباروفسك الروسية بين 26 و30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وحضر الحفل ممثلون من حكومة إقليم خاباروفسك، ودبلوماسيون، وكتّاب، وناشرون، وأفراد من المجتمع المدني من دول بريكس وشركائها.

وفي هذا السياق، قال السفير الرسمي لجائزة بريكس الأدبية والمدير العام للمجموعة الإعلامية الأوراسية، سيرغي ديمينسكي، إن «اختيار سلوى بكر كأول فائزة بجائزة بريكس الأدبية يعد إشارة إلى الناشرين والمؤسسات الثقافية في دولنا. وأنا واثق من أن أعمالها ستُترجم إلى اللغة الروسية، وسيصبح اسمها معروفاً في دول بريكس ليس فقط لأعضاء الدائرة الضيقة من المتخصصين في الأدب المعاصر، بل أيضاً لجمهور أوسع من القراء».

واحتفاء بفوزها استقبلها وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو بمكتبه وسلمها درع الوزارة... تنتمي سلوى بكر لجيل السبعينيات في مصر، وصدر لها سبع مجموعات قصصية وسبع روايات ومسرحية، وترجمت أعمالها إلى عدد من اللغات الأوروبية.


العراق... معرضان للكتاب وإنجاز غير مسبوق للسينما

فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار
فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار
TT

العراق... معرضان للكتاب وإنجاز غير مسبوق للسينما

فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار
فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار

اختيار بغداد عاصمة للسياحة، كان يمكن أن يكون عاماً محتشداً بالأحداث الثقافية الكثيرة، التي تبرز وجه العراق السياحي الجاذب، كالمهرجانات المتنوعة والأحداث الثقافية. لكن ومع انتهاء هذه السنة لم تكن هذه الأحداث لتتناسب مع العنوان الكبير لبغداد، التي اختارتها المنظمة العربية للسياحة لعام 2025.

بعض النشاطات والفعاليات الثقافية في بغداد اندرجت تحت عنوان عاصمة السياحة العربية، كمهرجان بغداد للسينما الذي انعقد منتصف شهر سبتمبر (أيلول)، بالدورة الثانية له، واستقطب جمهوراً كبيراً وضيوفاً عرباً، إضافة للعروض الفيلمية التي تخللته، والأمر نفسه ينطبق على مهرجان المسرح الذي انعقد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه. وعدا ذلك لم يكن هناك حدث ثقافي مرتبط بالعنوان الكبير «بغداد عاصمة السياحة العربية».

ولعل ذلك يتعلق بنقص الاستعدادات اللوجيستية التي يفترض أن تقوم بها وزارة الثقافة لمثل هذا الحدث.

وعلى صعيد الجوائز التي حصل عليها مثقفون عراقيون، كان لحصول الشاعر حميد سعيد، والروائية إنعام كجه جي، على جائزة سلطان العويس، وهي الجائزة الثقافية المهمة في العالم العربي، دلالة واضحة على حضور الثقافة العراقية المتميز في المشهد الثقافي العربي.

وشهد هذا العام حدثين ثقافيين مهمين؛ الأول إقامة معرض العراق الدولي للكتاب الذي تقيمه وترعاه سنوياً مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، وهو المعرض الذي أقيم أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وشهد مشاركة واسعة لدور نشر محلية وعربية وعالمية، مع حضور مئات الناشرين والمؤسسات الثقافية، بما يعزّز مكانة الفعالية بوصفها منصة بارزة للإصدارات الجديدة وفضاء يجمع الكتّاب والمبدعين والمهتمين بمجال النشر والقراءة ضمن برامج متخصصة.

وجاءت هذه الدورة تحت عنوان «مائة نون عراقية»، في احتفاء رمزي وفعلي بالمرأة العراقية المبدعة ودورها في صناعة قرن كامل من الوعي والإبداع في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والفنية.

وتميّزت هذه الدورة بحضور نسوي لافت، لم يقتصر على الشعار فقط، بل تجسد في الفعاليات والندوات وحفلات التوقيع والمشاركات الفكرية، حيث خُصصت مساحات واسعة للاحتفاء بمنجز المرأة العراقية، سواء في الأدب أو البحث الأكاديمي أو الصحافة أو الفنون. وكانت مؤسسة المدى قد أقامت خلال شهر أبريل (نيسان) معرض أربيل الدولي للكتاب، في أربيل عاصمة إقليم كردستان.

