كيف تعالج الصداع دون تناول الأدوية والمسكنات؟

إذا كان الصداع المتكرر أو المؤلم يزعجك فمن الأفضل دائمًا التحدث إلى طبيبك (رويترز)
إذا كان الصداع المتكرر أو المؤلم يزعجك فمن الأفضل دائمًا التحدث إلى طبيبك (رويترز)
TT

كيف تعالج الصداع دون تناول الأدوية والمسكنات؟

إذا كان الصداع المتكرر أو المؤلم يزعجك فمن الأفضل دائمًا التحدث إلى طبيبك (رويترز)
إذا كان الصداع المتكرر أو المؤلم يزعجك فمن الأفضل دائمًا التحدث إلى طبيبك (رويترز)

يمكن أن يصيب الصداع أي شخص منا في أي وقت، وغالباً ما يصبح ذلك أكثر شيوعاً خلال أيام الصيف الأكثر دفئاً، وفقاً لصحيفة «إندبندنت».
يقول الدكتور ستيف ألدير، استشاري طب الأعصاب: «الصداع قد يرتبط بالعديد من العوامل... بدءاً من الوراثة، والنظام الغذائي، وعدم تناول الطعام، والجوع والحساسية، وصولاً إلى الهرمونات، ونمط الحياة، والظروف الجوية، والبيئة، والتعب، واضطراب النوم، والتمارين الرياضية الشاقة، والجفاف، والمشكلات الطبية الأوسع نطاقاً».
تذكر، إذا كان الصداع المتكرر أو المؤلم يزعجك، فمن الأفضل دائماً التحدث إلى طبيبك، حتى يتمكن من تقديم النصيحة الأنسب لك. ولكن إذا كنت تبحث عن طرق لتخفيف الصداع المزعج - دون الحاجة إلى اللجوء للمسكنات والأدوية - فقد تكون هناك خيارات أخرى يمكن أن تساعد. ويحدد الخبراء تسع طرق لعلاج الصداع دون تناول المسكنات:
*شرب الماء
تقول الدكتورة أنيتا كريشنان، استشارية طب الأعصاب ومدير القسم في صندوق «والتون» التابع لهيئة الخدمات الصحية في بريطانيا: «الجفاف هو سبب معروف جيداً للصداع العرضي ويزيد من حدة الصداع المزمن. يجب على الأشخاص المعرضين للصداع أن يهدفوا إلى الحفاظ على رطوبة جيدة وشرب لترين إلى ثلاثة لترات من الماء على مدار اليوم».
يضيف ألدير: «اشرب المزيد في الطقس الحار وعند ممارسة الرياضة، حيث يفقد الماء من خلال العرق».
* انتبه لمستوى السكر في الدم
يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات الغلوكوز في الدم، والذي يسمى نقص السكر في الدم، إلى الإصابة بالصداع، رغم أن السبب الدقيق غير مفهوم بشكل واضح. تقول الدكتورة ديبورا لي: «الصداع النصفي والصداع العنقودي يمكن أن يحدثا أيضاً بسبب انخفاض مستويات الغلوكوز... أي شخص بالغ يشتبه في أن صداعه قد يكون بسبب انخفاض مستوى السكر في الدم، قد يستفيد من تناول 15 غراماً من الغلوكوز على الفور».
ومع ذلك، بالنسبة للأشخاص المصابين بداء السكري - أو الحالات الصحية الأخرى التي قد تؤثر على مستويات الغلوكوز في الدم - من المهم اتباع نصائح الرعاية الصحية الخاصة بهم فقط. تلاحظ لي أن «مرضى السكري الذين يعانون من انخفاض نسبة السكر في الدم يجب أن يتبعوا نصيحة طبيبهم العام، لأن هذه حالة طبية طارئة».

