تشاد تطلق حواراً وطنياً شاملاً... تغيب عنه فصائل متمردة

عودة زعيم معارض بعد 17 عاماً في المنفى من أجل المشاركة

الزعيم المعارض تيمان إرديمي يحيي أنصاره لدى مغادرته مطار العاصمة التشادية بعد عودته إلى البلاد أمس (أ.ف.ب)
الزعيم المعارض تيمان إرديمي يحيي أنصاره لدى مغادرته مطار العاصمة التشادية بعد عودته إلى البلاد أمس (أ.ف.ب)
TT

تشاد تطلق حواراً وطنياً شاملاً... تغيب عنه فصائل متمردة

الزعيم المعارض تيمان إرديمي يحيي أنصاره لدى مغادرته مطار العاصمة التشادية بعد عودته إلى البلاد أمس (أ.ف.ب)
الزعيم المعارض تيمان إرديمي يحيي أنصاره لدى مغادرته مطار العاصمة التشادية بعد عودته إلى البلاد أمس (أ.ف.ب)

يجتمع أكثر من 1400 مندوب في تشاد ابتداء من غد السبت للمشاركة في حوار حاسم حول مستقبل هذه الدولة الأفريقية الفقيرة والمضطربة.
ويفترض أن يستمر «الحوار الوطني الشامل» في نجامينا ثلاثة أسابيع. وقد اقترحه رئيس المجلس العسكري الحاكم الجنرال محمد إدريس ديبي الذي يرى أنه فرصة للمصالحة في بلد منقسم وتمهد الطريق للعودة إلى الحكم المدني.
وعاد أمس تيمان إرديمي،‭‭ ‬‬أحد أبرز زعماء المتمردين في تشاد، إلى بلاده بعد 17 عاما قضاها في المنفى، للمشاركة في المحادثات الوطنية. وكان إرديمي، وهو ابن شقيق الرئيس السابق إدريس ديبي، غادر تشاد في عام 2005 لقيادة تمرد ضد حكم عمه.
وأكد مرسوم وقّعه رئيس المجلس العسكري الأربعاء أن «الحوار الوطني الشامل» سيكون «سيادياً» وقراراته «قابلة للتنفيذ».
وكان ديبي قال الأسبوع الماضي بمناسبة العيد الوطني للبلاد إنه «خلال أيام سيلتقي كل أبناء وبنات البلاد... لمناقشة مشاكل تشاد». وأضاف أن «كل مسألة تتعلق بالمصلحة الوطنية ستطرح على الطاولة».
لكن المعلقين حذرون. إذ يواجه اللقاء، الذي تأجل مرات عدة، ضغوط الوقت ويشكك منتقدون في صدقيته، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
تولى ديبي (37 عاما) السلطة في أبريل (نيسان) 2021 بعد مقتل والده إدريس ديبي إتنو بعد حكم دام ثلاثين عاما، خلال عملية عسكرية ضد المتمردين.
عُين ديبي الابن على رأس هيئة حاكمة مؤلفة من 15 جنرالًا موالين له، هي المجلس الانتقالي العسكري وتم تعليق الدستور وحل البرلمان.
وكان الاستيلاء على السلطة أحدث موجة من الاضطرابات في تشاد التي شهدت انقلابات وثورات وحكماً استبدادياً منذ استقلالها عن فرنسا في 1960.
وقال ديبي إن الاجتماع يفترض أن يفتح الطريق أمام انتخابات «حرة وديمقراطية» بعد 18 شهراً من حكم المجلس العسكري - وهو الموعد النهائي الذي حثته فرنسا والاتحاد الأفريقي وآخرون على الالتزام به.
ويعتبر الغرب تشاد شريكاً رئيسياً وفعالاً في مكافحة «الجهاديين» في منطقة الساحل منذ سنوات.
وقال نائب رئيس اللجنة المنظمة والمعارض السابق لديبي الأب، صالح كبزابو، إن «الحوار... سيسمح بوضع دستور جديد سيُطرح للاستفتاء».
وعلى الرغم من هذا الحديث المتفائل، يقول مراقبون إن العملية تواجه مشاكل كبيرة إحداها الوقت. إذ تنتهي مهلة 18 شهرًا في أكتوبر (تشرين الأول)، مما يجعل الوقت ضيقاً لتنظيم استفتاء ثم انتخابات في هذا البلد الشاسع القاحل.
وتحدث ديبي بعيد توليه السلطة، عن خيار تمديد الفترة الانتقالية لمدة 18 شهراً أخرى إذا لزم الأمر.
وقالت إنريكا بيكو من مجموعة الأزمات الدولية إن «الجدول الزمني للحوار الذي يفترض أن يستمر 21 يوماً لا يوحي بالجدية». وأضافت «من غير الممكن التوصل إلى اتفاق في مثل هذا الوقت القصير»، مشيرة إلى ترجيح تمديد الفترة الانتقالية.
وكان يفترض أن يبدأ الحوار في فبراير (شباط)، لكن تم تأجيله مرات عدة بسبب خلافات بين عدد لا يحصى من المجموعات المتمردة التشادية التي اجتمعت في قطر، بشأن المشاركة في هذا الحوار.
وفي نهاية المطاف وبعد أشهر من المحادثات، وقّعت حوالى أربعين مجموعة في 8 أغسطس (آب) اتفاقا ينص على وقف لإطلاق النار وضمان مرور آمن.
لكن اثنتين من أكبر المجموعات المتمردة تقاطعان المنتدى، إحداهما «جبهة التغيير والوفاق» في تشاد التي تقف وراء الهجوم في شمال شرقي البلاد العام الماضي الذي انتهى بموت ديبي الأب. وهي ترى أن الاجتماع «خرج عن مساره أساسا».
وقالت بيكو إن «عدم مشاركة جبهة التغيير والوفاق يمثل مشكلة لأن المجموعة المتمردة هي التي أطلقت بطريقة ما عملية الانتقال».
يمثل عشرات المندوبين المتمردين في المؤتمر الذي يشارك فيه أيضا مندوبو جمعيات أهلية ونقابات عمالية والحكومة.
لكن مجموعة سياسية كبيرة تقول إنها لن تشارك وهي «واكيت تما»، الائتلاف الذي يضم أحزاباً معارضة وجمعيات من المجتمع المدني.
وقال زعيم أحد الأحزاب في الائتلاف سوكسيه ماسرا «حسب تقديراتنا، ثمانون في المائة من (الحاضرين) مقربون من المجلس العسكري».
ويتهم الائتلاف المجلس العسكري بانتهاك حقوق الإنسان واستخدام «الحوار» كنقطة انطلاق لترشيح ديبي للانتخابات رغم أنه قال بعد توليه السلطة إنه لن يترشح للانتخابات.
وقلّل المتحدث باسم الحكومة عبد الرحمن كلام الله من أهمية المتغيبين. وقال إن «جميع الأحزاب السياسية التي كان لها مقاعد في المجالس التشريعية السابقة ممثلة ولم تنسحب سوى مجموعات صغيرة قليلة». ووصف المحادثات بأنها «لحظة فاصلة بالنسبة لتشاد... و(فرصة) لوضع استخدام السلاح وراءنا مرة واحدة وإلى الأبد».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: ما بين 10 آلاف و20 ألفاً فرّوا من السودان إلى تشاد

