توافق فرنسي ـ روسي على شروط إرسال بعثة «وكالة الطاقة» إلى زابوريجيا

باريس حذّرت من خطر فصل المحطة عن الشبكة الكهربائية الأوكرانية

صورة أرشيفية للرئيسين الفرنسي والروسي في 30 سبتمبر 2019 (د.ب.أ)
صورة أرشيفية للرئيسين الفرنسي والروسي في 30 سبتمبر 2019 (د.ب.أ)
TT

توافق فرنسي ـ روسي على شروط إرسال بعثة «وكالة الطاقة» إلى زابوريجيا

صورة أرشيفية للرئيسين الفرنسي والروسي في 30 سبتمبر 2019 (د.ب.أ)
صورة أرشيفية للرئيسين الفرنسي والروسي في 30 سبتمبر 2019 (د.ب.أ)

منذ 28 مايو (أيار) الماضي، أي منذ أقل من ثلاثة أشهر بقليل، انقطع التواصل المباشر بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين عقب فشل وساطة الأول في دفع الثاني لقبول التوصل إلى هدنة والجلوس مجدداً إلى طاولة المفاوضات. بعدها، التزمت فرنسا موقفاً متشدداً من روسيا ومن الحرب التي تشنها على الأراضي الأوكرانية ودفعت باتجاه عقوبات مشددة على موسكو والوقوف بقوة إلى جانب أوكرانيا ومدها بالسلاح والدعم المالي.
وازدادت العلاقة توتراً بعد أن بثّت القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي برنامجاً كان من بين فقراته بث تسجيل لحديث مباشر بين ماكرون وبوتين، ما عدّته موسكو مخالفاً للأعراف الدبلوماسية، لا بل إن وزير خارجيتها سيرغي لافروف هدد بأن بوتين لن يُجري محادثات مع ماكرون.
بيد أن التهديد النووي النابع عن الوضع العسكري في محيط محطة زابوريجيا دفع الطرفين، على ما يبدو، لقلب الصفحة والتواصل مجدداً بناءً على مبادرة من ماكرون. وقالت أوساط الإليزيه إن المكالمة بين الرئيسين، أمس (الجمعة)، دامت ساعة وربع الساعة وإنها كانت مثمرة، إذ إن الرئيس الروسي أعطى موافقته على قيام بعثة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة زابوريجيا. والأهم من ذلك أن بوتين تراجع عن شرط روسي سابق، إذ قَبِلَ بأن تصل البعثة إلى الموقع ليس من المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية بل من المناطق الخاضعة للسيطرة الأوكرانية. وسبب تمسك كييف والعواصم الغربية بهذا الشرط، أنهم «يتمسكون بسيادة أوكرانيا على أراضيها، ويرفضون الاعتراف بالاحتلال الروسي لبعضها وتوفير الشرعية له».
غير أن قبول روسيا للمهمة الدولية شيء، وحصولها شيء آخر. وأعربت المصادر الرئاسية الفرنسية عن أملها في أن تتم مهمة الوكالة الدولية «في أقرب وقت ممكن». لكنّ عملاً من هذا النوع تلفّه المخاطر وأولها الأمنية. من هنا، فإن باريس ترى أن إرسال البعثة يجب أن يتم في ظل وقف لإطلاق النار في المحطة ومحيطها. وإذ اعترفت بأن التفاوض لوقف إطلاق النار في المرحلة الراهنة لا يبدو أمراً سهلاً، إلا أنه في الوقت عينه شرط لا بد منه حتى تقوم البعثة بمهمتها في ظروف آمنة.
وسبق للرئيس ماكرون، في اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني قبل ثلاثة أيام، أن طالب بانسحاب القوات الروسية من المحطة ومن محيطها، وهو ما يطالب به زيلينسكي والأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الأميركي.
ويُفهم كلام المصادر الرئاسية الفرنسية على أنه قرع لنواقيس الخطر، إذ إن الكارثة النووية ستكون شبه مؤكدة في حال سقطت قذائف على المحطة مباشرةً وتحديداً على المفاعلات النووية. وترى باريس أن توفير الظروف الآمنة للبعثة سيكون من مهمات الأمم المتحدة. وحتى توافرها، سيكون من الصعب إعطاء تاريخ محدد لقيام البعثة بمهماتها علماً بأن المدير العام للوكالة رافاييل غروسي، أكد استعداده لإرسالها في أقرب وقت من أجل تقييم الوضع، وتبيان التدابير الضرورية للمحافظة على أمن المحطة وتجنب كارثة نووية. ووفق الإليزيه، فإن «الأمن النووي هو مصلحة لجميع الأطراف». وسبق لماكرون أن تواصل مع غروسي للبحث في هذا الملف، مؤكداً استعداد فرنسا لتقديم كل أنواع المساعدات التي تحتاج إليها الوكالة لإنجاز مهمتها.
وفي السياق عينه، نبّهت باريس من المخاطر المترتبة على مشروع روسي مزعوم يهدف إلى فصل زابوريجيا عن الشبكة الكهربائية الأوكرانية وربطها بالشبكة الروسية، ليس فقط لأسباب سياسية بل تقنية أيضاً، ولما تمثله خطة من هذا النوع من مخاطر أمنية نووية.
ورغم أن الاتصال الثنائي تمحور أساساً حول زابوريجيا والأمن النووي، فإن الإليزيه أفاد بأن ماكرون بحث مع بوتين الوضع الراهن وكرر طلبه وقف المعارك والعودة إلى طاولة المفاوضات واحترام السيادة الأوكرانية. إلا أن باريس تشكك في تأكيدات الرئيس الروسي عن استعداده للتفاوض مع الطرف الأوكراني، خصوصاً أن بوتين ما زال متمسكاً بـ«سرديته» عن الأعمال العسكرية والتي يقول إنها تهدف إلى التخلص من «الطغمة النازية» الحاكمة في كييف.
لكنّ المسألة تبدو اليوم أكثر تعقيداً، مع تمدد الحرب إلى شبه جزيرة القرم والأراضي الروسية نفسها، ما يدفع زيلينسكي إلى تبني مواقف بالغة التشدد. وتجدر الإشارة إلى ما قاله (الخميس)، في المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس التركي والأمين العام للأمم المتحدة في مدينة لفيف، إذ أصر على أنه لن يقبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات إلا بعد أن تكون القوات الروسية قد غادرت كامل الأراضي الأوكرانية التي تشمل شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في عام 2014. وتجدر الإشارة إلى أن كييف أصبحت أكثر تشدداً في مواقفها منذ أن تعدل الوضع الميداني، وتمكنت من وقف التقدم الروسي، بل كسب بعض الأراضي خصوصاً في جنوب البلاد وتهديد مواقع استراتيجية روسية أكان في شبه جزيرة القرم أو داخل الأراضي الروسية نفسها.
لن يكون اتصال (الجمعة) وحيداً، إذ اتفق الطرفان الفرنسي والروسي على التواصل مجدداً، وفق الإليزيه، في الأيام القليلة القادمة، بعد أن تكون الفرق الفنية لدى الطرفين قد تواصلت فيما بينها قبل انتشار بعثة الوكالة الدولية.


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز)

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.