محمد عبد المطلب... لماذا يعتبر أيقونة للأغنية الشعبية المصرية؟

وصفه الدكتور طه حسين بأنه «صوت الحارة الشعبية الأصيل»، واعتبرته فاتن حمامة «مطربها المفضل»، بينما أكد الموسيقار عمار الشريعي أنه «أجبر جميع الملحنين على الدخول في جلباب صوته الذي لا مثيل له»؛ إنه المطرب المصري الراحل محمد عبد المطلب عبد العزيز الأحمر، الشهير بـ«عبد المطلب» الذي تحل في شهر أغسطس (آب) من كل عام ذكرى ميلاده (13 أغسطس 1910)، وذكرى رحيله (21 أغسطس 1980).
قدم عبد المطلب نموذجاً غير مسبوق للغناء الشعبي، يعتمد على قوة هائلة للحنجرة، ومساحة عريضة للصوت، فضلاً عن كاريزما خاصة تتمثل في ضخامة البنيان، وكأننا أمام لاعب في حلبة المصارعة، وملامح وجه ليست شديدة الوسامة بالضرورة، فضلاً عن ارتدائه الجلباب البلدي والطربوش أحياناً.
https://www.facebook.com/comedia.zaman/videos/1359183790830218/?extid=CL-UNK-UNK-UNK-AN_GK0T-GK1C&ref=sharing
ويرى الناقد الفني المصري محمود عبد الشكور في عبد المطلب «أحد أساتذة الأغنية الشعبية الكبار»؛ حيث لا تزال أغنياته حاضرة بقوة حتى اليوم؛ سواء التي غناها في الحفلات أو على المسرح، متسائلاً: «من يمكنه أن ينسى أغاني مثل: ودع هواك، وساكن في حي السيدة وحبيبي ساكن في الحسين، ورمضان جانا، والبحر زاد، ويا ليلة بيضا، وتسلم إيدين اللي اشترى، وحبيتك وبحبك، وقلت لأبوكي، ويا حاسدين الناس، ويا أهل المحبة، واسأل مرة عليا، والناس المغرمين، وشفت حبيبي، وما بيسألشي عليا أبداً، وأنا مالي، ويا حبايب هلوا».
التحق عبد المطلب بكُتاب قريته بمحافظة البحيرة (دلتا مصر)؛ حيث حفظ القرآن الكريم، ثم انطلق إلى القاهرة ليتتلمذ على يد رواد الفن آنذاك، مثل الملحن داود حسني، و«موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب الذي عمل عبد المطلب عضواً ضمن «الكورال» الغنائي وراءه، كما التحق كذلك بفرقة المطربة بديعة مصابني صاحبة «كازينو بديعة» الذي كان بمثابة أكاديمية فنية لتفريخ عديد من المواهب.
وإلى جانب الغناء، كانت له تجربة مهمة في السينما؛ حيث قدم عدة أفلام مهمة، منها: «5 شارع الحبايب»، و«إديني عقلك»، و«لك يوم يا ظالم»، و«ليلة غرام»، و«علي بابا والأربعين حرامي».
وتميز عبد المطلب بخفة ظل تجسدت في عديد من المواقف الدرامية، مثل الديو الغنائي الذي يحمل عنوان «آلو يا همبكة» ويجمعه بـ«فتى السينما الشرير» توفيق الدقن، ضمن أحداث فيلم «بنت الحتة»، إنتاج عام 1964.
ويقول عبد الشكور لـ«الشرق الأوسط»: «برع المطرب الراحل في إلقاء الموّال الذي يعد درة الغناء الشعبي مصرياً وعربياً، حتى أنه لُقب بـ(ملك المواويل)، وساعدته في ذلك إمكانات حنجرته التي تجمع بين العذوبة والقوة شبه المطلقة، حتى أنك تشعر بأنه يغني لمزاجه الشخصي ومتعته الشخصية قبل أي شيء».
وأكد عبد الشكور أن «كبار الملحنين على مر العصور تعاونوا معه، مثل: محمد عبد الوهاب، ومحمود الشريف، ومحمد فوزي، وبليغ حمدي، وكمال الطويل الذي لحن له أغنيته الشجية الجميلة (الناس المغرمين)، وبالتالي لم يكن غريباً أن نجد نجماً آخر في سماء الأغنية الشعبية هو محمد العزبي يختار تقليد عبد المطلب، عندما أتيحت له الفرصة للظهور في (ركن الهواة) وهو مراهق، بالإذاعة المصرية».
وارتبط اسم المطرب الكبير بالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في أكثر من مناسبة، حسبما روى ابنه نور الذي رحل العام الماضي، قائلاً في تصريحات تلفزيونية: «صدر أمر ملكي باعتقال عبد المطلب، بسبب تفوهه بكلمات غاضبة في حق الديوان الملكي، نتيجة حذف اسمه في اللحظة الأخيرة وعلى نحو مفاجئ من حفل بدار الأوبرا؛ لكن قيام ثورة 23 يوليو (تموز) 1952، جعل عبد الناصر يلغي أمر الاعتقال». كما كان عبد المطلب من المطربين القلائل الذين سمح لهم عبد الناصر بالغناء في حفل ذكرى الثورة السنوي، إلى جوار عبد الحليم حافظ وأم كلثوم، وكذلك كرمه بمنحه «وسام الجمهورية»، لذلك لم يكن غريباً أن يفقد الرجل الوعي ويسقط أرضاً بمجرد سماعه خبر رحيل الرئيس.