العالم العربي الأمم المتحدة: ما بين 10 آلاف و20 ألفاً فرّوا من السودان إلى تشاد

الأمم المتحدة: ما بين 10 آلاف و20 ألفاً فرّوا من السودان إلى تشاد

فرّ ما بين 10 آلاف و20 ألف شخص من المعارك الجارية في السودان بحثاً عن ملاذ في تشاد المجاورة، وفقاً لفرق تابعة لمفوضية الأمم المتّحدة السامية لشؤون اللاجئين موجودة على الحدود. ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، قالت المفوضية، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ «غالبية الوافدين هم من النساء والأطفال... تعمل المفوضية عن كثب مع الحكومة التشادية وشركائها لتقييم احتياجاتهم وإعداد استجابة مشتركة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الخليج مباحثات سعودية ـ تشادية تناقش آفاق التعاون والمسائل المشتركة

مباحثات سعودية ـ تشادية تناقش آفاق التعاون والمسائل المشتركة

التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في جدة، (الاثنين)، محمد إدريس ديبي رئيس المجلس العسكري الانتقالي في تشاد، وجرى خلال اللقاء استعراض أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق التعاون في مختلف المجالات، إلى جانب بحث عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك. حضر اللقاء من الجانب السعودي، الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية، والدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، والمهندس خالد الفالح وزير الاستثمار، وأحمد قطان المستشار بالديوان الملكي، وعامر ال

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج لقاء سعودي - تشادي يبحث المسائل المشتركة

لقاء سعودي - تشادي يبحث المسائل المشتركة

بحث الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الاثنين، مع محمد إدريس ديبي، رئيس المجلس العسكري الانتقالي في تشاد، المسائل ذات الاهتمام المشترك. جاء ذلك خلال لقاء جمعهما في جدة، واستعرضا فيه أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق التعاون في مختلف المجالات.

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم تشاد: مخاوف من تضرر المساعدات الإنسانية بعد الأزمة مع ألمانيا

تشاد: مخاوف من تضرر المساعدات الإنسانية بعد الأزمة مع ألمانيا

أثارت الأزمة الدبلوماسية بين تشاد وألمانيا في أعقاب الطرد المتبادل لسفيري البلدين، مخاوف عميقة بشأن انعكاسات الأزمة على المساعدات الإنسانية التي تقدمها دول ومؤسسات غربية مانحة لتشاد، التي تعد من بين أكثر دول العالم فقرا، كما تستضيف ما يزيد على مليون من اللاجئين والنازحين. وتبادل البلدان اللذان تجمعهما علاقات دبلوماسية منذ عام 1960 طرد السفيرين خلال الأيام القليلة الماضية، إذ طلبت ألمانيا (الثلاثاء) من سفيرة تشاد لديها، مريم علي موسى، مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، وذلك رداً على تحرك مماثل قامت به الدولة الواقعة في وسط أفريقيا (الجمعة). ونقلت وكالة «رويترز» عن وزارة الخارجية الألمانية قولها إن الخ

العالم تشاد تطرد سفير ألمانيا بحجة «سلوكه الفظ»

تشاد تطرد سفير ألمانيا بحجة «سلوكه الفظ»

طرد السفير الألماني في تشاد الذي أعلنته الحكومة «شخصا غير مرغوب فيه» بسبب «سلوكه الفظّ»، مساء السبت، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين في العاصمة التشادية نجامينا. وكانت الحكومة التشادية أعلنت الجمعة أنها طلبت من السفير الألماني مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، بسبب «عدم احترامه الممارسات الدبلوماسية». وقال وزير الخارجية التشادي، محمد صالح النظيف، إن «سفير ألمانيا في تشاد يان كريستيان غوردون كريكه سافر على متن طائرة (إير فرانس) مساء السبت». وأكد المتحدث باسم الحكومة عزيز محمد صالح مغادرة السفير.

«الشرق الأوسط» (نجامينا)

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.