*الحصول على قسط من النوم
قد تجد أن قيلولة قصيرة أو الذهاب إلى الفراش في وقت أبكر من المعتاد يساعد في تخفيف الصداع. توضح كريشنان: «عندما يعاني الشخص من صداع حاد، والنوع الأكثر شيوعاً هو الصداع النصفي، فإن النوم يساعد في التعافي من تلك النوبة». ويتفق الخبراء على أن أحد أفضل الطرق للوقاية من الصداع هو التأكد من حصولك على قسط كاف من النوم كل ليلة.
*تجنب الأطعمة المحفزة
في حالة الصداع النصفي، غالباً ما يتعرف الأشخاص المصابون على الأطعمة التي يمكن أن تسبب ظهور أعراضهم أو تفاقمها. تقول الدكتورة ليلى دهغان، وهي طبيبة واختصاصية تغذية: «بعض أكثر الأطعمة المحفزة شيوعاً هي منتجات الألبان بما في ذلك الجبن واللحوم المصنعة والسكر والشوكولاته والكحول والكافيين».
* ماذا عن الكافيين؟
يقول الدكتور بريوني هندرسون من «ليفي» في بريطانيا: «يمكن أن يؤدي إيقاف تناول الكافيين إلى صداع مؤلم ومكثف وخافق... يترافق هذا أحياناً مع الشعور بالغثيان والقلق وسرعة الانفعال».
يقترح هندرسون أن «تقلل المشروبات هذه ببطء على مدى ستة أسابيع... يمكنك محاولة جعل قهوتك مائية أكثر، أو تناول أكواب أصغر، أو استبدال المشروب بالشاي أو مادة منزوعة الكافيين».

* ظلل عينيك
تقول الدكتورة نبيلة جونز، اختصاصية البصريات والباحثة في مجموعة مستشفى العيون المتخصصة «أوبتغرا»: «الأضواء الساطعة، خاصةً الأضواء الوامضة والوهج، يمكن أن تسبب الصداع النصفي... للمساعدة في إدارة ذلك، اجلس في غرفة مظلمة وقم بتظليل عينيك».
ماذا لو كنت في الخارج عند حدوث صداع؟ تقول الطبيبة أنه «إذا كنت في الخارج، يمكن أن تساعد النظارات الشمسية والعدسات المستقطبة في تقليل شدة الضوء والوهج، مما يساعد في تقليل مستويات الألم».
*تجنب الروائح القوية
هل سبق لك أن لاحظت كيف تصبح بعض الروائح التي تستمتع بها عادةً، مثل العطور أو الأطعمة ذات النكهة القوية، لا تطاق عندما تصاب بالصداع؟
توضح سوزي سوير، اختصاصية التغذية السريرية وخبيرة الصحة في «نيتشيرز واي»: «فرط الحساسية للروائح تعتبر حالة شائعة لدى المصابين بالصداع النصفي المزمن... إذا كنت تعتقد أنك قد تكون حساساً للروائح، فإن تجنب العطور ودخان السجائر والأطعمة ذات الرائحة القوية قد يساعد في تقليل فرصتك في الإصابة بالصداع النصفي».
* استخدام الثلج
هناك الكثير من المنتجات القائمة على الثلج والتبريد في السوق واعدة بعلاج الصداع، ولكن هل تعمل حقاً؟
تقول كريشنان: «إنها توفر راحة مؤقتة فقط في حالات الصداع مثل الصداع العنقودي والنصفي» - لكن كن حذراً، لأن تطبيق أي شيء بارد جداً قد لا يكون له التأثير المطلوب.
تلاحظ كريشنان: «إذا كان شخص ما يعاني من ألم العصب الخامس [نوع من آلام الوجه]، فإن درجات الحرارة الباردة وبالتالي كمادات الثلج يمكن أن تسبب الألم».
*ممارسة ببعض التمارين
في حين أن التمرينات الشاقة يمكن أن تسبب الصداع أحياناً أو تزيدها سوءاً، إلا أن الحركة قد تكون مصدراً مفيداً لتسكين الآلام بالنسبة لبعض الأشخاص.


مقالات ذات صلة

مساعٍ عالمية لإيجاد «توازن» بين سلبيات ومزايا الذكاء الصناعي

يوميات الشرق مساعٍ عالمية لإيجاد «توازن» بين سلبيات ومزايا الذكاء الصناعي

مساعٍ عالمية لإيجاد «توازن» بين سلبيات ومزايا الذكاء الصناعي

في ظل النمو المتسارع لتطبيقات الذكاء الصناعي، تسعى حكومات دول عدة حول العالم لإيجاد وسيلة لتحقيق التوازن بين مزايا وسلبيات هذه التطبيقات، لا سيما مع انتشار مخاوف أمنية بشأن خصوصية بيانات المستخدمين. وفي هذا السياق، تعقد نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، اليوم (الخميس)، لقاءً مع الرؤساء التنفيذيين لأربع شركات كبرى تعمل على تطوير الذكاء الصناعي، بحسب وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية. في حين تدرس السلطات البريطانية تأثير «تشات جي بي تي» على الاقتصاد، والمستهلكين.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
لماذا تُعد العادات الصحية مفتاحاً أساسياً لإدارة أموالك؟

