المقاومة في تعز تكبد الانقلابيين خسائر في محيط جبل جرة وثلاثة أحياء

محافظها السابق يكشف أسباب استقالته

يمنيات يتلقين مساعدات غذائية من مجموعة إغاثية محلية في شارع عام بمدينة تعز (إ.ب.أ)
يمنيات يتلقين مساعدات غذائية من مجموعة إغاثية محلية في شارع عام بمدينة تعز (إ.ب.أ)
TT

المقاومة في تعز تكبد الانقلابيين خسائر في محيط جبل جرة وثلاثة أحياء

يمنيات يتلقين مساعدات غذائية من مجموعة إغاثية محلية في شارع عام بمدينة تعز (إ.ب.أ)
يمنيات يتلقين مساعدات غذائية من مجموعة إغاثية محلية في شارع عام بمدينة تعز (إ.ب.أ)

خرج محافظ تعز شوقي هائل عن صمته بعد نحو مضي شهرين على استقالته من منصبه، وانسحابه المفاجئ عن المشهد السياسي بالتزامن مع اندلاع المواجهات المسلحة واجتياح ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق لمحافظة تعز وسط اليمن، في موقف اعتبره مراقبون «موقفًا مسؤولا من رجل دولة فضل الاستقالة على أن يبقى في منصبه ويعمل تحت إمرة الانقلابيين»، وما يسمى اللجنة الثورية العليا التابعة لميليشيات الحوثي، وهو الموقف ذاته الذي اتخذه أيضًا محافظ ذمار المعين من السلطة الشرعية يحيى العمري، عقب زحف الحوثيين إلى ذمار.
وأعرب شوقي عن استيائه ممن اتهموه بـ«الخيانة». وقال: «لقد بذلت في بداية المواجهات المسلحة جهودا مضاعفة لاحتواء الموقف وحاولت عبر اللقاءات المباشرة والاتصالات المكثفة أن أمنع إراقة قطرة دم واحدة، إلا أني لم أجد أذانا صاغية، فأعلنت استقالتي»، مشيرًا إلى أنه ركز بعد الاستقالة اهتمامه بـ«الجوانب الإنسانية حيث سخرت وقتي وإمكاناتي في معالجة كثير من القضايا التي تتعلق بهموم الناس اليومية، ابتداء بضمان مواصلة عمل المستشفيات الحكومية ومرورا بتوفير المواد الغذائية الأساسية، وأيضا توفير المشتقات النفطية للمؤسسات الخدمية وعلى رأسها مؤسسة المياه ومكتب التحسين والنظافة وأيضا محطة المخا البخارية»، حسب قوله. ومعلوم أن محافظ تعز ينتمي إلى أكبر مجموعة تجارية في اليمن.
وأوضح محافظ في منشور له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أنه غادر المدينة مضطرًا كون سلامته الشخصية في خطر، قائلاً إنه «انتقل إلى مكان يسمح لي بخدمة أبناء محافظتي بشكل أفضل».
وكشف محافظ تعز أنه ما كان ليغادر المدينة «إلا بعد أن تأكدت من أني مستهدف، وقد قيل لي إني سأواجه أشخاصا سيتنافسون على من يقتلني ليلصقوا التهمة بخصومهم».
وزاد شوقي: «أنا لست مسعر حرب، أنا رجل مدني، وأعبر في كل خطواتي العملية عن هوية تعز المدنية، وبذلت جهودا مضنية كمواطن ينشد السلام ويرفض منطق القتل في حل المشكلات، ولا يناسبني أن أحرض على سفك الدماء». واختتم شوقي منشوره بالتأكيد أنه «لن أتخلى عن سكان مدينتي تحت أي ظرف، وسأظل بقلبي المحب من داخل منزلي أو من خارج اليمن داعما للحلول والحوارات المبنية على أساس الخروج باليمن إلى بر الأمان».
ويعد شوقي هائل أول محافظ محافظة يصطدم بميليشيات الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع عقب اجتياحهم لصنعاء بشكل علني. وأعرب في مؤتمر صحافي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بالتزامن مع انتشار ميليشيات الحوثي وتمددهم في كثير من المدن والمحافظات اليمنية أن «وجود الحوثيين في تعز مرفوض»، مشترطًا «تخليهم عن السلاح في حال رغبتهم في الدخول إلى المدينة كمواطنين لا كمسلحين ولجان شعبية».
إلى ذلك، وفي المحافظة نفسها، بعث الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي برقية عزاء إلى قائد المقاومة الشعبية في تعز الشيخ حمود المخلافي في استشهاد شقيقه، في معارك الدفاع عن مدينة تعز في وجه ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع، بعد أسابيع قليلة من استشهاد نجله. وأشاد هادي بـ«ما تقدمه أسرة آل المخلافي من تضحيات كبيرة»، مشيدًا بـ«مواقفه الرجولية والبطولية، هو من يقف إلى جانبه في سبيل الدفاع عن الوطن وعن تعز من الميليشيات الحوثية التي تكن لليمن الحقد والكره، وتسعى في الأرض فسادا، وتقتل النفس المحرمة، وتروع الأطفال والنساء والآمنين في منازلهم، جراء ما يقومون به من أعمال لا تمت للإسلام بصلة».
ميدانيًا قالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة تعز شهدت في الساعات القليلة الماضية مواجهات مسلحة عنيفة بين المقاومة الشعبية وميليشيات الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع في محيط جبل جرة، وأحياء الزنوج، وكلابة، والمناخ، وشارع الأربعين شمال مدينة تعز، أسفرت عن مقتل 18 مسلحًا وعشرات الجرحى، وكبدت المقاومة ميليشيات الحوثي وصالح خسائر فادحة.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.