مرصد الأزهر يرى «تغييرات جذرية» ‏في «القاعدة» بعد الظواهري

تبنى التنظيم «استراتيجية لا مركزية للحفاظ على بقائه وانتشاره في أفريقيا»

زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري الذي قُتل بغارة أميركية (من أرشيف رويترز)
زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري الذي قُتل بغارة أميركية (من أرشيف رويترز)
TT

مرصد الأزهر يرى «تغييرات جذرية» ‏في «القاعدة» بعد الظواهري

زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري الذي قُتل بغارة أميركية (من أرشيف رويترز)
زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري الذي قُتل بغارة أميركية (من أرشيف رويترز)

تحدث «مرصد الأزهر لمكافحة التطرف» في القاهرة عن «تغييرات جذرية» في تنظيم «القاعدة» الإرهابي بعد مقتل زعيمه أيمن الظواهري، محذراً من «تمدد التنظيم في شمال أفريقيا».
وكان الظواهري قُتل في غارة أميركية نُفذت مطلع أغسطس (آب) الجاري في أفغانستان، في أكبر ضربة للتنظيم الإرهابي منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في عام 2011.
وتوقعت دراسة حديثة لمرصد الأزهر «حدوث ارتباك للتنظيم خلال المرحلة المقبلة، بالنظر إلى افتقار المرشحين لقيادة التنظيم إلى خبرة الظواهري». وذكرت أنه، بحسب الخبراء، فإنه «يصعب تعيين زعيم جديد للتنظيم يحظى بقبول الأفرع»، لافتة إلى أن «المنافسة على زعامة القاعدة تنحصر بين المصري سيف العدل، عضو مجلس شورى التنظيم، واللجنة العسكرية، ومسؤول تدريب العناصر الإرهابية في الشرق الأوسط وأفريقيا، والمغربي عبد الرحمن المغربي صهر الظواهري ورئيس مؤسسة التنظيم الإعلامية».
ويشار إلى أن محمد صلاح زيدان المكنى بـ«سيف العدل المصري» الذي انتقل إلى أفغانستان عام 1989 وانضم إلى «القاعدة»، لعب دوراً محورياً في تطوير القدرات العسكرية للتنظيم، في ضوء خبراته السابقة، فضلاً عن مشاركته في تأسيس الكثير من الأفرع الإقليمية للتنظيم؛ خصوصاً في منطقة القرن الأفريقي.
أما محمد أباتي المكنّى بـ«أبو عبد الرحمن المغربي»، يُلقب بـ«ثعلب القاعدة». وتشير المعطيات المتوافرة عن «المغربي» إلى أنه كان الشخصية الأقرب للظواهري، كما أنه كان مسؤولاً عن تأمين اتصالات الظواهري والإشراف على إرسال الرسائل المشفرة إلى القواعد التنظيمية حول العالم، وكذلك كان مسؤولاً عن مؤسسة «سحاب» الإعلامية الخاصة بالتنظيم، وكذا الاتصالات الخارجية لـ«القاعدة».
دراسة المرصد توقعت «حدوث تغييرات جذرية ‏بعد الظواهري في سياسة التنظيم الخارجية وعلاقته بالتنظيمات الأخرى كـداعش»، لكنها ربطت ذلك بـ«مدى ‏استعداد القيادة الجديدة لتحقيق نوع من التوازن أو فرض القوة على الصعيد العالمي». وقالت إنه «من المتوقع أن يتمدد القاعدة في أماكن أخرى كشمال أفريقيا، وهو ما قد يعكس استعداد التنظيم مواصلة القتال رغم مقتل قياداته التاريخية».
ومن أبرز أفرع «القاعدة» في أفريقيا: «جماعة أنصار الإسلام والمسلمين»، و«القاعدة» في المغرب الإسلامي، وجماعة «الأنصار»، وحركة الشباب الصومالية.
وكان مرصد الأزهر قد أشار إلى أن «العمليات الإرهابية في القارة الأفريقية خلال يوليو (تموز) الماضي بلغت 39 عملية، شنتها التنظيمات المتطرفة، ما بين تفجيرات واستهدافات، أسفرت عن مقتل 203، وإصابة 103 آخرين».
ووفق المرصد، فإنه «في منطقة الساحل الأفريقي بلغ عدد العمليات الإرهابية 18 عملية خلفت 93 قتيلاً و61 مصاباً. وفي منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي بلغ عدد العمليات الإرهابية 10 عمليات، أسفرت عن مقتل 69 وإصابة 39. أما منطقة غرب أفريقيا فقد تعرضت لـ6 عمليات إرهابية أسفرت عن مقتل 21 وإصابة 3، وفيما يخص دول وسط أفريقيا، فشهدت 5 عمليات إرهابية أسفرت عن مقتل 20 شخصاً».
عودة إلى دراسة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف التي أشارت إلى أن «القاعدة تبنى استراتيجية لا مركزية للحفاظ على بقاء التنظيم وانتشاره في أفريقيا»، لافتة إلى أن «مقتل الظواهري قد يعرقل جزءاً ‏كبيراً من خطط التنظيم، علاوة على الضعف المعنوي الذي فيما يبدو قد تسلل إلى نفوس عناصره بعد مقتل قائدهم». وأكدت أن «مقتل الظواهري أحدث حالة من الارتباك داخل صفوف التنظيم، الذي يبني استراتيجيته الإعلامية على تصدر زعمائه المشهد الإعلامي، وخلق هالة كبيرة حولهم، وربط أعضاء التنظيم بهم، وقد ظهر هذا التأثر بوضوح بعد مقتل بن لادن، حيث فقد التنظيم جزءاً كبيراً من قوته بعد مقتله». وأكد مرصد الأزهر أن «محاربة الإرهاب والقضاء على قياداته، يجب أن ‏تصحبها مكافحة للفكر وتجفيف لمنابع التطرف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإعلامية».


مقالات ذات صلة

رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية محمد البشير: خزائن الدولة خاوية

المشرق العربي حوار رئيس حكومة تصريف الأعمال السوري محمد البشير لصحيفة «كوريري دي لا سيرا» الإيطالية

رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية محمد البشير: خزائن الدولة خاوية

في أول حديث يدلي به إلى وسيلة إعلام غربية، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال لصحيفة «كوريري دي لا سيرا» الإيطالية، إن خزائن الدولة خاوية بعد أن التهم النظام كل شيء.

شوقي الريّس ( روما)
المشرق العربي مقاتل من «هيئة تحرير الشام» يتابع القصف المستمر على قرى في ريف حلب الغربي (أ.ف.ب) play-circle 00:20

«تحرير الشام» تتقدم في حلب وإدلب والجيش السوري يحاول وقفها بمساعدة روسية

سيطرت قوات «تحرير الشام» وفصائل «غرفة عمليات الفتح المبين» على 10 بلدات وقرى في محافظة حلب بشمال غربي البلاد، كانت خاضعة لسيطرة الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

إلى جانب الحربين اللتين تصدَّرتا عناوين الأخبار خلال عام 2024، في الشرق الأوسط وأوكرانيا، تستمر نزاعات لا تحظى بالقدر نفسه من التغطية الإعلامية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

الجيش الباكستاني يبذل جهوداً كبرى لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين.

عمر فاروق (إسلام آباد)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».