انقسامات وسط المتشددين تؤدي لظهور «داعش» آخر في جنوب اليمن

مصادر مقربة من «أنصار الشريعة» لـ («الشرق الأوسط») : التنظيم فخخ مداخل المكلا تحسبًا لهجوم من الجيش

سجن المكلا المركزي الذي هاجمه المتطرفون مما أدى لهروب زملائهم وبينهم قائد «أنصار الشريعة» («الشرق الأوسط»)
سجن المكلا المركزي الذي هاجمه المتطرفون مما أدى لهروب زملائهم وبينهم قائد «أنصار الشريعة» («الشرق الأوسط»)
TT

انقسامات وسط المتشددين تؤدي لظهور «داعش» آخر في جنوب اليمن

سجن المكلا المركزي الذي هاجمه المتطرفون مما أدى لهروب زملائهم وبينهم قائد «أنصار الشريعة» («الشرق الأوسط»)
سجن المكلا المركزي الذي هاجمه المتطرفون مما أدى لهروب زملائهم وبينهم قائد «أنصار الشريعة» («الشرق الأوسط»)

كشفت مصادر مقربة من تنظيم «أنصار الشريعة في جزيرة العرب» لـ«الشرق الأوسط» عن تفخيخ التنظيم لمداخل ومخارج مدينة المكلا عاصمة حضرموت، أكبر محافظات الجمهورية اليمنية، والواقعة جنوبًا على البحر العربي، والتي سيطر عليها التنظيم منذ 2 أبريل (نيسان) الماضي، بعد معارك خاضها مع وحدات الجيش اليمني، استطاع فيها أن يسيطر على المعسكرات والمنشآت الحكومية والحيوية فيها.
وقالت المصادر إن التنظيم استطاع منذ الأيام الأولى لسيطرته على المدينة، تفخيخ الجبال المطلة على الطرق الرئيسية بكميات كبيرة من المتفجرات، وكذا الجسور الأرضية الواقعة على المدخلين الشرقي والغربي للمدينة، تحسبًا لأي هجوم يشنه الجيش اليمني عبر المدخل الشرقي، أو الميليشيات التابعة للحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح عبر المدخل الغربي باتجاه محافظة شبوة.
كما تحدثت المصادر عن وجود معسكرات تدريب خاصة بالتنظيم على الأطراف الغربية للمدينة، تستخدم في تجنيد المئات من أبناء المدينة، والمدن المجاورة لها، كالشحر والحامي والديس الشرقية وقصيعر شرق المدينة وبروم وحجر وميفع ناحية غرب مدينة المكلا، يتدرب فيها المنخرطون في التنظيم حديثًا تدريبات بدنية، وأخرى على استخدام السلاح الخفيف والمتوسط، بالإضافة إلى استراتيجيات الهجوم والدفاع واختيار وتغيير المواقع القتالية.
كذلك استحدث التنظيم مواقع تحت الأرض وبين الجبال لتخزين السلاح والذخيرة، التي استطاع نهبها من مخازن اللواء 27 ميكانيك بمدينة المكلا، ومقر قيادة المنطقة العسكرية الثانية بالمدينة، عند سيطرته على المعسكرات بعد سقوط المدينة.
وأضافت المصادر أن تنظيم «أنصار الشريعة في جزيرة العرب» يستخدم تلك المواقع والمعسكرات غرب مدينة المكلا لتخزين الأموال التي استطاع نهبها من فرع البنك المركزي اليمني بالمدينة، بعد حصاره لعدة أيام، واستخدم المتفجرات وقذائف «آر بي جي» لفتح الخزائن، التي قدرت بـ17 مليار ريال يمني، أتلفت منها 9 مليارات ريال في ضربة لطائرة من دون طيار استهدفت سيارتين تابعتين للتنظيم كانتا تحملان بعض الأموال في منطقة المسيني الريفية، القريبة من تلك المواقع، بعد أن كان قادمًا من فرع البنك لتخزين المال المنهوب في الأسبوع الأول من الهجوم على المدينة، وقتل في هذه الضربة عدد من أفراد التنظيم. وقال التنظيم في مهرجان له أقيم بساحة خور المكلا وسط المدينة في 17 أبريل الماضي إن التنظيم سيستخدم تلك الأموال لتمويل عملياته لحفظ استقرار المدينة، وتأمين مداخلها تجاه أي خطر محيط بها، في إشارة لميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع صالح، ووحدات الجيش اليمني السبع التابعة للمنطقة العسكرية الأولى بقيادة اللواء الركن عبد الرحمن عبد الله الحليلي والمرابطة على بعد أكثر من 320 كيلومترا شمال شرقي المدينة.
