«صوت يفيض شجناً، ووجه يدخل القلب دون استئذان، ونهاية لم تكن سعيدة تماماً»، هكذا يمكن ببساطة وصف تجربة المطربة السعودية عتاب، التي تعد واحدة من أهم تجارب الغناء النسائي العربي، والتي تحل الذكرى الخامسة عشرة لرحيلها في 19 أغسطس (آب) الجاري، بعد مسيرة حافلة بالنجاح والريادة والتحديات.
ويعتبر متابعون لمسيرة عتاب أن كلمة السر في تلك التجربة تكمن في «التوقيت»، حيث نشأت في زمن كانت بعض التقاليد الاجتماعية في الخمسينات من القرن الماضي تحول دون انطلاق مواهب الفتيات في التعبير عن أنفسهن وعن عواطف جيلهن بأفراحه وإحباطه وأشواق جنسهن نحو الحب والزواج والاكتمال مع الجنس الآخر.
تلك التحديات واجهتها في أواخر الخمسينات موهبة غنائية واعدة للطفلة، طروف عبد الخير آدم هوساوي، التي ستعرف لاحقاً باسم «عتاب»، والتي لم يتجاوز عمرها الثالثة عشرة حين انطلقت تغني في العديد من المناسبات الاجتماعية شبه العائلية بمدينة الرياض.
كانت أول أغنية قدمتها عتاب في عام 1966 هي «يا بنت» من ألحان فوزي السيموني، حين انتقلت إلى مدينة جدة ليتعهدها بالرعاية والتشجيع الفنان الراحل طلال مداح.
وخارج حدود المملكة، ترسخ اسم عتاب كصوت نسائي جديد يقتحم المشهد بقوة بعد انتقالها إلى الكويت، حيث صنعت مع الفنان حيدر فكري «ثنائياً فنياً» ناجحاً في العديد من الحفلات الحية ما لفت الأنظار إليها بقوة.
رغم كل تلك الخطوات القوية، كانت المطربة السمراء صاحبة الوجه البشوش لا تزال بحاجة ماسة إلى لمسة دعم سحرية من شخصية غنائية تعد أيقونة الفن العربي، وهو ما حدث على يد المطرب الأسطوري عبد الحليم حافظ، الذي قدمها في إحدى حفلاته عام 1972، حيث ظهرت بصحبة فرقة غنائية نسائية وقدمت بعض الأغنيات من عيون الفلكلور السعودي.
وبسبب مكانة القاهرة في الفن العربي، لم يكن غريباً أن تكون المحطة الأساسية في مسيرة عتاب، حيث عاشت فيها أكثر من عشرين عاماً بداية من الثمانينات التي تمثل ذروة إنتاجها على مستوى الكم، كما تربعت على عرش الغناء النسائي العربي عبر سلسلة من الأغاني الشهيرة مثل «جاني الأسمر»، و«متى أشوفك» و«بدي يحبني»، و«بشروني عنك»، و«أحطك في قلبي».
ويظل الفصل الأخير هو الأسوأ في رحلتها، حيث اكتنف الغموض حقيقة خلافها مع زوجها الثاني، الذي وصل إلى المحاكم إثر اتهامها له بسرقة خمسة ملايين دولار، بحسب ما نشرت الصحف آنذاك، وانتهت القضية بانفصال الزوجين.
وعندما اكتشفت إصابتها بالسرطان، كانت حالتها متفاقمة ورحلت في صمت عام 2007.
ويرى الناقد الفني محمد رفعت أن «عتاب كانت رائدة عندما فتحت الباب للمرأة الخليجية لتقتحم مجال الغناء، فلم يعد مقصوراً على الرجال كما رأينا فيما بعد عند أحلام الإماراتية ونوال الكويتية».
ويضيف رفعت لـ«الشرق الأوسط» أن «تلك الريادة تمتد لمجالات أخرى مثل براعتها في التلحين، حيث لحنت لنفسها ولغيرها، فضلاً عن براعتها في مجال الاستعراضات الغنائية».
كما يركز الناقد الفني على مساهمة عتاب في اكتشاف العديد من المواهب الغنائية عبر برنامج «جلسة طرب»، الذي شاركت في تقديمه، ويقول: «يحسب لها إصرارها على الغناء باللهجة السعودية رغم أنه كان من السهل أن تفعل مثل آخرين وتغني باللهجة المصرية، التي كانت تعد وسيلة مضمونة للانتشار والنجاح».
مسيرة المطربة السعودية عتاب في الذكرى الـ15 لرحيلها
اكتشفها طلال مداح وقدمها عبد الحليم حافظ
مسيرة المطربة السعودية عتاب في الذكرى الـ15 لرحيلها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة