هل شرب مياه الأمطار آمن؟ دراسة تجيب

هل شرب مياه الأمطار آمن؟ دراسة تجيب
TT

هل شرب مياه الأمطار آمن؟ دراسة تجيب

هل شرب مياه الأمطار آمن؟ دراسة تجيب

قد تعتقد أن قطرات المطر التي تتذوقها هي نفسها التي تخرج من الصنبور! لكن مياه الأمطار تحتوي في الواقع على العديد من المكونات المجهرية التي يتم تصفيتها قبل ضخها في منزلك. فهل من الآمن جمع مياه الأمطار وشربها؟
هناك عدد من الملوثات التي يمكن أن تنتهي في مياه الأمطار، مثل البكتيريا والفيروسات والطفيليات والغبار وجزيئات الدخان والمواد الكيميائية الأخرى، وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). فإذا كنت تجمع مياه الأمطار من سطح، فقد تحتوي أيضًا على آثار تركتها الحيوانات كالطيور. وإذا كان السقف أو أنابيب الصرف قديمة، فقد ينتهي الأمر بمواد مثل الأسبستوس والرصاص والنحاس في الخزان. أما إذا تم تخزين مياه الأمطار في حاوية مفتوحة، فقد تكون أيضًا مليئة بالحشرات والمواد العضوية المتحللة. لهذه الأسباب، ينصح مركز السيطرة على الأمراض (CDC) بعدم جمع مياه الأمطار وشربها ولكنه يوصي باستخدامها لأغراض أخرى، مثل سقي النباتات، وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.
مع ذلك، يمكن أن تختلف مستويات هذه الملوثات بشكل كبير اعتمادًا على المكان الذي تعيش فيه. ويعتمد خطر المرض إلى حد كبير على كمية مياه الأمطار التي تشربها؛ فإذا كان لديك نظام تجميع نظيف وقمت بتعقيم مياه الأمطار بشكل صحيح (إما بالمواد الكيميائية أو عن طريق الغليان والتقطير) فيمكن عندئذٍ إزالة معظم الشوائب. وقد أدى ذلك إلى الكثير من الالتباس حول ما إذا كانت مياه الأمطار غير آمنة للشرب؟
وفي زمننا الحاضر حيث الكثير من المواد الكيميائية التي يصنعها الإنسان، هناك خطر جديد مرتبط بشرب مياه الأمطار؛ ففي دراسة جديدة قادها إيان كوزينز الكيميائي البيئي بجامعة ستوكهولم في السويد نُشرت هذا الشهر بمجلة «العلوم البيئية والتكنولوجيا»، وجد الباحثون أن مياه الأمطار في جميع أنحاء العالم بها تركيزات من مادة الألكيل السامة (per- and polyfluorinated alkyl) التي تتجاوز الإرشادات الصحية. وتشير هذه النتائج إلى أن مياه الأمطار غير آمنة للشرب بالتأكيد، خاصةً إذا لم تتم معالجتها.

ما هي PFAS؟
PFAS هو مصطلح يجمع أكثر من 1400 مادة كيميائية من صنع الإنسان والمواد التي تم استخدامها تاريخيًا لمجموعة من المنتجات، بما في ذلك المنسوجات ورغوة مكافحة الحرائق وأدوات الطهي غير اللاصقة وتغليف المواد الغذائية والعشب الصناعي وسلاسل الغيتار.
ووفق كوزينز، فإن «الفهم الحالي للتأثيرات البيولوجية يعتمد بشكل أساسي على دراسات لأربعة أحماض بيرفلوروالكيل (PFAAs)؛ وهي مجموعة فرعية من PFAS». مضيفا «أن هذه الأحماض الدهنية المشبعة بالفلور تشمل حمض السلفونيك البيرفلوروكتاني (PFOS) ، وحمض البيرفلوروكتانويك (PFOA) ، وحمض البيرفلوروهكسان سلفونيك (PFHxS) ، وحمض البيرفلورونونويك (PFNA)»، والتي كانت المحور الرئيسي للدراسة.
وفي هذا الاطار، أظهرت الأبحاث السابقة أن هذه المواد الكيميائية شديدة السمية ويمكن أن تسبب مجموعة واسعة من المشاكل (بما في ذلك أنواع مختلفة من السرطان والعقم ومضاعفات الحمل ومشاكل النمو وأمراض الجهاز المناعي وأمراض مختلفة في الأمعاء والكبد والغدة الدرقية). وأيضًا من المحتمل أن تقلل من فعالية اللقاحات عند الأطفال، كما أن من المحتمل أن يتسبب PFAS بأضرار إضافية للبيئة، لكن هذه الفكرة لم تتم دراستها بنفس القدر من التفصيل.

