قوات النظام السوري تستعيد مطار الثعلة.. والمعارضة تؤكد أن تحريره يبقى هدفًا استراتيجيًا

مصدر ميداني: صواريخ «تاو» الأميركية حسمت المعركة في الشمال والجنوب

نازحون سوريون في بلدة تل أبيض الحدودية يحصلون على زجاجات مياه شرب عبر الشريط الحدودي مع تركيا أمس (أ.ف.ب)
نازحون سوريون في بلدة تل أبيض الحدودية يحصلون على زجاجات مياه شرب عبر الشريط الحدودي مع تركيا أمس (أ.ف.ب)
TT

قوات النظام السوري تستعيد مطار الثعلة.. والمعارضة تؤكد أن تحريره يبقى هدفًا استراتيجيًا

نازحون سوريون في بلدة تل أبيض الحدودية يحصلون على زجاجات مياه شرب عبر الشريط الحدودي مع تركيا أمس (أ.ف.ب)
نازحون سوريون في بلدة تل أبيض الحدودية يحصلون على زجاجات مياه شرب عبر الشريط الحدودي مع تركيا أمس (أ.ف.ب)

استعادت قوات النظام سيطرتها أمس على مطار الثعلة في غرب محافظة السويداء بجنوب سوريا، وذلك بعدما احتل مقاتلو المعارضة أجزاء من هذا المطار الاستراتيجي يوم أول من أمس الخميس، لكنهم اضطروا للانسحاب منه بفعل الهجوم المعاكس الذي شنته قوات النظام مدعومة بسلاح الجو وميليشيا «قوات الدفاع الوطني» التابعة للنظام.
مصدر في المعارضة السورية أبلغ «الشرق الأوسط»، أن «مقاتلي المعارضة الذين هاجموا مطار الثعلة، وخاضوا مواجهة عنيفة للغاية مع القوات الحكومية، تمكّنوا خلالها من تحرير أجزاء واسعة من هذه القاعدة الجوية، واقتربوا من إحكام السيطرة على الأجزاء المتبقية، بعد محاصرتها من ثلاث جهات، إلا أن قوات النظام استقدمت تعزيزات كبيرة جدًا، مدعومة بمقاتلي ما يعرف بقوات الدفاع الوطني ومقاتلين جلبوا من منطقة جرمانا، وشنوا هجومًا معاكسًا ترافق مع قصف مدفعي وصاروخي وجوي عنيف، ما أدى إلى انسحاب مقاتلي المعارضة، والتراجع إلى مواقعهم الأساسية، بينما حوصر عدد منهم داخل حرم المطار ولم يتمكنوا من الخروج. وبقوا يقاتلون حتى قتلوا». وعن التضارب في المعلومات بين قتال الدروز مع النظام، وما أعلن أول من أمس عن إقدام مسلحين دروز من مدينة السويداء تمكنوا من الاستيلاء على رتل عسكري لقوات النظام في السويداء يضم حاملات صواريخ، أوضح المصدر أن «الدروز منقسمون في السويداء بين داعم للمعارضة، ومؤيد للنظام، وبين من يؤثر الوقوف على الحياد ورفض الانغماس في النزاع العسكري الدائر في البلاد».
وليس بعيدًا عن معركة مطار الثعلة، جزم مصدر ميداني في محافظة درعا خلال اتصال مع «الشرق الأوسط»، بأن «السيطرة على مطار الثعلة سيبقى هدفًا استراتيجيًا للمعارضة السورية، فهو أولاً أكبر المطارات العسكرية في جنوب سوريا، وثانيًا لأن تحريره يفتح المجال للدخول إلى السويداء بسهولة أكبر، وثالثًا من شأن تحريره أن يتحول قاعدة جوية للدول التي تدعم المعارضة في سوريا، لتعزيز جبهة الجنوب وتجعل مهمة الهجوم باتجاه دمشق أكثر فعالية وأقلّ كلفة»، وأكد المصدر أن «القوات التي تخوض المعارك في جنوب سوريا كلّها تابعة للجيش السوري الحر، ولا ترفع سوى علم الثورة السورية».