والحدث الآخر، وعلى صعيد الفن السابع، انطلاق مبادرة دعم السينما العراقية، وهو الحدث الثقافي الذي انتظره سينمائيو العراق منذ سنوات، الذين شَكَوا دائماً غياب التمويل والدعم الحكومي لهم. حيث خصّصت الحكومة العراقية مبلغاً كبيراً منحةً لدعم السينما العراقية، وشكلت لهذا الغرض لجنة متخصصة أفرزت خمسة وخمسين فيلماً، من أصل أكثر من أربعمائة فيلم دخلت المنافسة للحصول على المنحة.

وعلى صعيد السينما أيضاً استطاع فيلم «كعكة الرئيس» الوصول إلى القائمة القصيرة «15 فيلماً»، لجوائز الأوسكار، وهي المرة الأولى التي يحقق فيها فيلم عراقي مثل هذا الإنجاز، والفيلم هو أحد الأفلام الفائزة بمنحة مبادرة دعم السينما، وكان الفيلم يتمحور حول قصة فتاة صغيرة تُدعى لميعة في العراق خلال عام 1990، في فترة الحصار والعقوبات، تُجبر على جمع مكونات لصنع كعكة عيد ميلاد الرئيس المخلوع (صدام حسين) في مدرستها، رغم الفقر والظروف القاسية، والعمل يمزج الكوميديا السوداء والدراما السياسية ليعكس حياة الناس تحت النظام والحصار، مع تركيز على التجربة الإنسانية أكثر من السياق السياسي المباشر.

وكان الفيلم قد شارك في الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي في فرنسا ضمن أسبوع المخرجين. وفاز بجائزة «الكاميرا الذهبية» لأفضل فيلم أول، وأيضاً جائزة اختيار الجمهور في «كان»، وهو إنجاز غير مسبوق أيضاً للسينما العراقية.

وعلى صعيد فن المسرح، فمن بين عشرات العروض المسرحية العربية والأفريقية، حصدت مسرحية «الجدار»، في مهرجان أيام قرطاج المسرحية، النسخة الـ26 في تونس، جائزة أفضل سينوغرافيا، وجائزة التانيت الفضي كأفضل عرض مسرحي، ورُشّح بطلها الممثل يحيى إبراهيم لجائزة أفضل ممثل، وهي من تأليف حيدر جمعة وإخراج سنان العزاوي. والأمر نفسه مع مسرحية السيرك، إخراج جواد الأسدي، التي نالت جائزة أفضل نص لمؤلفها جواد الأسدي، وجائزة أفضل ممثلة منحت لشذى سالم، وجائزة أفضل ممثل (مناصفة) لعلاء قحطان.

واختتم هذا العام بتوزيع جوائز الإبداع العراقي لعام 2025، حيث فاز في مجال الترجمة مناصفة كل من سهيل نجم عبد عن «القارب المقلوب»، وهناء خليف غني عن «لعبة المكان»، فيما فاز باسم الفرات بالمركز الأول في أدب الرحلات عن عمله «نيوزيلندا- رحلات في بلاد الماروين»، وإسماعيل الحسيني في أدب الطفولة عن «غابة الأسود الثلاثة»، وسنان العزاوي في المسرح عن عمله «الجدار»، وخليفة محمود إخليف في الرسم عن «الزيارة»، وثائر حسين علي في النحت عن «عشتار إله الحب والحرب».


جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»

جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»
TT

جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»

جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»

أعلنت جائزة «الملتقى للقصة القصيرة العربية»، الأحد، القائمة الطويلة للدورة الثامنة، التي أطلقت عليها دورة الأديب الكويتي فاضل خلف، أوَّل قاص كويتيّ قام بإصدار مجموعة قصصية عام 1955.

وبلغ عدد المشاركين في الدورة الثامنة للجائزة والمستوفية أعمالهم لشروط الترشّح، (231) مترشّحاً من جميع الأقطار العربية والعالم، بعدد (28) بلداً، وجاء عدد السيّدات المشاركات في هذه الدورة مُمثَّلاً بـ(74) مترشحة؛ أي بنسبة تصل إلى 32 في المائة.

وضمت القائمة الطويلة عشرة متسابقين، من ثماني دول عربية، وهم: أماني سليمان داوود عن مجموعتها القصصية «جبل الجليد» (الأردن)، الصادرة عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر»، شيرين فتحي «عازف التشيلّو» (مصر)، «دار العين للنشر»، شيخة حليوي «أقرأ كافكا وكلبتي تحتضر» (فلسطين)، «دار النهضة العربية»، طارق إمام «أقاصيص أقصر من عمر أبطالها» (مصر)، «دار الشروق»، غزلان تواتي «توقيت غير مناسب لشراء السمك» (الجزائر)، «دار هُنّ للنشر والتوزيع»، مقبول العلوي «تدريبات شاقة على الاستغناء» (السعودية)، «دار نوفل»، محمود الرحبي «لا بارَ في شيكاغو» (عُمان)، «أوكسجين للنشر»، ندى الشهراني «قلب مُنقَّط» (قطر)، «دار جامعة حمد بن خليفة للنشر»، هيثم حسين «حين يمشي الجبل» (سوريا - بريطانيا)، «منشورات رامينا»، وجدان أبو محمود «نَحْت» (سوريا)، «الآن ناشرون وموزّعون».

