فرنسا تؤكد عزمها على مواصلة محاربة التنظيمات الإرهابية غرب أفريقيا

مزيد من التدهور في علاقاتها بمالي... وباماكو تطلب اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن

تغيير العَلم خلال تسليم القاعدة العسكرية لقوة «بورخان» إلى الجيش المالي في 14 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
تغيير العَلم خلال تسليم القاعدة العسكرية لقوة «بورخان» إلى الجيش المالي في 14 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تؤكد عزمها على مواصلة محاربة التنظيمات الإرهابية غرب أفريقيا

تغيير العَلم خلال تسليم القاعدة العسكرية لقوة «بورخان» إلى الجيش المالي في 14 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
تغيير العَلم خلال تسليم القاعدة العسكرية لقوة «بورخان» إلى الجيش المالي في 14 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

لم تنته متاعب فرنسا في بلدان الساحل وتلك المطلة على خليج غينيا وفي غرب أفريقيا بشكل عام مع انسحاب آخر جندي من قوة «برخان» من مالي بعد تسع سنوات من التواجد المتواصل لمحاربة التنظيمات الإرهابية، ولتمكين السلطات المحلية من استعادة السيطرة على أراضيها وإعادة الإدارة والخدمات والأمن إليها.
والحال أن نشر ما لا يقل عن 5500 جندي بشكل أساسي في بلدان الساحل الثلاثة (مالي والنيجر وبوركينا فاسو)، وثلاثتها مستعمرات فرنسية سابقة، لم يحقق الهدف المنشود على الرغم من النجاحات التكتيكية التي حققتها القوة الفرنسية لجهة القضاء على عدد من كبار قيادات التنظيمين الجهاديين الرئيسيين، وهما «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» والدولة الإسلامية (داعش) في الصحراء الكبرى. ولا شك أن الخروج الفرنسي العسكري الذي يتسبب بفراغ حقيقي، سيشد عضد هذين التنظيمين. إذ تفيد المصادر العسكرية الفرنسية بأنهما بصدد توسيع مسرح عملياتهما وسط وشمال مالي.
ويراهن المجلس العسكري الذي يمسك بتلابيب السلطة في مالي بعد الانقلابين العسكريين اللذين حصلا في أغسطس (آب) عام 2020 ومايو (أيار) عام 2021 على تواجد ميليشيا «فاغنر» الروسية للحلول محل القوة الفرنسية المنسحبة.
بيد أن لا شيء يؤكد أن «فاغنر» التي تساند الجيش الوطني المالي قادرة على منع تمدد الجهاديين. ففي نهاية الأسبوع الماضي، خسرت الميليشيا الروسية التي يقدّر عددها بألف مقاتل، أربعة من أفرادها. ومنذ بداية أغسطس، خسر الجيش المالي 42 من أفراده في عمليات قتالية وهجمات إرهابية قامت بها مجموعة تابعة لـ«داعش» قريبة من مدينة تيسيت (وسط البلاد). وتؤكد المصادر الفرنسية، أن هذه المنطقة كانت آمنة قبل خروج القوة الفرنسية منها؛ ما يدل على سرعة تمدد التنظيمين الإرهابيين.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولند أرسل الفرقة الأجنبية إلى مالي بداية العام 2013 لمنع التنظيمات الجهادية وقتها من النزول من الشمال إلى العاصمة باماكو.
المفارقة، أن باريس لم تعد قادرة على التدخل في مالي، حيث لم تعد لديها قوات هناك. كما أن الحكومة المالية لن تسمح لها بالتدخل من الخارج في حال ارتأت باريس ذلك؛ نظراً لتدهور العلاقات بين العاصمتين. وفي أي حال، فإن المجلس العسكري يسعى لتعزيز علاقاته مع روسيا، ليس فقط من خلال «فاغنر»، ولكن على مستوى الدولة. إذ حصل اتصال هاتفي بداية الشهر الحالي بين رئيسه الكولونيل غايتا والرئيس الروسي. وتريد باماكو الحصول على أسلحة روسية من مختلف الأنواع، بما فيها المسيّرات والطائرات الخفيفة، ما يبين الاستدارة الحادة التي قامت بها باماكو باتجاه موسكو وابتعادها عن باريس.
ويوماً بعد يوم، تتسع الهوة التي تفصل بين فرنسا ومالي. وآخر ما تفتقت عنه الدبلوماسية المالية تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، طالبة انعقاد جلسة طارئة للنظر في «الأعمال العدوانية» التي ترتكبها فرنسا بحق مالي، ومنها انتهاك سيادته ودعم جماعات جهادية والتجسس على بلاده.
