«باربي» تحتضن التنوع بدُمية مزودة جهاز تعويض سمعي

ضمن حملة لمحاربة التنميطات بين الأطفال

صورة من الموقع الرسمي للشركة
صورة من الموقع الرسمي للشركة
TT

«باربي» تحتضن التنوع بدُمية مزودة جهاز تعويض سمعي

صورة من الموقع الرسمي للشركة
صورة من الموقع الرسمي للشركة

في خطوة نحو الشمولية واحتضان التنوع، أعلنت شركة ألعاب الأطفال «ماتيل» عن نموذج دمية «باربي» مزودة بجهاز تعويض سمعي يوضع خلف الأذن. وظهر المقطع الدعائي بالتعاون مع الممثلة البريطانية روز إيلينغ إليس.
جاء ذلك ضمن حملة تبنتها شركة ألعاب الأطفال العالمية لمحاربة التنميطات التي تبتلع الميزات الفردية للأطفال، انطلقت منذ عام 2020 بإصدار نسخ جديدة من دمية «باربي» إحداها مصابة بالبهاق، وأخرى تُظهر حالة الثعلبة، ثم أصدرت في عام 2021 دُمية بطرف صناعي وأخرى تجلس على كرسي متحرك.
وعن مشاركتها في الإصدار، علّقت الممثلة إيلينغ إليس، التي تعاني من الصمم منذ ولادتها، لـصحيفة «إندبندنت»: «من المهم جداً للأطفال المختلفين أن يكونوا قادرين على رؤية أنفسهم ممثَّلين في الألعاب التي يلعبون بها».
وأردفت: «عندما كنت صغيرة، كنت أرسم المعينات السمعية على دُمى باربي لأجعلها تشبهني، لذلك أشعر بسعادة غامرة لأن شركة (ماتيل) تطلق المزيد من الدُّمى التي تشجع الأطفال على الاحتفال واحتضان اختلافاتهم».
قوبلت مبادرة الشركة بإشادات لافتة من الخبراء والمرضى. يقول الدكتور هشام رامي، أستاذ الطب النفسي في جامعة عين شمس، والأمين العام للجمعية المصرية للطب النفسي، لـ«الشرق الأوسط»: «الجهاز العصبي للطفل يُشكل الصور الذهنية في الصغر، تلك التي يصعب تغييرها في وقت لاحق، هنا تأتي أهمية تنقية كل الأفكار التي يتعرض لها الطفل. خطوة الشركة العالمية تُعد أمراً يستحق التقدير بل المحاكاة لاحقاً بمبادرات أخرى».
ويردف: «الدُّمية لها وقع إيجابي عند الطفل، فهي نموذج للمحبة والعطف، لذلك تمرير فكرة الاختلاف من خلالها هي مثل النقش على الحجر، قد يبدو الأمر بسيطاً لكن أثره يمتد ويتشعب ليبني مجتمعاً لا ينبذ الاختلاف، بل يراه تميزاً».
ويُرجع أستاذ الطب النفسي جزءاً كبيراً من العنف المجتمعي الذي نعاني منه على مستوى العالم إلى المحتوى الذي يتعرض له الطفل في الصغر، ويوضح: «في العقود الماضية كان القائمون على صناعة محتوى الرسوم المتحركة، وكذلك أصحاب شركات الألعاب العالمية لا يكترثون لأهمية وتأثير ما يقدمونه على الطفل، ما نتج عنه أجيال تشاهد العنف في إطار الفكاهة والترفيه، كذلك، كان التنمر ضد المختلفين بأشكالهم الكثيرة، يُفسَّر بوصفه خفة ظل، كل هذا نجني تداعياته الآن من عنف وجرائم تحت شعارات الحب تارة والفكاهة تارة أخرى. آن الأوان أن نعي ما نقدمه لأطفالنا».
وتلعب شركة «ماتيل» بإصداراتها هذه على مفهوم «الوصمة» الذي يضع المختلفين تحت وطأة التمييز السلبي، لذلك، تعاونت الشركة مع خبراء في مشكلات السمع من أجل تصوير المعينات السمعية بدقة، والذين أعربوا عن سعادتهم للمشاركة في هذا المشروع وقالوا إن هذه الخطوة من شأنها أن تمنح جميع الأطفال شعوراً بالتقدير وتعزز مفهوم تنوع الأشخاص من حولهم، كما تفتح نافذة على عالم الصمم. حسب بيان نُشر على الموقع الرسمي للشركة العالمية.
جدير بالذكر أنه في فبراير (شباط) 2022 أتمت الدُّمية الأشهر عالمياً 60 عاماً، واحتفلت من خلال إطلاق 60 مشروعاً تنموياً استهدف الحد من أزمة نقص السكن في نحو 170 بلداً. كذلك، قُدمت إصدارات من الدمية بغرض تكريم النساء البارزات حول العالم، في مطلع العام الجاري قدمت محاكاة للصحافية والناشطة الحقوقية إيدا ب. ويلز الحائزة على جائزة «بوليتزر»، بينما احتفت العام الماضي بالبروفسور سارة غيلبرت، أستاذة التطعيم في جامعة «أكسفورد» على خلفية دورها البارز في خروج لقاح «استرازينيكا».



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.