عمليات التقدم والانتصارات الكبيرة التي حققها المعارضون في شمال سوريا وجنوبها، عزاها المصدر الميداني إلى «إمداد قوات المعارضة بصواريخ تاو الأميركية التي كانت لها كلمة الفصل في هذه المعارك». وأوضح أن «القوات النظامية لن تستطيع أن تعزّز وجودها في جنوب سوريا لأنها في تراجع مطّرد، والأمور ستنقلب لصالح الثورة، فالنظام لم يعد لديه العدد البشري الكافي للقتال على كل الأراضي السورية، كما أن القوات الإيرانية ليست لديها قدرة التحرك بسهولة على الأرض لأنها ليست مناطقها، كما أن حزب الله لم يحقق نجاحات ملحوظة إلا في المناطق التي يحظى فيها بحاضنة شعبية من شيعة وعلويين وسنة موالين للنظام أو في مناطق لديه فيها خطوط إمداد، لكن الآن تراجعت قدراته في العمق السوري، وكلّ همه الآن معركة القلمون وحماية خط الإمداد الذي يوصل دمشق بحمص والساحل السوري».
وعلى الجبهات الأخرى، تجدّدت المواجهات والعمليات العسكرية، صباح أمس الجمعة، على جبهة حي التضامن، في جنوب العاصمة السورية دمشق، بين المعارضة وقوات النظام. وذكر المكتب الإعلامي لجبهة «أنصار الإسلام» أن «اشتباكات عنيفة اندلعت بين قوات المعارضة وقوات النظام على محور ساحة الحرية ومحور جامع عثمان بن عفان في حي التضامن عقب محاولة الأخيرة التقدم لاقتحام المنطقة، وسط قصف بقذائف الدبابات على خط التماس الأول». كذلك أفيد عن «انفجار قوي هز أحياء جنوب دمشق، تبيّن أنه ناجم عن تفجير قوات النظام أحد الأبنية في حي التضامن، اندلعت على إثره اشتباكات عنيفة على خطوط التماس، وتمكن خلالها المعارضون من صدّ محاولة تقدم القوات النظامية باتجاه الحي».
وأفادت مواقع المعارضة السورية أيضًا أن «امرأة قتلت وأصيب أطفالها الثلاثة في قصف شنه الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة على مدينة الرستن الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف محافظة حمص الشمالي». وأردفت أنّ «الطيران المروحي ألقى في ساعة متأخرة من ليل أمس (أول من أمس) برميلاً متفجرًا على أحياء الرستن ما تسبب بمقتل الأم وإصابة أطفالها ودمار بعض المنازل السكنية». وفي شمال سوريا، أعلنت غرفة عملية «فتح حلب»، على صفحتها الرسمية عن تدميرها طائرتين على مدرج مطار النيرب العسكري التابع للجيش السوري النظامي شرقي مدينة حلب بعد استهداف المطار بثلاثة صواريخ محلية الصنع. وأشارت إلى أنّ «دوافع هذا الاستهداف هي تحييد عمل الطيران الحربي والمروحي النظامي الذي يقلع من المطار ويقصف المناطق والأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة بحلب».
وبعيدًا عن المواجهات الدائرة مع النظام، كشفت شبكة «الدّرر الشامية» التابعة للمعارضة، أن «مقاتلي المعارضة حققوا تقدمًا في معاركهم مع تنظيم داعش في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق الشمالي». وأفادت الشبكة، أنّ «فصائل المعارضة أعلنت انطلاق مرحلة جديدة من معاركها تحت عنوان «الفتح المبين»، وتهدف لإخراج التنظيم من القلمون الشرقي وفك الحصار عنه، وهي شكلت غرفة عمليات لهذا الغرض. ونقلت عن ناشطين، أنّ «الاشتباكات مع التنظيم خلال اليومين الماضيين تركزت في منطقة البترا، شرقي مدينة جيرود، وأسفرت عن مقتل 10 عناصر من التنظيم، والاستيلاء على سيارة دفع رباعي، ودراجتين ناريتين جبليتين، وأسلحة متوسطة، وكميات كبيرة من الذخائر».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.