المطر على السطح
وقد وجد الباحثون أنه تم العثور على PFAS بمستويات خطيرة في مياه الأمطار بجميع أنحاء العالم؛ و​​إن هذا الدليل أدى إلى حظر PFAAs ومعظم PFAS الأخرى أو تقييدها بشدة خلال الـ 20 إلى 30 عامًا الماضية، باستثناء الصين وبعض الدول الآسيوية الأخرى. كما تم أيضًا تعديل الإرشادات الصحية المحيطة بـ PFAS لتعكس سمية المواد الكيميائية؛ فعلى سبيل المثال، بالولايات المتحدة المستوى الآمن للتعرض لـ PFOA كما حددته وكالة حماية البيئة (EPA) هو 37.5 مليون مرة أقل مما كان عليه من قبل، وفقًا لبيان صادر عن باحثي الدراسة.
من جانبه، يرى كوزينز أن PFAS لا تتحلل بسهولة شديدة، ما يعني أنها تظل في البيئة لفترة طويلة بعد إنتاجها وتكون سامة بنفس القدر. مضيفا «أن هذا أدى بالعلماء إلى تسمية PFAS بمواد كيميائية إلى الأبد».
وفي الدراسة الجديدة، جمع الباحثون بيانات من عينات مياه الأمطار من جميع أنحاء العالم، وكشفوا أن PFAS لا يزال وفيرًا فيها بكل مكان على الأرض بتركيزات أعلى من إرشادات السلامة التي وضعتها وكالة حماية البيئة والهيئات التنظيمية الأخرى المماثلة في البلدان الأخرى.
وكان الخبراء يأملون في أن تكون تركيزات PFAS قد بدأت في الانخفاض بحلول الآن. لكن من الواضح أن هذا ليس هو الحال، وفق كوزينز؛ الذي يؤكد «بدلاً من ذلك، يعتقد الباحثون أن PFAS تمثل حدودًا كوكبية جديدة، حدًا مفاهيميًا يصبح بعده شيء ما غير آمن للبشر، والذي تجاوزناه بالفعل».
كان الاكتشاف الأكثر إثارة للدهشة هو أن مستويات حمض بيرفلورو الأوكتانويك (PFOA) في مياه الأمطار تزيد 10 مرات على الأقل عن المستوى الآمن لوكالة حماية البيئة في كل موقع تم أخذ عينات منه على الكوكب، بما في ذلك هضبة التبت والقارة القطبية الجنوبية.
ويكشف الباحث الكيميائي أن «الباحثين ما زالوا غير متأكدين بالضبط من كيفية نقل PFAS إلى المناطق النائية في العالم. إذ يفترض الفريق أن PFAS على سطح المحيط يتم إعادة حقنها في الغلاف الجوي عن طريق رذاذ المحيط ثم نقلها إلى مناطق أخرى، حيث تسقط كمطر؛ لذا يخططون لاختبار هذه الفرضية في البحث المستقبلي».
وتابع كوزينز «​أنه من المحتمل أيضًا أن PFAS لا تزال تتسرب إلى البيئة من مدافن النفايات».
ويشدد كوزينز «أنه من السابق لأوانه التنبؤ بالآثار العامة للصحة التي ستسببها مياه الأمطار الغنية بالسلفونات المشبعة بالفلور المشبع في جميع أنحاء العالم، ولكنها قد تكون جارية بالفعل». قائلا «لقد تعرضنا بالفعل لمستويات أعلى خلال العشرين إلى الثلاثين عامًا الماضية... نحن الآن فقط نفهم بشكل أفضل العواقب المحتملة لهذا التعرض».
ومن المرجح أن يكون تأثير PFAS أكبر في البلدان النامية حيث يعتمد الملايين من الناس على مياه الأمطار كمصدر وحيد لمياه الشرب. لذلك، فانه حتى في مناطق معينة من الدول المتقدمة مثل أستراليا الغربية لا يزال فيها شرب مياه الأمطار شائعًا بشكل لافت.
ويحذر كوزينز، انه حتى إذا تمت معالجة مياه الأمطار بشكل صحيح، فلا يوجد ضمان بإزالة PFAS. ويمكن أيضًا العثور على PFAS بمستويات منخفضة في مياه الشرب من الصنابير والزجاجات، على الرغم من أنها غالبًا بمستويات آمنة. و​​إن مستويات PFAS ستنخفض في النهاية مع تدويرها بأعماق المحيط لكن «هذه عملية تدريجية قد تستغرق عقودا عدة».