كما أن التنظيم أعطى المجلس الأهلي الحضرمي، وهو مجلس مكون من عدد من الشخصيات الأهلية بالمدينة أنشئ لإدارة الأزمة بعد سيطرة التنظيم، مبلغ 800 مليون ريال يمني لتسيير شؤون المدينة، بناء على طلب المجلس الذي وعد بمبلغ مليار ريال يمني لم تستكمل له حتى الآن، حسبما قال رئيس المجلس الشيخ عمر صالح الجعيدي في المؤتمر الصحافي الذي عقده المجلس في 21 مايو (أيار) الماضي.
وأوضحت المصادر أن التنظيم خفف من تحركاته داخل مدينة المكلا نتيجة استهداف عناصره من صواريخ الطائرات من دون طيار التي تمشط سماء المدينة طوال الوقت منذ 2 أبريل الماضي، وأوقعت أكثر من 10 قتلى في صفوف التنظيم منهم 4 قياديين، خلال 3 غارات، أطلقت فيها أكثر من 5 صواريخ، كان آخرها مساء يوم الثلاثاء الماضي بمنطقة كورنيش المحضار على الساحل الجنوبي الشرقي للمدينة.
ويعاني التنظيم منذ 2 أبريل الماضي حالة انقسام، أدت لظهور جناح مسلح جديد لـ«القاعدة في جزيرة العرب»، يحمل اسم «داعش» بقيادة القيادي الميداني البارز في التنظيم جلال بلعيد من أبناء محافظة أبين جنوب اليمن، حسبما أفادت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط». كما تبادل بعض عناصر التنظيم التهم بالخيانة، كان آخرها لأحد الحراس الشخصيين لزعيم التنظيم بالمكلا خالد باطرفي، كذلك المسؤول الأول في مؤسسة الحسام الإعلامية التابعة للتنظيم في جزيرة العرب مساعد الخويطر (سعودي الجنسية) المكنى حسام الخالدي، والذي اتهم بالتخابر لصالح أجهزة الأمن السعودية، كما أوردته عدة حسابات تابعة لأفراد في التنظيم المتشدد على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
يذكر أن زعيم التنظيم بالمكلا خالد باطرفي هو أحد السجناء الذين هربوا من سجن المكلا المركزي، إثر هجوم نفذه عدد من عناصر التنظيم كأول عمل لهم في المدينة ليلة 2 أبريل الماضي، حيث أطلق سراح أكثر من 700 سجين، الكثير منهم عضو في التنظيم، بحسب مصدر أمني رفيع بالسجن لـ«الشرق الأوسط»، وهو ضعف الرقم الذي تناقلته وسائل الإعلام حينها بخصوص عدد المطلق سراحهم.
ويعد باطرفي (وهو سعودي الجنسية من أصول يمنية) أحد أبرز قياديي التنظيم بجزيرة العرب، وقياديا ميدانيا للتنظيم اعتقل في 17 مارس (آذار) 2011 من قبل الأمن اليمني بمحافظة تعز شمال اليمن.
وأودع منذ ذلك الوقت سجن المكلا المركزي مع مجموعة من عناصر التنظيم تم القبض عليهم في أبين، ولم يعرف مصير باطرفي بعد الضربة الجوية للطائرة من دون طيار، التي استهدفت محيط القصر الرئاسي غرب المدينة في 11 مايو الماضي، وهو المكان الذي يتخذه باطرفي معقلاً له، حيث لم يظهر مجددا بالمدينة، كما تم تخفيف المظاهر المسلحة على مدخل الطريق المؤدي للهضبة التي يقع عليها القصر، وهو ما يرجح احتمالية انتقال باطرفي لجهة أخرى غير معلومة، تحسبا لاستهدفه مجددا من قبل الطائرات من دون طيار.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.