وقالت جائزة «الملتقى للقصة القصيرة العربية» في بيان، إنه انطلاقاً من احتفالات دولة الكويت عاصمة للثقافة العربية والإعلام العربي لعام 2025، وبرعاية من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، تُواصل جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية في دورتها الثامنة (2025-2026) مسيرتها الإبداعية/الثقافية في استقطاب الأعمال القصصية لكُتّاب القصة القصيرة في أقطار الوطن العربي والعالم، كونها الجائزة الأهم للقصة القصيرة في الوطن العربي، والتي مثلّت الكويت في «منتدى الجوائز العربية»، وساحة الجوائز العربية.

وأضاف البيان، أنه تقديراً من «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب» في الكويت، لدور الجيل المؤسِّس من رجالات الكويت المبدعين، فلقد تقرَّر أن تحمل هذه الدورة اسم «الأديب فاضل خلف» (1927-2023)؛ نظراً لأن الأديب خلف كان أوَّل قاص كويتيّ قام بإصدار مجموعة قصصية عام 1955، بعنوان «أحلام الشباب».

وقد فُتِح باب الترشّح للدورة الثامنة بتاريخ الأول من مايو (أيار) وحتى نهاية يونيو (حزيران) 2025. وبعد فرز الأعمال المتقدِّمة، وتحديد الأعمال المستوفية لشروط الترشّح، تبيَّن أن العدد الإجمالي للمترشِّحين لهذه الدورة هو (231) مترشّحاً من جميع الأقطار العربية والعالم، بعدد (28) بلداً، وجاء عدد السيّدات المشاركات في هذه الدورة مُمثَّلاً بـ(74) مترشحة؛ أي بنسبة تصل إلى 32 في المائة، وبما يعني اهتماماً كبيراً بالجائزة من قبل شريحة كبيرة من الكاتبات العربيات.

وكان المجلس الاستشاري للجائزة قد شكّل لجنة التحكيم للدورة الثامنة برئاسة الدكتور محمد الشحّات، وعُضويّة كل من: الدكتور: عبد الرحمن التمارة، والروائية والقاصة: سميحة خريس، والدكتورة: عائشة الدرمكي، والقاصّة: إستبرق أحمد. وبُغية قراءة وغربلة المجاميع المشاركة، بشكلٍ موضوعي، والوصول إلى المتحقق إبداعياً، وقد وضعت لجنة التحكيم جُملة من المعايير الإبداعية والنقدية الدقيقة تمثَّلت في: تحديد الثيمة، وتشمل: الجِدّة في التناول وزاوية الرؤية وحضور الخيال ودقة العناوين. وتوظيف اللغة، بما يشمل: التجريب اللغوي، وانتقاء المفردات أو بناء الجملة السردية أو الأسلوب. وجماليات البنية السردية (الحبكة)، وتشمل: بناء الشخصية، والحدث، والزمكان، ومناسبة اللغة مع تقنيات السرد أو الحوار. ومنظومة القيم العُليا (الحق والخير والجمال)، وتشمل: الأبعاد الرمزية في القصص وحُسن توظيفها لخدمة الرؤية الجمالية. وكذلك الرؤية الجمالية والثقافية، وتشمل: تمثيلات القصص لقضايا الإنسان (العربي) المعاصر، وروح العصر، ومتغيِّرات الواقع المعيش. ومدى الإضافة النوعية للقصة القصيرة العربية، سواء في انتقاء الموضوعات أو الأساليب الفنية أو طرائق السرد والحوار.

ومن المقرر إعلان القائمة القصيرة في منتصف شهر يناير (كانون الثاني) 2026، حيث ستقوم المكتبة الوطنية في دولة الكويت باستضافة واحتضان كامل فعاليات الدورة، باجتماع لجنة التحكيم لإعلان الفائز، وكذلك إقامة الندوة الثقافية المصاحبة للاحتفالية بعنوان «راهن القصة القصيرة الكويتية»، ويشارك فيها نخبة من الكتّاب العرب والكويتيين، وتمتدّ على مدار يومين، كما ستصدر الاحتفالية كتاباً تذكاريّاً بعنوان «مختارات من القصّ العربي»، إضافة إلى مجموعة «أحلام الشباب» للكاتب المرحوم فاضل خلف، وكتاب تذكاري عنه.