وفي رسالة صادرة يوم 15 الحالي عن وزير الخارجية عبد الله ديوب وموجهة إلى رئيس مجلس الأمن الحالي صيني الجنسية، ثبت بالاتهامات الموجهة لفرنسا وهي عديدة، منها «الانتهاكات المتكررة وكثيرة الحدوث» للمجال الجوي المالي وقيام الطائرات الفرنسية بـ«أنشطة تعدّ بمثابة عمليات تجسس» وجمع معلومات استخبارية لصالح مجموعات إرهابية وإلقاء الأسلحة والذخيرة إليها. وتصف الرسالة هذه الأعمال بأنها محاولات «ترهيب». وفي الرسالة أيضاً، أن باماكو «تحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس» في حال تواصل الانتهاكات الفرنسية ودعوة لمجلس الأمن لأن تضع فرنسا حداً لـ«أعمالها العدوانية فوراً».
لا شك أن فرنسا ستخلص العبر من فشلها في مالي. وبداية هذا الصيف، طلب الرئيس ماكرون من قيادة الأركان مده بخطة جديدة لانتشار القوات الفرنسية في أفريقيا في الخريف المقبل من شأنها الاستجابة للرغبة الرسمية في الاستمرار بمحاربة التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل، ولكن أيضاً في بلدان خليج غينيا وتلك المطلة على بحيرة تشاد وغرب أفريقيا بشكل عام. وتبين المعلومات المتوافرة من قيادة القوات الفرنسية أن لباريس قواعد عسكرية في الغابون وساحل العاج والسنغال وجيبوتي، إضافة إلى قواعد في النيجر وتشاد وبوركينا فاسو. وخلال الزيارة المثلثة التي قام بها الرئيس ماكرون إلى بينين والكاميرون وغينيا بيساو، استغل المناسبات كافة لتأكيد أن باريس ما زالت ملتزمة بمحاربة الإرهاب، وأنها تقف إلى جانب حلفائها وأصدقائها. لكن فرنسا لا تريد تكرار الأخطاء التي ارتُكبت في مالي وفي أماكن أخرى، وهي حالياً بصدد إجراء مناقشات للنظر في مطالب شركائها.
ففي منطقة الساحل، وافقت النيجر على الإبقاء على قاعدة جوية فرنسية في نيامي ونشر 250 جندياً لتوفير الدعم لعملياتها العسكرية على الحدود مع مالي. وستواصل تشاد استضافة قوة فرنسية في نجامينا، بينما يأمل الفرنسيون في الإبقاء على كتيبة من القوات الخاصة في واغادوغو ببوركينا فاسو. وفي خليج غينيا يمكن للقوات الفرنسية في ساحل العاج حيث تتعاون مع الجيش، أن تؤمّن وسائل للمراقبة في شمال البلاد بطلب من أبيدجان. أما بالنسبة لبينين وتوغو «فهناك طلب لتقديم دعم فرنسي على شكل مساندة جوية وفي الاستخبارات والتجهيزات»، بحسب الإليزيه. وما زالت غينيا تدرس احتياجاتها لتأمين حدودها مع مالي. وتكفي نظرة سريعة إلى خريطة غرب أفريقيا لفهم التحديات الأمنية. ففي دول خليج غينيا الخمس الممتدة من ساحل العاج شمالاً إلى الكاميرون جنوباً، مروراً بـغانا وبينين ونيجيريا، تعاني هذه الجدول من عمليات إرهابية على حدودها الشمالية التي تتشاك بها مع مالي وبروكينا فاسو والنجير وتشاد.
من هنا، الخطر الذي تستشعره فرنسا من «نزول» التنظيمات الجهادية من مالي والنيجر وبوركينا فاسو باتجاه الجنوب. وفي أي حال، فإن الأحداث الأمنية في أكثريتها الساحقة تقع في شمال بلدان الخليج. وتبدو بينين الأكثر هشاشة؛ إذ إنها الأكثر تعرضاً لعمليات إرهابية، في مناطقها الشمالية، لأعمال إرهابية بلغ عددها منذ نهاية العام الماضي عشرين هجوماً. ويتزامن ذلك مع دعوات موجهة للشباب للالتحاق بصفوف المجموعات الجهادية. وخلال زيارة ماكرون إلى كوتونو، عاصمة بينين، طلب منه رئيسها مساعدته على تزويد بلاده بالأسلحة، ذاكراً منها المسيّرات. وما يحصل في بينين يتكرر في توغو وغانا وساحل العاج، وكلها دول قريبة للغاية من باريس التي تريد مساعدتها ضمن إمكاناتها، ولكن ضمن «فلسفة جديدة». وبحسب الرئيس الفرنسي، فإنه يتعين على باريس أن «تعمل على نحو أفضل وأكثر فاعلية» في أفريقيا بمعنى أن تتحاشى باريس أن تكون قواتها في المقدمة مخافة استثارة شعور المواطنين وتذكيرهم بمرحلة الاستعمار، خصوصاً أن الجانب الفرنسي يستشعر دوراً لروسيا في تعبئة الرأي العام الأفريقي ضد الحضور الفرنسي. وفي أي حال، ثمة منافسة استراتيجية قد انطلقت في أفريقيا ولا تريد باريس الخسارة فيها. وليست روسيا المنافس الأوحد؛ إذ هناك أيضاً الصين وتركيا وإسرائيل كما لا يمكن تناسي التنافس الفرنسي - الأميركي في بعض بلدان القارة.