لماذا تُعد العادات الصحية مفتاحاً أساسياً لإدارة أموالك؟

يُعد النشاط البدني المنتظم والنظام الغذائي المتوازن والنوم الكافي من أكثر الممارسات الموصى بها للحفاظ على صحتك العامة. هذه العادات لها أيضاً تأثير إيجابي على أموالك الشخصية ومدخراتك بشكل عام. للوهلة الأولى، قد يكون من الصعب التعرف على الصلة بين العادات الصحية والأمور المالية الشخصية. ومع ذلك، هناك الكثير من القواسم المشتركة بين هذه المفاهيم. عندما تعتني بصحتك الجسدية والعقلية، فإنك تعزز أيضاً تطورك الشخصي والمهني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم بريطانيا: روسيا تتبنى استراتيجية جديدة للضربات الصاروخية

بريطانيا: روسيا تتبنى استراتيجية جديدة للضربات الصاروخية

أفادت وكالات الاستخبارات البريطانية بأن أحدث هجمات صاروخية روسية تردد أنها قتلت 25 مدنيا في أوكرانيا، تشير إلى استراتيجية هجومية جديدة وغير تمييزية بشكل أكبر، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع في لندن في تغريدة اليوم (السبت): «اشتملت الموجة على صواريخ أقل من تلك التي استخدمت في الشتاء، ومن غير المرجح أنها كانت تستهدف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا». وأضافت الوزارة في أحدث تحديث استخباراتي أنه كان هناك احتمالية حقيقية أن روسيا حاولت أمس (الجمعة) الهجوم على وحدات الاحتياط الأوكرانية، وأرسلت مؤخرا إمدادات عسكرية. كانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت أمس، أنه تم شن سلسلة من الهجم

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ ميغان ماركل توقّع عقداً مع وكالة مواهب كبرى في هوليوود

ميغان ماركل توقّع عقداً مع وكالة مواهب كبرى في هوليوود

وقّعت ميغان ماركل، زوجة الأمير البريطاني هاري، عقداً مع وكالة مواهب كبرى تُمثّل بعض أكبر نجوم هوليوود، وفقًا للتقارير. سيتم تمثيل ميغان من خلال «WME»، التي لديها عملاء من المشاهير بمَن في ذلك ريهانا ودوين جونسون (ذا روك) ومات دامون. وأفاد موقع «فارايتي» الأميركي بأنه سيتم تمثيلها من قبل آري إيمانويل، الذي عمل مع مارك والبيرغ، ومارتن سكورسيزي، وتشارليز ثيرون، وغيرهم. يقال إن التطور يأتي بعد معركة طويلة لتمثيل الدوقة بين عديد من وكالات هوليوود. وتركيز ميغان سينصب على الإنتاج السينمائي والتلفزيوني، وشراكات العلامات التجارية، بدلاً من التمثيل. وشركة «آرتشيويل» الإعلامية التابعة لميغان وهاري، التي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
TT

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

كل 10 دقائق تُقتل امرأةٌ عمداً في هذا العالم، على يد شريكها أو أحد أفراد عائلتها. هذا ليس عنواناً جذّاباً لمسلسل جريمة على «نتفليكس»، بل هي أرقام عام 2023، التي نشرتها «هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة» عشيّة اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يحلّ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.

ليس هذا تاريخاً للاحتفال، إنما للتذكير بأنّ ثلثَ نساء العالم يتعرّضن للعنف الجسدي، على الأقل مرة واحدة خلال حياتهنّ، وذلك دائماً وفق أرقام الهيئة الأمميّة. وفي 2023، قضت 51100 امرأة جرّاء التعنيف من قبل زوجٍ أو أبٍ أو شقيق.

كل 10 دقائق تُقتَل امرأة على يد شريكها أو فرد من عائلتها (الأمم المتحدة)

«نانسي» تخلّت عن كل شيء واختارت نفسها

من بين المعنَّفات مَن نجونَ ليشهدن الحياة وليروين الحكاية. من داخل الملجأ الخاص بمنظّمة «أبعاد» اللبنانية والحاملة لواء حماية النساء من العنف، تفتح كلٌ من «نانسي» و«سهى» و«هناء» قلوبهنّ المجروحة لـ«الشرق الأوسط». يُخفين وجوههنّ وأسماءهنّ الحقيقية، خوفاً من أن يسهل على أزواجهنّ المعنّفين العثور عليهنّ.

