الملف العسكري يظلل اجتماع الهيئة العامة للائتلاف السوري في إسطنبول

توجه لتشكيل لجنة تتواصل مع الفصائل المقاتلة تمهيدًا لإنشاء «قيادة عسكرية عليا»

الملف العسكري يظلل اجتماع الهيئة العامة للائتلاف السوري في إسطنبول
TT

الملف العسكري يظلل اجتماع الهيئة العامة للائتلاف السوري في إسطنبول

الملف العسكري يظلل اجتماع الهيئة العامة للائتلاف السوري في إسطنبول

انطلق اجتماع الهيئة العامة لـ«الائتلاف الوطني السوري» المعارض يوم أمس الجمعة في مدينة إسطنبول التركية متأخرا نحو 5 ساعات عن موعده المحدد لأسباب لوجستية، مع تقدم الملف العسكري والتوجه لإنشاء «قيادة عسكرية عليا» على ما عداه من ملفات أدرجت على جدول الأعمال تتعلق بالمستجدات السياسية ونتائج المؤتمرات الأخيرة التي انعقدت كما تلك المرتقبة في الأشهر المقبلة.
الأمين العام السابق للائتلاف نصر الحريري أكّد المعلومات التي سبق تداولها عن اجتماع عقد في الأردن بين وفد مصغّر من «الائتلاف» ترأسه خالد خوجة، رئيس «الائتلاف»، وشاركت فيه فصائل مقاتلة في الجبهة الجنوبية تمهيدًا لتشكيل القيادة العسكرية العليا التي تنصّ عليها المادة 31 من النظام الداخلي لـ«الائتلاف». وحسب كلام الحريري لـ«الشرق الأوسط» فإن خوجة «اتخذ قرارا منفردا بحل المجلس العسكري وقرارا منفردا آخر بالتواصل مع بعض الفصائل العسكرية دون أخرى، وعلمنا أن الاجتماع الذي عقد في الأردن لم يكن موفقًا، كما أن الطروحات التي تم التقدم بها لم تكن مناسبة».
وأوضح الحريري أنّه ستجرى «مساءلة» رئيس «الائتلاف» عن المستجدات، لافتا إلى أن التوجه هو لتشكيل لجنة تتواصل مع كل الفصائل المقاتلة دون استثناء تمهيدًا لإنشاء «قيادة عسكرية عليا». وأضاف: «على كل حل فإن الهيئة العامة هي التي ستتخذ القرار الرسمي حول مصير المجلس العسكري الذي نسعى لتوسعته كما حول القيادة العسكرية المزمع تشكيلها».
وشدّد الحريري على وجوب «إتمام تنسيق تام بين الذراعين العسكري والسياسي للمعارضة، خاصة أن تواصل الائتلاف بقي طوال الفترة الماضية أمتن مع الفصائل المقاتلة بالشمال نظرا لوجود الائتلاف في إسطنبول، ومن هنا كانت أهمية نسج تعاون وثيق مع فصائل الجنوب». وأضاف: «أي قرار منفرد في هذا السياق سيترك آثارا خطيرة سلبية تؤدي لشرخ بين الفصائل... ومن هنا قررنا وضع النقاط على الحروف باجتماع الهيئة العامة». في هذه الأثناء، أوضحت مصادر مطلعة في الجبهة الجنوبية أن ما نوقش في الأردن مع وفد «الائتلاف» هو «إعادة هيكلة المجلس العسكري وتوسيع مشاركة الجبهة الجنوبية في المجلس والائتلاف على حد سواء»، مشيرة إلى أن «بعض الخلافات برزت خلال الاجتماع لكنّها لا ترتقي إلى مستوى إعلان فشل التواصل باعتبار أننا لا نزال في مرحلة المشاورات والنقاشات». وتابعت المصادر «ما نحن بصدده هو البحث بإصلاح الائتلاف كما المجلس العسكري، فنجاح الثورة يتم بإيصال الأشخاص المناسبين إلى الواجهة والأكثر كفاءة وهذا ما نسعى إليه في المجالين السياسي والعسكري». وكانت وسائل إعلام نقلت عن مصادر مطلعة «فشل اجتماعات المعارضة السورية في الأردن في توسيع الائتلاف الوطني السوري وضم الجبهة الجنوبية إليه». أيضًا، أوضحت المصادر أن فشل المفاوضات يرجع إلى «رفض الائتلاف طلب وفد الجبهة الجنوبية أن يكون لها 50 مقعدًا وعرض عليه 30 مقعدًا فقط، إضافة إلى التحفُّظ عن نية الائتلاف ضم كتائب أحرار الشام لكونها جماعة متطرفة»، حسب تعبيرها.هذا، وأعلن «الائتلاف» في بيان انطلاق «باكورة» اجتماعات الهيئة العامة لـ«الائتلاف الوطني السوري» في دورتها الـ23. ويأتي على رأس جدول أعمال الاجتماعات عرض المستجدات السياسية ومنها نتائج اللقاء مع المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا. وأوضح البيان أن الاجتماع يبحث إعادة هيكلة «الائتلاف» والإدارة المدنية في المناطق المحررة والحوكمة المؤقتة، والتطورات الميدانية والعسكرية والأمور المتعلقة بها.
ومن جهة ثانية، جدّد هشام مروة، نائب رئيس «الائتلاف»، التزام الائتلاف بمبادئ وتطلعات الثورة السورية. وأكد، بحسب البيان، على أولوية الحل السياسي الذي يضمن تحقيق تلك التطلعات وعلى رأسها رحيل الأسد وكل مرتكبي جرائم الحرب عن السلطة. وشدّد مروة على احترام الائتلاف لمنطلقات الثورة وأهدافها المتمثلة في الانتقال إلى سوريا دولة مدنية ديمقراطية تعددية، تقوم على مبدأ المواطنة وتعترف بمكونات المجتمع السوري وحقوقها المتساوية، وتحترم مبادئ حقوق الإنسان وسائر المواثيق والعهود الدولية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.