مقالات ذات صلة

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

كوري جنوبي تعمَّد اكتساب الوزن للتهرُّب من الخدمة العسكرية

فرار لم يُوفَّق (أ.ب)
فرار لم يُوفَّق (أ.ب)
TT

كوري جنوبي تعمَّد اكتساب الوزن للتهرُّب من الخدمة العسكرية

فرار لم يُوفَّق (أ.ب)
فرار لم يُوفَّق (أ.ب)

حكمت محكمة في العاصمة الكورية الجنوبية، سيول، بالسجن مع وقف التنفيذ بحق مواطن لإدانته بتعمُّد اكتساب أكثر من 20 كيلوغراماً للتهرُّب من نظام التجنيد العسكري في البلاد.

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن «أسوشييتد برس»، أنه في كوريا الجنوبية، يتعيَّن أن يؤدّي جميع الرجال القادرين جسدياً الخدمة العسكرية من 18 إلى 21 شهراً، لكنّ الأفراد الذين يعانون مشكلات صحّية يمكنهم، بدلاً من ذلك، القيام بمَهمّات في منشآت غير عسكرية، مثل مراكز الرعاية والخدمة المجتمعية. وفي حال كانوا يعانون مشكلات خطيرة، يجري إعفاؤهم من المَهمّات العسكرية.

وقالت محكمة سيول الشرقية الجزئية إنها قضت بحبس الرجل عاماً، مع وقف التنفيذ لعامين، لانتهاك قانون الخدمة العسكرية في البلاد.

وأضافت أنّ شخصاً من معارف الرجل المتّهم حُكم عليه بالسجن عاماً مع وقف التنفيذ، لمساعدته.

بدوره، ذكر مكتب الشؤون العامة في المحكمة أنّ اختباراً خلال عام 2017 خلُص إلى أنّ الرجل مؤهَّل لأداء الخدمة العسكرية، إذ يبلغ طوله 169 سنتيمتراً ووزنه 83 كيلوغراماً. ولكن بناء على نصيحة معاونه بأنه يمكن إعفاؤه منها إذا كان يعاني زيادة الوزن، ضاعف استهلاكه اليومي من الطعام، مُركّزاً على تناول المأكولات عالية السعرات الحرارية، كما ترك وظيفته عاملَ توصيل بدوام جزئي.

وخلال 3 اختبارات بدنية من 2022 إلى 2023، تراوح وزنه ما بين 102 و105 كيلوغرامات، ممّا أهلَّله لأداء الخدمة المجتمعية. كما خلُصت المحكمة إلى أنه قبل الاختبارات، كان يشرب كميات كبيرة من المياه.

ولم يتّضح كيف كُشفت الواقعة، وما إذا كان الرجل قد بدأ خدمته العسكرية قبل محاكمته. فالمحكمة أشارت فقط إلى أنه تعهَّد بأداء هذه الخدمة بإخلاص.