جسدُ «نانسي» الذي اعتادَ الضرب منذ الطفولة على يد الوالد، لم يُشفَ من الكدمات بعد الانتقال إلى البيت الزوجيّ في سن الـ17. «هذا التعنيف المزدوج من أبي ثم من زوجي سرق طفولتي وعُمري وصحّتي»، تقول الشابة التي أمضت 4 سنوات في علاقةٍ لم تَذُق منها أي عسل. «حصل الاعتداء الأول بعد أسبوع من الزواج، واستمرّ بشكلٍ شبه يوميّ ولأي سببٍ تافه»، تتابع «نانسي» التي أوت إلى «أبعاد» قبل سنتَين تقريباً.

تخبر أنّ ضرب زوجها لها تَركّزَ على رأسها ورجلَيها، وهي أُدخلت مرّتَين إلى المستشفى بسبب كثافة التعنيف. كما أنها أجهضت مراتٍ عدة جرّاء الضرب والتعب النفسي والحزن. إلا أن ذلك لم يردعه، بل واصل الاعتداء عليها جسدياً ولفظياً.

غالباً ما يبدأ التعنيف بعد فترة قصيرة من الزواج (أ.ف.ب)

«أريد أن أنجوَ بروحي... أريد أن أعيش»، تلك كانت العبارة التي همست بها «نانسي» لنفسها يوم قررت أن تخرج من البيت إلى غير رجعة. كانا قد تعاركا بشدّة وأعاد الكرّة بضربها وإيلامها، أما هي فكان فقد اختمر في ذهنها وجسدها رفضُ هذا العنف.

تروي كيف أنها في الليلة ذاتها، نظرت حولها إلى الأغراض التي ستتركها خلفها، وقررت أن تتخلّى عن كل شيء وتختار نفسها. «خرجتُ ليلاً هاربةً... ركضت بسرعة جنونيّة من دون أن آخذ معي حتى قطعة ملابس». لم تكن على لائحة مَعارفها في بيروت سوى سيدة مسنّة. اتّصلت بها وأخبرتها أنها هاربة في الشوارع، فوضعتها على اتصالٍ بالمؤسسة التي أوتها.

في ملجأ «أبعاد»، لم تعثر «نانسي» على الأمان فحسب، بل تعلّمت أن تتعامل مع الحياة وأن تضع خطة للمستقبل. هي تمضي أيامها في دراسة اللغة الإنجليزية والكومبيوتر وغير ذلك من مهارات، إلى جانب جلسات العلاج النفسي. أما الأهم، وفق ما تقول، فهو «أنني أحمي نفسي منه حتى وإن حاول العثور عليّ».

تقدّم «أبعاد» المأوى والعلاج النفسي ومجموعة من المهارات للنساء المعنّفات (منظمة أبعاد)

«سهى»... من عنف الأب إلى اعتداءات الزوج

تزوّجت «سهى» في سن الـ15. مثل «نانسي»، ظنّت أنها بذلك ستجد الخلاص من والدٍ معنّف، إلا أنها لاقت المصير ذاته في المنزل الزوجيّ. لم يكَدْ ينقضي بعض شهورٍ على ارتباطها به، حتى انهال زوجها عليها ضرباً. أما السبب فكان اكتشافها أنه يخونها واعتراضها على الأمر.

انضمّ إلى الزوج والدُه وشقيقه، فتناوبَ رجال العائلة على ضرب «سهى» وأولادها. نالت هي النصيب الأكبر من الاعتداءات وأُدخلت المستشفى مراتٍ عدة.

أصعبُ من الضرب والألم، كانت تلك اللحظة التي قررت فيها مغادرة البيت بعد 10 سنوات على زواجها. «كان من الصعب جداً أن أخرج وأترك أولادي خلفي وقد شعرت بالذنب تجاههم، لكنّي وصلت إلى مرحلةٍ لم أعد قادرة فيها على الاحتمال، لا جسدياً ولا نفسياً»، تبوح السيّدة العشرينيّة.

منذ شهرَين، وفي ليلةٍ كان قد خرج فيها الزوج من البيت، هربت «سهى» والدموع تنهمر من عينَيها على أطفالها الثلاثة، الذين تركتهم لمصيرٍ مجهول ولم تعرف عنهم شيئاً منذ ذلك الحين. اليوم، هي تحاول أن تجد طريقاً إليهم بمساعدة «أبعاد»، «الجمعيّة التي تمنحني الأمان والجهوزيّة النفسية كي أكون قوية عندما أخرج من هنا»، على ما تقول.