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب يطلق برنامجه في دول الساحل

الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب اللواء الطيار الركن السعودي محمد بن سعيد المغيدي خلال إطلاق البرنامج اليوم بنواكشوط (الشرق الأوسط)
الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب اللواء الطيار الركن السعودي محمد بن سعيد المغيدي خلال إطلاق البرنامج اليوم بنواكشوط (الشرق الأوسط)
TT

التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب يطلق برنامجه في دول الساحل

الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب اللواء الطيار الركن السعودي محمد بن سعيد المغيدي خلال إطلاق البرنامج اليوم بنواكشوط (الشرق الأوسط)
الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب اللواء الطيار الركن السعودي محمد بن سعيد المغيدي خلال إطلاق البرنامج اليوم بنواكشوط (الشرق الأوسط)

أطلق التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الاثنين، برنامجه لمحاربة الإرهاب في دول الساحل الخمس، وهي موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، التي تعد منذ سنوات من أكثر مناطق العالم التي تشهدُ هجمات إرهابية تودي بحياة آلاف المدنيين.

البرنامجُ أُطلق في العاصمة الموريتانية نواكشوط، بحضور ممثلين لدول الساحل الأخرى، وتحت إشراف الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، اللواء الطيار الركن السعودي محمد بن سعيد المغيدي.

ضباط من دول الساحل خلال نشاط للتحالف الإسلامي العسكري في الرياض (التحالف)

الضرورة الاستراتيجية

وأعلن الأمين العام للتحالف اللواء محمد بن سعيد المغيدي، خلال حفل إطلاق البرنامج الخاص بدول الساحل الأفريقي، أن «منطقة الساحل ليست مجرد جغرافيا مترامية الأطراف، بل هي شريان حيوي لاستقرار العالم بأسره».

وأكد في السياق ذاته، أن التزام التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بالوقوف إلى جانب دول الساحل ودعمها «هو ضرورة استراتيجية وليس خياراً»، موضحاً أن برنامج الدعم سيستمر لخمس سنوات وسيشملُ 4 محاور أساسية: تعزيز الجوانب الفكرية والإعلامية، ومكافحة تمويل الإرهاب، وتطوير القدرات العسكرية، وتحسين التنسيق الإقليمي بين دول الساحل.

