المالكي يخلط الأوراق في ذكرى سقوط الموصل ويتهم أطرافًا سنية باستهداف التجربة الشيعية

العبادي: السنة هم ضحايا «داعش».. ومن يتكلم عن الحشد يتكلم عن الدولة العراقية

المالكي يخلط الأوراق في ذكرى سقوط الموصل ويتهم أطرافًا سنية باستهداف التجربة الشيعية
TT

المالكي يخلط الأوراق في ذكرى سقوط الموصل ويتهم أطرافًا سنية باستهداف التجربة الشيعية

المالكي يخلط الأوراق في ذكرى سقوط الموصل ويتهم أطرافًا سنية باستهداف التجربة الشيعية

في الوقت الذي أجمعت فيه القيادات السياسية العراقية على أهمية رص الصفوف في مواجهة تنظيم داعش، والإشادة بفتوى «الجهاد الكفائي»، التي أصدرها المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، انفرد نائب الرئيس العراقي ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي بإعلانه الإيمان بـ«نظرية المؤامرة» التي كانت تهدف إلى إسقاط التجربة الشيعية في العراق بقيادة أطراف سنية، قال إنها تآمرت في تركيا عام 2012 لهذا الغرض.
وقال المالكي في تجمع عشائري في مدينة كربلاء (110 كلم جنوب بغداد) إنه «لم يحصل للجيش العراقي أن انحلت وحداته ويهرب قادته وينسحب أبناء المكونين السني والكردي منه، في أي معركة، حتى في الجيش السابق، إلا في الموصل». ودعا المالكي إلى «كشف اللثام عن من صنع أجواء الهزيمة التي حصلت في العراق وكشف الحقائق، لأن قوات الجيش التي كانت في الموصل تكفي لكل البلاد، وليس لها فقط»، مؤكدا أن «مخطط البعثيين والتكفيريين الذين اجتمعوا في تركيا نهاية عام 2012 تضمن إسقاط هيبة الجيش، من خلال اتهامه بأنه جيش المالكي والطائفي والصفوي، وأصبحت حتى أوساط من الشيعة تُطلق هذه الاتهامات عليه».
وعاود المالكي مهاجمة ساحات الاعتصام في الأنبار والموصل والحويجة وسامراء بوصفها «كانت مخططًا ومشاريع لإسقاط الحكومة والدستور والعملية السياسية، وكانت غرفة عملياتها في أربيل»، عادًا «ما حصل في العراق بأنه ثورة طائفية لسنة ضد شيعة». وأشار المالكي إلى أن «هناك مؤامرة أسقطت الموصل والأنبار وليس نقصًا بالقوات كون (داعش) صنيعة ولا تملك القوة لأن تصنع ما صنعت»، مشددًا على عدم «وجود فائدة من بناء الجيش ما لم يتم القضاء على الفتنة الطائفية».
وبعكس المالكي، فقد أشاد رئيس الوزراء حيدر العبادي بصمود أبناء المناطق والمحافظات السنية خلال المواجهة مع تنظيم داعش. وقال في كلمة له خلال احتفالية ميليشيات الحشد الشعبي في بغداد أمس إن «العراقيين وقفوا ليدافعوا عن الشعب والوطن والمقدسات من الذين أرادوا أن تكون المعركة طائفية وإثنية أو دينية، وفشلوا بسبب الفتوى التي دعت جميع العراقيين للدفاع عن مقدساتهم والمستضعفين من أبناء الشعب». وأشار العبادي إلى أن ميليشيات الحشد الشعبي «تضم جميع المكونات؛ ففي صلاح الدين قاتل أبناء المحافظة ضمن قوات الحشد، وفي الأنبار أيضا هذا هو الحشد وتضحياته، وهو لكل العراقيين وليس لكتلة سياسية بعينها ولمجاميع معينة، وإنما للعراق والعراقيين وهو تحت قيادة الدولة العراقية، وهذا ديدن كل القوات المسلحة العراقية، والدولة فيها مؤسسات، وبالتالي الذي يتحدث عن الحشد يتكلم عن الدولة العراقية والدستور العراقي».
من جهته، أكد الأكاديمي ورجل الدين الشيعي عبد الحسين الساعدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الوقت اليوم ليس وقت تأجيج طائفي، وشد بين كل الأطراف في وقت اتفقت فيه جميع الأطراف السياسية بما فيها السنية والشيعية والكردية على أن فتوى المرجعية الدينية هي التي كان لها الدور الأبرز في حماية وحدة البلاد، التي حفزت الجميع على توحيد صفوفهم لمحاربة (داعش)، وبالتالي فإن الحديث الآن عن انقسام طائفي ومؤامرات هنا وهناك أمر حتى لو كانت له جذور لدى البعض، فإنه ليس وقته الآن، ناهيك بأن مثل هذه القضايا حتى لو وجدت، فإن مكانها ليس وسائل الإعلام، لما تمثله من بغضاء في الشارع العراقي». وعبر الساعدي عن استغرابه من «مخالفة المالكي للإجماع الوطني سياسيا ودينيا باتجاه عدو واحد، هو (داعش)، وهو ما عبرت عنه المرجعية الدينية طوال عام كامل من خلال التوجيهات التي تصدر عنها خلال صلاة الجمعة، لذلك فإن محاولات من هذا النوع إنما تشكل مخالفة واضحة لما حرصت المرجعية الدينية على تثبيته، من أسس لإعادة بناء البلاد واللحمة الوطنية».
في السياق ذاته، أكد الشيخ نعيم الكعود شيخ البونمر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المالكي كان قائدا للقوات المسلحة، وهو المسؤول عن الجيش بكامل قواته وضباطه وأسلحته، وهو من اختار القادة وهو من كان يحميهم، ولذلك فإنه كان الأولى به محاسبة المقصرين لا تحميل المسؤولية للآخرين، كما لو كان هو خارج دائرة القرار». وأضاف الكعود أن «تنظيم داعش ومن خلال ممارساته أثبت أنه يقف ضد السنة أكثر من الشيعة، بدليل ما عمله في المناطق السنية، وهو ما يعني أنه إذا كانت هناك مؤامرة فهي على السنة قبل غيرهم». وعد الكعود أن «من الخطأ الجسيم أن يحمل شخص مثل المالكي كان هو المسؤول التنفيذي واليوم نائب رئيس الجمهورية مكونا كاملا (المكون السني) مسؤولية التآمر، لأن هذا أمر بالغ الخطورة ومحاولة لنسف كل التفاهمات والعودة إلى المربع الأول». من جهتها، أكدت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية أن «المالكي كان هو المسؤول المباشر، وبالتالي كنا نأمل منه أن يقدم ما بحوزته من معلومات إلى لجنة سقوط الموصل البرلمانية، وأن يشكل هو لجنة تحقيق حكومية ويقدم المقصرين إلى القضاء».
وقال عضو البرلمان العراقي وعضو لجنة الأمن والدفاع كاظم الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الخطاب العام للمالكي هو مساند للحكومة التي يترأسها السيد حيدر العبادي، وما زلنا نأمل منه أن يكون دوره إيجابيا على كل الأصعدة، بهدف إخراج البلد مما يعانيه من مشكلات وأزمات»، مشيرا إلى أن «الحديث عن ضباط متآمرين في بغداد أمر لا يكفي، بل كان الأجدر هو اعتقالهم ومحاسبتهم، وهو ما ينسحب على كل القيادات العسكرية التي كان لها دور في سقوط الموصل والمدن الأخرى، وهي كانت جزءا من مسؤولياته بوصفه القائد العام للقوات المسلحة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».