في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة تحث الأمم المتحدة على التضامن النسائي لفضح المعنّفين (الأمم المتحدة)

«هناء» هربت مع طفلَيها

بين «هناء» ورفيقتَيها في الملجأ، «نانسي» و«سهى»، فرقٌ كبير؛ أولاً هي لم تتعرّض للعنف في بيت أبيها، ثم إنها تزوّجت في الـ26 وليس في سنٍ مبكرة. لكنّ المشترك بينهنّ، الزوج المعنّف الذي خانها وضربها على مدى 15 سنة. كما شاركت في الضرب ابنتاه من زواجه الأول، واللتان كانتا تعتديان على هناء وطفلَيها حتى في الأماكن العامة.

«اشتدّ عنفه في الفترة الأخيرة وهو كان يتركنا من دون طعام ويغادر البيت»، تروي «هناء». في تلك الآونة، كانت تتلقّى استشاراتٍ نفسية في أحد المستوصفات، وقد أرشدتها المعالجة إلى مؤسسة «أبعاد».

«بعد ليلة عنيفة تعرّضنا فيها للضرب المبرّح، تركت البيت مع ولديّ. لم أكن أريد أن أنقذ نفسي بقدر ما كنت أريد أن أنقذهما». لجأت السيّدة الأربعينية إلى «أبعاد»، وهي رغم تهديدات زوجها ومحاولاته الحثيثة للوصول إليها والطفلَين، تتماسك لتوجّه نصيحة إلى كل امرأة معنّفة: «امشي ولا تنظري خلفك. كلّما سكتّي عن الضرب، كلّما زاد الضرب».

باستطاعة النساء المعنّفات اللاجئات إلى «أبعاد» أن يجلبن أطفالهنّ معهنّ (منظمة أبعاد)

«حتى السلاح لا يعيدها إلى المعنّف»

لا توفّر «أبعاد» طريقةً لتقديم الحماية للنساء اللاجئات إليها. تؤكّد غيدا عناني، مؤسِسة المنظّمة ومديرتها، أن لا شيء يُرغم المرأة على العودة إلى الرجل المعنّف، بعد أن تكون قد أوت إلى «أبعاد». وتضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»: «مهما تكن الضغوط، وحتى تهديد السلاح، لا يجعلنا نعيد السيّدة المعنّفة إلى بيتها رغم إرادتها. أما النزاعات الزوجيّة فتُحلّ لدى الجهات القضائية».

توضح عناني أنّ مراكز «أبعاد»، المفتوحة منها والمغلقة (الملاجئ)، تشرّع أبوابها لخدمة النساء المعنّفات وتقدّم حزمة رعاية شاملة لهنّ؛ من الإرشاد الاجتماعي، إلى الدعم النفسي، وتطوير المهارات من أجل تعزيز فرص العمل، وصولاً إلى خدمات الطب الشرعي، وليس انتهاءً بالإيواء.

كما تصبّ المنظمة تركيزها على ابتكار حلول طويلة الأمد، كالعثور على وظيفة، واستئجار منزل، أو تأسيس عملٍ خاص، وذلك بعد الخروج إلى الحياة من جديد، وفق ما تشرح عناني.

النساء المعنّفات بحاجة إلى خطط طويلة الأمد تساعدهنّ في العودة للحياة الطبيعية (رويترز)

أما أبرز التحديات التي تواجهها المنظّمة حالياً، ومن خلالها النساء عموماً، فهي انعكاسات الحرب الدائرة في لبنان. يحلّ اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في وقتٍ «تتضاعف فيه احتمالات تعرّض النساء للعنف بسبب الاكتظاظ في مراكز إيواء النازحين، وانهيار منظومة المساءلة». وتضيف عناني أنّ «المعتدي يشعر بأنه من الأسهل عليه الاعتداء لأن ما من محاسبة، كما أنه يصعب على النساء الوصول إلى الموارد التي تحميهنّ كالشرطة والجمعيات الأهليّة».

وممّا يزيد من هشاشة أوضاع النساء كذلك، أن الأولويّة لديهنّ تصبح لتخطّي الحرب وليس لتخطّي العنف الذي تتعرّضن له، على غرار ما حصل مع إحدى النازحات من الجنوب اللبناني؛ التي لم تمُت جرّاء غارة إسرائيلية، بل قضت برصاصة في الرأس وجّهها إليها زوجها.