وقال إن اختيار موريتانيا لإطلاق البرنامج «يعكس التزامها بمكافحة الإرهاب، ودورها الفاعل ضمن دول التحالف»، مثمناً جهودها المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، على حد تعبيره.

ضباط من دول الساحل خلال نشاط للتحالف الإسلامي العسكري في الرياض (التحالف)

تحالف إسلامي

وبخصوص التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي يضم 42 دولة، قال اللواء المغيدي إنه أُطلق بمبادرة من المملكة العربية السعودية في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2015. ووصفه بأنه «كان نقطة تحول جوهرية في مسيرة التعاون ضد الإرهاب والتطرف».

وأضاف أن التحالف «ليس مجرد فكرة عابرة، بل هو منظومة استراتيجية متكاملة تهدف إلى توحيد وصياغة رؤية مشتركة تتصدى للتطرف بجميع أشكاله وترسخ قيم الإسلام الداعية للوسطية والاعتدال».

وقال إن وزراء دفاع دول التحالف الإسلامي عقدوا اجتماعاً في الرياض في شهر فبراير (شباط) من هذا العام «أسفر عن توصيات مهمة، من أبرزها البدء في تنفيذ برنامج دول الساحل».

الخطر المحدق

من جانبه، قال وزير الدفاع الموريتاني حننه ولد سيدي إن «الإرهاب يشكل خطراً كبيراً على العالم، خاصة على دولنا ومجتمعاتنا الإسلامية»، وحذر من تداعياته الخطيرة بالنظر إلى «الأرواح البريئة التي فُقدت، والأضرار التي لحقت بالأنسجة الاجتماعية، والتهديدات التي طالت كيانات دول عريقة».

وأكد الوزير خلال إطلاق برنامج محاربة الإرهاب في دول الساحل، أن «منطقة الساحل تعاني يومياً من الآثار الهدامة للأنشطة الإرهابية، ما يستدعي تعزيز وتطوير الأساليب لمحاربتها»، مشيراً إلى أن «الإرهاب ظاهرة معقدة تتشابك فيها عوامل متعددة الأبعاد، تشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والفكرية والثقافية».

وقال ولد سيدي إن «فاعلية محاربة الإرهاب تعتمد على شمولية التعامل مع هذه الأبعاد»، وأشار إلى أن موريتانيا تبنت «استراتيجيتها الأمنية على أسس الشمول والاندماج، مع التركيز على البُعد الفكري والثقافي بوصفه أهم محاورها؛ حيث يعتبر الإرهاب موقفاً فكرياً قبل أن يكون ممارسة ميدانية».

وخلص وزير الدفاع الموريتاني إلى أن «النصر المستدام على الجماعات الإرهابية يتطلب انتصاراً ثقافياً وفكرياً إلى جانب الانتصار العسكري»، بالإضافة إلى الإعلام الذي وصفه بأنه «من أقوى أدوات النصر الفكري والثقافي على الإرهاب، في عصر الثورة الرقمية وسرعة نقل المعلومات وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام الإلكتروني».

المبادرة السعودية

تأسس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي يضم في عضويته 42 دولة، بمبادرة من المملكة العربية السعودية، وأعلن عنه الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في ديسمبر من عام 2015، بهدف توحيد جهود الدول الإسلامية الراغبة في محاربة الإرهاب.

وخلال اجتماع وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي عُقد في العاصمة السعودية الرياض في 3 فبراير الماضي، تحت عنوان «محاربة الإرهاب مسؤولية مشتركة»؛ جدّد الحاضرون تأكيدهم على تعزيز التعاون في مواجهة الإرهاب، وتنسيق الجهود المشتركة لدرء مخاطره.

تأتي هذه الفعاليات في إطار الجهود الإقليمية لمحاربة الإرهاب، وتعزيز القدرات المحليَّة لدول الساحل في مواجهة هذا الخطر، وتبادل الخبرات المشتركة، مع التركيز على نشر قيم التسامح والاعتدال وتعزيز الاستقرار.