دراسة: أجسام مضادة جديدة ضد الملاريا يمكنها حماية النساء الحوامل والأطفال

سكان من قرية تومالي في دولة مالاوي ينتظرون أن يصبح أطفالهم الصغار موضوع اختبار لأوّل لقاح في العالم ضد الملاريا في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2019 (أ.ب)
سكان من قرية تومالي في دولة مالاوي ينتظرون أن يصبح أطفالهم الصغار موضوع اختبار لأوّل لقاح في العالم ضد الملاريا في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2019 (أ.ب)
TT

دراسة: أجسام مضادة جديدة ضد الملاريا يمكنها حماية النساء الحوامل والأطفال

سكان من قرية تومالي في دولة مالاوي ينتظرون أن يصبح أطفالهم الصغار موضوع اختبار لأوّل لقاح في العالم ضد الملاريا في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2019 (أ.ب)
سكان من قرية تومالي في دولة مالاوي ينتظرون أن يصبح أطفالهم الصغار موضوع اختبار لأوّل لقاح في العالم ضد الملاريا في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2019 (أ.ب)

بعد سنوات من الانحسار، بدأت حالات الإصابة بالملاريا تزداد في السنوات الأخيرة، ففي عام 2020، تجاوز العدد التقديري للحالات في جميع أنحاء العالم 240 مليون مصاب، وتوفي 627 ألف شخص، غالبيتهم من الأطفال دون سن الخامسة، وثلث هذه الحالات مرتبط بشكل مباشر بتأثير جائحة كوفيد، وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية.
أشارت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسيّة إلى أنّه في هذا السياق المظلم، يجلب إصدارٌ حديثٌ لمجلّة «نيو إنجلاند» الطبية (NEJM) بصيصاً من الأمل لمعالجة الملاريا، إذ قدّم فريق دولي بيانات المرحلة الأولى من التجربة السريرية التي تقيّم جيلاً جديداً من الأجسام المضادة أحاديّة النسيلة - وهي علاجات مستهدِفة لأنّها تعمل من خلال استهداف بروتينات محددة على سطح الخلايا المصابة - الّتي يمكن لحقنة واحدة منها أن تمنح الفرد حماية لمدة ستة أشهر ضد «المتصورة المنجلية»، وهو نوع من الطفيليات الرئيسيّة المسببة لمرض الملاريا.
يشرح روجيريو أمينو، الباحث في معهد باستور والمتخصص في المناعة ضد الملاريا، أنّه يتمّ توجيه الأجسام المضادة المسماة L9LS، التي تمّ تقييمها في هذه التجربة السريرية ضد بروتين CSP - 1 قبل أن يتكاثر الطفيلي في الكبد.
في هذه التجربة، التي أُجريت في الولايات المتحدة، حصل 17 متطوعاً على جرعات مختلفة من الأجسام المضادة L9LS قبل أن يتعرّضوا لـ«عدوى تجريبية» مع طفيليّة «المتصورة المنجلية»، بعد أسبوعين إلى ستة أسابيع، وتلقى ستة متطوعين آخرين علاجاً وهمياً قبل إصابتهم أيضاً.
أشارت نتائج التّجربة إلى تحمّل جيّد للعلاج وحماية فعّالة لأجسام المتطوّعين. فالمتطوعون الذين تلقّوا العلاج الوهمي جميعهم أصيبوا بالملاريا، في حين أنّ 2 فقط من 17 متطوعاً عولجوا بالأجسام المضادة أُصيبوا بالمرض، وقد أظهرت المقارنة بين الحقن في الوريد والحقن تحت الجلد انخفاضاً طفيفاً في الفعاليّة في الثانية.
يعلّق البروفسور كريستوف راب، اختصاصي الأمراض المعدية في المستشفى الأميركي في باريس، على هذه الدراسة: «الدراسات عن الأجسام المضادة ضد الملاريا تصدر منذ عامين أو ثلاثة أعوام، لكنّ هذه الدراسة هي الأولى فيما يتعلّق بهذا الجيل الجديد من الأجسام المضادة، وكذلك الأول من نوعه في تقييم الحقن تحت الجلد».
ويوضح الدكتور روبرت سيدر من مركز أبحاث اللقاحات في بيثيسدا بولاية ماريلاند، الذي قاد التجربة السريرية، أنّ هذه الأجسام المضادة الجديدة «أكثر فعالية بثلاث مرات على الأقل» من الإصدارات السابقة، مضيفاً: لهذه الأجسام الحيويّة أيضاً بنية تسمح لها بالعيش بعد الحقن 56 يوماً بدل 21 يوماً سابقاً».
يقول بينوا جامان، وهو مدير أبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي عن أمراض الملاريا الشّديدة، إنّ هذه الدراسة رائعة مع عدد قليل من المشاركين، لكنّها متّسقة مع المرحلة الأولى من التجربة، فالنتائج واعدة، لكنّه يتساءل عن تكلفة هذا العلاج، لأنّ كمية الأجسام المضادة المحقونة في الجسم كبيرة جداً، ولكنّ إنتاجها لا يزال باهظ الثمن.
من جهته، أكّد روبرت سيدر أنّ هذه الدراسة نقطة أساسية في أمل التمكّن من الوصول إلى العلاج وتطبيقه، يقول: «نحن نعمل بجدّ على هذه القضية، من ناحية أخرى، نتوقّع انخفاض تكاليف إنتاج العلاج، نظراً لأنّ تقنيّة العلاج سيتمّ استخدامها أكثر فأكثر، كذلك نأمل أن نتمكّن من جمع الأموال الكافية لأجل ذلك»، ويأمل سيدر بأن تقتصر التكلفة على مبلغ يتراوح بين 10 دولارات و20 دولاراً لكلّ جرعة.
أوضح كريستوف راب أنّ كلّ العلاجات المعتمدة حتّى الآن لم تكن حلاً للقضاء على الملاريا، «لذلك نرحّب بكلّ مقاربة جديدة»، ولفت إلى أنّ لقاح RTS,S/AS01، الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي «يُظهر فعاليّة محدودة فقط، وستكون هناك حاجة إلى أربع جرعات للحصول على الحماية المثلى، علاوة على ذلك، فهو مخصّص للأطفال فقط، بينما يمكن استخدام الأجسام المضادة في أي عمر، وبالتالي يمكن أن تكون هذه الأجسام المضادّة بديلاً مناسباً للنساء الحوامل»، كما أنّ الوقاية الكيميائية من الملاريا، يضيف د. راب: «تتطلب جرعات منتظمة، في حين أنّ الظروف المعيشية للعديد من النساء تجعل هذا الأمر معقداً».
ويشير روبرت سيدر إلى أنّ الخبراء ينتظرون الآن تقييم الأجسام المضادة في مجال معالجة الملاريا، يقول: «لدينا العديد من التجارب قيد التنفيذ أو على وشك البدء على الأطفال، ولكن أيضاً على النساء الحوامل، نتمنّى أن نتمكّن من نشر نتائج دراسة في مالي في أوائل عام 2023».


مقالات ذات صلة

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

يوميات الشرق صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

وجدت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.